كارثة وشيكة ستجتاح اليمن خلال شهرين.. تحذيرات عاجلة لمنظمة أممية    تعز تشهد المباراة الحبية للاعب شعب حضرموت بامحيمود    وفاة امرأة عقب تعرضها لطعنات قاتلة على يد زوجها شمالي اليمن    عاجل..وفد الحوثيين يفشل مفاوضات اطلاق الاسرى في الأردن ويختلق ذرائع واشتراطات    مليشيا الحوثي تعمم صورة المطلوب (رقم 1) في صنعاء بعد اصطياد قيادي بارز    انتحار نجل قيادي بارز في حزب المؤتمر نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة (صورة)    إعلان عدن التاريخي.. بذرة العمل السياسي ونقطة التحول من إطار الثورة    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    "مشرف حوثي يطرد المرضى من مستشفى ذمار ويفرض جباية لإعادة فتحه"    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    "القصاص" ينهي فاجعة قتل مواطن بإعدام قاتله رمياً بالرصاص    "قلوب تنبض بالأمل: جمعية "البلسم السعودية" تُنير دروب اليمن ب 113 عملية جراحية قلب مفتوح وقسطرة."    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    غضب واسع من إعلان الحوثيين إحباط محاولة انقلاب بصنعاء واتهام شخصية وطنية بذلك!    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حجة ... أرادها الإمام سجناً فأضحت منارة للثائرين
تحت الحصار ومن صمود الملحمة
نشر في الجمهورية يوم 01 - 10 - 2012

لم تكن ثورة ال 26 من سبتمبر المجيدة لحظة عابرة من تاريخنا المعاصر أو نتيجة طبيعية للتحولات الإقليمية التي أفرزتها الحرب العالمية الثانية كما يتصورها البعض بل كانت امتدادا تاريخيا لإرادة الشعب اليمني التواق إلى الحرية والتغيير والإنعتاق وهدفا ساميا سعى الشعب لتحقيقه منذ أن انفصل الحكم عنه وتلغمت الحياة بمشاريع اللاعصر، وصار حبيس ثقافة تقليدية تؤكد الجهل وتعزز التبعية.
ومما لاشك فيه أن الثورة السبتمبرية قد واجهت الكثير من التحديات والمؤامرات الداخلية والخارجية فكانت كمن يمر في حقل ألغام لكنها ورغم كل ما أحيك لها من مكائد وما أزجيت نحوها من سحب الحرب وطبول الاقتتال ، فقد ظلت محتفظة بجذوتها متقدة حتى في أصعب الظروف وأحلك الملمات ، ولعل من أدق وأحرج اللحظات التي مرت على الثورة السبتمبرية حصار السبعين يوما للعاصمة صنعاء و السبع سنوات لمدينة حجة .
فمثلما مثّل الحصار الأول اختبارا صعبا للثورة ونظامها الجمهوري الوليد في الصمود والاستبسال واكتشاف قدرات الثوار الذاتية والمحلية ، مثّل الحصار الآخر اختبارا أصعب لمدى قابلية اليمنيين للثورة ومشروعها الذي جاءت به وحرب استنزاف عسكرية ونفسية طويلة الأمد لقوات الرجعية التي كانت تعرف جيدا معنى وقوف مدينه حجة في صف الثورة .
فحجة لطالما كانت بالنسبة لحكام آل حميد الدين صانعة تحول وبوابة عبور نحو النصر والتمكين بل واستطاع من خلالها الإمام أحمد كسر ثورات عدة اندلعت عليه وعلى والده الإمام يحيى أبرزها ثورة العام 48م .
السؤال المطروح هنا كيف تحولت حجة من سجن للإمام إلى حصن حصين للثورة ونظامها الجمهوري ؟
صحيفة الجمهورية تحاول أن تضع إجابة لهذا التساؤل عبر وثائق وشهادات مناضلين تنشر بعضها لأول مرة عن ملحمة الصمود التي حدثت على أسوار مدينة حجة المتخيلة و سطرت خلالها قوات الجيش والأمن والمقاومة الشعبية أروع صفحات التلاحم والصمود ، معتمدة في ذلك على دراسة أكاديمية وأبحاث تاريخية تناولت تلك الملحمة وانفردت الصحيفة بنشر بعض مما احتوت علية كون كثير من تلك الأبحاث ما تزال في طور الطبع والإخراج.
حجة ... بوابة عبور وصانعة تحول
من الثابت أن الموقع الإستراتيجي لمحافظة حجة قد جعل منها هدفا لكل القوى الحالمة بالحكم والتمكين وملاذا آمناً لمن جارت عليه صروف الدهر وتقلباته فحجة التي مثلت عبر تاريخها الطويل ظاهرة فريدة في التعايش واحترام الرأي والرأي الآخر ورفض ثقافة العنف والصراع ، مثلت كذلك نقطة تحول بالغة الدقة والأهمية وبوابة عبور لكثير من المشاريع السياسية والدعوات المذهبية من محدودية مجالها الحيوي الذي نشأت في ظلة إلى فضاءات المشهد الوطني العام بكل رحابته وأتساعه .
ويبدو أننا بمجرد أن نعرف أن عدداً كبيراً من حكومات ودول الأئمة الزيديين التي بزغ نجمها واستطاعت بعضها توحيد اليمن شماله بجنوبه كما حدث مع المتوكل على الله إسماعيل( 1054 - 1085ه) قد خرجت من حجة حتى تتضح لنا بعض من الأهمية التي تكتسبها هذه المحافظة .
كما أن إسهامها في صناعة أول مشروع يمني خّلاق هدف إلى توحيد اليمن وإعادة هويته الوطنية عبر التحالف الذي نشأ بين الملك علي بن الفضل الخنفري وأبي القاسم المنصور حسن ابن حوشب قد عزز من حضورها في ذهن من أغنتهم المفردة المحلية على ما دونها من مفردات.
هذا بالإضافة إلى الدور الفاعل الذي لعبته حجة في مسرح الحركات الشعبية الرافضة للحكم المركزي سواء وجد ت نواة ذلك الحكم بصنعاء كما جرى مع حركة يحيى بن شيبان ضد الإمام يحيى حميد الدين مطلع عشرينيات القرن الماضي أم كانت ببغداد كما هو الحال مع الهيصم ابن عبد الرحمن الحميري (174 - 188 ه) الذي اتخذ من مسور حجة منطلقا لتمرده ضد الحكم العباسي فأطاح بسلطة ولاتهم في اليمن وحصرها في صنعاء مما دبّ الذعر في قلب هارون الرشيد الذي ما كان منه سوى أن أرسل أشهر قادته جيشه (حماد البربري) في جيش جرار إلى مسور لقمع ذلك التمرد بعد أن أطلق مقولته الشهيرة (يا حماد أسمعني صوت أهل اليمن).
بل ومما ضاعف من حضور حجة في أذهان اليمنيين عموما وآل حميد الدين خصوصا أن مشاريع تلك الأسرة التي انطلقت من حجة قد حالف أغلبها الحظ وكتب لها النجاح.
فها هو الإمام يحيى يتخذ من حجة منطلقا لثورته ضد الأتراك فيحرز الانتصارات تلو الانتصارات ويتمكن في نهاية المطاف من الإنفراد بعرش اليمن حتى العام 48م .
الإمام أحمد هو الآخر تمكن من خلال حجة ومدينتها على وجه الخصوص من إجهاض ثورتي1948م و1955م بل واستفاد من قربها من المملكة في إثارة مخاوف الأسرة السعودية الحاكمة ناهيك عن اتخاذه لها كقاعدة لحشد القبائل وترويض المناوئين .
حجة تغضب ... والصمود سبيلها
لم تكن حجة قبيل فجر السادس والعشرين من سبتمبر بمعزل عن الهيجانات الشعبية والعسكرية التي عمت كثيرا من حواضر المملكة المتوكلية ضد حكم الإمام أحمد الفردي والمعتمد على قوة الشخصية للإمام ، بل إن مشهد الفتك اليومي الذي كان يمارسه الإمام أحمد على الثوار وطلاب التغيير والإصلاح بحجة لاسيما بمدينتها التي كانت إلى وقت قريب حاضرة من حواضر العلم التي تشد إليها الرحال وتحولت في عهد ربيبها أحمد إلى سجن كبير للثوار ورواد التغيير الذين لطالما سلط عليهم سيف بطشه بميدان حورة أو نالهم قيده ومروده بسجن نافع وقلعتي القاهرة ونعمان.
ذلك النهج الذي انتهجه الإمام أحمد أغضب حجة أرضاً وإنساناً وأدى إلى تخلق شعور جمعي دعا نحو الانتصار لكبرياء حجة خصوصا واليمن عموما، فليس من خلق حجة أن تسكت على إساءات من أحسنت إليهم ووقفت إلى جوارهم في أصعب اللحظات .
ضباط العمل السري بمدينة حجة تمكنوا من استثمار ذلك الإحساس العام بالظلم في تهيئة المدينة لتقبل فكر الثورة روحا وجسدا عن طريق التبشير بوعي الثورة والتوعية بمطالب الثوار المعتقلين وكشف عوارات ومظالم الإمام أحمد حميد الدين . تزامن ذلك مع اهتمام كبير أولته لجنة الضباط الأحرار العاملة سرا في مختلف معسكرات المملكة بمدينة حجة نظرا لأهميتها الجغرافية والنفسية في أذهان الثوار وأئمة بيت حميد الدين ، كما أن حركة الواقع قد أضفت على حجة أهمية أخرى ذات طبيعية مزدوجة فمثلما مثلت المحافظة حصنا حصينا للأئمة المتوكليين ومنطلقا لجمع الأنصار ومراسلة القبائل وشن الحملات كانت بالنسبة للثوار مخزونا بشريا هائلا لرفقاء دربهم من الثوار المعتقلين وأرضا خصبة لبذار ثورتهم التي بدأت تباشير ها تلوح في الأفق .
ومما ضاعف من أهمية مدينة حجة تلك المدافن التي قام الإمام أحمد بحفرها بجوار قلعة القاهرة لتستخدم في تخزين الحبوب التي كانت تجبى كزكوات من كل مكان بالإضافة إلى ما تمتلكه المدينة من مخزون كبير من الحطب والماء قد يمكناها من مواجهة أي طارئ قد يحدث. في المستقبل .
مهتمون يرون أن تلك الأسباب هي من جعلت القوات الملكية ومنذ ثالث أيام اندلاع شرارة الثورة السبتمبرية مستعدة لبذل الغالي والرخيص في سبيل السيطرة على المدينة، وهي ذاتها من جعلت الثوار يستميتون في الدفاع عنها طيلة سنوات سبع امتدت بين عام 1962م والعام 1969م ويحلو لبعض الكتاب تسمية تموجاتها ب( ملحمة الصمود ) .
من جانب آخر يرى الشاعر والأديب / علي حسن وهبان أن مدينة حجة اكتسبت أهمية كبرى واستثنائية في تلك المرحلة الدقيقة من عمر الوطن مواجهة حصارا طويل الأمد نظرا للأمور التالية :
أهمية موقعها الجيوسياسي فهي مركز لمحافظة حدودية هامة على المستوى الإقليمي.
مثلت حجة حاضنة للنظام الملكي ومن خلالها استطاع الإمام أحمد استعادة الحكم بعد حركة 1948م .
شدة ما عاناه أهلها في زمن الاستبداد الإمامي الأمر الذي جعل منها حاضنة وحاملة للثورة من جهة ومعتقلاً للأحرار من جهة أخرى .
سقوطها كان يعني للثوار إمكانية إقامة دولة حميدية جديدة أو منطلقا لاسترداد الحكم مرة أخرى.
الأخوة ... تنتصر على الجحافل
جسدت ملحمة الصمود التي صاغت فصولها إرادة وإيمان وثبات مدينة حجة أسمى معاني الأخوة والتعاضد بين أبناء المدينة الواحدة ، الذين لم تزدهم سنوات الحصار إلا وحدة واتشاجا ، تلك الأخوة حالت حسب رأي باحثين دون حدوث أي شقاق قد ينفذ الجيش الملكي من خلاله إلى جسد المدينة.
الملحمة جسدت كذلك أعظم أنواع التلاحم والصمود بين أبناء المدينة المحاصرة والقوات الثورية المقاتلة في الدفاع عن الثورة والاستبسال من أجل نصرتها رغم قلة الإمكانات وطول مدة الحصار .
ومما يثير الدهشة والاستغراب هو تلك الملحمة الدفاعية التي ضربها أبناء مدينة عرف عنهم ميلا للسلم ونبذا للعنف ووعي الصراع ، بعضاً من صفحات تلك الملحمة التي سطرها شباب حجة طيلة فترات الحصار ويطلق عليها أساتذة البحث والاختصاص مسمى( المقاومة الشعبية ) ، حدثنا عنها الباحث والأكاديمي وأستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة حجة الدكتور محمد شوعي الشرفي الذي ألتقيناة ضمن سلسلة لقاءاتنا خلال إعداد هذا الملف بالقول (بدأت المقاومة الشعبية بمدينة حجة منذ اللحظات الأولى لاندلاع شرارة الثورة حيث حاول الإمام المخلوع/ محمد البدر دخول مدينة حجة ثالث أيام ثورة سبتمبر الخالدة، وكان يوجد بالمدينة خلية سرية للضابط الأحرار من أعضائها( علي سيف الخولاني والرازحي واحمد واصل وحسين دعكر وصالح البحري ) كما إن إطلاق سراح الثوار المسجونين وهروب البدر ومن معه إلى المحابشة ووشحة ومنها إلى الحدود الشمالية الغربية لليمن بعد أن فشل في اقتحام حامية المدينة . مثّل ذلك كله دافعا إضافيا للثوار في حشد الناس خلف الثورة ونظامها الجمهوري وتكوين النواة الأولى للمقاومة الشعبية ويمكننا تصنيف الدور الشعبي في المقاومة على مرحليتين :
المرحلة الأولى:
بدأت هذه المرحلة عقب سيطرة الثوار على مدينة حجة ودخول القوات المصرية إليها والتي تمركزت ب (ظفر والقاهرة والرنع وبيت ابو دنيا )ونظرا لتبادر معلومات متواترة عن توجه الإمام البدر إلى حجة بدأ شباب المدينة المؤمنون بالثورة وفي طليعتهم القاضي / حسن نصار في قيادة مجهود شعبي للدفاع عن المدينة تمثل في الإسهام بحراسة مداخلها بالتشارك مع عقال الحارات من أمثال المرحومين أحمد ويحيى السقال .
المرحلة الثانية:
يقول عنها الشرفي ( بخروج القوات المصرية من مدينة حجة عقب حرب 1967م ،دعا النقص العددي للقوات المسلحة أبناء المدينة إلى مضاعفة مجهودهم الشعبي للدفاع عن المدينة، إذ اتخذت المقاومة الشعبية في هذه المرحلة أشكالا جديدة اتسمت بالتنظيم والإدارة حيث أصبحت مكونة من جميع موظفي المكاتب التنفيذية وأبناء المدينة عدا النازحين طبعا وتشكل للمقاومة الشعبية مجلس تولى رئاسته مدير عام مكتب المعارف بالمحافظة .
ويتابع ( المجلس قام بصناعة حزام أمني للمدينة امتد من القذيف إلى الدخاري ومن الفتحية والمرتبة إلى القلعة ضاما في ثناياة كذلك المعلامة والضلعة والخشبة .
ويضيف: كما قام المجلس بوضع نقاط حراسة في جميع حارات المدينة بحيث كان عدد النقاط المنتشرة في الحارة الواحدة متراوحا ما بين النقطة إلى النقطتين.
مشيراً إلى أن المجلس قام أيضا بتدوين أسماء أعضاء المقاومة الشعبية بكل حارة وورديات الحراسة والمراقبة في كشوفات ووثائق كشفها لنا الشرفي.. على ذات الصعيد أكد باحثون بأن المقاومة الشعبية لعبت أدواراً إضافية في الجانب العسكري منها الكشف عن كثير من المدسوسين الذين كانوا يرسلون من قبل الجيش الإمامي لتنفيذ اغتيالات أو تلغيم بعض الأماكن الحساسة.
غير أن مناضلين أشاروا إلى أهمية أخرى اكتسبتها المقاومة الشعبية بمدينة حجة تلك الأهمية تمثلت في التحاق عدد كبير من أعضاء المقاومة الشعبية بمعسكرات تدريب عسكرية أقيمت بعضها بصنعاء والبعض الآخر بمدينة حجة الأمر الذي جعلها تلعب دورا شبيها بدور الجيش الاحتياطي بالإضافة إلى دورها الذي لعبته في السابق .
حيث يفيد وجهاء بأن القيادات العسكرية لمست من شباب المدينة ومشائخها رغبة شديدة في اتقان الفنون القتالية من اجل الدفاع عن المدينة ومن ذلك ما يرويه لنا المناضل الشيخ / حسين راجح حيث قال: في إحدى الليالي اتصل المناضل حسن العمري بمحافظ حجة محمد عبد الله الكحلاني وقال: من باقي معاكم من المشائخ بالمدينة فعدّدهم له فوجه القيادة بإصدار قرارات قضت بمنح المشائخ رتب ملازمين وأعلن ذلك بإذاعة صنعاء، لكن المشائخ واجهوها بطلب قدموه للمحافظ الكحلاني طالبوه فيه بإلحاقهم بدورات تدريب عسكرية فهم لا يريدون رتباً عسكرية بدون تدريب ، مما حدا بالقيادة إلى تلبية الطلب وشكر أبناء حجة .
حرب إشاعات من قارة
يؤكد مهتمون التقيناهم تعرض مدينة حجة أثناء الحصار إلى حرب نفسية شديدة الضراوة من قبل الجيش الملكي وقبائله المحكمة لقبضتها على جميع منافذ المدينة ومن مختلف الجهات..تلك الحرب التي كانت على هيئة إشاعات تراوحت أشكالها بين بث المخاوف وتطميع الناس فيما لدى الإمام البدر من مال وجاه .
ومن الإشاعات التي استخدمها الجيش الملكي في حربه النفسية مع الثوار المرابطين بالمدينة ما أوردها اللواء / علي صلاح في ورقة قدمها بندوة توثيق تاريخ الثورة اليمنية في جزئها السادس: «ملحمة السبعين يوماً -الوقائع - الدروس - العبر» وسمت بعنوان (حجة الانتصار ودحر الحصار) حيث يقول (واستخدموا كذلك الحرب النفسية والدعايات ومن ضمنها الإشاعة بسقوط أجزاء كثيرة من مدينه صنعاء، ولم تبقَ إلا أيام معدودة لسقوطها، وكذا قطع كل الطرق المؤدية إلى صنعاء وسقوط الكثير من المحافظات واستسلام العديد من المسئولين بصنعاء والقيادة العسكرية والأمنية والضباط والجنود).
باحثون رأوا أن تلك الإشاعات كشفت في مجملها عجزا حقيقيا للجيش الملكي بحجة على تقديم إشاعة محلية بمقدورها زرع الشكوك بين ثوار المدينة وخلق البلبلة مما اضطره إلى الاستعاضة عنها بإشاعات بعيدة كل البعد عن مسار الأحداث بحجة وهو ما يفسر ضعف صدى تلك الإشاعات ومحدودية تأثيرها.
غير أن الدكتور الشرفي الذي أكد ذلك النوع من الإشاعات زاد بالقول ( وإن من أساليب الحرب النفسية التي استخدمها الجيش الملكي قيامه بمراسلة مشائخ وعقال المدينة برسائل جمعت بين الترغيب والترهيب وخصوصا في لحظات الاحتدام ،ويذكر أن تلك الإشاعات كانت تنطلق من عاصمة المملكة المتوكلية المؤقتة ( مديرية قارة ) .
ويعتقد أن النسيج الاجتماعي المتين الذي نشأ بين أبناء المدينة أثناء الحصار بالإضافة لصغر مساحة المدينة قد مكن الجميع من مواجهة تلك الإشاعات في المراحل الأولى لانتشارها.
ويضيف ( ومثل السوق الوحيد الذي تملكه مدينة حجة مصدراً مهماً لتداول الإشاعة مما سهل على الثوار مراقبة كل ما تتناوله ألسنة الوافدين والمتسوقين الرد علية في ذات اللحظة ) ، مشيراً إلى أن مقايل القات قد قامت بدور مشابه .
الشرفي نوّه إلى أن الثوار لم يقفوا مكتوفي الأيدي بل كانوا يقوموا بعمل مشابه عن طريق إرسال رسائل مماثلة تولى نشرها بعضا من معاريف وأصدقاء محافظ اللواء محمد عبد الله الكحلاني المتواجدين في المناطق المتمركزة بها فلول القوات الملكية.
معتبرا أن العروض العسكرية التي كان يقوم بها الثوار في الأعياد الوطنية للثورة السبتمبرية والطوابير اليومية التي كان يؤديها جيش الثورة كان لهما عظيم الأثر في رفع همم أبناء المدينة وتحفيزهم نحو الصمود وتعميق الإيمان بقيم ومفاهيم الثورة .
بالتلاحم فشل الحصار
ركز الملكيون في أغلب فترات الحصار على قطع الطرق المؤدية إلى مدينة حجة لاسيما طريق الأمان الذي كان بمثابة شريان الحياة للمدينة ، هذا الأسلوب من الحصار نفذه الجيش الملكي بصورة متقطعة حسب روايات عدد من الباحثين والأكاديميين التي أكدت لنا في الوقت ذاته فشل الحصار في إخضاع الثوار أو التأثير على صمود المدينة وشبابها المقاوم.
على ذات الصعيد أفاد لنا معمرون و (شيوبة) بالقول ( لم يُحدث الحصار الاقتصادي تأثيرا كبيرا على ساكني مدينة حجة عدا لفترة بسيطة مقارنة بعمر فترات الحصار سموها ب ( حصار الشهرين ) وأرجعوا ذلك إلى متانة العلاقات الأخوية التي تربط أبناء المدينة بمن حولهم حيث هيأت تلك العلاقات حسب قولهم فرصا جمة أمام المدينة في الحصول على ما تحتاجه دون مشقة أو عناء ، مضيفين: بأن اشتغال كثير من ساكني مدينة حجة بالزراعة قد أوهن بشكل كبير من تأثير الحصار.
في المقابل أكد عسكريون للصحيفة بأن تأثير الحصار الاقتصادي ظهر بشكل كبير على كميات التموين العسكري للقوات المسلحة المرابطة بالمواقع الدفاعية بالمدينة ، حيث عانت تلك المواقع نقصانا حادا في الذخائر وبعض أنواع الأسلحة ، مما حتم على الحكومة إرسال طائرات مروحية لحمل المؤونة إلى تلك المواقع .
العسكريون ذكروا لنا قصصا مضحكة وبعضها مؤلمة عن عمليات الإنزال الجوي للمؤونة ومن تلك القصص ما رواه لنا العميد المتقاعد / مقبل الشرعبي حين قال ( في إحدى المرات صاحب عملية الإنزال الجوي حركة شديدة للرياح الأمر الذي أدى إلى قذف المؤونة إلى أيدي الملكيين نظرا لصغر المسافة الفاصلة بين الفريقين ) .كما أكدت مصادر ذات صلة سقوط ضحايا مدنيين أثناء بعض من عمليات الإنزال المشار إليها في السابق .
شكل آخر من أشكال التلاحم كان حاضرا هنا بقوة بين أبناء المدينة وبعض أنصار الثورة الذين جاءوا من خارجها ، هذا التلاحم تمثَّل في قيام أبناء المدينة بتقديم الغذاء لعدد كبير من أولئك المقاتلين الوافدين عند اشتداد الحصار بل وحتى إقراضهم المال والقات حتى تتحسن بهم الظروف .
أحد المقاتلين الذين جاءوا إلى المدينة من بني عكاب روى شيئا من معاناته أثناء حصار الشهرين الخانق بالقول ( في بعض أسابيع الحصار كنا نأكل وجبتين اثنتين في اليوم الواحد هما طعاما الإفطار والغداء ويتابع: لكن أبناء المدينة وقفوا معنا حيث كنا إذا لم نجد مالا أو قاتا توجهنا إلى من يملكونه منهم لنقترض حتى تتحسن بنا الظروف .
الأدوار التي لعبها تجار المدينة في مقاومة الحصار يخلصها الدكتور الشرفي بالقول ( بالإضافة إلى قيام التجار بتوفير احتياجات المواطنين فقد كان لهم دور أخر تمثل في إقراض وتسليف القوات المسلحة بالمؤونة والغذاء اللازمين عند حاجة الأخيرة لهما، مشيرا إلى أن تلك القوات كانت ترجع ما اقترضته من التجار متى ما وصل لها الدعم أو افتك عنها الحصار .
معركة ثبات لا إمكانات
جرت كل المعارك بين القوات المجمهرة والجيش الملكي على هيئة هجمات كر وفر خارج الحزام الأمني الذي وضع للمدينة .
ذلك الحزام الذي أحاط بالمواقع العسكرية على بعد 200م لم تتمكن القوات الملكية من اختراقه إلا لمرة واحدة جرت بمنطقتي نعمان والدخاري في إحدى الهجمات الخاطفة و سرعان ما تمكنت القوات المجمهرة من استعادتهما .
ورغم تفوق القوات الملكية على ثوار المدينة من حيث العدد والعدة إلا أن روح حجة وإرادة شبابها هما من حسما نتيجة الملحمة .
حيث يروى أنه عندما وصل الإمام البدر إلى جرف مبين طلب أن يرى مدينة حجة فلما رآها مدينة صغيرة لا تتجاوز مساحتها 6 كم مربع وعلم أن كل ما حولها ملكي قال: إنها كالجزيرة وسط البحر ولن تصمد طويلا ) .
لكنة بعد عام ونيف من الحصار وجد نفسه أمام حقيقة مرة مفادها أن حجة مازالت صامدة مستبسلة بينما هو وجيشه لا يستطيعون الصمود ،
الملك الضليل اكتشف بعد طول غفلة أن حجة بحصاره لها قد حاصرته وأنه لا سبيل لمواجهة حصارها إلا بالفرار،
شهادات مناضلين على ملحمة الصمود
حجة حاصرت الإمام البدر في عدم بلوغ هدفه الأخير
المناضل والعميد المتقاعد /عبد الفتاح عبده الشوافي الذي شغل منصب مساعد مدير أمن محافظة حجة وتلقى علومه العسكرية بجمهورية مصر يرى في شهادته التي قدمها لنا عن الملحمة بأن أهم الأحداث التي جرت بحجة ابان الثورة الخالدة 26 سبتمبر لم تأخذ حقها من الدراسة والبحث ، فصمود مدينة محاصرة لقرابة أربع سنوات هو حدث لا شك فيه بالغ الأهمية ، إنه صمود أسطوري بكل المعاني وملحمة من ملامح التاريخ .
ويتابع: كما أن هذا الصمود الأسطوري لا يمكن حصره في مدينة حجة فقد كان له دور في التأثير على الصمود في حصار صنعاء وبالمجمل في انتصار الثورة ،
مستطردا: لقد كانت استراتيجية أعداء الثورة هي الاستيلاء على حجة بما فيها من مخزون للأسلحة وموقع تكتيكي ومخزون بشري وموالاة عقيدية تقليدية وقوة شعبية للزحف صوب صنعاء من اتجاهين هما صعدة وحجة ووضع الثورة بين فكي كماشة ، منوها إلى أنه بقدر ما كانت حجة محاصرة من فلول الملكية ، فإنها كانت محاصرة للإمام البدر من بلوغ هدفه الأخير ( الوصول إلى صنعاء ) ، والذي لاشك أنه كان يضع سيناريوهات شبيهة بسقوط ثورة 1948م.
الشوافي عندما التقيناه رفض الحديث عن دوره بملحمة الصمود معتبرا أن الدور الذي أداه واجب عليه لا يستحق أن يرويه بنفسه لكن مجموعة من الوثائق التي أطلعنا عليها العميد كشفت لنا عظم الدور الذي قام به الشوافي .
فبالإضافة إلى دفاعه المستميت عن الثورة بموقع الجمايم بمدينة حجة ضمن الكتيبة الثالثة للواء الوحدة منذ العام 1964م وحتى نهاية الحصار كان للشوافي إسهام عظيم في استمرار ملحمة الصمود، إذا تروي وثيقة مذيلة بتوقيع عدد كبير من مشائخ ووجهاء مدينة حجة وأعضاء مجلس مقاومتها الشعبي موقفا حاسما للجندي عبد الفتاح عبده على النحو ( عندما ضج الناس في الفترة التي عرفت بحصار الشهرين ، بدأت أصوات تنادي بالتسليم تحت مبرر أسموه ( بسياسة الأمر الواقع ) تلك الأصوات استطاعت أن تحشد حولها عدداً كبيراً من وجهاء المدينة في اجتماع حدث بحارة الحلة خلص إلى تسليم، المدينة للبدر بشرط أن يحترم حرمتها عند دخوله فيها وأن يترك المقاتلين يخرجوا بسلاحهم الشخصي إلى منطقة (سودان )الواقعة على طريق حجة - صنعاء.
الوجهاء قاموا بمراسلة البدر بذلك وحددوا موعدا ومكانا للالتقاء به كي يسلموه المدينة، اللقاء المرتقب علم به الشوافي فما كان منه إلا أن وجه زملاءه بموقع الجمايم الذي كان مسئولا عنه بإطلاق نيران المدفع الذي بحوزتهم في الموقع نحو مكان اللقاء وبكثافة غير مسبوقه حتى في لحظات القتال العنيف إذ بلغ عدد القذائف المدفعية المطلقة 16 قذيفة ، الإمام البدر الذي كان قد وصل إلى المكان قبل وجهاء المدينة فهم أنها خدعة من مشائخ حجة الغرض منها قتله فما أن وصل مشائخ المدينة حجة حتى أمر بإلقاء القبض عليهم وترحيلهم إلى سجن المحابشة جزاء لما دبروه ،
هذا التحرك الذي قام به المناضل عبد الفتاح عبده تكفل بديمومة صمود المدينة ومد الثوار والمقاومة الشعبية بإرادة فولاذيه للصمود خصوصا بعد أن رأوا المصير الذي حاق بمن أرادوا تسليم حجة للبدر ومن قبل الإمام البدر نفسه .
الشوافي قدم لنا رؤية تحليليه لأحداث الثورة وما تلاها بالقول ( إن الثورة انتصرت وها نحن نحتفل بيوبيلها الذهبي ولكنها لم تحقق كامل أهدافها لقد تعثرت في تحقيق أهدافها وللإنصاف يمكن القول: لقد بدأ تحقيق أهداف الثورة بعد حركة التصحيح ( 13 يونيو 1974م ) بقيادة الشهيد المقدم إبراهيم الحمدي المغدور به وعادت الأمور القهقرى والى الأسوأ كما نراه في الواقع الآن من وضع متهاوٍ في كل الجوانب ، فالذي يقف حائلا من بلوغ شعبنا تحقيق أهدافه هو نفس القوى التي وقفت في الماضي وتقف في الحاضر محلية وإقليمية.
معتقداً أن ثورة 1948م الدستورية لو كتب لها النجاح لكانت أول ثورة دستورية في الوطن العربي ولكانت أخذت بها كل الدول ولأغنتنا عن كل ما تلاها من ثورات وانقلابات ، منوها إلى أن ثورة سبتمبر أجهضت بتآمر خارجي شأنها شأن كل الثورات الوطنية حتى ثورتنا الأخيرة ضمن ثورات الربيع العربي هي ضحية لتآمر أممي.
السلاح الرئيسي لنا كان الصبر والثبات
أما المناضل العميد مقبل صالح الشرعبي الذي التحق بالجيش قبل الثورة وكان عريفا بفوج البدر في العاصمة صنعاء فيقول في شهادته عن ملحمة الصمود (اندلعت الثورة وأنا بصنعاء وكنت مع عدد من زملائي الأحرار ضمن فوج البدر الذي أطلق عليه حينها أسم ضباط التحرير فقاتلنا مع الثورة والنظام الجمهوري واستبسلنا من أجلهما ، وفي عام 1963م تم توجيهي من قبل القيادة إلى مدينة حجة التي وجهتني بدورها إلى موقع الجاهلي بمديرية مبين الذي استمررت فيه لأكثر من عام كنائب لقائد الموقع وخلال ذات الفترة جرت بيننا وبين مقاتلي الإمامة الذين كان يقودهم الشيخ / هادي عيطان عدة معارك كللت جميعها بالنجاح عدا معركة واحدة أخذوا فيها منا الموقع واستعدناه بعدها بفترة وجيزة بدعم ومساندة من قوة أرسلها مجاهد أبو شوارب .
ويتابع (ثم اشتركت في الدفاع عن الجمهورية في أكثر مواقع مدينة حجة المشكلة لحزامها الأمني ك ( صعصعة – محرث – قدم – نعمان ) ولم نكن مقيمين في تلك المواقع بل كنا نتنقل ما بينها في ضوء حركة الهجمات التي تشنها قوى الرجعية وكان دورنا القتالي في أغلب المعارك دفاعيا وبالرغم من قلة الإمكانات وكثرة أعداد القبائل الموالية للإمام إلا أننا استطعنا الانتصار بعون من الله وصمود قواتنا والروح المعنوية العالية التي كان يتحلى بها أغلب المقاتلين هذا بالإضافة إلى ما وجدناه من أبناء المدينة من ثبات معنا على الثورة والجمهورية ودعم لنا في أغلب المواقف .
مشيراً إلى الدور الكبير الذي قام به المناضل محمد عبد الله الكحلاني محافظ لواء حجة في الدفاع عن الثورة وتذليل الصعاب والوقوف معنا واصفا إياه بالجيد والثائر الكبير.
وعن حصار المدينة يقول الشرعبي (بدأ حصار مدينة حجة الخانق وكنت ببني عكاب أعمل كقائد موقع فيها حيث تمكن الشيخ / هادي عيطان والقبائل التابعة من السيطرة على أغلب عزل مبين عدا بني عكاب فاستدعاني المحافظ محمد عبد الله الكحلاني والعميد مجاهد أبو شوارب للقتال بمدينة حجة وعندما وصلت إلى المدينة تم توجيهي أنا وزميلي علي بن علي الخزاعي رحمه الله إلى قدم ضمن الحملة المتوجهة إليها بقيادة مجاهد أبو شوارب ولقد تمكنا من السيطرة على المنطقة ودحر قبائل الإمام الذين جاءوا من بني الشومي وعدد كبير من المديريات بالإضافة إلى بيت القنازي .
متابعا: وفي نفس الوقت قامت القوات الموالية للإمام بقطع طريق الأمان وعيان وحاصرونا بشكل خانق لأكثر من ثلاثة أشهر ولم نكن عندها نحصل على إمدادات إلا من خلال طائرات الهيلوكبتر التي كانت تبعثها الحكومة وقد تمكنا من فك الحصار من خلال معارك عدة متتالية نصرنا الله فيها وكان أنصار الإمام يفرون من أمامنا .
وعن فصل آخر من فصول ملحمة الصمود يقول الشرعبي: عندما وصل الإمام البدر ورحلت القوات المصرية واجهنا لحظات صعبة وحرجة، فالقصف المدفعي على المدينة كان بشكل يومي وقد كدت أن أصاب في إحدى المرات عندما كنت برفقة مدير شئون الأفراد المناضل حسن عبد الله الحجاجي بقذيفة مدفعية لولا عناية الله ومما ضاعف من صعوبة تلك الأيام أن قام بعض مشائخ وعقال المدينة بالتوجه إلى الإمام البدر ليتفاوضوا معه حول تسليم المدينة كما أن من المؤسف كذلك فرار بعض القيادات العسكرية والأفراد من المدينة هم ونساؤهم وأهلهم بشكل قد لا يصدق فو الله إنه في إحدى الليالي لم يتبق بالمدينة سوى ثلاثين فرداً بالرغم أن تعداد القطع العسكرية المتفرقة بالمدينة في المعتاد كان يزيد عددها عن 600 ، لكن ورغم ذلك فثباتنا وصمودنا وأهل المدينة معنا وعناية الله قبل كل شيء مكنانا من الصمود حتى يئس البدر وقرر الرحيل إلى السعودية .فانتهت برحيله ملحمة الصمود لكن ما قدمناه لليمن سيبقى من خلال الشباب وثورتهم التي حققوها والتي أقف معها اليوم مثلما وقفت مع ثورة سبتمبر في السابق .
ملحمة الصمود جسدت معاني التلاحم بين الجيش المدافع عن الثورة وأبناء مدينة حجة
أما المناضل العقيد / دحان أحمد العقاري الذي سجنه الإمام أحمد مع بعض الثوار كمحمد رفعت ومحمد المقدمي وصالح محسن بسجن وشحة وأطلق قبل اندلاع الثورة بشهرين عن طريق البدر الذي شفع عنده المشير عبد الله السلال فيقول ( قرحت الثورة وأنا بعكفة البدر بالقصر الجمهوري وفي اليوم التالي كلفت بالخروج إلى عمران وبقيت أسبوعاً هنالك حتى وصل ضابط بدلي ثم تحركت إلى خولان جهانة بناء على توجيهات من المشير عبد الله السلال الذي استدعاني وكلفني بالخروج للقتال بتلك الجبهات ولقد خضنا معارك عدة خصوصا في العرقوب التي أصبت فيها ونقلت على إثرها إلى المستشفى .
ويتابع: وبعد أن منَّ الله عليّ بالصحة والعافية كلفني المشير السلال بالنزول إلى حجة لتولي قيادة الحرس الجمهوري الماكث بها والبالغ عدده ( 135 ) فرداً وعند وصولي إلى المحافظة تم إسناد بعض المواقع لي وإفرادي الذين قاتلوا معي بضراوة في أغلب المواجهات ولكن مع تزايد الهجمات علينا ونظرا لعدم تكافؤ قواتنا ووسائلنا مع قوى الإمامة التي حشدت ضدنا القبائل والمقاتلين كان عدد أفرادي يتناقص حيث كان بعضهم يفر وظلوا على تلك الحالة حتى لم يتبق احد وعندها اتصل محافظ اللواء محمد عبد الله الكحلاني بالرئيس السلال من أجل ضمي إلى لواء الوحدة وهذا ما تم بالفعل واستمررت أقاتل باللواء الذي كان يقوده المناضل النقيب علي محمد صلاح وقد اشتركت بجميع المعارك التي دارت بجبال حجة والتي ضرب فيها جميع أفراد الكتيبة دروسا في الثبات والصبر والدفاع المستميت عن المواقع الدفاعية التي يتمركزون فيها .
العقاري الذي تم توجيه من قبل القيادة إلى خولان لفترة ليست بالبعيدة تم إعادته إلى حجة من قبل وزارة الداخلية بناءً على طلب منه وكلف بالقيام بأعمال مدير الأمن تحدث عن دور قوات الثورة في مواجهة المليكة بالقول ( لقد أظهرت قواتنا قدرا كبيرا من الالتزام والصمود وواجهت قوات الإمام بشراسة وبمعنويات عالية واستطاعت الثبات حتى في أحلك الظروف )
مشيرا إلى أن ملحمة الصمود جسدت معاني التلاحم بين الجيش المدافع عن الثورة وأبناء مدينة حجة ومشائخها وعقالها الذين لم تثنيهم كل المحاولات والإغراءات إلى التخلي عن الثورة وإن ظهرت بعض الأصوات النشاز وخصوصا تلك التي كانت تذهب إلى علي إبراهيم لتنقل الأخبار أو تجني المال وتعود لتثبط الهمم ، فالمخلصون من أبناء حجة ظلوا على مواقفهم من الثورة ولم يتزحزحوا قيد أنملة ولا ننسى الدور الذي قام به بعض المشائخ في تثبت الناس ومنهم الشيخ / يحيى الغالبي وغيرهم الكثير والكثير .
وعن أسلوب قوات الثورة في القتال يقول: كنا دائما مدافعين وكنا نقوم بمفاجأة الملكيين المهاجمين ونكبدهم الكثير من الخسائر وكان إذا حدث على موقع جمهوري هجوم تتجه باقي المواقع لمؤازرته ويعلق على تلك الأيام بالقول: لقد كانت أياماً مشرفة بعكس ما نشاهده اليوم..
منوها إلى الدور الذي لعبه المسجد في تثبت الناس بالقول ( كان هنالك علماء من أمثال العلامة عبد الله حجاف يقومون بوعظ الناس للوقوف مع الجيش والدفاع عن الثورة وهو دور كبير وعظيم )
ومستذكرا أدوار عدد من زملائه من أمثال ( حسن عبد الله الحجاجي ، يحيى صغير الغالبي ، وحسين دعكر ) وصمودهم في وجه الإمامة لاسيما عند وصول البدر إلى مبين والحصار الخانق الذي تعرضت له المدينة لأكثر من شهرين وكيف لم تزدهم تلك اللحظات الحرجة إلا ثباتا على الثورة وقيمها ومبادئها .
المقاومة الشعبية كان لها عظيم الأثر في انتصار الثورة ومواجهة الإمامة
الشيخ القبلي والعميد المتقاعد المناضل حسين راجح الذي تحدث إلينا عن دوره في الثورة عموما وملحمة الصمود خصوصا بالقول ( عند اشتعال شرارة الثورة كنت جنديا بالحرس الملكي في تعز وكان الضباط الأحرار يتوجسون منا خيفة كونهم كانوا يعتقدون أننا مع الإمام ولم يكونوا يعلمون حقيقة موقفنا الداعم والمساند للثورة وعندما بلغنا خبر ما جرى في صنعاء أخذت أنا وكثير من زملائي أسلحتنا وعدنا إلى ديارنا وقد وصلت إلى مدينة حجة بعد أيام من سفري وعلى إثرها اتجهت إلى منطقتي الصاية – بني عكاب وبقيت هناك عدة أسابيع ، وما أن بدأت التحركات الملكية من قبل سيوف الإسلام وبعض القبائل حتى توجهت إلى مدينة حجة وانضممت للمقاومة الشعبية التي تشكلت من العقال والمشائخ وأبناء المدينة كمجهود شعبي للدفاع عن الثورة وصد الهجمات الملكية .
وعن دوره في ملحمة الصمود يقول ( كنت أنا وعدد من الأصدقاء والوجهاء كالشيخ/ محمد ظفران الزرقة وعلي بن علي الخزاعي نحشد أتباعنا المؤمنين بالثورة للانخراط في المقاومة الشعبية والدفاع عن الثورة في كل الجبهات وكنا نرسل الرسائل لنثبت من ضعفت عزيمته منهم بالإضافة إلى دوري القتالي في الدفاع عن مدينة حجة )
معتقدا أن المقاومة الشعبية التي تشكلت من كل القبائل والمدنيين المؤمنين بالثورة لاسيما أبناء المدينة كان لها عظيم الأثر في انتصار الثورة ومواجهة الإمامة ناهيك عن أنها كانت بمثابة استفتاء حول شعبية الثورة بين الناس ،ذاكراً عدداً من الأدوار التي لعبتها المقاومة الشعبية و منها حماية الحارات ومداخل المدينة خصوصا بعد انسحاب المصريين ونقل الجرحى ودعم العسكريين ونشر الإشاعات بين الملكيين .
مشيرا إلى أن أعضاء المقاومة الشعبية التي تولى قيادتها المناضل محمد عبد الله الكحلاني كان لها لقاء يوم لتدارس الموقف وإيجاد الحلول وتوزيع الأدوار .
ومثنياً على العزيمة والثبات التي تحل بها أعضاء المقاومة الشعبية و شجاعتهم في ملاقاة القوات الملكية والدفاع عن المدينة حتى وإن كانت تصل في بعض الأحيان إلى المخاطرة.
حيث أورد لنا حادثة وقعت أثناء الحصار الخانق بالقول ( في صباح أحد الأيام رأينا جيش الإمام أمامنا في منطقة الشاهلي وانتابنا شعور بضرورة التوجه إليهم لقتالهم فكيف نراهم ولا نلاقيهم ؟ فخرجنا إليهم بقيادة المناضل حمود عاطف وكانوا يتفوقون علينا عددا وعدة لكن فورة الشباب هي من دفعتنا للإقدام على تلك المغامرة في وضح النهار الأمر الذي أدى إلى إصابة المناضل حمود عاطف وعدد من الزملاء قبل أن ننسحب ولولا ألطاف الله لهلكنا جميعا )
متطرقا إلى دور بعض أبناء المدينة في إعداد الطعام للمقاتلين خصوصا عندما تعطل الفرن وكذا دور المقاومة الشعبية في نقل الجرحى والمصابين .
ليلة الحمار
من أغرب وأندر ما جرى خلال حصار السبع سنوات هو ما يطلق عليه أبناء مدينة حجة بليلة الحمار حيث روى لنا كبار سن ( أنه في إحدى الليالي كان هنالك حمار متجهاً نحو المدينة من طريق الشراقي ونظرا لأن الطريق كان مغلقا ولا يمر فيه أحد بسبب الحصار الذي كانت تنفذه قوات الجيش الملكي ظنت حراسة موقع نعمان المشرف على الطريق أن وقعات خطوات الحمار هي خطوات تقدم ملكي على المدينة فأطلقت حامية الموقع الرصاص فآزرته جميع مواقع المدينة التي ظلت تطلق الرصاص على ذات الطريق حتى فجر ذلك اليوم الذي رأى فيه القاصي والداني أن من كان على الطريق حمار لا جيشا كما توهموا فأطلقوا عليها من ذات الساعة (ليلة الحمار) .
فك الحصار ونهاية الملحمة :
بعد أن فرغ الثوار من حصار السبعين توجهت حملة عسكرية بقيادة المناضل مجاهد أبو شوارب تساندها قوة شعبية لفك الحصار عن مدينة حجة الحملة تمكنت بعد معارك عديدة سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى من فك الحصار عن مدينة حجة ومطاردة فلول الملكية بعيدا عن المدينة التي أذهلت بصمودها الأسطوري كل من عرف خبر صمودها وأصابته الدهشة
الأسباب التي مكنت أبناء مدينة حجة من الصمود طيلة سنوات الحصار يكشفها لنا الأستاذ / عادل شلي رئيس منتدى الغد للثقافة والإبداع بالقول (لقد سطر أبناء مدينة حجة ملحمة من أروع ملاحم الصمود في وجه الحصار المفروض عليهم من قبل الملكيين لسنين حيث كانت فلول الملكيين تحيط بالمدينة من كل اتجاهات .واثبت أبناء مدينة حجة بصمودهم أهمية وقوة وثبات المسالمين عندما تجبرهم الظروف على المواجهة وأنهم أقوى جلدا وأشد عزما من المدعين للقوة والمتقمصين لدور الأقوياء الذين ما أسرع أن تخور قواهم وعزائمهم إذا طال المدى عليهم.
ويتابع: يمكن أن نعزوا الصمود الأسطوري لمدينة حجة لأسباب عدة منها :
الموقع الحيوي لمدينة حجة الذي بربطها بما حولها وجعل منها نقطة التقاء لسكان التجمعات البشرية التي استوطنت السلسلة الجبلية الجنوبية والوديان المحاذية والممتدة من عدن لاعة إلى مسور وعلاقتها بالسلسلة الجبلية الشرقية المحاذية لوادي شرس والممتدة من المغربة إلى كحلان عفار والأشمور وعلاقتها بمبين التي تصلها بتهامة غربا وبالشرفين شمالا مما جعلها نقطة التقاء لأبناء تهامة ولأبناء الشرفين وحجور وحاشد وأبناء بني العوام والشراقي ومسور ، وأدى ذلك الى نشوء علاقات قوية بين أبناء المدينة والمناطق المحيطة بها لا يمكن أن تحيط بها التغيرات والتحولات السياسية، لذا لم يفكر أحد في استباحة المدينة مما حولها من المناطق كما حصل مع صنعاء في 48م وذلك لأن كل المناطق المحيطة بها تشعر أن مدينة حجة جزء أصيل منها ولا يمكن أن تعتدي على هذا الجزء الرصين مهما كانت الأسباب الأمر الذي يفسر لنا قلة الخسائر البشرية رغم القصف المدفعي الذي كانت تتعرض له المدينة ‘ كما يوضح الأسباب التي جعلت المدينة تصمد طوال فترة الحصار ولم تتعرض إلى نقص حاد في المواد الغذائية مما يوضح لنا عمق وقوة العلاقات الإيجابية القائمة على السلم والتعايش والقبول بالآخر الذي مثلته مدينة حجة في علاقتها بما حولها ويؤكد أن هذه الصلة تؤدي دورها ووظيفتها حتى في أسوأ الظروف.
حسن العلاقات الأخوية القوية والمتينة التي تربط أبناء المدينة فيما بينهم حال دون حدوث أي صراعات أو خلافات قد تمكن المحاصرين لهم من إيجاد ثغرة في صفهم والنفاذ منها الى داخل المدينة .. لعبت الثقافة الثورية العالية التي بذرها ونشرها الأحرار أثناء سجنهم بالمدينة الدور الكبير في تثوير هذه المدينة وصمودها في وجة الحصار .
حسن الإدارة لدى عقال ووجهاء المدينة أثناء فترة الحصار جنباً إلى جنب مع القيادة ممثلة في المناضل الكبير محمد عبد الله الكحلاني ومساعديه الذي عمل على تنظيم وتحصين كافة الجبهات واحتفظ بعلاقات طيبة حتى مع أبناء المناطق التي تتمركز فلول الملكيين فيها .
إن التحاق مدينة حجة بركب الثورة وهي في أيامها الأولى ليوضح أن للمدن روحا وإرادة وذاتا تغضب كالبشر على من تحسن إليهم فيسيئون إليها فمنذ أن قابل إحسانها الإمام احمد في 1948م ووقوفها معه بالإساءة فحولها إلى سجن للثوار ها هي تصفعه وتصفع نظامه الاستبدادي وتهيئ للثوار البيئة المناسبة لبلورة المشروع الثوري الذي ينشده كل أبناء اليمن لا أبناء حجة فحسب ، وهي المدينة الوحيدة التي أرادها النظام سجننا فتحولت إلى مركز للثورة وحولت الثوار القابعين بسجونها إلى قادة للثورة دونما حاجة إلى قبائل أو أنصار من خارجها.
الصمود الأسطوري لمدينة حجة يحتاج إلى دراسة وبحوث تاريخية معمقة وفق منهج علمي حتى نعرف الأسباب التي مكنت مدينة حجة من الصمود بشكل عميق ومنصف لأن ذلك السبيل الوحيد الذي يمكننا من ومعرفة السمات الحقيقية للمكان الذي يمثل مركز وقلب محافظة حجة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.