يظل “عش الزوجية” الملاذ الآمن لكل أفراد الأسرة...فيه تتكون بدايات الحياة الزوجية التي يتخيلها كثيرون قبل الزواج مملوءة بالحب، ضاجة بالعاطفة الجياشة والمشاعر الفياضة..داخله ترتسم الأحلام والآمال وتتشكل ملامح الحياة...غير أن سلوكيات دخيلة على مجتمعنا المحافظ بحكم العادات والتقاليد والأخلاق الدينية تحاول خلخلة النسيج الأسري المتمثل بالمنزل.. ولأن الحياة الزوجية فيها محطات تعد بمثابة المؤشر لإيجابية هذه العلاقة أو سلبيتها، علاقات بدأت بالحب وانتهت عكس ذلك تماماً.. زوج خارج نطاق الخدمة خلال خمسة عشر عاماً لم تشعر”فاطمة م...”باهتمام زوجها بها..حسب قولها فإن كل ما يجمع بينهما مجرد أطفال خمسة ومبلغ يومي “مصروف البيت والأطفال” وما عدا ذلك. من عواطف ومشاعر جياشة وحب يفترض أن يكون له حضور، لا مكان له. فاطمة تشكو حظها العاثر وتتمنى زوجها حاضراً معها بقلبه ووجدانه وأحاسيسه..تتمنى لو يمنحها بضعاً من ذلك الوقت الذي يقضيه في صحبة عشيقاته، على الأقل هي أم أطفاله ومسئولة منه..لكنها سرعان ما تدرك أنها مجرد أمان لا يلقي لها زوجها بالاً.. تعود بأفكارها وأحلامها البسيطة إلى واقعها الذي ترى فيه كثيراً من الجمال..فبعيداً عن زوج صار منغمساً في ملذاته وفساده العاطفي، تعيش هي مع أطفالها تغمرهم بعطفها وحبها وحنانها محاولة ملء فراغ أبوي كبير تركه والدهم في حياتهم...ولا تدري متى سيدرك هو ذلك! زواج حتى إشعار آخر!! في بعض قرانا إن لم يكن كلها يحرص الآباء على تزويج بناتهم في سن مبكرة”غالباً لا يقل عمر الفتاة عن “15عاماً” ولا يهمهم أبداً إن كان عريس الغفلة يكبر العروس المسكينة بخمسين عاماً!. هذا ماحدث ل.فيروز”34عاماً” على قدر عالٍ من الجمال وخفة الدم..وحضور طاغ لأنوثة تمتلك الكثير من الغنج والدلال...هكذا يصفها كل من حولها سواء على مستوى حيها الكائن في إحدى ضواحي مدينة تعز أو زملائها في الجامعة قبلاً...والعمل حديثاً. “فيروز” قبل أكثر من خمسة عشر عاماً أرغمت على الزواج مبكراً(لم تبلغ الخامسة عشرة بعد)من رجل ثري يكبرها بحوالي أربعين عاماً(أي إنه كان في الخامسة والستين)...تحت إغراء المال الذي لم يستطع والدها مقاومته، تزوجت تاركة وراءها طفولة حالمة.. صدمتها الأولى في حياتها الزوجية تمثلت بزوج أخذت منه سني العمر الطويل الكثير ..ولم يبق له سوى اسم وثروة وأمراض عدة...ومع ذلك فقد تصور أنه قادر بثروته أن يكابر أهل قريته ويثبت أنه لا يزال فحلاً و....كم كان واهماً! فالعطار أبداً لا يستطيع أن يصلح ما أفسده الدهر!والمال لا يعيد سني العمر الغابرة! وما هو إلا عامان فقط..ليسلم ذلك العجوز الثري روحه لخالقها لتصبح زوجته أرملة وهي لم تتعد بعد عامها السادس عشر. خسارة فادحة طموحها وذكاؤها وتفوقها الدراسي عزز لديها عزيمة مواصلة تعليمها ومع مرور السنين أنهت دراستها الجامعية بتفوق..وخلال تلك السنوات بدأت تشعر بمقدار الجمال الذي تتمتع به..صارت تدرك ذلك من نظرات ملتهبة إعجاباً تحاول الخروج من أعين زملائها..كانت تستمتع بذلك...وكونها قد حرمت من العاطفة حاولت أن تجدها مع أكثر من شخص..القناعة لم تستقر بداخلها حتى بعد زواجها بالرجل الثاني الذي اختارته بعد قصة حب عنيفة.. إلا أن جريها وراء مغامراتها الصبيانية وتشعب علاقاتها جعلها بعيدة عن الزوج والمنزل بأحاسيسها ومشاعرها فما كان من زوجها إلا التعامل معها بنفس الطريقة...وهكذا صارا أسيرين لنزواتهما غير المحترمة لتخسر في النهاية كل شيء، الجمال الذي لم يعد بريئاً، الشرف الذي أهدر بفعل الطيش والضعف أمام الرغبات الشهوانية، البيت”عش الزوجية” الذي صار بلا رجل ولا احترام للذات. مشروع خطيرررر! في حالات عديدة لا يكون للحب علاقة بالزواج..وفي مجتمعنا يتم اختيار شريكة العمر عن طريق الأهل...بدون مقدمات غرامية..مثل هذه الحالات قد تنجح ويكون الزواج سعيداً للغاية وعلى العكس تماماً فالزواج الذي يأتي بعد حب طويل يكون مصيره الإخفاق..هذا ما آل إليه مصير “سعيد” وهو شاب ثلاثيني تصور أن الحب مقدمة لحياة زوجية مستقرة سعيدة، لكنه تفاجأ بعد مضي خمس سنوات أن الحياة خارج أسوار منزل الزوجية أرحم بكثير مما يعانيه داخله..كشرت الزوجة عن أنيابها وأصبحت بمثابة امرأة متسلطة جشعة. سعيد..آمن بأن الزواج مشروع خطير يقيمه اثنان في ظروف غير عادية ليكتشفا بعد ذلك أن كلاً منهما ليس الشخص المناسب..وهذا ما اكتشفه بعد خمس سنوات وعلى ضوء ذلك فقد قرر الانسحاب من المنزل والحياة الزوجية حتى إشعار آخر لا يعلم إلا الله تعالى متى يكون!! العمل أولاً الأزواج يتذمرون أيضاً من غياب زوجاتهم عن البيت بداعي العمل وإهمالهن لهم..ف”أحمد....” رجل في الأربعين من عمره يشكو غياب زوجته في اليوم الواحد لساعات طويلة، وذلك بحكم عملها الأكاديمي “ معيدة جامعية” وتوسع نطاق نشاطاتها الاجتماعية الحزبية مما يجعلها مقصرة في حقه وحق طفليهما.. طموح الزوجة الزائد عن حده وعدم توفيقها بين مهام عملها ومطالب أسرتها خلق حالة تذمر عند الزوج تحولت معه الحياة الزوجية إلى تعاسة حقيقية....وقد تنتهي في أي وقت، ليصبحا خارج عش الزوجية...ولكن ما هو مصير طفليهما؟! تنافس مثير للاستغراب بعد أن عاشا كزوجين يجمع بينهما حب جميل أكثر من خمسة وعشرين عاماً..اختلفت أحوال “م.س” وزوجته “أ.ع” روح التنافس المثيرة على المناصب والحظوة القيادية سيطرت عليهما..خطوات عملهما العلمية والعملية التعليمية”مدرسين جامعيين” سارت على خير ما يرام...كونا أسرة سعيدة وأسسا كيان بيت جميل استكملاه بحبهما وحرصهما الكبير على أن تكون دارهما التي لا يغادرانها أبداً إلا إلى الدار الآخرة...ولتكتمل مقومات الحياة الهانئة أصرا على جعل أبنائهما الثلاثة متسلحين بالعلم والتربية الحسنة، وكان لهما ما أرادا. فجأة صارت الحياة بينهما لا تطاق، تنافس مثير للاستغراب نشب بينهما وحول حياة جميع أفراد الأسرة إلى حياة لا تخلو من مشاكل لا داعي لها أساساً، بل حول المنزل إلى مؤسسة ومن يستطيع الحياة داخل مؤسسة!؟ المهم ترك الزوج البيت، ثم بعد ذلك تزوج بفتاة تصغره بعشرين عاماً ليعلن بذلك مغادرته النهائية لبيته وأسرته لينهي بذلك فصول حياة زوجية بدأت بالحب وانتهت بفعل حب الذات والأنانية المطلقة!! متعة مشبوهة باستغراب شديد تصف “أحلام...”كيف تحول سلوك زوجها معها..فبعد أن كان يمنيها قبل الزواج بأجمل الأماني وبحياة هانئة تحت ظله...انقلب الحال فجأة بعد الزواج..فالصوت العالي والشتم وسيلة تعامله معها...يرفض أن يسمعها..ويرفضها حتى في سرير الزوجية..كل ذلك لا تجد له معنى واضحا تفهمه أو سبباً..فالفتور واضح لجميع أفراد الأسرة في علاقتهما وذلك الغياب الدائم عن المنزل..ترك عديد أسئلة في رأس الزوجة المسكينة..هل كنت مقصرة في حقه؟ حتى وإن حصل ذلك..أليس من واجبه كزوج ورب أسرة أن ينبهني لذلك؟! إنه الشرود والبحث عن متعة زائفة خارج أركان عش الزوجية..متعة مشبوهة يطلبها في الشارع والغرف المشبوهة ومع أصناف متعددة من “النساء”...ويرفضها حلالاً مع زوجته!! الحب كرامة حقيقة:”المرأة قد تغفر القسوة والظلم، لكنها لا تغفر عدم الاهتمام بها”.. ترفض المرأة أن تكون الثانية في حياة الرجل وقلبه...فطرة خلقها الله بها...ومقابل أن تبقى الأولى تحاول دائماً أن ترضخ لمقولة:”في الحب نترك الكرامة جانباً” تتجاوز عن كثير من أخطائها وتبرر إهماله لها بداعي العمل ومشاغله الكثيرة وتعتبر نزواته عابرة...هكذا عاشت “ريم”مع زوجها “أسامة” عشرة أعوام وكل أملها أن يتغير ..أن يحس بها قليلاً..أن يعود لأحضانها الدافئة المحبة والمشتاقة جداً إليه...لكنه لم يعد، أصر على إهانتها وإذلالها..يصارحها بخيانته لها غير عابئ بكرامتها المهدورة ..تحول حبها إلى حقد دفين ومحاولة انتقام..وبكثير من الألم بادلته الإهمال والخيانة ..وكي تشعره بالمهانة كانت تخونه داخل منزله...في غرفة نومه وعلى سرير افتقد دفئه. طار عقله وعشه!! أما “هزاع...” فحكايته مع زوجته، التي أرغمته على ترك عش الزوجية تدعو إلى الضحك مما آل إليه مصير صاحبنا...والحكاية بإيجاز شديد تبدأ مع حب جمع بين “هزاع” و”أساور” ليتوجاه بالزواج والانتقال للعيش في المدينة. هزاع الذي كان يعمل موظفاً بأحد المكاتب الحكومية بمحافظة تعز...آثر نقل زوجته من القرية إلى المدينة وشجعها على إكمال تعليمها ممنياً نفسه بوظيفة لها تساعده على استقرار عش الزوجية واستكمال تكوينه الأسري...إلا أن “أساور” تنكرت له وعاشت قصة حب عنيفة مع أحد أصدقائه ليجبرانه في الأخير على ترك المنزل بعد أن طلق الزوجة طبعاً لتتمكن من الزواج بصديقه.. مسكين”هزاع” فعقله لم يتحمل هول الصدمة، وفضاعة الخيانة والتلاعب بالمشاعر والأحاسيس...فطار من العش بعد أن طار عقله!! المرأة...دائماً ضحية المحامية منال القباطي لها رأي في هذا الموضوع عبرت عنه بقولها: المرأة دائماً ما تؤشر أصابع اللوم عليها في كل الأحوال حتى في خيانة الزوج لها لماذا؟ حتى لو كان التقصير ليس منها إذاً ماذا لو أن ذلك الزوج لعوب ينظر خارج بيته تكون دائماً السبب؟ لو أنها التزمت بكافة واجباتها من كل النواحي سواء العاطفية أو الاحتياجية وأعطته كل حقوقه فسنرى إن كان لن يخونها أو بالأصح لن ينظر إلى غيرها أرى أن اللعوب لعوب”حتى لو سرجت أصابعها العشر شمعاً”لا جدوى.. فماذا لو حاولت المرأة أن تكمل النقص الذي عندها إن كان هناك نقص فدائماً ما يحتج الرجل بنقص واجباتها له. ماذا لو حلت المشاكل بينهما بطريقة الحوار بأن يتقربا من بعضهما وأن يصارح كل منهما الآخر بما يريدانه من بعضهما، وماهي المشاكل والمنغصات التي تكدر صفوهما.. أعتقد أن الملل الزوجي هو السبب والروتين ففي السنين الأولى من الزواج لا تظهر المشاكل الزوجية بشكل كبير، لكن عندما تبدأ السنوات بالتزايد تتزايد المشاكل وتبدأ المرأة بالانشغال عن الزوج بالأطفال ومشاكلهم ويقل اهتمام المرأة بزوجها، وهنا تبدأ الكارثة فعندما يحس الرجل بالإهمال يبدأ هو بالبحث عن الأخرى ليجدد نشاطه مع امرأة تقبل أن ترتبط بارتباط كعشيقة أو زوجة ثانية إن كان مزواجاً فطبعاً يحب صنف الرجال التنويع ليحسوا بالمتعة فالمرأة التي ترتبط ارتباط عشيقة مع الرجل متزوج ما هي إلا إشباع غرور ونزوة زائلة ملطخة بزيف الكذب والوهم. دوكم: مجالس القات تخطف الرجال د: أنيسة دوكم أستاذ الصحة النفسية المشارك ومدير مركز الإرشاد والبحوث التقنية بجامعة تعز فسرت هذه الظاهرة قائلة: أعتقد أن من المهم في البداية أن نسأل إن كان الزوج أصلاً قد دخل إلى عش الزوجية قبل أن نتساءل عما أخرجه منه. وما أقصده هنا كم نسبة الأزواج الذين يدركون المعنى الحقيقي للزواج ويعلمون أنه سكن ومودة ورحمة!؟ أما "لماذا أقول ذلك؟" فلأنه ومن خلال خبرتي العملية في مجال الإرشاد النفسي أستطيع القول إن نسبة لا بأس بها من الأزواج والزوجات يتزوجون؛ لأن الزواج سنة الحياة وكل الناس يتزوجون فلماذا لا نفعل مثلهم فنجني فوائد الزواج وغالباً يكون التعامل مع الفوائد المعتادة، بل والسطحية لبعضها للزواج من إنفاق من قبل الزوج ورعاية وتوفير طعام وشراب وملبس نظيف من قبل الزوجة ويقومان بشكل مشترك بإنجاب عدد من الأطفال في إطار علاقة روتينية وعادية ومع كل ما سبق يعيش كل منهما عالمه الخاص وعلاقاته الخاصة وصداقاته الخاصة واهتماماته وهواياته وقد تسأل أحدهما عن اهتمامات الآخر فلا يجد جواباً أكيداً ويخمن لك أنه رآه مرة يفعل كذا أو يقوم بكذا. إن العلاقات الروتينية من النوع السابق شائعة وموجودة وبالتالي فإن الزواج الأطراف فيها هم خارج عش الزوجية لأنهم لم يدخلوه ولم يعرفوا مزاياه أصلاً وبالتالي فهم غير حريصين على البقاء فيه والحقيقة أن بعض العادات الاجتماعية تعزز هذه المسألة وعلى رأس هذه العادات السيئة تناول القات فمجالس القات الرجالية تخطف الأزواج من بيوتهم ومن تخلف عنها لقي ما لا يرضيه من سخرية وتأنيب زملائه ومزاحهم اللاذع بأن وزارة الداخلية لديه قوية وأشياء من هذا القبيل وأنه أصلا لا يربطه شيء قوي بالبيت كما كان يمكن أن تتاح لاكتشاف المعنى الحقيقي للزواج على أنه سكن. أما من عرف معنى الزواج، ثم فقده وخرج خارج العش فقد يعود ذلك لعدة أسباب من بينها انشغال الزوجة بالأطفال وأمور البيت على حساب زوجها والوقت الذي يفترض أن تعطيه للاهتمام به وتمتين التواصل معه فإذا لم يجدها عندما يحتاجها سواء كزوجة أو صديقة أو حبيبة أو حتى أحياناً كأم فلا شك أنه سيخرج ليبحث عما يفتقده كذلك قد يكون من الأسباب إهمال الزوجة لنفسها ولأنوثتها وجمالها وأهمية أن يراها زوجها دائماً متجددة وفي أحسن صورة فكثيرات يعتقدن أن الحصول على زوج هو نهاية المشوار في الاهتمام بأنفسهن رغم أنه في الحقيقة البداية الحقيقية.. وسبب آخر مهم خصوصاً لنسبة للنساء العاملات هو انشغالهن بأعمالهن ومتطلبات هذه الأعمال في إطار سعيهن لتحقيق ذواتهن ( وهو سعي مشروع لا شك، ولكن على حساب الزوج والأولاد) لدرجة عدم إعطاء الوقت الكافي للزوج والأولاد وسبب آخر أيضاً قد يخص العاملات ويتمثل في أن بعض النساء العاملات يكونّ شللاً خاصة بهن من زميلات المهنة كما يفعل الرجال ويقضين أوقاتهن في جلسات القات ويقتطع هذا الوقت من حساب الزوج والأولاد أما إذا كان للزوج عالمه هو الآخر فالفاتورة يدفعها مضاعفة على هيئة انحرافات ومشكلات سلوكية وأمراض نفسية وفشل دراسي ومستقبل مظلم. وهناك سبب آخر قد يكون وراء هروب بعض الأزواج وهو إدمان بعض السلوكيات الخاطئة التي وردت إلينا مع ثورة الاتصالات مثل إدمان الانترنت والدردشة على مواقع الانترنت وهذه مشكلة حقيقة موجودة وتكبر يوماً بعد يوم وبالتالي فمن لا يملك كمبيوتر في البيت فسيقضي وقته في مقاهي الانترنت وبعض النساء يشتكن من أزواجهن الموجودين في البيت فكل وقتهم أمام الكمبيوتر ورغم أن هؤلاء الأزواج موجودون في العش بأجسادهم، لكننا يمكن أن نعتبرهم ضمن أولئك الذين هم خارجه ما دام التواصل والاتصال مع الزوجة والأولاد مقطوعا وفي النهاية أيا كان السبب فالخاسر الحقيقي هم الأطفال أعانهم الله. إسحاق: للظاهرة أبعاد كثيرة د.منذر إسحاق أستاذ علم الاجتماع المشارك”جامعة تعز” أوضح في هذا السياق بالقول: نحن عادة عندما نتحدث عن ظاهرة اجتماعية معينة يصعب علينا أن نحدد أبعاد هذه الظاهرة والعوامل المؤثرة عليها بعامل واحد فقط.. فمثلاً قضية الفتور العاطفي بين الزوجين يرجعه كثيرون للجوانب العاطفية هو في حقيقة الأمر أحد الجوانب هناك أيضاً مجموعة عوامل أخرى منها العامل الاقتصادي على اعتبار أن هذا العامل يشكل عبئاً على الزوج الذي تقع على كاهله مسئولية توفير متطلبات الحياة للأسرة وأحياناً المبالغة من قبل الزوجات بهذه الطلبات يجعل التواجد في المنزل بالنسبة للزوج مسألة غير مقبولة والهروب منه مسألة مفضلة من قبل الكثيرين هروباً من عدم الاعتراف بعدم القدرة على توفير هذه المتطلبات. عادات تزيد الطين بلّة هناك أيضاً بعض العادات الاجتماعية السائدة في المجتمع سواء للذكور أم للإناث بالنسبة للذكور ظاهرة تناول القات تدفع بالزوج إلى البقاء خارج المنزل لفترات طويلة وهذا لا شك يؤثر على الزوجة نفسياً وعاطفياً واجتماعياً بحيث تشعر بافتقاد لهذا الزوج وبأن هناك قصوراً من قبله ولذلك تحاول أن تعوض هذا القصور أو هذا الحرمان بعد عودة الزوج وربما في أحيان كثيرة تخونها عدم القدرة على التعبير في هذا الجانب فتكون أكثر حدة وعصبية وهذا يؤثر على الأزواج. بالمقابل التقليد أو المحاكاة الموجودة لدى النساء والرغبة في أن تعيش المرأة بنفس المستوى الذي تعيش به صديقتها أو جارتها .. الخ هذا يمثل عبئاً وثقلاً كبيراً على الرجل؛ إذ إنه يجد نفسه مطالباً بل وملزماً بتوفير متطلبات لا يقوى عليها. مسألة هامة هناك مسألة في غاية الأهمية وهي الانفتاح الإعلامي الذي يشهده مجتمعنا المحافظ في كثير من جوانبه إلى جانب انه مجتمع متدين في غالبيته العظمى يغلب عليه الطابع الديني وهذه الحالة فتحت آفاق وفتحت أعين الناس على كثير من المسائل في العلاقات الزوجية.. قد يصعب على الزوج ترتيب منزله وفقاً لهذه الأفكار الجديدة التي تطرح من خلال الإعلام فيكون مضطراً في بعض الأحيان إلى الهروب وهذا قد يقوده في كثير من الأحيان إلى أن يعبر عن هذه الأفكار الجديدة من خلال علاقة عاطفية جديدة قد تكون غرامية أو جنسية أو ما يطلق عليها بالخيانة الزوجية. نقص الثقافة الجنسية ويضيف د.منذر: حقيقة العوامل كثيرة جداً وحصرها في عامل واحد مسألة غير منطقية وغير مقبولة لكن القول إن الفتور العاطفي بين الزواج الناتج عن الرتابة والملل باستمرار الفترة الزمنية الطويلة هي مسألة ليست صحيحة تماماً، كما أنها ليست خاطئة ولكن اعتقد أن هذا يعود إلى نقص في مجتمعنا فيما يخص الثقافة الجنسية وعندما نتحدث عن الثقافة الجنسية بالمفهوم العام وليس مجرد العلاقة الحميمية بين الزوجين وإنما حتى كيفية التعامل والتخاطب والتوازن بين الرجل كزوج والأنثى كزوجة وأسلوب التعامل ودرجة الشفافية ووقوع الرجل في تناقض بين ما يعتقد أو يؤمن بأنه هو الأنسب والأصلح في ظل المتغيرات والتطورات من حوله وفي ظل الموروث الثقافي الذي ورثه من المجتمع والذي يغلب عليه الطابع التقليدي كل هذه الأمور تجعل الأزواج في حالة من الارتباك. كسر الحاجز الجليدي مطلوب - الحياة الزوجية مطلوب فيها التجدد وكسر الحاجز فمن الخطأ أن تظل الحياة تسير على نفس النمط هذه المسألة لابد أن تولد حالة من الفتور، لكن لا أعتقد أنه يصل إلى حد الخيانة ولهذا فالتجديد مطلوب وكلمة تجديد تحمل معاني كثيرة جداً.. تجديدا في الأمكنة تجديدا في الأزمنة التجديد في طبيعة العلاقة، التجديد في الانتقال من محيط أسرة إلى خارجها.. التجديد يحمل معاني حتى في الشكل والملبس. أعتقد أنه لو ظل الرجل والمرأة يتعاملان كما كانا في فترة الخطوبة لما شعرا أبداً بالفتور والرتابة والذي قد يؤدي في الأخير إلى مسألة الخيانة. أؤكد أن عامل الانفتاح الثقافي والإعلامي الذي شهده مجتمعنا لعب دوراً كبيراً في بروز مثل هذه الظواهر السلبية والتي لا أستطيع القول إنها أصبحت بالفعل ظاهرة أعتقد أنها ما زالت مسألة محدودة من غير المنطقي أن تقول إنها أصبحت ظاهرة شائعة كما هو الحال لدى أخرى مجاورة. العلاقات من منظور ديني ويؤكد د. منذر أن هجر الرجل لعش الزوجية هو نتاج للعوامل التي ذكرناها مجتمعة، لكن أين هي المودة والرحمة هناك الكثير من النصوص القرآنية يجب أن نتوقف أمامها كأزواج هناك على سبيل المثال ندوات ومحاضرات حول كيف نقيم علاقات زوجية فيها عاطفة ومودة من منظور ديني، التوعية في هذا الجانب ضرورية جداً جميعنا محتاجون إليها بما في ذلك العلاقات الحميمية من منظور ديني من خلال النصوص القرآنية والسنة النبوية التي هي غنية جداً بهذه المواضيع ولكن التحرج والجهل وعدم استيعاب مثل هذه القضية يجعلنا في حالة من اللاوعي. ليس هناك من يهجر عش الزوجية إلا إذا وجد ما يدفعه إلى ذلك وهذه المسألة تنطبق على الرجل والمرأة. حق مشروع ويرى د. منذر أن المسألة مسألة تكامل فمطالبة المرأة بتحقيق ذاتها مسألة عليها خلاف.. أن تطالب بحقوق معينة ليس هناك اعتراض على ذلك ولكن ما هي هذه الحقوق؟ وما مدى مشروعيتها؟ وما مدى كونها مستمدة من الشريعة الإسلامية ومن العادات والتقاليد والقيم الإيجابية؟ لأن هناك الكثير من العادات في مجتمعنا للأسف هي مغلوطة ومنقولة خطأ وممارسة بشكل أكثر خطأ كاعتبار أن حق الرجل أن يخون في حين أن المسألة بالنسبة للمرأة ليست واردة ولا متاحة من قال ذلك؟ قد! فالأولى بنا ألا ندفع المرأة إلى هذا الجانب وهذا لن يتأتى لنا ولن يكون إلا من خلال حرصنا نحن على ألا نسلك هذا السلوك الخاطئ.. لو فكر الاثنان كل منهما بعقل الآخر وبعاطفة الآخر لتكاملت الحياة وهذا يمثل نوعاً من المثالية، لكنه ليس بعيداً عن الواقع كثيراً بدليل أن هناك الكثير من الأسر المستقرة عاطفياً واجتماعياً وأسرياً. بقدر العاطفة يكون الانتقام ويختتم د. منذر المرأة أكثر وفاءً وصدقاً وعاطفة وإخلاصاً وهذه ليست وجهة نظر آتية من فراغ، بل مستمدة من ديننا الحنيف والرسول في خطبته الأخيرة في حجة الوداع يقول” ألا أوصيكم بالنساء خيراً” دليل على أن المرأة أكثر عاطفة وبالمقابل فإنها على استعداد لتقبل القسوة وتجاوز كل أشكال الظلم الزوجية عندما تغلب عليها عاطفياً، ولكن هذه العاطفة يجب أن تكون مستقرة حتى تغفر الخطايا. والنساء بقدر عاطفتهن وإخلاصهن وصبرهن وتسامحهن يكون وفاؤهن، لكن الواحدة منهن إذا جرحت بكرامتها وكبريائها سوف تتحول إلى وحش كاسر.