فرحة عارمة تجتاح جميع أفراد ألوية العمالقة    الحوثيون يتلقون صفعة قوية من موني جرام: اعتراف دولي جديد بشرعية عدن!    رسائل الرئيس الزبيدي وقرارات البنك المركزي    أبرز النقاط في المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك المركزي عدن    خبير اقتصادي: ردة فعل مركزي صنعاء تجاه بنوك عدن استعراض زائف    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    مع اقتراب عيد الأضحى..حيوانات مفترسة تهاجم قطيع أغنام في محافظة إب وتفترس العشرات    هل تُسقِط السعودية قرار مركزي عدن أم هي الحرب قادمة؟    "الحوثيون يبيعون صحة الشعب اليمني... من يوقف هذه الجريمة؟!"    "من يملك السويفت كود يملك السيطرة": صحفي يمني يُفسر مفتاح الصراع المالي في اليمن    تحت انظار بن سلمان..الهلال يُتوج بطل كأس خادم الحرمين بعد انتصار دراماتيكي على النصر في ركلات الترجيح!    الهلال بطلا لكأس خادم الحرمين الشريفين    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    تعز تشهد مراسم العزاء للشهيد السناوي وشهادات تروي بطولته ورفاقه    مصادر دولية تفجر مفاجأة مدوية: مقتل عشرات الخبراء الإيرانيين في ضربة مباغتة باليمن    المبادرة الوطنية الفلسطينية ترحب باعتراف سلوفينيا بفلسطين مميز    شاب عشريني يغرق في ساحل الخوخة جنوبي الحديدة    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    عاجل: البنك المركزي الحوثي بصنعاء يعلن حظر التعامل مع هذه البنوك ردا على قرارات مركزي عدن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و284 منذ 7 أكتوبر    الحوثي يتسلح بصواريخ لها اعين تبحث عن هدفها لمسافة 2000 كيلومتر تصل البحر المتوسط    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    لكمات وشجار عنيف داخل طيران اليمنية.. وإنزال عدد من الركاب قبيل انطلاق الرحلة    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    حكم بالحبس على لاعب الأهلي المصري حسين الشحات    النائب العليمي يؤكد على دعم إجراءات البنك المركزي لمواجهة الصلف الحوثي وإنقاذ الاقتصاد    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    الإخوان في اليمن يسابقون جهود السلام لاستكمال تأسيس دُويلتهم في مأرب    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    جماهير اولمبياكوس تشعل الأجواء في أثينا بعد الفوز بلقب دوري المؤتمر    مليشيا الحوثي تنهب منزل مواطن في صعدة وتُطلق النار عشوائيًا    قيادي في تنظيم داعش يبشر بقيام مكون جنوبي جديد ضد المجلس الانتقالي    بسبب قرارات بنك عدن ويضعان السيناريو القادم    تقرير حقوقي يرصد نحو 6500 انتهاك حوثي في محافظة إب خلال العام 2023    لجنة من وزارة الشباب والرياضة تزور نادي الصمود ب "الحبيلين"    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    الامتحانات.. وبوابة العبور    رسميا.. فليك مدربا جديدا لبرشلونة خلفا للمقال تشافي    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    حكاية 3 فتيات يختطفهن الموت من أحضان سد في بني مطر    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    وزارة الأوقاف تدشن النظام الرقمي لبيانات الحجاج (يلملم)    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    اعرف تاريخك ايها اليمني!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صعدة القديمة ما زالت تئن تحت أنقاضها!
بعد عامين من صمت فوهات المدافع وأزيز الطائرات

خلف أسوار مدينة صعدة القديمة ذات الأبواب الثلاثة وهي باب نجران وباب اليمن، وباب السلام كانت منازل المدينة في الأمس القريب تتباهى زهوا بفنها المعماري الطيني وزخارفها الجصية البديعة، مدينة يعشقها السياح والزائرون باعتبارها متحفا معماريا يفوح منه عبق التاريخ والحضارة اليمنية القديمة، كانت تلك المنازل الطينة بأدوارها المتعددة، وبساتينها التي تفوح منها رائحة الرمان وبأزقتها الضيقة التي تحكي قصص ألف ليلة وليلة كان كل ذلك يجسد عبق التاريخ كماض عريق يحث إلى التطلع لمستقبل أكثر بهاء وإشراقا.
خرابة موحشة
غير أن ما شاهدناه لا يبشر أبدا بهذا المستقبل؛ فالمدينة تبدو اليوم خرابة موحشة تفوح من مختلف أرجائها وأزقتها رائحة الموت والباروت؛ نتيجة الخراب والدمار العبثي وغير المبرر الذي لحق بهذه المدينة المنكوبة في الحرب السادسة بين جماعة الحوثيين والجيش اليمني الذي يعول عليه في حماية الأرض والعرض، لكنه بأوامر عليا قذف جام غضبه على هذه المدينة التاريخية فسوى بيوتا بالأرض وأخرى تناثرت أجزاؤها هنا وهناك.
مداهمة المنازل
في الثالث من رمضان 2009م وتحديدا بعد صلاة الفجر اقتحمت قوات الأمن المدينة وبدأت الاشتباكات فانهمرت على هذه المدينة الطينية العديد من القذائف المدفعية والصاروخية، مع أن قذيفة واحدة كانت تكفي لإحداث دمار وخراب هائل في المنازل المتلاصقة فيما بينها وما كان من السكان إلا أن غادروا المدينة القديمة هربا من الموت الذي انتشر بسرعة البرق في أرجائها فيما البقية حملوا السلاح دفاعا عن أنفسهم وعن بيوتهم.
علي القحوم يقول: عندما كان الساكنون يؤدون صلاة الفجر في الجامع قدم المسلحون من رجال الأمن وأغلقوا أبواب الجامع ثم دهموا البيوت وما كان من السكان إلا أن حملوا السلاح دفاعا عن أنفسهم، وعن بيوتهم والتهمة كانت الانتماء إلى الحوثيين. ويضيف القحوم بنبرة يكسوها الحزن: "إنها سلطة متعجرفة".
تعويضات كاذبة
بعد دخولنا من باب نجران وبعد حصولنا على التصريح بالتصوير من أحد الحراس الحوثيين اندهشنا من شدة الخراب والدمار الموجود، أثناء تجوالنا بين الأنقاض وجدنا الطفل عبدالقوي مزحم ذا الخمس سنوات يجلس على أنقاض المنزل قال لنا ببراءة طفل: على عبدالله صالح الذي بيقتل الناس، هذا الطفل فقد أحد إخوته في تلك المواجهات. وبعد مرورنا بأحد الأزقة كان نور بشير يقف أمام منزله الذي كان يتكون من أربعة أدوار ويقطنه (15)فردا وطاله القصف ولم يتبق منه إلا الطابق الأرضي وهو عبارة عن غرفتين وحمام ويتسع لعدد محدود من العائلة فيما البقية عند الأقارب وآخرون مستأجرون. وسألناه عن التعويضات فأجاب:
كل مرة بيجوا ناس يوعدونا وكله كذب في كذب، يقولوا لنا الزلط جاهزة في البنك ولم نستلم شيئا.
قصف عشوائي
يتذكر الأخ أنور تلك الحرب المدمرة قائلا لنا: القصف على المدينة كان عشوائيا ومن كل مكان.
الحاجة عائشة مآسيها مختلفة عن غيرها فهي كبيرة في السن ولم يبق لها أحد يعولها بعد موت زوجها لقد عانت كثيرا من التشرد بعد خروجها من المدينة إبان المواجهات، لكنها عادت لتجد منزلها عبارة عن أنقاض وركام كما أنه كان لديها بعض الحلي الذهبية تحتفظ بهن لمواجهة غدر الزمن، غير أن حليها سرقت أو قد تكون تناثرت بين الأنقاض..
الحاجة عائشة فقدت الأمل في التعويض كغيرها من سكان مدينة صعدة القديمة، فعادت إلى المدينة لتبني لها غرفة فوق أنقاض منزلها بإمكانياتها المتواضعة التي يقدمها لها أهل الخير. فيما يحذرها جيرانها من أخذ الحيطة والحذر حتى لا تقع تلك الغرفة فوق رأسها.. بيتي أول بيت ضربوه هو بيتي في إشارة إلى قوات الأمن فيما كان الحوثيون يضربون من الحارة. بتلك الكلمات كان يصرخ محسن الحنيجري. وأضاف قائلا: ضربوا بيتي في الصباح وقدموا إلينا خبرة على محسن وقالوا لنا اخرجوا حتى لا نضركم، خرجنا وجلسنا عند ابن عمي.. السكن كان خلف المعسكر القريب من سور المدينة، لكني عدت متسحبا مساء نفس اليوم إلى المنزل فوجدت القفل مكسورا بواسطة رصاص فيما نهبت كل محتويات البيت من تلفزيون وثلاجة وغيرهما من أثاث وأجهزة منزلية أما ملابس العيد تم نثرها على الأرض وصبوا عليها قارورة شراب فيمتو.
ويستطرد الحنيجري قائلاً: معي شهود بأن الجنود جاءوا من المعسكر، ونهبوا أكثر من 3 بيوت في اليوم الثاني من الموجهات ومن ضمنها بيتي.
وعن التعويضات يقول الحنيجري: جاءوا وعملوا مسحا وإلى الآن لم يسلموا لنا شيئا، يمكنوننا الزلط تحولت إلى البنك فقط مجلس النواب يوافق واحنا بنصرف لكم، ولم يعوضونا حتى بخيمة واحدة، لكن هناك منازل في باب نجران في واجهة الشارع تعرضت لأضرار جزئية رمموها كمنظر أمام الزوار حتى يقولوا إن هناك إعمارا. وأعرف ناسا تجارا حصلوا على تعويضات بعشرات الملايين رغم تعرض بيوتهم لخراب جزئي, لكن المساكين لم يحصلوا على أي تعويض فمازالوا إما مشردين أو مجبرين على الاستئجار وهنا معاناة أخرى لا نستطيع تحملها.
الخراب والدمار سيد الموقف ويضاعف من حزن هؤلاء من فقد أقاربه في تلك الموجهات والناس هنا كمن يلهث وراء السراب بحثا عن إعمار يكتنفه الغموض وكما يبدو كبارقة أمل تلوح في الأفق.
أثناء الزيارة حاولنا زيارة صندوق الإعمار للاستيضاح عما قام به هذا الصندوق الذي يفترض أنه أنشئ لإعادة إعمار المحافظة المدمرة، لكن لم نجد أحدا ولم نجد أيضا آثارا تدل على أن الصندوق قام بأي جهود في المحافظة سوى لوحة معدنية منصوبة عند مدخل مدينة صعدة وتحديدا أمام بوابة الأمن المركزي مكتوبا عليها (مشروع إعادة إعمار الأمن المركزي المنفذ صندوق إعادة إعمار محافظة صعدة) سبحان الله قد يكون النازحون هم أفراد الأمن المركزي وليس المواطنين من أبناء المحافظة المنكوبة.. في إطار الحوار الذي أجريناه مع الشيخ فارس مناع أن صندوق إعادة الإعمار قدم الشيء اليسير جدا وأنهم كسلطة محلية ليسوا راضين عن أدائه خلال السنوات الماضية نظرا للروتين الممل في عمله ومحدودية إمكانياته؛ لهذا الصندوق بحاجة ماسة إلى مراجعة عمله وأن تكون السلطة المحلية هي المشرفة عليه, وقال مناع بأنهم يبذلون من أموالهم الشخصية ويقومون بكل ما يستطيعون فعله، وأن التقصير الموجود في إيواء النازحين وإعادة ما دمرته الحروب الستة يرجع إلى حكومة الوفاق التي يجب أن تتفاعل مع هذه القضية وتعتمد المخصصات اللازمة لإعادة الإعمار.. خاصة أن المنازل المهدمة وصلت حسب الحصر والمسح الذي ينفذ حاليا إلى أكثر من ثلاثة وعشرين ألف منزل وقد تصل إلى أربعين ألف منزل مع انتهاء الحصر.
مزارع متضررة
أما المزارع المتضررة نتيجة للقصف المدفعي والطيران فقد وصلت إلى أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة مزرعة حسب المحافظ فارس مناع .. وللقارئ الكريم أن يتخيل كم أسرة أصيبت بالفقر نتيجة لذلك!
الشيخ فارس مناع يقول بأنهم يتواصلون مع حكومة الوفاق لمعالجة هذه الإشكاليات واعتماد جميع الضحايا الذين سقطوا في حروب صعدة الستة شهداء ومساواتهم مع شهداء الثورة الشبابية الذين أصدروا قرارا جمهوريا يعتبرهم شهداء ولكل شهيد راتب جندي ومعالجة الجرحى على نفقة الدولة سواء في الداخل أو في الخارج، لكن القرار الجمهوري للأسف استثنى ضحايا صعدة والحراك الجنوبي من ذلك. ويقول: هناك وعود من الحكومة بتسوية أوضاعهم..
وعود عبارة عن سراب
الوعود كثيرة وعديدة كما يقول لنا سكان مدينة صعدة القديمة الذين أكدوا لنا في أحاديثهم أن هناك العديد من المنظمات الدولية والمحلية ومن صندوق إعادة الإعمار من يأتي للمدينة لتصوير دمارها المتناثر وتنهال عليهم الوعود بإعادة البناء غير أن كل ذلك عبارة عن سراب.. والمبرر عادة هو الإمكانيات المحدودة لدى حكومة الوفاق نظرا لتسلمها السلطة والبلد تمر بظروف استثنائية وعليها مواجهة الكثير من الالتزامات المادية.
دعم المشائخ
العجيب الذي لم يفهم له سبب أن هذه الإمكانيات المحدودة أصلا تصرف للمشايخ حيث أقرت الحكومة اعتماد ميزانية ضخمة جدا لمصلحة شؤون القبائل تقدر بثلاثة عشر مليار ريال، يتم هذا في الوقت الذي ثار فيه الشباب على سلطة المشايخ من أجل بناء أسس الدولة المدينة الحديثة في استهتار واضح للتضحيات الكبيرة التي قدمها الشباب في مختلف ساحات الحرية والتغيير.
عضو مجلس النواب ورئيس تكتل التضامن والأحرار محمد مقبل الحميري يقول بأن ال 13 مليارا ميزانية مصلحة شؤون القبائل فيها لبس كون المبالغ التي أوصى البرلمان الحكومة بإضافتها هي “ 500 “ مليون ريال.. وقال هذه المبالغ التي أوصى البرلمان بإضافتها إلى ميزانية شؤون القبائل هي ليست للمشائخ، وإنما لأناس بعينهم رصدتها مصلحة شؤون القبائل كمكافأة لمواقفهم ضد الشباب في ساحات الحرية والتغيير. مضيفا: شؤون القبائل توزع المكافأة على المشائخ والوجاهات حسب الولاءات الشخصية وليس حسب المركز الاجتماعي والمشيخة.. أيضا حكومة الوفاق التي تشكو محدودية الإمكانيات تقر صرف أربعة مليارات ريال لإنشاء مسجد بجامعة الإيمان وكأن بلادنا ناقصة مساجد، بينما مازالت منتظرة ما ستجود به دولة قطر الشقيقة لصندوق إعادة الإعمار بمحافظة صعدة حتى يقوم بدوره في إغاثة المنكوبين من سكان محافظة صعدة جراء الاعتداءات المتكررة عليهم من الدولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.