رغم القناع الجديد الذي يرتديه عرفته، حدقت في وجهه ..العيو ن المنطفئة الوميض ..السارحة الى آفاقٍ مجهولةٍ ..التغضنات المترسبة في أديم الوجه والرقبة . .اليدين النحيلتين اللتين تبرز عروقهما بلونها الزرعي الغامق ..وأخيراً تلك الجلسة التي لم يكن يعرفها ..رفع عينيه نحوي ..غير أنه –مؤكد – لم يعرفني ..استدرت بوجهي عنه ..رأيت وجهه القديم ماثلا لعيني ..يجلس فارداً جناحيه علي المكان ..مفرود الصدر ..واثق النظرات ..لامع الأحداق ..باسم الثغر بتلك البسمة التي تحملها الوجوه التي تعتلي المقاعد العالية ..لحظتها كان بلا قناع ..يؤدي دوراً يقتنع أنه خلق له ..تقدمت ممتثلاً للأمر ..حاملاً بالقلب رهبة وبين عيني خضوع ..واثقا أن هناك من يقف خلفي متأهباً ..من يقف بجواري متربصاً ..ومن يتفحص وجهي ..يقرأ افكاري ..يحلل نظراتي ويتتبع انفعالاتي ..بينما هو من عليائه يطل علّي ..ناظراً الي كشيء يشرف بالمثول بين يديه..يشير ناحيتي ..يتحدث عني ولايتحدث الي ..صدرت أوامره ..شعرت به يشتط ..همست راجياً أن يسمح لي بالكلام ..برقت عيناه وهو يصرخ : - لا أحديتكلم غيري. أحاطت بي الأيدي والقيود فوراً ..قلت وهم يسحبونني من أمامه ..: -أريد.... ولم اكمل ..أغلقوا فمي وعيني . بعدها حاولت فهم سر غضبه ..ضحكت الوجوه مني ..كيف سمحت لنفسي أن أتكلم في حضرته ..أن أريد بدون إذنه ..تساءلت وهل هذاممنوع ؟..نظر أًحدهم الّي متعجبًا ولم ينبس بحرف ..ضايقتني النظرة ..لست صغيراً و لاأبله ..صرخت :- سأتكلم . واستدرت ثانيةً اليه ..كان قابعاً في سكونه ..متكوراً حول نفسه ..مرتدياً قناعه الجديد ..أثارني صمته ..شعرت به يتواري خلف قناعه ،وتدل نظراته علي عدم معرفته بي ..حاولت التحديق في عينيه قائلاً أنني سأظل أتكلم ..أقول ما لدي ..أصف ما أشعر به ..أحكي عما أفكر به ..رفع يداً كليلةً مستوضحاً ماذا أقول ..إتسعت عيناي وانا لا أملك إبعادهما عنه ..عدت أتكلم ..أريدك أن تعرف أن هذا مصير محتوم ..رفع صوتاً واهناً :ماذا تقول ؟ ..أشحت بيدي يائساً : -لن يكون بيننا حوار اليوم ..كما لم يكن بالأمس ..واستدرت أريد السير بعيداً ..صك أذني رجاءه أن أساعده ليقوم من مكانه ..هزتني المباغته ..عدت اليه بقوة..!