كثير من الأعمال العظيمة كانت خيالا في عقل أصحابها قبل أن تصبح واقعا ملموسا في حياة الناس،فإعمال العقل بقصد التفكير والتخيل الإبداعي كان المورد الأول لكثير من الانجازات التي أفادت البشرية،كفكرة الطيران من عباس بن فرناس التي حاول تطبيقها في أشهر محاولة للطيران عرفتها البشرية. ويعتبر خبراء التنمية البشرية ان التخيل أقوى من المعرفة تستمد قوامها من الماضي،أما التخيل فيجمع بين المعرفة المتراكمة من الماضي والطموح الذي يجتاز الحدود الزمنية الى المستقبل،فبذلك تصبح قدرة الإنسان على تخيل شكل النجاح دافعا قويا لإدارك هذا النجاح. وقد اهتم علماء المسلمين بالتخيل وأطلقوا على الخيال لفظ الخواطر،وأطلقوا على عملية التخيل إعمال الخاطر وللإمام ابن القيم في ذلك كلام نفيس في كتابه الفوائد يقول رحمه الله:«القلب لا يخلو قط من الفكر أما في واجب آخرته ومصالحها، وإما في مصالح دنياه ومعاشه وإما في الوسواس والأماني الباطلة والمقدرات المفروضة». وإجماع إصلاح ذلك إن تشعل فكرك في باب العلوم والتصورات بمعرفة ما يلزمك من التوحيد وحقوقه وفي الموت وما بعده الى دخول الجنة والنار،وفي آفات الأعمال والتحرز منها وفي باب الإرادات والعزائم ان تشغل نفسك بإرادة ما ينفعك إرادته وطرح إرادة ما يضرك إرادته، والتخيل الايجابي طريق للإبداع في شتى مجالات الحياة من علوم وفنون وآداب، وهو أيضا طريق لتعزيز الثقة بالنفس ودفعها نحو النجاح. يقول جون كيهو في كتابه قوة العقل في القرن الواحد والعشرين: (يتمثل التخيل في أن ترحل بمخيلتك إلى عالم ترى فيه نفسك في وضع لم تكن فيه من قبل، وان تتصور نفسك تقوم بالأشياء التي ترغبها أو تحقق النتائج المنشودة التي ترغبها بنجاح». ويضرب كيهو مثالاً على قوة التخيل في تعزيز الثقة بالنفس فيقول: «إنك ترغب في أن تكون أكثر ثقة بالنفس فلتلجأ إلى التخيل، وتتصور نفسك متمتعا بالثقة، كما ترى نفسك تقوم بأشياء، وتتحدث إلى أشخاص، وكل ذلك وأنت تتمتع بقدر كبير من الثقة، وتتخيل نفسك في مواقف ومواضع تراها في واقعك عسيرة عليك، ولكنك ترى نفسك في عالم خيالك تقوم بها بسهولة وثقة وتؤدي فيها أداءً حسناً، وقد تتخيل كذلك أصدقاءك ومحيط أسرتك وهم يلقون إليك عبارات التقدير والتهنئة على ما تتمتع به من ثقة أنت حديث العهد بها، كما تشعر بالرضا تجاه ما تتمتع به من ثقة وما تستمتع به من الأحداث التي تقع لك نتيجة لتلك الثقة، كما تتخيل كل شيء يحدث أو قد يحدث لك وتحياه بذهنك وكأنه واقع تمر به الآن وهناك شرطان من أجل التخيل الناجح أولهما تخيل هدفك دائما وكأنه واقع يحدث لك الآن، واجعل الأمر واقعاً في ذهنك واجعله محدداً بأدق تفاصيله وانخرط في الدور وعشه في ذهنك، والثاني تخيل هدفك على الأقل مرة في اليوم.. تخيله بوتيرة يومية فالتكرار قوة. وإليك طريقة الانطلاق في تخيل ناجح: - قرر ما ترغب القيام به.. اجتياز الامتحان الحصول على ترقية، الالتقاء بصديق جديد، ادخار قدر من المال، أن تكون على قدر أكبر من الثقة، أن تفوز في إحدى الألعاب الرياضية، أن تقوم بتأليف أو كتابة عمل إبداعي جديد... الخ، كما عليك أن تقضي بعض الدقائق في حالة استرخاء، حتى يمكنك أن تشعر بالراحة التامة جسديا وعقليا، بالإضافة إلى قضاء من خمس إلى عشر دقائق يومياً في تخيل الواقع الذي تنشد تحقيقه. وقبل هذا كله يفضل أن تجدد نيتك لله.. أن تكون ما تريد التفكير فيه وتخيله عملا نافعا للمجتمع وان تتوضأ وتصلي ركعتين تسأل الله التوفيق، وينصح التخيل الحر المتدفق أن تسمح للأفكار والصور بأن ترد إلى ذهنك، وأن تذهب عنك دون أن تتخيرها متعمدا مادامت تعبر عن نتائج ايجابية لما لديك من أهداف، وإما في حالة التخيل الدقيق: لابد لك فيه أن تشكل بذهنك الصور الدقيقة والمحددة وكذلك المشاهد التي ترغبها،وتتبع الصورة التي رسمتها بشكل مسبق وتمررها بذهنك أكثر من مرة. بقايا حبر: لابد أن تتدرب على هذين النوعين من التخيل وأن تتذكر أن مفتاح الحل هو الممارسة، ذلك أن معظم الأشخاص يجدون صعوبة في المراحل الأولى للتخيل، ولن تقوم أذهانهم برسم وتخيل المشاهد التي يرغبونها، لكن لا تقلق إن حدث ذلك فليس من الضروري إن تكون الصورة كاملة ومتقنة وأيضا سوف تندهش حين يبدأ عقلك بشكل تدريجي في توليد الأفكار وتصوير المشاهد التي تتخيرها له، فنتائج تخيلاتك تتحقق حين تنطبع الصورة بذهنك مراراً وتكراراً لعدد من الأيام أو الأسابيع أو الأشهر إلى إن يتحقق هدفك المنشود. [email protected]