هو أحد شعراء العصر الحديث تألق في شعره باللغة العربية الفصحى والعامية، وتمتع شعره بالسلاسة، وعذوبة الألفاظ ورقة الأحاسيس، فأتت قصائده مفعمة بالرومانسية ومعبرة عن جميع الحالات التي قد يمر بها العاشق، وقد كانت قصائد رامي وكلماته بمثابة كنز ضخم نهلت منه كوكب الشرق أم كلثوم الكثير من القصائد العظيمة التي شدت بها بصوتها القوي المعبر، ولُقب رامي ب«شاعر الشباب»..حياة الشاعر ولد أحمد رامي في التاسع عشر من أغسطس عام 1892 بحي السيدة زينب، تدرج في دراسته فأنهى تعليمه الابتدائي عام 1907، ثم التحق بمدرسة الخديوية الثانوية، وتخرج من مدرسة المعلمين العليا عام 1914، وعُين مدرسًا للجغرافيا واللغة الإنجليزية بمدرسة القاهرة الخاصة، أعقب ذلك تعينه أمين مكتبة المدرسين العُليا، وقد أتاح له هذا المنصب الجديد فرصة رائعة للنهل من مؤلفات الشعر والأدب بالعربية والإنجليزية والفرنسية. سعى رامي وراء تطوير وثقل موهبته الشعرية فحرص على حضور المنتديات والمجالس الشعرية، وكان أول نتاجه الأدبي قصيدة وطنية وهو في الخامسة عشرة من عمره، وفي عام 1910 تم نشر قصيدة له في مجلة الرواية الجديدة. أُرسل رامي في بعثة دراسية إلى باريس عام 1922 لدراسة اللغات الشرقية وفن المكتبات، فحصل على شهادته من جامعة السوربون، وعاد من باريس عام 1924، وقد ساعدته دراسته للغة الفارسية في ترجمة رباعيات الخيام بعد ذلك. فى عام 1952 اُختير أمينًا للمكتبة بدار الكتب المصرية، وعمل على تطبيق ما درسه في فرنسا في تنظيم دار الكتب، تلى ذلك انضمامه إلى عصبة الأمم كأمين مكتبة عقب انضمام مصر إليها، كما عمل رامي كمستشار لدار الإذاعة المصرية، وبعد توليه هذا المنصب لثلاث سنوات عاد لدار الكتب كنائب لرئيسها. شعر رامي عشق رامي الشعر فقدم قصائده بألفاظ سهلة مفعمة بالمعاني والأحاسيس، اخترق الحياة الأدبية عام 1918 فأصدر ديوانه الأول والذي كان مختلفًا تمامًا عن الأسلوب الشعري السائد في هذا الوقت والذي سيطر عليه كل من المدرستين الشعريتين الحديثة والقديمة، وأعقب ديوانه الأول بديوانيين آخرين في عام 1925. على الرغم من أن شعر رامي قد ابتدأ بالفصحى إلا أنه انتقل للعامية بعد ذلك، ولكنها عامية راقية سلبت لُبّ من استمع إليه، وتمكن من إبداع صور راقية لم تعهدها العامية المصرية قبله. أغاني رامي عُرف رامي واشتهر من خلال قصائده الجميلة، والتي تغنت بالعديد منها المطربة الكبيرة أم كلثوم، فارتبط كل من اسم رامي وأم كلثوم معاً في العديد من الأغنيات التي قدمتها أم كلثوم ونظم كلمتها رامي والذي كان يكن لأم كلثوم الكثير من الإعجاب فجاءت كلماته معبرة ومفعمة بالحياة نظراًً لأنها تستمد قوتها من قلب شاعر عاشق. كانت أولى الأغاني التي كتبها رامي هي «خايف يكون حبك ليّه شفقة عليا»، ولرامي سجل حافل بالإنجازات فله ديوان رامي في أربعة أجزاء «أغاني رامي، غرام الشعراء، رباعيات الخيام»، ويرجع لرامي الفضل في ترجمة رباعيات الخيام من الفارسية إلى العربية، هذا بالإضافة إلى تأليفه ما يقرب من مائتي أغنية تغنت بها أم كلثوم نذكر منها «جددت حبك ليه»، «رق الحبيب»، «سهران لوحدي». هذا بالإضافة لقيامه بالمشاركة في تأليف أغانٍ أو كتابة الحوار لعدد من الأفلام السينمائية، منها: «نشيد الأمل»، «الوردة البيضاء»، «دموع الحب»، «يحيا الحب»، «عايدة»، «دنانير»، «وداد»، بالإضافة لقيامه بالكتابة للمسرح فقدم مسرحية «غرام الشعراء»، وترجم مسرحية «سميراميس»، هذا إلى جانب ترجمته لعدد من الكتب مثل في سبيل التاج لفرانسوكوبيه، وشارلوت كورداي ليوتسار، ورباعيات الخيام وعددها 175 وكانت أولى الترجمات العربية عن الفرنسية. كيف مرّتْ على هواكَ القلوب فتحيّرتَ من يكون الحبيبُ كلّما شاق ناظريكَ جمالٌ أو هفا في سماكَ روحٌ غريب سكنتْ نفسُكَ الحزينةُ وارتاحتْ ومَيْلُ النفوسِ حيث تطيب فتودّدتَ بالحنوّ وبالعطفِ وفجر الغرام نورٌ رطيب فإذا شمسُهُ تبدّتْ أصاب القلبَ من حرّها جوىً ولهيب وهوى الغانياتِ مثل هوى الدنيا تلقّاه تارةً وتخيب منظرٌ تظَمْأُ النفوسُ إليهِ ومتاعٌ يقلُّ فيه النصيب وشقاءٌ تلذُّ فيه الأماني وأمانٍ تحقيقُها تعذيب التكريم شخصية مثل الشاعر الراحل أحمد رامي هي شخصية بالفعل تستحق التكريم، وهذا ما حدث فعلاً حيث فاقت شهرته الحدود ونال الكثير من التقدير عربياً وعالمياً، فحصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1965، وسلمه الملك الحسن الثاني ملك المغرب في نفس العام وسام الكفاءة الفكرية المغربية من الطبقة الممتازة، وبعدها بعامين حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب. كما حصل على وسام الفنون والعلوم، وأهداه الرئيس أنور السادات الدكتوراه الفخرية في الفنون، ونوع آخر من التكريم حصل عليه رامي عندما منح لوحة تذكارية محفور عليها اسمه من جمعية المؤلفين والملحنين بباريس. عانى رامي من حالة اكتئاب شديدة عقب وفاة أم كلثوم، هذه السيدة التي تعلق بها قلبه ونظم في حبه لها أروع الأشعار فاعتزل الحياة والناس، هذا بالإضافة لتراكم المرض الذي أثقل كاهليه، فأصيب بتصلب الشرايين، والتهاب الكلى، وجاءت وفاته في الخامس من يونيو 1981. مما قاله في رثاء أم كلثوم: ما جال في خاطري أنّي سأرثيها بعد الذي صُغتُ من أشجى أغانيها قد كنتُ أسمعها تشدو فتُطربني واليومَ أسمعني أبكي وأبكيها وبي من الشَّجْوِ.. من تغريد ملهمتي ما قد نسيتُ بهِ الدنيا وما فيها وما ظننْتُ وأحلامي تُسامرني أنّي سأسهر في ذكرى لياليها يا دُرّةَ الفنِّ.. يا أبهى لآلئهِ سبحان ربّي بديعِ الكونِ باريها مهما أراد بياني أنْ يُصوّرها لا يستطيع لها وصفاً وتشبيها