يخيّم البُعد السياسي على مباراة بولندا وروسيا مساء اليوم الثلاثاء في الاستاد الوطني في وارسو ضمن الجولة الثانية من تصفيات المجموعة الأولى في نهائيات كأس أوروبا 2012 لكرة القدم المقرّرة في أوكرانيا وبولندا حتى الأوّل من يوليو المقبل .. ولطالما حملت اللقاءات بين بولندا وروسيا ميزة إضافية بسبب الكراهية منذ أيام القياصرة والهيمنة السوفياتية في أوروبا الشرقية، التي تعزّزت بعد ذلك تحت حكم الرئيس فلاديمير بوتين .. كما تزامن التحضير للمباراة مع التجمُّع الشهري الأحد في وارسو لداعمي الرئيس البولندي الراحل ليخ كاتشينسكي، الذين غالباً ما يتهمون موسكو بالتسبّب بوفاته من خلال حادث طائرة فوق مدينة سمولنسك الروسية عام 2010، خلال زيارته في الذكرى السبعين لمجزرة راح ضحيتها الآلاف من الضباط البولنديين من قبل الشرطة السوفياتية السرية خلال الحرب العالمية الثانية ، بالإضافة إلى ذلك، منحت مدينة وارسو الضوء الأخضر لمؤيدي المنتخب الروسي للقيام بمسيرة في اليوم الوطني الذي يصادف اليوم الثلاثاء، على الرغم من أن السلطات البولندية سمحت فقط خلال البطولة بالتجمّعات الرياضية كجزءٍ لا يتجزأ من كرة القدم. وزادت المخاوف من أعمال تخريبية لجماهير المنتخبين بعدما اعتدى مشجعون روس على رجال مكلّفين بحماية مباراة روسيا وتشيكيا في فروكلاف .. لكن رئيس الاتحاد الروسي لكرة القدم سيرغي فورسنكو خفّف من حدة الاحتقان عندما كرّم ذكرى الرئيس الراحل، الذي لقي حتفه مع مجموعة من قادة البلاد، إذ وضع إكليلاً كبيراً من الزهور على لوحة تذكارية لضحايا الحادث: “السياسة خارج الرياضة. نحن معنيون فقط بكرة القدم”. شحن إعلامي ودعت الصحافة البولندية الصادرة يوم أمس الاثنين منتخب بلادها إلى إيقاف انطلاقة نظيره الروسي، وكتبت صحيفة “غازيتا فيبورتشا” على صفحتها الأولى “مهمة الغد هي: أوقفوا الروس. معركة من أجل النتيجة، من أجل الشرف ومن أجل مكان في التاريخ” .. من جانبها كتبت مجلة “فبروست” الأسبوعية “لقاء حاسم .. استيقظوا.. روسيا أو الموت” .. ووجهت الصحيفة الشعبية “فاكت” تعليماتها الى المدرب بخصوص التشكيلة، فيما قدمته زميلتها “سوبر اكبرس” مرتديا بزة عسكرية على ظهر حصان وفي يده سيف لتطلب منه “معجزة ثانية في فيستولي” في اشارة الى المعركة التي كسبتها بولندا ضد الروس عام 1920. واستخدمت مجلة “نيوزويك” بطبعتها البولندية الصورة نفسها التي نشرتها “سوبر اكسبرس” وتحدثت عن “حرب وارسو 2012”. حذر فنيّ على الصعيد الفني، تخوض روسيا المباراة بعد تحقيقها أعلى نتيجة في الدور الأوّل، عندما اكتسحت تشيكيا 4-1، في حين اكتفت بولندا بالتعادل مع اليونان 1-1 في المباراة الافتتاحية .. وطالب المدرّب البولندي فرانتشيسك سمودا لاعبيه بالتركيز بعد فقدانهم التقدّم على اليونان، التي لعبت بعشرة لاعبين في أوّل مباراة: “ يجب أن نبقى مركّزين للغاية كي لا نخسر المباراة”.اما الهولندي ديك ادفوكات مدرّب المنتخب الروسي فيعود إلى مقر بعثته في وارسو بعد تمزيق الشباك التشيكية 4 مرات: “ستكون مباراة مثيرة أخرى للفريقين”. واعتبر لاعب الوسط البولندي ماسيي ريبوس (22 عاما)، الذي وقّع مع تيريك غروزني الروسي هذا العام من ليجيا وارسو “المباراة مع روسيا ستكون مختلفة للغاية لا يدافعون مثل اليونانيين، لكننا اعتدنا على أجواء البطولة” .. ويعوّل سمودا وادفوكات على مهاجمي الفريقين الشابين، الأوّل على روبرت ليفاندوفسكي (23 عاما) هدّاف بوروسيا دورتموند الالماني، الذي ألهب المشجعين الجمعة الماضي عندما سجّل برأسه الهدف الأوّل في البطولة، والثاني على ألان دزاغوييف (21 عاما) بطل هدفين في فروكلاف، الذي كان يحوم الشك حول مشاركته في البطولة قبل أن يلعب دوراً محورياً في فوز “الدب” الروسي. ويحلّل ليفاندوفسكي: “نعرف ماذا سنفعل، وكيف نصحّح أخطاءنا. نتوقّع مباراة مختلفة للغاية” .. كما أن الجانب الروسي لا يتوقّع نتيجة مماثلة للمباراة الأولى، إذ قال المهاجم رومان بافليوتشنكو صاحب أحد الأهداف الأربعة في مرمى تشيكيا: “لا يمكننا أن ننساق كثيراً لم نحقّق المهمة بعد، ولا يمكننا أن نتساهل” .. وصحيح أن بولندا ستفتقد إلى حارس مرمى آرسنال الانجليزي فويتشي تشيسني الموقوف لمباراة بعد طرده أمام اليونان، إلا أن البديل بريميسلاف تيتون يعد بالكثير بعد صدّه ركلة جزاء لليوناني يورغوس كاراغونيس بعد لحظات على دخوله في المباراة الأولى. وكان تيتون الخيار الثالث لسمودا قبل بداية البطولة، بيد أنّ إصابة حارس آرسنال الآخر لوكاس فابيانسكي في الأيام الأخيرة قبل انطلاق البطولة جعلت منه الحارس الثاني. واعتبر مهاجم المنتخب الروسي الكسندر كيرجاكوف ستكون “حاسمة” بالتأهل الى ربع النهائي .. وقال كيرجاكوف بعد فوز روسيا: “المباراة ضد بولندا قد تكون حاسمة بالتأهل الى ربع النهائي. نحن في مزاج جيد بعد الفوز الاول، لكن علينا نسيان مباراة تشيكيا والتحضير جيدا لمواجهة بولندا” .. وتابع مهاجم زينيت: “اعرف ان المباراة ستكون صعبة. بولندا تلعب على ارضها وامام جماهيرها كما ان نتيجة اليونان (1-1) لم ترضها” .. وحذر الن دزاغوييف (21 عاما) صاحب هدفين في المباراة الاولى رفاقه من الثقة الزائدة بالنفس: “الفرحة كبيرة بعد الفوز الأول. صحيح أن الفوز جميل لكنّه الأوّل فقط، ولم نحقق أي شيء جدي حتى الآن” .. وتواجه المنتخبان في 14 مباراة ففازت روسيا 7 مرات وبولندا 3 مرات وتعادلا 4 مرات. اليونان - تشيكيا في المباراة الثانية تريد اليونان تكرار مشهد الروح القتالية الذي أظهرته في المباراة الافتتاحية مع بولندا المضيفة حين تواجه تشيكيا المكسورة الجناحين .. وكانت اليونان تأخّرت بهدف أمام بولندا، وأكملت المباراة بعشرة لاعبين، لكنها سجّلت هدف التعادل وكادت أن تخطف الفوز لولا إضاعة قائده كاراغونيس ضربة جزاء في الشوط الثاني. وذكّر اليونانيون بروحهم التي لا تعرف الاستسلام على غرار طريقهم نحو اللقب في نسخة 2004، عندما فاجأوا عمالقة القارة العجوز وقادهم المدرّب الألماني اوتو ريهاغل إلى اللقب المرموق .. لكن المباراة لن تكون سهلة للاعبي المدرّب البرتغالي فرناندو سانتوس، إذ ستلعب تشيكيا التي خسرت المباراة الأولى أمام روسيا 1-4، مباراة حياة أو موت، لأنه بحال خسارتها وفوز روسيا على بولندا، ستُقصى من المسابقة. ويغيب عن اليونانيين في المباراة، التي ستقام في فروكلاف، ثنائي الدفاع الأساسي سقراطيس باباستاتوبولوس الموقوف لطرده في مباراة بولندا، وافرام بابادوبولوس الذي تعرّض لتمزُّق في أربطة ركبته الصليبية .. وفي وقت يريد المهاجمون التشيك الاستفادة من هذا النقص، إلا أن مهاجمي “الإغريق” يريدون أيضاً تكرار ما قام به المنتخب الروسي، على رغم أن تشيكيا تملك حالياً أفضل حارس مرمى في العالم بحسب المراقبين، وهو حارس تشلسي الانجليزي بطل اوروبا العملاق بتر تشيك .. وقال مهاجم سلتيك الاسكتلندي المخضرم يورغوس ساماراس: “ لا نستسلم أبداً، لذلك لا نحبّ أن نخسر المباريات، وهذا أمر لا يمكن أن تشتريه أو تجده في أي مكان. يتعلّق الأمر بالذهنية داخل غرف الملابس”.. اما سانتوس فقال: “لقد دوّنت جميع الأخطاء التي ارتكبناها تحت عنوان -ما يجب تفاديه-” .. ويعتقد تشيك الباقي من تشكيلة 2004 التي بلغت نصف النهائي وخسرت أمام اليونان 1- صفر بهدف المدافع ديلاس، الى جانب صانع الألعاب توماس روزيتسكي والمهاجم ميلان باروش أن: “المباراة الأولى تظهر هوية المجموعة، لكن ليست الأهم، فالمباراة الثانية ستكون الحاسمة (ضد اليونان). إذا فشلنا فيها، ستكون آمالنا بالتأهّل ضعيفة للغاية” .. وتابع تشيك: “الخسارة 4-1 لا تبدو الأفضل لكنها كالخسارة 1- صفر لأنك ببساطة لا تحصل على اي نقطة .. لقد خسرنا معركة ولم نخسر الحرب لا يزال لدينا 180 دقيقة لنتأهّل”. من جهة أخرى، تعرّض لاعب وسط باوك اليوناني يورغو فوتاكيس لإصابة في قدمه وبدا يعرُج خلال تمارين الأحد، ليُستبعد عن تشكيلة سانتوس .. والتقى الفريقان في 8 مباريات ففازت تشيكيا 5 مرّات واليونان مرّة واحدة وتعادلا مرّتين.