تضامن حضرموت يحلق بجاره الشعب إلى نهائي البطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت بفوزه على سيئون    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    مجلس وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل يناقش عدداً من القضايا المدرجة في جدول أعماله    صواريخ الحوثي تُبحِر نحو المجهول: ماذا تخفي طموحات زعيم الحوثيين؟...صحفي يجيب    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    المنخفض الجوي في اليمن يلحق الضرر ب5 آلاف أسرة نازحة جراء المنخفض الجوي باليمن    انهيار حوثي جديد: 5 من كبار الضباط يسقطون في ميدان المعركة    نائب رئيس نادي الطليعة يوضح الملصق الدعائي بباص النادي تم باتفاق مع الادارة    نتائج قرعة أندية الدرجة الثالثة بساحل حضرموت    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    كان طفلا يرعى الغنم فانفجر به لغم حوثي.. شاهد البطل الذي رفع العلم وصور الرئيس العليمي بيديه المبتورتين يروي قصته    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    توضيح من أمن عدن بشأن مطاردة ناشط موالٍ للانتقالي    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    مخاوف الحوثيين من حرب دولية تدفعهم للقبول باتفاق هدنة مع الحكومة وواشنطن تريد هزيمتهم عسكرياً    الحوثيون يعلنون استعدادهم لدعم إيران في حرب إقليمية: تصعيد التوتر في المنطقة بعد هجمات على السفن    مبلغ مالي كبير وحجة إلى بيت الله الحرام وسلاح شخصي.. ثاني تكريم للشاب البطل الذي أذهل الجميع باستقبال الرئيس العليمي في مارب    غارسيا يتحدث عن مستقبله    مكتب التربية بالمهرة يعلن تعليق الدراسة غدا الخميس بسبب الحالة الجوية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجنابي.. تراث الأجداد يقتله الأحفاد
اليمن السعيد .. فلكلور فريد
نشر في الجمهورية يوم 04 - 04 - 2011

يذهب معظم المؤرخون أن الحضارة اليمنية من أقدم الحضارات الإنسانية والمعمارية في العالم الضاربة في التاريخ نحو سبعة آلاف عام نضح اليمنيون خلالها ما أمكنهم من إرث ثقافي وفني وبصري وفلكلوري فريد, كما وفتحت مدنهم العامرة بالفن والرقي والمدنية ذراعيها للقادمين لكل جميل قادم من تراث الأصقاع المحيطة باليمن السعيد , مع الاحتفاظ والتجديد بالأصيل والمتجذر بأنماطه المتناغمة مع المناخ والحدث والفكر اختزله اليمنيون في مدنهم في قوالب حضارية بالغة الرقي والجمال والاعتراف بالآخر في صور تنوع العادات واللهجات والأزياء والحلي ولوازم الفرح والحزن والحب .. هذا الملف يسبر أبرز تلك اللوازم الجمالية والدلالية كالفل والبخور والجنابي في هذا الملف وتأجيل الحديث عن العقيق اليماني لنشر لاحق كونها ترسم ملامح لكينونة الإرث اليمني البصري والفلكلوري بالغ الخصوصية والتفرد وتنقله إلى العالم بسلاسة منذ الوهلة الأولى :
ما أن يظهر رجل يمني على قناة فضائية إلا ويدرك هويته العالم بأنه يمني , هذا التفرد وتلك الخصوصية لم تأت إلا من قوم اتصلت جذورهم الحضارية بسحيق الزمن وتمسكوا بتراثهم جيدا حتى الساعة , فالجنبية هذه المعشوقة الممشوقة ما اتفكت تشغل حيزاً عظيم الشأن في وجدان اليمني من ناحية وما تضفيه على شخصيته لمن حوله كبطاقة تعريف , ناهيكم عما تلعبه صناعة الجنابي من دور اقتصادي وثقافي بالغ الأثر والتفرد لدى العاملين في صناعتها وبيعها , هذا التحقيق يسبر أغواراً أخرى تكشف أسرار الصناعة وجذورها وروادها ومصادرها وأنواعها ومخاوف زوالها وكينونتها العريقة :
تاريخ
- تشكل الجنبية جزءاً من خصوصيات ومكونات هيئة الرجل اليمني وهيبته منذ القدم كما هو واضح في تماثيل ومنحوتات التاريخ السبئي والحميري .. فهي تضفي عليه نوعاً من الاكتمال الرجولي كما هو شائع في العرف الاجتماعي .. وأيضا موقعها التاريخي الطويل من تراتيب الزي اليمني .. ودلالتها على عراقة الأسرة اليمنية كونها زينة وسلاحاً ثميناً متوازناً وكلما زاد عمرها ازدادت قيمتها ووجاهة من يمتلكها كشخصية اجتماعية تنسب لأسرة عريقة .. فهناك مقولة تقول: (الرجل اليمني أغلى رجل في العالم).
ففي صدره جنبية تتجاوز قيمتها 2 مليون ريال وفي حال تعرضه لمصيبة يمكنه بيعها أو رهنها للحصول على المال اللازم الذي يخرجه من المأزق).
وسيلة
وهي وسيلة دفاع أولى عن النفس كسلاح أبيض فتاك وهي الوسيط لحل النزاعات .. حيث تبرز كعنوان للوجاهة والاعتراف بالخطأ أو الإقرار بالمشكلة التي تطلب عدلاً مفوضاً للسماع لطرفي النزاع والحكم فيه بموجب (العدال، الجنابي) التي تدل على الرضا بما يحكم والقبول بمنطوقه.
وجاهة
يرى البعض أن الجنبية تضفي على صاحبها قدراً من الوجاهة جاءت كعادة اجتماعية متوارثة يرجع أصلها إلى ثمن الجنبية ومكانتها العالية لدى ممتلكات الشخص , كما ويلعب نسبها في سعرها ووجاهة من يمتلكها في حال انتقلت ملكيتها إليه من شخص ورثها عن أب , عن جد رفيع المقام .
وعن مخاوف تلاشي اقتناء الجنابي وبالتالي صناعتها في اليمن يشير الأخ فؤاد المجاهد أحد صناع وباعة الجنابي في تعز أنها لا زالت سارية بل هناك تطور وتمسك كبير بهذه العادة الاجتماعية والقبلية ، فالجنبية عنوان لمكانة الرجل الاجتماعية .. فأول ما يدخل الرجل أي مجلس (في المجتمع اليمني) تتجه أبصار الناس إلى صدره وإلى موضع رأس الجنبية (قرن النصلة) لكن في البلدان الأوروبية تتجه الأنظار إما إلى ربطة العنق (الكرفته) أو إلى الجزمة أو التسريحة أو أي شيء آخر من مفردات الموضة .. ومن هذا المنطلق .. يحدد نسب ومكانة الشخص .
أشهر الجنابي
وهل اشتهرت جنابي معينة ونسبت إلى شخص أو أسرة أو قبيلة؟
هناك جنابي مشهورة بنسبها إلى قبيلة أو إلى شخصيات اجتماعية مرموقة توارثتها المشيخة أو الوجاهة وتكون هذه الجنبية جزءا من مكونات وسمات شخصية صاحبها .. ولعل أبرز ما سمعت به في صغري هو أن أشهر جنبية هي جنبية (راجح بن سعد) وهو شيخ مشائخ اليمن من مشائخ حاشد .. وكانت من أشهر الجنابي اليمنية.
ويقال إنه (أي راجح بن سعد) في نهاية عمره قال: (أخشى أن يفتتن الورثة من أولادي على الجنبية)، فأهداها للإمام يحيى ، وهذا ما نعرفه .. وهناك جنابي أخرى مشهورة تنسب إلى بيوت يمنية مختلفة .. كجنبية بيت زهرة، جنبية بيت العاضي ، جنبية بيت الأحمر (جنبية الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر) وجنبية الإمام شرف الدين المتوكلي والناصري وغيرهم.
صناعة الجنابي
- حالياً .. ما واقع صناعة الجنابي كمهنة ، ومن أين اكتسبت احتراف هذه المهنة؟
- ما زالت مهنة صناعة الجنابي قائمة ومزدهرة بمختلف أجزائها .. فمهنة صناعة الجنبية لا تقتصر على شخص يفتح مشروعاً صغيراً للجنابي فهي متشعبة فهناك من يصنع رأس الجنبية ( القرنِِ ) ومنهم من يصنع النصال (الخنجر) .. ومنهم من يقوم بحياكة وصناعة الأحزمة .. وبالتالي فهي مهنة واسعة تشغل الآلاف من الأيدي العاملة ومهنة بحاجة إلى دعم ورعاية الحكومة ..
وبالنسبة لمهنتي فهي تقتصر على صناعة رؤوس الجنابي وصناعة وصقل النصال المتميزة ذات الجودة العالية وفق المعايير الأصيلة الموروثة فقد اكتسبت هذه المهنة من والدي وأعمل فيها منذ طفولتي .
رواد الصنعة
كنت قد التقيت سلفا في سوق الجنابي بصنعاء القديمة شاب يدعى محمد العزيري نجل عاقل سوق الجنابي هنالك وأخبرني أنها مهنة متوارثة ، وقد أدى التوارث إلى شهرة أسرتهم ( بيت العزيري ) في صناعة الجنابي منذ دخول الجد الأول العزيري صنعاء القديمة قبل ألف سنة .. وكان أصله من حاشد من بيت العزيري في عمران .. هاجر إلى صنعاء واحترف مهنة الجنابي فتوارثها أبناؤه وأحفاده أباً عن جد وخلفاً عن سلف، وصارت بعض الجنابي تنسب الآن باسم الجنبية العزيرية، حيث استطاعوا تطوير بعض جوانب صناعتها من خلال الخبرة الطويلة والاستفادة من التقنية الحديثة .. فتجد أن جنبية بعمر 25 سنة تعادل جنبية بعمر 400 سنة .. والإشارة هنا إلى أن صناعة الجنبية تقدمت .. فهناك جنابي بيعت قبل خمس وعشرين سنة ب 5000 ريال وب 10000 ريال يدفعون بها الآن ملايين.
مسميات الجنبية
ما هي مسميات الجنبية وتحديداً رأس الجنبية (المقبض)؟
- من مسميات الجنبية: الرأس الأسعدي وهي النوع الحديث من حيث الصنع الذي مر عليه فترة قصيرة من تاريخ صناعته .. وسميت بالأسعدي نسبة إلى أحد المشاهير في اليمن في صناعة الجنابي يقال له (أسعد).
أما الصيفاني فهي التي تجاوزت مئات السنين وتفوق الثلاثمائة سنة .. وسميت باسم صانعها من بيت الصيفاني فالمسميات هنا تدريجية.. والآن توجد الجنبية العزيرية نسبة لجدنا الذي ذكرته سابقا .. إلى جانب مسميات أخرى كالكرك المصنوع من قرن الثور والمصنوع من ناب الفيل وهو نادر ما يستخدم لصلابته وصعوبة تشكيله ونحته.
أنواع الجنابي
وماذا عن أنواع الجنابي بالنسبة للشكل وما تفضله المناطق؟
- هناك الجنبية المفتوحة ذات الرأس المقرن باتجاهين ويفضلها أبناء حاشد وتسمى أحيانا الحاشدية ، وهناك (الدبعا) خفيفة التقرين ويفضلها أهل خولان وبني حشيش .. وهناك المربوعة ويفضلها أبناء صنعاء وبعض المناطق الجبلية.. لكن هناك تسميات أخرى تتعلق بمناطق صناعتها مثل الجنابي الماربية والحضرمية والبيضانية والحريبية وتتميز النصال أو الجنابي الحضرمية بالعراقة والرصانة في شكل رأسها وجوهر نصلها .. وهذا راجع إلى ما تميز به الحضارم من تاريخ تجاري إلى الهند والصين والشرق الأقصى حيث كانوا يجلبون أجود الحديد الذي تصنع منه النصال، وأجود قرون وحيد القرن من الهند وما جاورها بالإضافة إلى مهارتهم في الجانب الصناعي.. وهناك مناطق لا يرى في الجنبية جدوى إذا لم يكتمل رأسها ونصلها .. أي تكون (سلتها) جيدة حادة وفتاكة .. ومنهم من يهتم بالنصل فقط دون الرأس .. ومنهم من يهمه منظر الرأس القرن دون النصل .. وهكذا.
النصل الحضرمي
كل حديثنا السابق يدور حول مقبض الجنبية أو قرنها .. ماذا عن صناعة النصل الحديدي اللامع أو المصقول؟
- النصل الحديدي و(العسيب) غلاف الجنبية أو غمدها وكذلك الحزام .. هذه مراحل مكملة لصناعة الجنبية؛ فنصل الجنبية عبارة عن قطعة معدنية حديدية حادة وتكون على شكل مثلث طويل منحني في وجهيها خط مجوف للأعلى ، ومن أنواع النصال الحضرمي والجوبي ، والعدني، والزنك، والمبرد، وتلعب النصلة دوراً كبيراً في تحديد قيمة الجنبية، وأبرز مناطق صناعتها رداع وصنعاء ، وذمار وحضرموت وغيرها من المدن اليمنية.
وتتم صناعتها بطرق يدوية هي الطرق والسحب والصقل والتلميع ولتثبيت الرأس بالنصل يتم صب اللحام الذي يتكون من اللبان والرماد والزيت في مبسم الجنبية وهو الذي يربط بين الرأس والنصل ويصنع عادة من الفضة .
الغمد
أما الغمد أو العسيب أو ما يسمى بجراب الجنبية فيصنع من خشب العشار - أو الطنب- وغيرها، والأغمدة نوعان حاشدية ، وتشبه حرف اللام .. وبكيلية وتشبه حرف الراء وهو ما يسمى (بالتوزة) ويقتصر لبسه على القضاة والعلماء.
الأحزمة
أما الأحزمة التي تظهر من خلالها قدرة اليد العاملة اليمنية التشكيلية والإبداعية فتتعدد أنواعها فمنها الأحزمة المتوكلية والكبسية والطيرية والمركزية والمرهبية وغيرها وغالباً ما يتم حياكتها وتجهيزها في معامل في البيوت ثم إخراجها للسوق. وفي السنوات الأخيرة طغت المكائن الكهربائية لزخرفة الأحزمة وبالمقابل تراجع المشاغل اليدوية وندراقتناء الخيوط الذهبية والملونة الممتازة إلا بحسب الطلب وبالسعر المكلف الذي قد يصل إلى ثلاثين ألف ريال . بينما يتدنى ثمن الحزام المعمول ميكانيكياً إلى ألف ريال فقط.
مصادر القرون
ومن أين يجلب هذا القرن؟
- هذا لا يوجد في اليمن وإنما يوجد في قارة افريقيا وكان يأتي بصعوبة في السابق ، حيث كان أكثر المهاجرين يتجهون إلى القارة الافريقية من الجزيرة العربية ومن اليمن تحديدا وعندما يسكن هناك عدة سنوات يعود إلى اليمن ولا شيء أثمن أو أغلى كهدايا من قرن وحيد القرن فكانت تدخل كميات كبيرة .. ومنه تم صناعة قرن الجنبية (المقبض)، ولا يستخدم لهذا الغرض في الدول الأخرى لأن الجنبية خصوصية يمنية ، وإن كان يستخدم كمقابض للسيوف والخناجر والأواني أو أواني خاصة بالملوك نظرا لسره العظيم حيث تدور حوله قصص كثيرة ومنها امتصاص السم من إناء الطعام.
جاذبية
الهذا فقط تم اختيار وحيد القرن في صناعة مقبض الجنبية؟
- ليس لهذا السر فحسب بل جماله واستمرار رونقه وسحره وازدياده مع تقادم عمره فكلما طال عمره وزاد تلميعه بالغبار الناعم مثلاً كلما زاد نصوعا وشفافية وظهورا لعروقه أو خلاياه الداخلية الشفافة.. ويرجع هذا الاستخدام إلى آبائنا وأجدادنا القدماء فنحن نواصل هذا الاستخدام دون البحث عن علة كهذه .. وإنما أقرب تعليل هو جمال وجاذبية ورونق هذا النوع من قرون الحيوانات وهذا أقرب التفاسير.
اتفاقية دولية
وهل تستطيعون الآن استيراد قرن وحيد القرن أم أنه محظور؟
- أنه محظور حاليا لأن اليمن صادقت على الاتفاقية الدولية لحماية حيوان وحيد القرن من الانقراض والتي بموجبها يحرم اصطياده .. وبالتالي فنحن لا نعمل ولا نستخدم إلا الأجزاء المتبقية والنادرة الوجود هنا أو هناك إلى جانب عملنا على إعادة إصلاح ومعالجة رؤوس الجنابي الأصلية وبيعها.
ونتمنى من الحكومة أن تطالب الجهات الدولية القائمة على هذه الاتفاقية بالسماح لليمن بالحصول على كمية معينة سنويا أسوة بالصين وتايلندا ودول أخرى تحصل على كميات هائلة من هذه السلعة الثمينة .. وربما بعض الدول مرفوع عنها حظر اصطياد وحيد القرن.
مشاكل البيع والشراء
ما المشاكل التي تواجهكم في بيع وشراء الجنابي ؟
- نحن لا نشتري إلا بضمين وقد حصلت كثيراً من القضايا ووصلنا للمحاكم ولكن للأسف ، رغم احضارنا للضمين والشهود وأحيانا البائع الذي اشترينا منه .. لم ينفع هذا فقد وقعنا ضحية بأن سلمنا الجنبية لصاحبها المدعي وظلت القضية معلقة ونحن الخسرانون في كل الأحوال لأن أصعب شكوى أو مشكلة هي التي تتعلق بالجنابي لأن هناك جنبية بخمسمائة ريال .. وجنبية ب30 مليون ريال وقد ساهم عدم وعي المواطنين ومعرفتهم بالمغالطين في تزايد الظاهرة.
وقد حذرنا أكثر من مائة مرة بعد الشراء من أي بائع متجول، وكذلك حذرنا المواطن أن لا يخرج جنبيته في مكان عام أو يبايع بها .. لكن من يوصل رسالتنا.
غياب القانون
كيف يتم اكتشاف الجنابي المغشوشة؟
- هذه العملية سهلة ولا تصعب على أصحاب المهنة فكلٌّ في مهنته سلطان، فعملية الغش كما ذكرت لك سابقا تتم من خلال التمويه وعمل ثغرات بواسطة الإبرة والذي ما يعرف الصيفاني الحقيقي يوهم بأن هذا القرن هو الصيفاني، لذا نحن ندعو الدولة إلى الالتفات بجدية للباعة الجوالين والنشالين ومعاقبتهم ، ونطالب الحكومة بوضع قانون ينظم هذه المهنة ويجرم كل من يمارس عملية الغش والمغالطات وإلزام الباعة المتجولين بعمل ضمانات كافية أو محلات معروفة حتى لا تتكرر وتتوسع هذه الظاهرة وتعصف بالمهنة.
غش
ما هي الطرق أو الخصائص التي من خلالها تتعرفون على ملامح الجنبية الأصلية؟
- ملامح الجنبية لا تتطلب إلى طرق علمية بل تتطلب إلى خبرة في الجنابي القديمة .. فالجنبية الأصلية تعرف بقدمها والمادة المصنوعة ونحن نتحدث عن رأس الجنبية- من قرن وحيد القرن ، وهو أضخم وأغلى حيوان .. وقرنه سلعة صارت أغلى من الذهب بل محضور الحصول عليه.
عصابات
لكن تنتشر الآن وخصوصا في السنوات الأخيرة- عصابات الغش والتزوير بل والمغالطات في الجنابي وهذه القضايا واضحة وقد وقع ضحيتها مواطنون كثر .. بالذات في صنعاء القديمة .. كيف تفسرون ذلك؟
- هذه الظاهرة صارت خطراً يهدد المهنة وينزع الثقة من أصالة الجنابي .. خصوصا وأصحاب الخدع والمغالطات محترفون ليس في التقليد من خلال الصناعة لرؤوس الجنابي من مواد بلاستيكية ولحام بارد أسود صناعي واستخدام ألوان وهمية وتخطيط القرن بالإبرة وعمل ما يشبه الشعرة بل محترفون أيضا في إقناع الناس بالمبادلات .. حيث يقومون بالاحتيال على أي مواطن مستوى وعيه متدنٍ ولا يفهم جوهر الجنبية التي يملكها فيقوم بمبادلة أو بيع الجنبية التي مظهرها صيفاني ، وهذا أوقع ضحايا كثر .. وقد وقعنا نحن ضحية هذا النصب ليس بشراء جنابي مغشوشة بل جنابي أخذت من مواطنين بالطريقة المذكورة ، وبعد أن نشتريها يظهر غريم يطالب بها، بعد معرفتها.
تزوير الصيفاني
- وللاقتراب أكثر بغرض التوضيح يكشف الأخ فؤاد المجاهد أخطر أسرار تزوير الجنابي بعد أن استل كاتب السطور جنبيته المقلدة بالنمط الصيفاني , التي اشتراها قبل عام بخمسة آلاف ريال يومها طار من الفرح واليوم كشفها فؤاد بأنها مجرد خشب مطلي بمعجون اللحام البارد مضاف عليه لون قريب من لون القرن الصيفاني وبعد الصنفرة اتعرضت لكشوط برأس الإبرة في وسط القرن خاصة لتظهر الكشوط كأنها خلايا قرن وحيد القرن , وبالطبع يصعب على الشخص العادي اكتشاف ذلك دونما التأكد عملياً من خلال خلع جزء من ظهر الرأس المستور من منطقة ماتحت الحلية الفضية أو المعدنية المستديرة .
- يضيف الأخ فؤاد : أعترف بأننا مارسنا هذا التقليد لشكل الجنابي الصيفاني بغرض بيعها لمن يهمهم يلبسوا والسلام وبما لايزيد عن (5) آلاف ريال لكن للأسف استغلها بعض الباعة المتجولين ببيعها على أنها صيفاني أو عزيري بأثمان تبلغ نصف مليون , إضافة إلى أن أحد الورثة مثلاُ يأتي بجنبية والده أو جنبية أي ضحية آخر ممن يعرفهم ويدفع لبعض ضعفاء النفوس من زملاء الحرفة مبلغ 10 20 ألف ريال للحصول على نسخة مطابقة مزيفة ثم يسرق الأصلية ويبيعها بمليون أو أكثر أو أقل ويعيد لصاحبها المزيفة , وبعد أن بدأت تنكشف ألاعيبهم عاهدت الله أنا وأشقائي على ترك حرفة تقليد الجنابي االصيفاني وزرقنا على الله , حتى لانتسبب بظلم أحد دون أن نشعر .
جنابي الصين
إلى جانب خطورة الجنابي المزورة تتجلى مشكلة أخرى تهدد أصالة الجنبية اليمانية برمتها حسب الحرفي فؤاد المجاهد , وهو الافراط في استيراد الجنابي ذات الرؤوس البلاستيكية برتقالية اللون في الغالب وهي الواصلة من معامل في الصين يستوردها التجار بكميات مهولة نتيجة رخص ثمنها البالغ 2 4 دولار فقط والتي انخدع الكثيرون بها واشتروها بأكثر من ذلك رغم سذاجتها ولونها وخامتها البلاستيكية الحقيرة .
الجمارك
هاتفنا الأخ محمد عبدالله عثمان مدير جمرك محافظة تعز لمعرفة المزيد , فأجاب : كنا في السابق نسمح بجمركتها لغياب قانون خاص يحظر استيراد الجنابي لكننا هذا العام منعنا ذلك تلبية لسماعنا عزم وزارة الصناعة والتجارة سن قانون يحظر دخولها البلد كونها تهدد الصناعة التقليدية للموروث اليمني غير أننا رسمياً لم نتلق تعميماً مؤكداً ومدعماً بنص قانوني صريح للجنابي بالتحديد .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.