تثار بين الفينة والأخرى مقولات الباحثين والدارسين في مجال العبقرية والذكاء البشري ، وارتباطاتها بمرض التوحد ، الذي في الغالب يصيب عقول الأطفال في سني العمر المبكرة.. كثير من هذه المقولات تغلب جانب أن يكون نخبة كبيرة من عباقرة الإنسانية والبشرية على مر العصور أصيبوا في فترات طفولتهم بهذا المرض ، وذلك عطفاً على عدد كثير من الصفات التي اكتشفها وتأكد منها علماء التوحد في عدد من علماء الإنسانية.. كتاب أسرار العباقرة يجيب عن هذه المقولات المثيرة للجدل التي تحدثت عن إصابة عظماء التاريخ بمثل هذا المرض .. وفيما يلي تعرض ( إبداع ) جانباً من هذه المقولات مع شرح مقتضب لطبيعة مرض التوحد وتشخيصاته المتعددة.. شخصيات العظماء فمن ضمن القائمة المشار إليها كان عالم الفيزياء الشهير ألبرت أينشتاين، لم يتمكن من الكلام حتى عمر الثالثة. وحتى أثناء شبابه كان يقوم بجهد كبير لإيجاد المفردات المناسبة. كان يجد صعوبة في المدرسة وخاصة في الرياضيات ولم يكن قادراً على التعبير عن نفسه كتابة. كان يُعتقد أنه أبله، إلى أن اكتشفوا أن إنجازاته تأتي من خلال الملاحظة بدلاً عن اللغة. قام بالعمل على النظرية النسبية، التي شكلت ثورة كبرى في مجال الفيزياء، واكتشافها في وقت فراغه. . كذلك الحال بالنسبة لمضيء العالم توماس أديسون، الذي كان غير قادر على القراءة حتى أصبح في سن الثانية عشرة، وكانت مهاراته في الكتابة ضعيفة جداً طوال حياته.. كما أن العبقري اسحاق نيوتن مكتشف الجاذبية الأرضية وواضع العديد من المعادلات والقوانين الرياضية كان يعاني من ضعف في التخاطب والتواصل الاجتماعي.. جورج واشنطن ،أول رئيس للولايات المتحدةالأمريكية ،لم يكن قادراً على التهجئة وكان ضعيفاً في القواعد والنحو. . توماس جيفرسون ،الرئيس الأمريكي الفلتة وصاحب إعلان الاستقلال الشهير قيل أنه عانى الكثير من صعوبات التعلم.. بيل غايتس أغنى أغنياء العالم رئيس مجلس إدارة ورئيس مصممي السوفت وير في الشركة العملاقة مايكروسوفت.. الموسيقار فان بيتهوفن العبقري الموسيقي صاحب السيمفونيات التسع الخلابة كان أصم وأبكم ، عبر إبداعاته رغم إعاقته ، كما هو الحال مع أستاذه آدامس موزارت المؤلف الموسيقي النمساوي الشهير.. الشخصيات الدموية هي الأخرى لم تكن بمنأى من رميها بمرض التوحد حيث كان أودولف هتلر الزعيم النازي الألماني ، مشعل الحرب العالمية الثانية 1939- 1945م أحد الذين تطابقت دراسات العلماء مع خصائص التوحد. شخصيات خيالية لتقريب معنى أو فحوى مرض التوحد استعرض العلماء شخصيات خيالية موجودة في الأدب الروائي العالمي اتسمت ببعض صفات التوحد كان من بينها شخصية مستر بين (الشخصية التي قام بأدائها الممثل روان أتكنسون). بالإضافة إلى شخصية شارلوك هولمز ( من قصص المحققين، تأليف الكاتب الإنكليزي – الاسكوتلاندي سير أرثر كونان دويل، 1930 - 1859، والذي كان نفسه يعاني بعض سمات التوحد.. كما أن الساحر الصغير هاري بوتر، في الكتب السبعة المؤلفة عنه وأفلامه الأربعة التي ألفتها الكاتبة الإنكليزية جاكلين رولينج التي أشارت إلى بعض صفات التوحد في شخصية هاري. مصطلح التوحد وهو مصطلح مترجم من اللغة الإنجليزية من كلمة (AUTISM) والذي يعني باللغة الإغريقية النفس غير السوية ف..(AUT) تعني في الإغريقية (النفس) و... (ISM) تعني الحالة غير السوية.. وترجم هذا المصطلح من قبل الباحثين العرب إلى عدة مسميات كالذاتية الطفولية - الأوتيسية - الانشغال بالذات - الاجترار - فصام الطفولة- التمركز الذاتي - الذهان الذاتي. البدايات التاريخية لدراسة التوحد يعتبر( ليو كانر) أول من أشار إلى إعاقة التوحد وذلك في 1943م حينما كان يقوم بفحص بعض الأطفال المتخلفين عقليا حيث لاحظ أنماطاً سلوكية غير عادية لأحد عشر طفلا كانوا مصنفين على أنهم من المتخلفين عقليا وقام بوصف هذه السلوكيات وأطلق عليهم مسمى التوحديين. وقد اعتبر كارنر أن العلامة البارزة للتوحد هي عجز الفرد عن الارتباط بالناس والمواقف بالطريقة العادية. تعريف التوحد ويعرف التوحد وفقا للجمعية الأمريكية للتوحد على أنه إعاقة نمائية (تطورية) تظهر دائما في الثلاث سنوات الأولى من العمر، نتيجة للاضطرابات العصبية التي تؤثر على وظائف المخ ويتداخل مع النمو الطبيعي فيؤثر في الأنشطة العقلية في مناطق التفكير، التفاعل الاجتماعي، والتواصل. نسبة حدوث التوحد يصاب بالتوحد مابين 2 - 5 أطفال في كل 10000 ولادة سنويا كما أن نسبة الانتشار بين الذكور تكون أكثر من الإناث بواقع 4 اولاد مقابل بنت واحدة..فيما نسب الإعاقات المصاحبة تبلغ 75 % من الأطفال ذوي التوحد يعانون من التخلف العقلي و 25 % من ذوي التوحد يصابون بالصرع. أسباب التوحد لقد حاول الخبراء تحديد مسببات التوحد ولكن حتى الآن لا يوجد إجابات محددة وبدون أسباب محددة يتم التعرف عليها من المستحيل تطوير استراتيجيات وقائية ، إلا أنه في الغالب تكون الأسباب الجينية هي العامل الأبرز في ذلك ، حيث يشير الكتاب إلى وجود عامل جيني ذي تأثير في الإصابة بهذا الاضطراب، حيث تزداد الإصابة بين التوائم المتطابقين (من بيضة واحدة) أكثر من التوائم الآخرين (من بيضتين مختلفتين).. ويقول الكتاب.. “تختلف أسباب الإصابة بالتوحد من شخص إلى آخر، فلا ينطبق سبب واحد ومعظمها غامضة إلا أن الأسباب المحتملة هي الجينات الوراثية، التهابات فيروسية قبل أو بعد الولادة، التمثيل الغذائي، نقص الأكسجين، أو التعرض الزائد له بعد الولادة، وتعرض الأم إلى كيماويات سامة أثناء الحمل”. خصائص التوحد هناك العديد من الخصائص التي يتحدث عنها كتاب ( أسرار العباقرة ) حول خصائص التوحد ، ومقارنتها بخصائص وصفات مشابهة كان بعض العظماء وعلماء الإنسانية يقومون بها ،من هذه الخصائص العديدة ما يورده العلماء اجتماعياً ونفسياً وصحياً .. إن إحدى أبرز خصائص وأعراض التوحد هو السلبية في السلوك الاجتماعي، وقد وصفت الكثير من البحوث والتقارير التي كتبها الوالدان هذه المشكلة ورأى الكثير أن ذلك هو مفتاح تحديد خاصية التوحد، ويمكن تصنيف المشكلات الاجتماعية إلى ثلاث فئات: المتقوقع اجتماعيا، والوسط اجتماعيا، والأخرق اجتماعيا. المنعزل (المتقوقع ) اجتماعيا يتجنب هؤلاء الأفراد فعليا كل أنواع التفاعل الاجتماعي، والاستجابة الأكثر شيوعا هي الغضب/ أو الهرب بعيدا عندما يحاول أحد الناس التعامل معه/ معها. وبعضهم مثل الأطفال يحنون ظهورهم للوراء لمن يقدم لهم المساعدة لتجنب الاحتكاك.. إن الأفراد يوصفون بأنهم وسط اجتماعيا لا يسعون للتفاعل الاجتماعي مع الآخرين (ما لم يريدوا هم شيئا) ولا يتجنب المواقف الاجتماعية بفعالية، فلا يبدو أنهم يكرهون الاختلاط بالناس ولكن في الوقت نفسه لا يجدون بأسا في الخلو مع أنفسهم. ويعتقد بأن هذا النوع من السلوك الاجتماعي شائع لدى أغلبية الأفراد التوحديين. الخصائص الجسمية والصحية يبدو التوحيديين بمظهر جذاب وصحة جيدة كما أن التوحديين يكون مظهرهم طبيعيا جدا عندما يولدون إلا أن اضطراب التوحد يمثل حالة لا تمنع إصابة الفرد بأمراض أو اضطرابات أخرى مترافقة يوضح كل من بعض المشاكل التي تترافق مع الاضطراب كمشاكل النظر- الحركات المضطربة للعيون ( كحال اينشتاين ) - مشاكل السمع- عجز السمع ( كما هو عند بيتهوفن وموزارت ) - المشاكل المحددة للتخاطب واللغة ( كما عند نيوتن ) - الحالة غير السوية للبشرة - مشاكل العظام والمفاصل. الخصائص السلوكية والحركية إن أبرز الصفات لدي التوحديين هي : السلوك التخريبي - إثارة الذات ، حركات لا إرداية كالرفرفة ( وكل تلك قال الباحثون أنها كانت موجودة عند هتلر) - قلة الدافعية- الانتقاء الزائد للمثيرات، كالميل لمثير معين بإفراط - مقاومة التغيير.. مؤلفو الكتاب يرون أن التوحد حتى وإن انطبقت عليه أو طغت عليه الجوانب المرضية أو الصحية ،إلا أنه يبقى أحد الظواهر التي حيرت العلماء ، حيث إن هناك جانباً إيجابياً فيه ، وهو فيض العبقرية والكم الهائل من القدرات العلمية والأرقام والإحصائيات التي يمكن للمريض بالتوحد أن يسردها أو يحققها ،فعظماء التاريخ المشار إليهم آنفاً استطاعوا أن ينيروا البشرية بعبقريتهم التي استفزها مرض التوحد ، ويصنعوا لها مجداً علمياً وثقافياً وأدبياً.. ليس معنى هذا تمجيد التوحد ، ولكن معنى ذلك أن نهتم بمن وقعوا ضحية التوحد من الأطفال والذين يعانون منه من الشباب ، فمعظم أولئك العباقرة وجدوا من يحفز عبقريتهم ويستخرج قدراتهم في تخصصاتهم العلمية والثقافية بغض النظر عن مقدرتهم على التواصل الاجتماعي أو حركاتهم الجسمية أو حالتهم النفسية.. ويحذر مؤلفو الكتاب من عدة محاذير فيما يخص التوحد أهمها أن التوحد ليس نتيجة ضغط عاطفي - أو انسحاب نحو حياة خيالية - وهو ليس عدم الرغبة لأي قرب اجتماعي - كما أنه ليس نتيجة رفض الوالدين له أو لعواطفهما الباردة - وغير مقتصر الظهور عند الطبقة الفقيرة أو الطبقة الوسطى - وليس مرضاً عقلياً - ليس كل المصابين بالتوحد عباقرة ولديهم مهارات خاصة - وليس بالظاهرة الجديدة.