بمناسبة عيد الأضحى.. مركز ''الملك سلمان'' يسعد آلاف الأسر المحتاجين في اليمن    الودُّ عامرٌ بين الحوثي و«القاعدة» في اليمن    75 مليون دولار يلحسها وزير الداخلية "إبراهيم حيدان" قيمة بطاقة شخصية    ارحموا الريال    الحكومة الشرعية تعلن إطلاق سراح عدد من السجناء بمارب و3 محافظات أخرى    مشروع كويتي ضخم في مارب    فرار عنصر حوثي بعد قتل عمه في صنعاء رغم حصار منزله.. والمليشيات تتجاهل الحادثة!    بعد إعلان الريال التعاقد معه.. مبابي: "فخور بالانضمام إلى نادي أحلامي"    جدول مباريات وترتيب مجموعة اليمن و الإمارات في تصفيات كأس العالم 2026    كريستيانو: أشعر بالفخر الشديد بعد موسمي مع النصر    الحوثيون يوقفون منشأة صرافة جديدة ويمنعوها من العمل في صنعاء    احتجاجات غاضبة في عدن وإغلاق عدد من الشوارع.. ماذا يحدث؟    لم تستطع أداء الحج او العمرة ...اليك أعمال تعادل ثوابهما    ارتفاع حالات الكوليرا في اليمن إلى 59 ألف إصابة هذا العام: اليونيسيف تحذر    وثيقة تكشف عن مديونية كبيرة للبنوك التجارية والإسلامية لدى البنك المركزي    مسار السلام في اليمن .. اتجاه نحو العودة إلى نقطة الصفر واخر يفتح بصيص تفاؤل وبينهما مشكاة ضوء خافت    - 17مليار دولار ارتفاع ثروة أغنى أغنياء روسيا خلال السته الأشهر من 2024    - توقعات ما سيحدث لك وفق برجك اليوم الثلاثاء 4يونيو    الرئيس الزُبيدي يوجه بمخاطبة واستكمال إجراءات نقل مقرات المنظمات إلى عدن    وديا ... إنجلترا تضرب البوسنة    صاحب ومالك "قوات درع الوطن" يصر على العبث بأمن ساحل حضرموت    محلل سياسي يطالب الدول الإقليمية أن تكون سندا للجنوب    شقيقة "الحرازي" مدير شركة "برودجي" تكشف عن تفاصيل صادمة أصابت الجميع بالذهول والدهشة خلال جلسة الحكم بالإعدام    يكتبها عميد المصورين اليمنيين الاغبري    صفعة قوية للحوثيين في قلب العاصمة صنعاء و تجار العاصمة يتحدون مع عدن    نهب وتدمير للاقتصاد الوطني.. كيف يعبث الحوثيون بالقطاع الزراعي؟    الحوثيون يزرعون الموت في الحقول: مزارع يمني يفقد ساقه في انفجار لغم(صورة)    "اليمنيون ذولا مثل الخليل العربي الأصيل": الفنان المصري احمد حلمي يُشيد باليمنيين ويُعبر عن حلمه بزيارة اليمن(فيديو)    "حوثي يقتل ابن عمه ويحرق سيارته: قصة جريمة قتل تكشف الظلام الذي يخيم على صنعاء"    ميليشيا الحوثي تعلن استخدامها لسلاح جديد    ايثان يدعم مبابي    الوزير الزعوري ونائب محافظ عدن يضعان حجر أساس مشروع مركز الأطفال ذوي الإعاقة بمدينة الشيخ عثمان    سلام الله على زمن تمنح فيه الأسماك إجازة عيد من قبل أبناء عدن    من جرائم الجبهة القومية ومحسن الشرجبي.. قتل الأديب العدني "فؤاد حاتم"    قبائل يافع حضرموت: يرفضون دخول قوات عسكرية إلى ساحل حضرموت غير نخبتها    الرئيس الزُبيدي يوجّه بمخاطبة المنظمات الدولية لاستكمال نقل مقراتها إلى العاصمة عدن    ارتفاع مبيعات شركة هيونداي موتورز بنسبة 1.9 بالمائة    أغلبها بمناطق المليشيا.. الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن    عودة التيار الكهربائي إلى مدينة مأرب بعد انقطاعه لساعات إثر خلل فني    مليشيا الحوثي تقتحم مكتب حكومي وتختطف أحد الموظفين    وكالة المسافر للحج والعمرة والسياحة بحضرموت تفوج 141 حاجاً إلى بيت الله    بحوادث متفرقة.. أربعة أشخاص ينهون حياتهم في إب خلال يوم واحد    محمد البكري و أحمد العيسي وخلال سبع سنوات دمرا حياة شعب الجنوب    خبير آثار: ثور يمني يباع في لندن مطلع الشهر القادم    وفاة ضابط في الجيش الوطني خلال استعداده لأداء صلاة الظهر    إعلان قطري عن دعم كبير لليمن    حلم اللقب يتواصل: أنس جابر تُحجز مكانها في ربع نهائي رولان غاروس    قرارات البنك المركزي لإجبار الحوثي على السماح بتصدير النفط    تعرف على قائمة قادة منتخب المانيا في يورو 2024    إنجاز عالمي تاريخي يمني : شاب يفوز ببطولة في السويد    الدبابات الغربية تتحول إلى "دمى حديدية" بحديقة النصر الروسية    عن الشباب وأهمية النموذج الحسن    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    خراب    الوجه الأسود للعولمة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسيون يجمعون على ضرورة نجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل!
في ندوة بصنعاء حول «أهميته .. مرجعياته.. محاوره»

عقدت نهاية الأسبوع الماضي بصنعاء ندوة علمية بعنوان (مؤتمر الحوار الوطني أهميته.. مرجعيته.. محاوره) الندوة التي نظمها مؤسسة اليمن الثقافية وجامعة المستقبل بحضور مستشار رئيس الجمهورية ورئيس اللجنة الفني للحوار الدكتور عبدالكريم الارياني وعدد من السياسيين والأكاديميين ناقشت العديد من أوراق العمل المتعلقة بالشأن اليمني..صحيفة الجمهورية حضرت الندوة واستعرضت عددا من أوراق العمل خلال الأسطر القادمة ..
الربيع العربي في اليمن كان فريداً
البداية كانت مع مستشار رئيس الجمهورية الدكتور عبدالكريم الإرياني رئيس اللجنة الفنية للتحضير للحوار الوطني الشامل الذي أكد خلال كلمة له أن اليمنيين يتطلعون إلى اختيار نظام يكون أكثر تشاركا يحفظ لليمن وحدته وأمنه واستقراره.
وقال إن اليمن شهد تغيراً في مساره السياسي بناء على معطيات اجتماعية، وإنه لا بد من المضي في مسار التغيير الآمن كون الجميع مطالبا بأن يتغير من أجل أن يعيش عيشا هنيئا وآمناً في المستقبل.
وأضاف قائلا: إن هذا التغيير يأتي بفضل الثورة الشبابية التي أحدثت هذا التغيير الهائل في النظام السياسي والاجتماعي في اليمن، كما نجحت في جعل التغيير أمراً حتميا ولا بد لنا جميعا أن نصل إلى مرحلته النهائية بأمان من خلال الحوار الوطني الذي سينطلق قريبا.
مشيرا إلى أن الربيع العربي في اليمن كان فريداً كونه حقق التغيير بطريقة ديمقراطية وسلسة بعيدا عن أنهار الدماء وركام الدمار، وأن الحكمة اليمنية انتصرت في هذا الباب بشهادة الجميع، موضحاً أن اليمنيين يتطلعون إلى اختيار نظام أكثر تشاركا وأعدل بما يحفظ لليمن وحدته وأمنه واستقراره.
منوها بأنه قال ذات مرة لدى حضوره إحدى الندوات في نادي مدريد إنه لا يخفي قلقه على ثورات الربيع العربي، فالربيع يليه صيف حار ثم شتاء بارد” واليوم أقول بسعادة وغبطة بالغتين إن ربيع اليمن مازال مزدهراً وعلى وشك أن يؤتي ثماره بالتأكيد مؤتمر الحوار الوطني الشامل في القريب العاجل “.
مشيدا بأهمية الندوة خاصة من حيث نوعية المشاركين فيها من داخل اليمن وخارجه فهي تكاد تكون في واقع الأمر إقليمية؛ بل ودولية فهي تجمع زملاء يمنيين بإخوانهم وأقرانهم من جمهورية مصر الشقيقة ومن روسيا وأمريكا بما يعكس خصوصية الأزمة التي مرت بها اليمن وخرجت منها بتعاون إقليمي ودولي يعد فريدا في معالجة ما صار يعرف بثورات الربيع العربي.
منوها إلى أن اليمن خاضت تجارب في الحوار السياسي والاجتماعي، كانت النخبة السياسية هي القائد والمنفذ والمستفيد، وأثبتت التجارب أن هذا الاحتكار من النخبة وإن نجح في تحقيق بعض المكاسب إلى حين إلا أنه سرعان ما تبددت معايبه وانكشفت نقاط ضعفه .. مبيناً أن تغييب المشاركة الاجتماعية وعدم الاهتمام الكافي بدورها كرافد حقيقي لكل تحول سياسي سبب في التشظي الوجداني وتنامي غضب الناس سراً وعلانية . وقال: إن تلك التجارب تمدنا اليوم بدرس جديد في تعميق المشاركة الاجتماعية في صياغة النظام السياسي وبناء الدولة المدنية الحديثة من أجل مستقبل آمن لليمن في المرحلة القادمة.
بوابة الأمل لشعبنا اليمني
الدكتور عبدالهادي الهمداني رئيس مجلس أمناء جامعة المستقبل، عضو مجلس أمناء مؤسسة اليمن للثقافة أشار إلى أن الندوة التي شارك فيها عدد من الكوادر السياسية والقانونية ذات الخبرة والكفاءة السياسية والعلمية العالية من داخل وخارج اليمن. مؤكدا أن منظمات المجتمع المدني ومنابر التفكير والتنوير التي تمثلها المؤسسات التعليمية تلعب دورا هاما ومحوريا في تاريخ الأمم والشعوب من خلال ربط التعليم بقضايا المجتمع والمساهمة الفاعلة في القضايا الوطنية وتشجيع عملية التطوير والتنمية، ومن هنا تأتي أهمية مشاركة مؤسسة اليمن للثقافة والتنمية وجامعة المستقبل في إقامة هذه الندوة استشعارا بمدى أهمية الإسهام الفاعل في نجاح مؤتمر الحوار الوطني.
وقال بأن مؤتمر الحوار الوطني أصبح يمثل بوابة الأمل لشعبنا اليمني، فبالحوار بين فرقاء ومكونات العمل السياسي في أي مجتمع تترسخ قيم التسامح والتعاون والتكامل بين هذه الأطراف كما تتجسد قيم الحرية والديمقراطية والقبول بالآخر، ومثل هذه الندوات تساعد في إنجاح مؤتمر الحوار الوطني القادم.
موقف دولي موحد
سعادة سفير جمهورية روسيا الاتحادية بصنعاء سيرجي غيوركوزولوف تحدث بالقول:
نعرف جميعا أنه يتم حاليا الإعداد الجدي لبدء مؤتمر الحوار الوطني ونحن نتواصل بشكل مستمر مع رئيس وأعضاء اللجنة الفنية التحضيرية للحوار الوطني ومن هذا المنطلق نقدر عاليا نشاطات اللجنة ونثمن جهودهم الاستثنائية التي يبذلونها في سبيل التهيئة للحوار الوطني وإنجاحه الذي من شأنه رسم الطريق المستقبلي لليمن كدولة حضرية عصرية وحديثة.
إن المجتمع الدولي يتابع ويراقب عن كثب ماذا يجري في اليمن في الوقت الحاضر، وسوف يستمر بالمتابعة والمراقبة في المستقبل، فمنذ بداية الأزمة في اليمن العام الماضي 2011م اتخذ المجتمع الدولي موقفا إجماعيا وموحدا فيما يخص القضية اليمنية وهو موقف فريد من نوعه في معالجة الأزمات والمشاكل الإقليمية ومن هنا أعتقد أن حظ اليمنيين كثير جيد؛ لأن أمامهم مجتمعا دوليا موحدا ومجتمعا على مصلحة اليمن ولديه مواقف واحدة وسنستمر بالحفاظ على هذه الوحدة وما يعزز دعم المجتمع الدولي للعملية السياسية والتي من أهم مكوناتها الحوار الوطني الشامل بمرجعيته المعروفة بقرارات مجلس الأمن الداعمة للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة.
لا يوجد تدخل بالشأن اليمني
وأشار السفير الروسي إلى أنه ليس هناك أي تدخل بالشأن اليمني وإنما هناك تعاون بين المجتمع الدولي واليمن بدليل أننا لا نتدخل في شأنكم الداخلي وإنما بالعكس نحن نساعدكم في إيجاد حلولكم السيادية فيما يتعلق بكل القضايا المطروحة في الأجندة السياسية الداخلية.
وأضاف: لديكم قواعد اللعبة وعليكم الالتزام بها لأن القوة السياسية الأساسية في اليمن وافقت عليها ووقعت الاتفاق الأمر الذي جعلها ملزمة بما ورد في هذا الاتفاق بالإضافة إلى قرارات مجلس الأمن وقواعد العمل السياسي مستقبلا ولكن لابد أن تأتي كل الحلول تحت سقف الوحدة اليمنية لأن الوحدة هي دائما أفضل من التشتت والانقسام والانفصال وأنا أقول هذا الكلام من خبرة روسيا الاتحادية، التدخل نحن نشهده في أجزاء أخرى من المنطقة، واليمن أعطت العالم المثال الأفضل في كيف يمكن معالجة الأزمات الحالية بدون التدخل بمعنى التدخل.
المجتمع الدولي حكم
وقال كوزولوف: من هنا أريد أن أضرب لكم مثالا فأنا ممن يحبون كثيراً لعبة كرة القدم، ولنفرض أن هناك لعبة تأتي على قواعد معينة .. المباراة في اليمن تنفذ على أساس قواعد معروفة وهي المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة وقرارات مجلس الأمن، وهنا المجتمع الدولي في رأيي عبارة عن حكم لهذه المباراة، ولكن اللعبة يقوم بها اللاعبون أنفسهم، ودور الحكم معروف وهو مراقبة عدم مخالفة قواعد اللعبة، اللعب مكشوف، ولكن في حال المخالفة الحكم يحذر اللاعبين أو حتى يظهر لهم بطاقة حمراء.
وبالتالي أعتقد أني شرحت وجهة نظري للدور الدولي والإقليمي في الشأن اليمني, وأؤكد أيضاً بأن مجلس الأمن والدول الدائمة العضوية فيه سيستمرون في دعم استمرارية العملية السياسية في اليمن.
وقال: أنتم ستجدون منا كل الدعم والمساعدة والمساندة ولكن بشكل استشارات ونصائح وطرح الأفكار وأنتم سوف تختارون منها ما هي مناسبة لكم وما هي الأفكار التي تعمل على إنجاح العملية السياسية في اليمن، لكن أريد أن أثبت بعض الأمور المبدئية، نحن كمجتمع دولي ندعم وبقوة رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي كرئيس توافقي يؤمن استمرار النهج السياسي لهذا البلد، كما ندعم وبقوة العملية السياسية المبنية على الاتفاقات اليمنية والمترجمة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وبشكل ما في قرارات مجلس الأمن الدولي.
لاشك في مبدأ سلامة اليمن
وأكد السفير الروسي بأن المجتمع الدولي لا يشك في مبدأ سلامة اليمن وأمنها واستقرارها ووحدة أراضيها ، ولا أحد يمكن أن يشك في هذا الموقف الدولي وعليه يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، ومن لا يريد أن يأخذ هذا الموقف فعليه أن يتحمل مسؤوليته وهي واضحة بالنسبة لمستقبل العملية السياسية في اليمن وأعتقد أن لديكم فرصا جيدة لاستمرارها وإنجاحها.
فالمؤتمر الوطني للحوار سيتيح لكم فرصة لمناقشة كل القضايا الجوهرية الموجودة في أجندتكم السياسية ومن بينها نظام الحكم والدستور الجديد، تكوين جغرافي للدولة المستقبلية، وحل قضية الجنوب ومشكلة صعدة، ولكن كل هذه الحلول في رأيي وأنا أوافق تماما رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي يجب أن تتم تحت سقف الوحدة اليمنية؛ لأن الوحدة هي دائما أفضل من التشتت والانفصال والانقسام وأقول هذا الكلام من خبرة روسيا الاتحادية وهناك تجارب كثيرة في العالم يجب أن تستفيد منها اليمن.
مساعدات كبيرة
وعن إمكانية مساعدة المجتمع الدولي لليمن للخروج من أزمته الاقتصادية الراهنة يقول سعادة السفير كوزولوف: إذا تأكدنا نحن والمجتمع الدولي من سير العملية السياسية في بشكل جيد ولم تواجهها أية إشكاليات فسوف تجدون منا كل الدعم والمساندة وستقدم لكم مساعدات كبيرة وملموسة من جيرانكم في المنطقة وروسيا ودول أخرى كي تساعدكم في بناء دولة عصرية جديدة وتدعيم الاقتصاد الوطني في سبيل الوصول بالبلاد إلى الرخاء والازدهار وصولا إلى حقوق للمواطنين يتمتعون بها بشكل ملموس، وهذا الأمر لن يتم إلا وفق شرط واحد وهو أنه عليكم الاستمرار في النهج السياسي دون الانزلاق إلى التصادمات والمواجهات المسلحة.
مصممون على المساندة
وقال السفير الروسي: نحن مصممون على تقديم كل دعم لازم لمساندة الإخوة اليمنيين في طريقهم إلى المستقبل الأفضل ومن هنا تأتي قوة المجتمع الدولي وقوة اليمنيين في المرحلة الراهنة ومستقبلا. وأعتقد أن لديكم فرصة مناسبة وتاريخية وهي أنه أمامكم مجتمع دولي موحد وفريد من نوعه في المرحلة الراهنة وكما يقول رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين في بعض المناسبات عندما يناقش الأزمات في أنحاء مختلفة من العالم إنه علينا تطبيق مبدأ التسوية في اليمن على الأزمات في أنحاء أخرى من العالم، من أنتم ضربتم مثالاً لنا جميعاً ولتحتفظوا به وستجدون كل الدعم منا.
مرجعيات الحوار الوطني
الدكتور حميد العواضي عميد المعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية من جانبه قال: إن مجلس الأمن أكد التزامه الشديد بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله السياسي وسلامته الإقليمية وبهذا نتمنى من الجميع ألا تفوتهم الفرصة في المشاركة في الحوار, وأما الذين يتحدثون عن فك الارتباط فعليهم أن يدركوا أن هناك قرارين لمجلس الأمن رقمي 2014و 2051 ينصان على الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة أراضي اليمن، وأن أية معالجات لأية قضايا ستتم تحت سقف وحدة أراضي اليمن الموحد، وهذا الكلام قاله الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية.
قد يثير الحديث عن “مرجعية” بالمفرد أو “مرجعيات” بالجمع جدلا بين القبول والرفض والتردد في نطاق الإعداد لمؤتمر الحوار الوطني الشامل. ومهما كان الموقف من المرجعيات فإنه لا يمكن تخيل حوار وطني بلا محدد أو محددات واضحة ذات قيمة قانونية مُلْزِمة ومبادئ مُرْشِد ، ولهذا لا بد أن يَحْكُمَ ذلك كله نطاقٌ مرجعي يضبط قانونيا وسياسيا إيقاع التغيير المنشود، ويرسم خطوات الانتقال السياسي إلى الدولة المدنية الحديثة ويُعَقْلِن ما يُعرف بصراعات المرحلة الانتقالية ويوجهها نحو مخارج آمنة تلبي تطلعات اليمنيين في غالبيتهم وتتهذب مع هذا النطاق المرجعي الرغبات الجامحة لبعض أطراف النخبة السياسية المتصارعة والثنائية التي تتبدى في هذا الصراع تكمن بين الجنوح “الشعبوي” لهدم الدولة برمتها أو الاستئثار “النخبوي” بها كاملة.
المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن الدولي مكانة هامة في نطاق التسوية السياسية للأزمة اليمنية، وتشكل هذه الوثائق أدوات قانونية وسياسية تمهد لإجراء الحوار الوطني الشامل، ويعتبرها البعض “مرجعيات” إقليمية ودولية من شأنها أن تُخْرِج باليمن إلى بر الأمان. ونحن إذ نعدّها كذلك فإن علينا البحث عن مُكَافِئاتها الوطنية باعتبار أن أي تسوية سياسية لا يمكن أن تتم ببعد دولي وإقليمي فقط وإنّما تحتاج إلى امتداد وطني يسمح لها بالنّماء والتَّكَيّف ، وقبل كل هذا وبعده شكلت وسيلة جَنَّبّت اليمن ما يعرف، في الأدبيات السياسية الحديثة، بالأثر التكاثري أو الأثر المضاعف للنزاعات حيث أنها منعت استشراء النزاع وتحوله إلى حرب أهلية قد لا تُبْقِى ولا تَذَر، بحيث أن ما جرى من مناوشات مسلّحة محدودة النطاق لم تمس مَسّاً كبيرا البنية التحية والمَقْدِرات الوطنية لليمن إلى الدرجة التي مُست بها في بلدان أخرى ليبيا، وسوريا مثلا وهو أمر ما كانت اليمن لتحتمله حتى لوقت قصير, وهذا أعطى هذه المبادرة صفة طوق النجاة لليمن واليمنيين وقد عبر الناس عن ذلك بالتفافهم الكبير في مسار تطبيق بنودها ابتداءً بالانتخابات الرئاسية، وانتهاء بتَغليب الحكمة اليمانية التي كاد الناس يَشِكّون في وجودها الفعلي عند اليمنيين كما تتردد على ألسنتهم.
ينبغي أن يكون مؤتمر الحوار الوطني القادم تشاركياً ولا ينبغي أن يظل محصورا في النخبة السياسية المتنازعة وإنما يكتسب بعدا اجتماعيا من خلال مشاركة تشمل مستويات واسعة من المجتمع اليمني. وبذلك يتاح لمن لم يشارك بالعمل المباشر في لجان المؤتمر أن يتصور مخرجات تلبي الاحتياجات الاجتماعية للشرائح والفئات التي يمثلها أو ينتمي إليها. وهو ما سيعطي بعدا نفسيا اجتماعيا تشاركياً حقيقيا، ويوسّع الوعي بمجريات الحوار ويرسم جماهيرياً الإدراك الشعبي الشامل لأهمية هذا المؤتمر ومراميه على المديين المتوسط والطويل، وبالتالي يفهم أن مغزى الحوار هو الحفاظ على سلامة وأمن واستقرار ووحدة اليمن باعتبار ذلك في مصلحة الأمن والسلم الدوليين. بل إن تحقيق أمن واستقرار اليمن والحفاظ على سلامته يعد إجراء وقائيا حقيقيا لتفادي انزلاق اليمن في حرب تهدد السكان وقد تفضي لا محالة إلى ارتكاب جرائم، ولهذا نوصي أن تحتل اليمن أهمية أكبر في الأجندة ليس فقط السياسية والأمنية وإنما التنموية أيضا وأن يتغير هذا التصور “التهميشي” لمكانة اليمن إقليمياً ودوليا وما يعتمل فيها وبالتالي يجب أن يحتل أمنه واستقراره وتنميته مكانةً أصيلةً في الأجندة الدولية، وأن تغدو المرجعيات الدولية والإقليمية عامل إنجاح عام للتسوية السياسية، ومحفز توازن وطني عادل ذي مغزى استراتيجي متوسط وبعيد المدى لمصلحة اليمن والعالم.
إن الحالة اليمنية تشكل “عيِّنَة اختبار” في معمل العلاقات الدولية حيث يمكن اعتبار التدخل الدولي عاملا هاما في بلورة تصور جديد لدور منظمة الأمم المتحدة في النزاعات المحلية وكذلك في التفاعل المتبادل بين التجارب القديمة وما يمكن أن تفضي إليه التجربة اليمنية بخصوصيتها المعقدة والمركبة. فمسار التسوية إلى الآن إيجابي والمساعي الدولية ناجحة، والتجربة اليمنية في حل الأزمة أصبحت شبه نموذجية، إن لم نقل نموذجية، على المستوى الدولي. ولا شك أن الأطراف الإقليمية والدولية قد وجدت في سلوك النخب السياسية المتصارعة في اليمن “سلوكا انقياديا” لجُلِّ ما أتى من الخارج. وهو الأمر الذي شجّع على المضي في التدخل بالشأن الداخلي اليمني إلى أقصى تفاصيله في بعض الأحيان. وهذا التدخل المقبول –اضطرارا أو اختيارا– من بعض النخبة يلاقي شعورا مزدوجا بين القبول الظاهر أو الرفض المضمر. القبول المعبر عنه بالإفصاح حينا أو بالصمت، باللامبالاة وما يمكن أن تصنعه. أو الرفض المضمر المعبر عنه بالتوجس والخشية أحيانا أخرى، وبالخصوص على المستوى الشعبي الذي يتفاعل مع الأحداث بمشاعر الريبة والخوف والأمل والرجاء في آن واحد. والمفارقة أن بعض مكونات النخبة السياسية هي التي تغذي هذا الشعور المزدوج عند الناس بحسب ميولات هذه النخبة الفكرية وتبعياتها السياسية والأيديولوجية ووسائلها المتاحة وتتهم بعضها بعضا بالتواطؤ مع الخارج (الإقليمي، أو شبه الإقليمي، أو الدولي).
رؤية سياسية لموضوعات الحوار
الدكتور عادل عبد الحميد غنيمة المدير التنفيذي لمنتدى المستقبل التابع لجامعة المستقبل تحدث عن رؤيته السياسية لموضوعات مؤتمر الحوار الوطني الشامل حيث قال: شهدت بلادنا خلال الفترة الأخيرة العديد من التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والتي أصبحت مجتمعة تمثل خطراً على أمن واستقرار اليمن, حيث تمثل “ المبادرة الخليجية “خارطة طريق لمواجهة هذه التحديات في مرحلتها الأولى والثانية حيث تبدأ المرحلة الثانية ببدء الحوار الوطني بين ممثلين من منظمات المجتمع المدني وكافة القوى الاجتماعية والسياسية في الشمال والجنوب من أجل عقد مؤتمر حوار وطني شامل لمعالجة كافة التحديات التي تواجه اليمن سياسياً واقتصادياً وأمنياً من خلال القيام بالإصلاحات الدستورية والسياسية والاقتصادية والقانونية وبما يحقق الأمن والاستقرار وتحت سقف الثوابت الوطنية (الوحدة, الديموقراطية, والنظام الجمهوري) والتي لا تقبل المساومة أو التفريط فيها, وباعتبارها من أهم منجزات اليمن خلال مراحل نضاله الطويلة, وإذا ما تم قبول ذلك فأن الحوار ممكن بين جميع مكونات أبناء الوطن الواحد من (أحزاب ومنظمات مجتمع مدني ومتمردين ومن ممثلي الحراك والمعارضين بالخارج).
ومن أهم قضايا الحوار المطروحة الإصلاحات السياسية والإصلاحات الدستورية وقضية صعدة والقضية الجنوبية والحكم المحلي والإصلاحات الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والإصلاحات القضائية وحقوق المرأة اليمنية والدعوة إلى مؤتمر مصالحة وطنية وتشكيل هيئة للمصالحة والعدالة الانتقالية لتفعيل الشراكة في الوطن وتعزيز الديمقراطية على قاعدة العفو الشامل عن كافة أبناء الوطن الملتزمين بالثوابت الوطنية في الداخل والخارج وبما يكفل التعويض وجبر الضرر المعنوي وعدم تكرار ذلك واستكمال الإصلاحات القضائية والإجراءات التنفيذية للأحكام بما يكفل استقلالية السلطة القضائية وعلى قاعدة سيادة القانون والنص على ذلك في الدستور والعمل على إصدار قانون حماية الوحدة الوطنية وحماية الثوابت الوطنية.
ومن أجل ضمان نجاح الحوار يجب أن يتم الالتزام أولاً بآلية قضايا الحوار المتفق عليها ومرجعيات الحوار مع الالتزام من المتحاورين بالعمل على ترجمة اتفاق الحوار إلى قوانين نافذة ودستور جديد يتم الاستفتاء عليها من الشعب, لتكون بمثابة عقد اجتماعي جديد بين الدولة والمجتمع ... وعلى أن يتم تحديد الفترة الزمنية المطلوبة لا نفاذ ما يتفق عليه من لجان الحوار المختلفة.
في الدستور الجديد
أحمد علي الوادعي محامي قدم ورقة عمل حول (في الدستور الجديد وشكل الحكم) أشار فيها إلى بعض ملامح الدستور الذي يناسب ويتحقق به نظام حكم ديمقراطي ودولة القانون، وذلك من خلال إنشاء دستور جديد خالٍ من أوجه القصور التي يحفل بها الدستور النافذ حالياً ، مشيراً إلى بعض ما يجب أن يتضمنه الدستور المأمول الذي يعتبر بمثابة عقد اجتماعي يقوم عليه المجتمع، والمتمثلة في أنه يجب أن يقلل الدستور الجديد من الإحالة فيما يشرعن على القانون، وهو ما وقع فيه الدستور النافذ حالياً، وعنصرية الدستور اليمني من خلال سن نصوص عنصرية لانطوائها على تمييز ضد المرأة بما يصادم الإعلان والاتفاقية العالميتين ومؤدى ما سبق هو أن الدستور النافذ إلى الآن خال من حقوق المرأة، وقد أحال حقوقها إلى الشريعة والقانون، وعلى المرأة أن تبحث عن حقوقها في ثنايا كم هائل من النصوص القانونية وأحكام الشريعة الإسلامية، وليس رجماً بالغيب القول بأن المرأة مغيبة عن الدستور، وبعبارة أدق وأوفى، يعتبر نصف المجتمع مغيب كليةً عن الدستور اليمني، وقد جرى تعويم حقوقها بالإحالة إلى القانون والشريعة وهي - والحق يقال - إحالة على المجهول.
إعادة النظر في التمييز
وأضاف الوادعي: وبما أن البلاد على وشك وضع دستور جديد، فإننا ندعو إلى إعادة المرأة إلى حضيرة الدستور بإعادة النص المحذوف من الدستور، والخاص بمنع التمييز ضد المرأة وأي تمييز آخر بسبب الأصل أو اللون أو اللغة أو المهنة أو المركز الاجتماعي أو العقيدة، وإذا كانت الحكومة اليمنية قد انضمت إلى اتفاقية منع التمييز ضد المرأة، فإن ذلك لا يغني عن تثبيت الموضوع في صلب الدستور حتى يصح القول بأن الدستور اليمني ساوى بين مواطنيه بحق ، ومن تركيز السلطة إلى توزيعها ، فإذا كان النظام السياسي في اليمن يأخذ بالتقسيم التقليدي الذي يقسم السلطة إلى ثلاث سلطات هي: التشريعية والتنفيذية والقضائية، فإن هذا القدر من سلطات رئيس الجمهورية لم يترك أدنى إمكانية لهذا التقسيم الثلاثي، فكل شيء قبضة يد واحدة ، ولهذا يتعين على الدستور الجديد أن يوزع السلطة بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية بصور متوازنة، وبحيث لا تطغى إحداهما على الأخريات، وأعتقد أن اليمن أمامه الآن فرصة قد لا تعوض لتحقيق هذا المنجز.
مقترحات
وأوضح المحامي الوادعي بعض المقترحات الهامة التي يفترض أن يتضمنها الدستور الجديد والتي منها منع المشرع العادي (البرلمان) من سن قانون ينتقص أو يقيد أو يهون من الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور ، وإيجاد نص يمنع على المشرع العادي التنازل عن واجباته أو سلطاته الدستورية لأي من السلطتين الأخريين ، وتحديد المؤهل العلمي المشترط أن يكون لدى المرشح للرئاسة/ وللوزارة/ وللبرلمان وإلزام المشرع بعدم سن عقوبة الإعدام إلا في الحالات الثلاث التي ذكرها النبي (ص) في قوله: ((لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهَ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلا بِإِحْدَى ثَلاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ)) ، والنص على وحدة القضاء بحيث يكون القضاء العادي هو المختص الوحيد بالفصل في المنازعات أياً كانت ، والنص على أن تولي منصب المحكمة العليا ومجلس القضاء بالانتخاب المباشر من قبل الجمعية العمومية المكونة من جميع القضاة بمختلف درجاتهم، أن يكون نائب الرئيس منتخباً من قبل الشعب مع انتخاب رئيس الجمهورية، وأن تكون مدة الرئاسة مرتين كل مرة خمس سنوات على الأقصى (هذا إذا كان شكل الحكم رئاسياً)، والأخذ بنظام البرلمان من غرفتين تكون إحداهما من قسمين نصفها بالانتخاب، والنصف الآخر ممثل واحد عن كل محافظة، وهي التي تنتخبه، وأنه لا يجوز الحبس أو المنع من السفر أو مراقبة أحد إلا بأمر قضائي وبحكم مسبب، وكذلك الشأن المنع من التنقل أو التفتيش ، وأن يكون أعضاء النيابة العامة ليسوا قضاة ويتبعون المحكمة التي يعملون فيها ، وللمواطنين حق الاجتماع وتنظيم التجمعات السلمية والاشتراك في المسيرات، بشرط أن يكون ذلك بدون سلاح، وبمجرد إبلاغ الشرطة ،وتكوين الأحزاب والنقابات وكافة هيئات المجتمع المدني يكون بمجرد تسليم أوراق التأسيس إلى اللجنة العليا للانتخابات ، أن يتضمن النص الدستوري الخاص باليمين الدستورية ((حماية الحقوق والحريات))، بما في ذلك عضو البرلمان ورجال القوات المسلحة والأمن، والقضاة ، إلغاء حصانة أعضاء البرلمان من الخضوع للتحقيق والمحاكمة.
كما يجب أن تشكل اللجنة العليا للانتخابات من سبعة أعضاء، جميعهم أعضاء في المحكمة العليا، وينتخبون من جمعية مشكلة من بقية أعضاء المحكمة العليا ورؤساء محاكم الاستئناف في الجمهورية ،وأن يكون القضاء هو الذي يشرف على الانتخابات البرلمانية وغيرها من الانتخابات العامة ،وإضافة إلى ذلك يمنع أقارب رئيس الجمهورية إلى الدرجة الرابعة، من الترشيح إلى المناصب العليا، أو تولي قيادة عليا في الجيش لمدة عشر سنوات من انتهاء ولا يته ، وإذا فاز بمنصب رئاسة الجمهورية أو رئاسة الحكومة تاجر أو رجل أعمال، تتولى إدارة أعماله التجارية لجنة من ثلاثة أشخاص يختارهم البرلمان، على أن توافيه اللجنة بتقرير سنوي عن وضعه التجاري والمالي نهاية كل سنة.
الحوثية وقضية صعدة
القيادي المؤتمري والباحث السياسي الأستاذ زيد محمد الذاري قدم من جانبه ورقة عمل حول الحوثية وقضية صعدة (الجذور- المحتوى- المعالجات) حاول خلالها الإحاطة بالحركة الحوثية وأبعادها التاريخية والسياسية والاجتماعية، حيث استعرض جملة من العوامل والمعطيات والأسباب التي تشكل في مجملها الجذور نبتت منها الظاهرة الحوثية.
فقال: إن غياب مشروع الدولة في صعدة بعد ثورة 1962 كان هو السائد في محافظة صعدة؛ لأن الدولة لم تكن لها إستراتيجية أو رؤية تجاه هذه المحافظة الهامة، والجزء الحيوي من اليمن، في حين أن مراكز القوى كان لها رؤية بشأن المحافظات التي يمكن أن تتحقق مصالحها من خلالها.
وفي هذا السياق فقد منحت صعدة ومنذ المصالحة الوطنية لشخصية اجتماعية تديرها وتتحكم بها وتضبط حركتها وفق ما ترتأيه هذه الشخصية وفي وقت لاحق شاطره أو انضم إليه احد القيادات العسكرية فتحكما بشؤون المحافظة وأهلها وفق سياسات فاقمت حالة الاحتقان والشعور بالاضطهاد من قبل شريحة واسعة في هذه المحافظة ومتجاوزين ما لها من خصوصية في تكوينها الفكري والثقافي العميق والراسخ، وبدلا من أن يعملا على مراعاة هذه الخصوصية عملا على تغييرها من خلال العمل على توطين فكر وافد وشديد العدائية لطبيعة الفكر والثقافة الصعداوية ولم يكن اختيار وادي ال أبو جباره في منتصف السبعينات كملاذ لحملة الفكر الوهابي ومن بعده وفي مطلع الثمانينيات منطقة دماج كمركز لتعليم ونشر الفكر السلفي إلا استهداف لهذه الهوية، ولم يقتصر دور هاتين الشخصيتين على صعدة وإنما امتد إلى كل نطاق جغرافيا الزيدية التاريخية فمثلا الغطا وعملا على رعاية وتوسيع الفكر الوافد من خلال المعاهد العلمية وتسخير بل وإنشاء مؤسسات للإرشاد والدعوة تمول من الدولة وتتدفق عليها المساعدات من المؤسسات الدينية في البلدان المصدرة لهذا الفكر والمذهب.
الإحياء في مقابل الإقصاء والإلغاء
وأشار الذاري إلى أن الحركة الحوثية تمثل حالة من حالات التطور في سياق الحركة الواسعة، التي نشأت في الأساس لإحياء الفكر الزيدي، على يد العلماء وبعض النشطاء الشباب. ومن الثابت أن إحياء الحركة الزيدية قد استدعاه العمل الدءوب الذي كان يبذل ويلقى ظروفاً مواتية في الفترة التي أعقبت المصالحة الوطنية التي أنهت الحرب الأهلية التي نشبت عقب قيام الجمهورية، وكان هدفه هو إقصاء الزيدية من اليمن، وحتى الشافعية كذلك وذلك على حساب فكر وافد هو الفكر الوهابي.
بدأت فكرة إحياء الزيدية، بواسطة الشباب المؤمن، في كل من صنعاء وصعدة، ثم بدأت الفكرة تنتشر في إطار هذه الحركة، وهذا طبيعي، وكانت المراكز الصيفية واحدة من الوسائل التي اعتمدتها الحركة لنشر فكرة إحياء الزيدية، على الرغم من أن هذه المراكز كانت تقام بإمكانيات ذاتية وشحيحة جداً.
وبإزاء تحرك كهذا أطلق أحد قادة الإخوان المسلمين قولته المشهورة:”يجب أن تعدوا العدة لمواجهة هؤلاء نحن ننحت في الصخر، أما هم فلا يحتاجون إلا إلى قطرات من المياه”، وكان يقصد أن القائمين على الحركة الزيدية ينشطون في بيئتهم الطبيعية حيث ينتشر ويترسخ المذهب الزيدي.
ظهور الشعار
في إطار مجمل صور إحياء الفكر الزيدي المتعددة، ظهرت جماعة المكبرين أو أصحاب الشعار والتي أسسها الشهيد حسين بدر الدين الحوثي، التي أضحت اليوم رقماً سياسياً يصعب تجاوزه، بينما هي في بدايتها لم تكن سوى أسطورة صنعتها الحروب.
إذ أن قيادة حركة إحياء الزيدية، انبرى لها مجموعة من الشباب الذين تلقوا تعليمهم الشرعي على يد السيد العلامة، بدر الدين الحوثي، والقاضي العلامة صلاح فليتة، وهما العالمان اللذان تميزا بنزعتهما العملية والحركية ضداً على بقية علماء الزيدية التقليدين.. على أن إسهام هذين العالمين الكبيرين ظل محصوراً في إطار فهمها التقليدي المتوارث فيما يتعلق بالنظرية السياسية للمذهب الزيدي.
مغامرات للاستحواذ على السلطة
بعد تحقيق الوحدة بدأ الإخلال بهذا المبدأ، وكان قد حدث تطور في القوى السياسية التي كانت مرتبطة بتيارات خارجية، مثل حركة الإخوان المسلمين التي تغلغلت بشكل قوي في صفوف المجتمع اليمني وأصبح لها تأثير كبير،ومصالح راسخة، لكنها لم تكن تتمثل قيم المشاركة الديمقراطية ولم تكن جزءاً من ثقافتها، في وقت يفترض فيه أن تكون المشاركة الديمقراطية إحدى أبرز سمات النظام الديمقراطي الذي حكم بعد تحقيق الوحدة اليمنية.
فقد اتفق مع نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح لإقصاء الشريك القادم من الممثل للجنوب وهو الحزب الاشتراكي، عندما جرت أول انتخابات نيابية بعد الوحدة اليمنية، وكان ذلك في إبريل 1993، كان الجنوب مكون من (57) دائرة، وكان التحالف بين القوى الشمالية في مواجهة القوى الجنوبية يتكئ على مبدأ الأغلبية الديمقراطية، وهنا اختلف مبدأ الشراكة، فكان أن نشأت الأزمة والتي أسست لما يسمى اليوم بالقضية الجنوبية التي انتهت بحرب 94، والتي كانت نتيجة لنقض قاعدة الشراكة كأساس ضامن قامت عليه الوحدة واستبداله بمنطق الأغلبية والأقلية.
بعد حرب صيف 94 تكرس نهج الاستفراد بشكل قوي، وتم تعديل الدستور بغرض تغيير شكل رئاسة الدولة من قيادة جماعية تكرس مفهوم الشراكة إلى رئاسة جمهورية، في مقابل تعديل المادة الدستورية الخاصة بمرجعية التشريع، الأمر الذي أغرى للاتجاه نحو إلغاء الشريك، وبدأت المشاريع الخاصة بالتبلور، الطرف الذي اعتقد أنه يمكن أن يرث الاشتراكي وهو التجمع اليمني للإصلاح( الأخوان المسلمين)، أصبح مستهدفاً على يد الشريك الذي اخذ ينسج مشروعه الخاص الأمر الذي استوجب معه تفكيك عرى تحالفاته السابقة وتجريد حلفاءه من المكتسبات والنفوذ،وتقليص دور ونفوذ امتداداتهم داخل المؤتمر فكان أن عقد المؤتمر مؤتمره العام سنة 95 الذي انتخب قيادة جديدة له دلت على ملامح طبيعة العلاقة القادمة بين الحلفاء وتمهيدا وتحضيرا للانتخابات التي ستخرج نتائجها لإصلاح من الحكومة عام 1997، التي قلصت من حجمه ونفوذه. الأمر الذي انسحب على امتداداتهم السياسية والاجتماعية، حتى أولئك الذين كانوا يمثلون حلقة وصل بين نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، والإخوان المسلمين ومنهم سياسيون وعسكريون في صلب بيت الحكم ، حيث تعرضوا للإقصاء والتهميش وتقليص الأدوار.
واستنادا إلى التعديل الدستوري المشار إليها، جرت انتخابات سبتمبر 1999 الرئاسية، بطريقة مباشرة من الشعب، وأريد لهذه الانتخابات أن تأتي في إطار مشروع كبير يقوم على مسارين: مسار ترسيخ النظام الديمقراطي في اليمن وفق ما يراه الرعاة الدوليون في الخارج، وتيار القوى المدنية في الداخل، ومسار يتصل بترسيخ هذا النظام كنموذج يتم الترويج له على مستوى المنطقة.
كان المرشح الأبرز في انتخابات عام 1999 الرئاسية، هو على عبد الله صالح، في حين أن المعارضة التي كانت قد توافقت على اختيار علي صالح عباد الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني ليكون ممثلها في الانتخابات، بدعم ورعاية أمريكية، فشلت في تثبيت هذا الاختيار، بسبب عدم حصولها على نسبة التزكية المطلوبة من مجلس النواب وفق ما يقضي بذلك الدستور.
والسبب في ذلك هو أن المؤسسة العسكرية والقبلية استشعرتا الخطر وعملتا على إسقاط اتفاق المعارضة بعدم منحه التزكية في مجلس النواب، مما أدى إلى إفقاد الانتخابات جديتها وتنافسيتها، وعطل ما كان يفترض منها بأن تكرس صورة اليمن الديمقراطي المفترض.
ومن الخطوات الهامة التي قادت إلى التفكير بإمكانية الاستعاضة عن الإخوان المسلمين بالحالة الزيدية، بما تمثله من حضور سياسي واجتماعي وثقافي وفكري، البيان الذي أصدره العلامة والمرجع الزيدي البارز السيد محمد بن محمد المنصور، عشية الانتخابات الرئاسية عام 1999، والذي تكمن أهميته فيما تضمنه من موقف فكري وديني بدعوته لانتخاب رئيس، من غير البطنين، على غير ما كان يحاول أن يكرسه خصوم الزيدية والهاشميين، هذا فضلاً عن أنه قد صدر عن مرجعية دينية جامعة لدى المكون الزيدي والهاشمي عموماً.
وكانت حركة إحياء الفكر الزيدي قد تأثرت بشدة بالتراث التاريخي للزيدية، ممثلة في عدم مواكبتها للعصر، خصوصاً ما يتعلق باقتصار الحكم على البطنين، على الرغم من أن فتاوى كانت قد صدرت باتجاه نقض هذه القاعدة، والاتفاق على إيكال الأمر إلى الأمة لتختار من تشاء دون التقيد بعرق أو نسب.
وفي عام 2003 أظهرت الانتخابات البرلمانية لذلك العام، تراجع حصة الإصلاح حيث تركز فوز في المدن، وهذا يعكس أن وجودهم وتأثيرهم في مناطق الريف كان نتاج تحالفهم مع السلطة، بالإضافة إلى المعاهد التي كانت تشكل وسيلة دعم لوجستي ودعم اجتماعي للحركة.
جاءت نتائج الانتخابات البرلمانية إذاً لتجسد ملامح الواقع الجديد وكانت بمثابة جرس الإنذار لكافة قوى الجزء الآخر من تحالف الحكم التي بدأ إقصاءها والتي فازت بعض أبرز رموزها بعد مساومات ما كانت تتوقع أنها ستلجأ إليها أو تجد نفسها مضطرة لخوضها، ومن ملامح ذلك أن الحكومة التي تشكلت بعد الانتخابات البرلمانية شهدت غياب العناصر التي كانت معروفة بتعاطفها مع التيار الإخواني وغاب تأثير القيادات العسكرية المحسوبة على الإخوان من التأثير ما انعكس على طبيعة التشكيل، وبدأنا نشهد ظهوراً للتكنوقراط.
على أن ملامح تشكل أي من هذا التقارب لم يكن قد أخذ أبعاده الكاملة، على الرغم من البعض كان قد نظر إلى توزير بعض الهاشميين التكنقراط والمحسوبين على النظام أساساً(4مقاعد) في وزارات كانت تمثل معاقل للإخوان على أنه تعبير كامل عن الشراكة الجديدة أو التحالف الجديد، مع الحركة الزيدية التي هي أوسع من المفهوم الهاشمي.
في هذه الأثناء كان الطرف الآخر في منظومة الحكم ممثلاً بالقادة الأقوياء في مؤسسة الجيش والأمن وحلفاءهم من الإخوان المسلمين والقوى المشيخيه، قد بدا يفتش عن أوراق يربك بها خطط خصمه وتجهض أي تحاف يمكن أن ينشأ ، وفي الوقت ذاته كان حسين الحوثي ينشط لتأسيس حركة متميزة ومتمايزة عن مجمل الحركة الزيدية، فبدأ الطرف الأخر في منظومة الحكم المتصارعة ومعهم الإخوان، بما تبقى لهم من ودائع داخل أجهزة السلطة وبعض مراكز التأثير فيها، بالتفكير في كيفية استثارة مخاوف رأس النظام تجاه حركة حسين الحوثي، والتحريض عليه مستغلين بعض الوقائع ومنها إطلاق الصرخة من قبل إتباع حسين اثنا حضور الرئيس للصلاة وهو في طريقه إلى الحج في محاولة لإجهاض التحالف المحتمل ، والقضاء على أية إمكانية يمكن أن تساعد على نشوئه فضلا عن بقائه وتقويته.ً. وفي هذا السياق بدأ التحريض ضد الحركة الحوثية، وبث الدعايات المضادة لها، وإظهارها على أنها تروج للإمامة وتنكر شرعية النظام.. وهنا لعبت بعض القيادات العسكرية والأمنية والشخصيات المشيخية التي كانت تشكل أحد امتدادات وتأثير الإخوان في السلطة، وكانت ما تزال تقيم تحالفها مع رأس النظام، لعبت دوراً مؤثراً ففي إقناع رأس النظام بخطورة الحوثي، وتضخيم خطره ساعدها على ذلك الظرف الإقليمي والتطورات التي سنعرض لها في سياقها تاليا وتم إشعال الحرب الأولى في صعدة وقبل عامين من الانتخابات الرئاسية 2006 وفيما بدا وكأنه سباق مع استحقاقها.. في حين أنه كان بالإمكان استيعاب الحوثية، بالآلية التي عُرف بها النظام، إلا أن تلك الأطراف أرادت أن تكون مواجهة الحوثية مناسبة لخلط الأوراق، وإعاقة تأسيس تحالف الزيدية مع النظام، إعاقة معمدة بالدم، يصعب بعدها تركيب أي تحالف بين جناح رأس النظام والزيدية وكذا إغراقه بحرب تضعضعه وتقضي على طموحه في مشروعه الخاص.
وعندما شعر رأس النظام أنه تورط في هذه الحرب وجدها فرصة لكي يغرق خصومه في هذه الحرب ويضعفهم، فدفع بكامل قوات الجيش التي تقع تحت قيادة اللواء علي محسن إلى المعركة.
وفي خضم هذه المعركة برزت مخاوف لدى رأس النظام من إمكانية نشوء تحالف جديد بين حاشد والحالة الزيدية، فعمد إلى زج حاشد في المعارك التي يتم خوضها في صعدة، لكي تتعمق الخصومة بينهما.
كان يمكن حل المشكلة في صعدة بغير الحروب، لكن طبيعة الصراع على مستقبل الحكم في اليمن بين منظومة السلطة وأجنحتها والذي وصل في تلك المرحلة إلى النقطة الحرجة قد جعلهما يندفعان بقوه إلى ميدان مواجهة بعيد عن العاصمة وأيضا بعيدا عن ساحات التماس أو الأرضية المشتركة لهما قبليا فكانت صعده المكان الأنسب وفق تقديراتهما الخاصة والخاطئة فضلا عما أراداه احد الطرفين أو كليهما من خلق مشروعية لهذه الحرب بهدف توريط خصمه وإغراقه واستنزافه ومن ناحية أخرى الاتكاء على مشروعية الحرب للقيام بعملية اجتثاث شامل ومحو لكل ما يمت بصلة إلى الزيدية فكرا وثقافة وهوية وانتماءا، وحيث استمر الصراع ولم يتم حسمه بين المتصارعين على السلطة في منظومة الحكم، مما جعل صعدة، تغرق في الحروب وتستنزف، وهذا لا شك وسع قدرات الحوثي وإمكانياته.وبدلا من القضاء عليه أخذ يقوى بعد كل جولة بما لا يقاس بما كان عليه قبلها بفضل صلابته وصموده معززا من قدراته وإمكانياته ومرسخا لقناعاته الإيمانية.
سوء الفهم
بعد أربع جولات من الحرب في صعدة كان المقترح أن يكون هناك خط مباشر مع الحوثيين، وقد كشف التواصل الذي أقامته السلطة مع الحوثيين عن سوء فهم عميق لدى الطرفين(السلطة والحركة الحوثية)، فبعد أن أمكن التواصل مع أحد أبرز رموز الحركة الحوثية، الذي كان معتقلاً في سجن الأمن السياسي بصنعاء، وهو عبد الكريم الحوثي، تبين أن هذا الأخير لم يكن يتصور أن الحركة قد استطاعت أن تنجز كل ما أنجزته في الميدان خلال جولة الحرب الرابعة، التي خيضت في صعدة، وكان في تصوره أن جماعته وبعد ما يقارب الأشهر الأربعة من الحرب المستمرة لم يبق منها إلا القليل، ولم يبق لهم من موقع ثابت بما في ذلك نقعة ومطرة، وأنه في تقديره لم يبق من أصحابه سوى 50 شخصاً يمكن أن يقوموا بحرب عصابات محدودة. قال هذا ومقاتلي جماعته قد بسطوا سيطرتهم من شرق صعده إلى غر بها ولكنه لم يكن يعلم بالمجريات كونه كان سجينا منقطعا عن العالم ولكن كان ذلك تقديره انطلاقا من معرفته لمقرات جماعته
فإذا كان هذا تقدير عبد الكريم الحوثي لمآلات الأمور في صعدة على هذا النحو، فلنا أن نتساءل: لماذا تمددت الحركة الحوثية إذاً؟!.. لم يكن الأمر في تقديري سوى حالة من سوء الفهم كرستها أوهام وانطباعات الخصوم، حول الحركة الحوثية، وهو ما يرسخ من وجاهة القول: إن الحوثية بما هي عليه اليوم صنعتها الحروب، وأصبحت حقيقة بفعل الحروب والأخطاء التي صاحبت تلك الحروب، وهي حروب وأخطاء لا يمكن أن يبررها العقل السياسي ولا العقل الاجتماعي أو العقل الأمني على الإطلاق.
محتوى القضية الحوثية
- إحساس شريحة اجتماعية واسعة وهي احد مكونات النسيج اليمني بالظلم الذي لحق بهم، وما زال تأثيره قائماً حتى اليوم، جراء (6) حروب ظالمة، قتلت وشردت المئات وهدمت المنازل، وخلقت جواً متوتراً وشرخا اجتماعيا، ولم يكن لها من مبرر سوى أنها تستهدف هذه الشريحة؛ لأنها عبرت عن معتقدها الديني الذي ورثته عن الأجداد منذ أكثر من ألف عام، ممثلاً في الالتزام بالمذهب الزيدي.
- بقاء مئات الآلاف خارج منازلهم، ووجودهم حتى اليوم في مخيمات موقتة خارج محافظة صعدة، تشرف عليها المنظمات الأجنبية، ولم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم المهدمة، في ظل غياب الإمكانيات التي تساعدهم على ذلك.
- رغبة معظم سكان صعدة الذين يلتزمون العقيدة الزيدية، في وضع حد لسوء الفهم والتربص بهم من بعض الأطراف، مما يجعلهم هدفاً لحروب محتملة قادمة، وفي ظل مخاوف من توظيف إمكانيات الدولة وسلطتها لإنجاز تلك الحروب، وهو ما يستدعي حل هذه القضية في سياق وطني يحترم التنوع والتعدد المذهبي والسياسي..
سبل المعالجة
إن أية معالجة لقضية صعدة، والتي تقع في إطارها الحركة الحوثية، يجب أن تأتي شاملة، وعميقة، وأن تأخذ في الاعتبار الجذور الحقيقية للقضية والعوامل التي أفرزتها، وهذا بالتحديد، لن يتوقف على قرار أو إجراء واحد ولكن من خلال إجراءات وطنية شاملة تأخذ أبعادها الدستورية والقانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وذلك على النحو التالي:
- أن تعرض قضية صعدة وفي إطارها الحركة الحوثية على مؤتمر الحوار الوطني بصورة مستقلة. و برؤية وطنية شاملة تتضمن معالجة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وفي مقدمة كل ذلك توفير الضمانات الدستورية والقانونية والتشريعات التي تحفظ حرية الفكر والرأي والمعتقد لكل اليمنيين وتحرم التحريض والتكفير والعبث الممنهج بالهوية الفكرية والثقافية الإسلامية في اليمن لكي يتحقق التعايش ويسود الود والوئام بين كافة أبناء اليمن.
- الإقرار بمبدأ التنوع الذي يجب أن يكون أحد الثمار المباركة للتغيير الذي يشهده اليمن حلياً.
- عدم التعامل مع الحوثية من منظور سلالي، بل من منظور وطني يمني..لأن الحركة الحوثية كما نراها اليوم، على أرض الواقع، لم تعد حالةً زيدية، كما لم تعد حالةً صعداوية، بل أصبحت حالة مؤثرةً على مستوى اليمن ككل.
- على زعيم الحركة الحوثية أن يستغل هذه الفرصة التاريخية السانحة بأن يدرك حقيقة ما أصبح يمثله من حضور رمزي كبير على الساحة الوطنية، يؤهله لأن يتجاوز بالزيدية والهاشميين ما يراد لهم من الوقوع في مربع التطييف والتمذهب والسلالية إلى فسحة المشروع الوطني المدني الجامع وهي فرصة يمتلك فيها كل مقومات النجاح ولا تتوفر مثل هذه الفرص إلا لحظات نادرة في تاريخ الشعوب ولذا سيحمله التاريخ مسؤولية كبرى أن هو فرط فيها.
- تفعيل برنامج إعادة الإعمار في صعدة، وتسريع وتيرته من خلال تأهيل المساكن والمنشآت المدمرة، وإعادة المهجرين، إلى منازلهم، وإجراء التعويضات العادلة للمتأثرين من حروب صعدة.
- إنهاء سياسة الإبعاد والإقصاء الوظيفي، وإعادة المبعدين من وظائفهم.
- إنهاء التحريض المذهبي والسلالي.
حياد الدولة وبقاءها على مسافة واحدة من المكونات الناظمة لبنية المجتمع والمشكلة لنسيجه العام وعدم تسخير مقدراتها لصالح طرف دون آخر
- عدم تسخير الدين أو توظيفه في الصراعات والمنافسات السياسية
- الإسراع بحل قضايا الثار التي تسببت بها الحروب وكانت احد إفرازاتها وذلك بعمل مصالحه تحقق العدالة وتعيد الوئام والسلام وتحقق العايش المشترك
- منع أي شكل من أشكال استيراد الصراع الإقليمي الذي من شأنه تحويل صعدة واليمن كما سبق وأن حدث من قبل، إلى ساحة مواجهات وحروب بالوكالة.
- على الحركة الحوثية أن تؤكد التزامها بما أعلنته في بيان وقف الحرب، بناء على اتفاق الدوحة، عام 2007، وعلى الأخص ما يتصل منها الخيارات الوطنية، وما سيجمع عليه أو يتفق عليه اليمنيون من خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل وأن يثبت حسن النوايا تجاه مؤتمر الحوار ويظهر الالتزام المطلوب حيال انعقاده وإنجاحه في إطار التزامه بالحلول السياسية السلمية لكل المشكلات والقضايا الوطنية.
- يتوجب على الحوثي أن يقوم بإجراء مراجعة شاملة للمنطلقات الفكرية لحركته، خصوصاً تلك التي تتعلق بالنظرة إلى كتب أصول الدين، وتلك المتعلقة بالشعار، كما أن عليه أن يوضح موقف الحركة حيال كل ما هو محل التباس وجدل، واتهام، خصوصاً ما يتعلق بنظرية الحكم، وأهمية اتصال الحركة في هذا السياق بالرؤية الجامعة للشعب اليمني.
- يتعين على الحركة الحوثية أن تفكر بجدية في بلورة صورتها في كيان سياسي، ذي طابع مدني، و متماه مع بقية المكونات السياسية في البلاد.
- على الحركة الحوثية أن تحدد موقفها إزاء ما غلب على نظرة الآخرين لها باعتبارها حركة مسلحة.
وأخيراً فإن بناء الدولة المدنية العادلة والضامنة والراعية لكل مواطنيها دولة المواطنة المتساوية والشراكة الحقة هي الضامن الأكبر لعدم تكرار المآسي والحروب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.