وزارة المالية تعلن إطلاق تعزيزات مرتبات موظفي القطاعين المدني والعسكري    الفلكي يمني : موجة صقيع تؤثر على اليمن خلال الأيام القادمة    وقفة مسلحة بمديرية باجل في الحديدة تنديداً بالإساءة للقرآن الكريم    تدشين البطولة المفتوحة للرماية للسيدات والناشئات بصنعاء    السقطري يترأس اجتماعًا موسعًا لقيادات وزارة الزراعة والثروة السمكية ويشيد بدور القوات الجنوبية في تأمين المنافذ ومكافحة التهريب والإرهاب    محافظ الحديدة يفتتح 19 مشروع مياه في مركز المحافظة ب 81.2 مليون ريال    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يُعزي في وفاة التربوي القدير الأستاذ غازي عباس عبود    الكثيري يعقد اجتماعا مع قيادات مكتبي المبعوث الأممي في كل من العاصمة الأردنية عمّان والعاصمة عدن    ضبط متهمين في جريمتي تفجير قنبلة وقتل في عمليتين منفصلتين بماوية (اسماء)    محافظ عدن يوقّع اتفاقية بناء الدور الرابع بكلية طب الأسنان – جامعة عدن    رئيس هيئة الإعلام والثقافة يناقش مع نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة آليات التعاطي الإعلامي مع التطورات على الساحة الجنوبية    البنك المركزي يوقف التعامل مع منشأة صرافة ويعيد التعامل مع أخرى    حصار جوي خانق.. اليمن يفقد 96% من حركته الجوية بفعل العدوان    أنابيب آبار تتحول إلى "صواريخ" في الضالع.. ونقطة أمنية تحجز عشرات الشاحنات    صنعاء تشيّع الصحفي عبدالقوي الأميري في موكب رسمي وشعبي    إنتاج قياسي وتاريخي لحقل "بوهاي" النفطي الصيني في عام 2025    المهرة.. مقتل امرأة وطفلين في انفجار قنبلة يدوية داخل منزل    تقرير أممي: ثلث الأسر اليمنية تعيش حرمانًا غذائيًا حادًا    مع ضغط النزوح من حضرموت.. دعوات رسمية إلى سرعة الاستجابة لاحتياجات النازحين بمأرب    اللجنة الوطنية للمرأة بصنعاء تكرّم باحثات "سيرة الزهراء" وتُدين الإساءة الأمريكية للقرآن الكريم    سياسي عُماني يرد على الراشد: الجنوب العربي ليس "عش انفصاليين" بل إرادة شعب ودولة مؤجلة    هالاند يحطم رقم كرستيانو رونالدو    الجنوب العربي.. حين يتحوّل الغضب السياسي إلى إنكار للجغرافيا    هيئة مستشفى ذمار تدشن مخيما مجانيا لعلاج أمراض العمود الفقري الأربعاء المقبل    مأرب.. العرادة يجتمع بالحوثيين والقاعدة لإشعال الفوضى في شبوة وحضرموت    الفرح: أطماع الرياض وأبوظبي وراء تمزيق اليمن وتقاسم نفوذه وثرواته    اليوم انطلاق كأس أمم أفريقيا    إيلون ماسك أول شخص في العالم تتجاوز ثروته ال 700 مليار دولار    الصحفي والقيادي الاعلامي الكبير الدكتور عبدالحفيظ النهاري    الصحفي والقيادي الاعلامي الكبير الدكتور عبدالحفيظ النهاري    شرطة أمانة العاصمة تعلن ضبط 5 متهمين آخرين في حادثة قتل رجل وزوجته بشارع خولان    بمقطع فيديو مسرب له ولشقيقاته.. عبدالكريم الشيباني ووزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار في ورطة..!    وفاة الصحفي الاميري بعد معاناة طويلة مع المرض    تحذيرات جوية من انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة    الحديدة: انطلاق مشروع المساعدات النقدية لأكثر من 60 ألف أسرة محتاجة    الجرح الذي يضيء    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    معلومات حول الجلطات في الشتاء وطرق الوقاية    عاجل: إعلان أمريكي مرتقب يضع الإخوان المسلمين على حافة التصنيف الإرهابي    البنجاك سيلات يستعرض الصعوبات التي تواجه الاتحاد    خبير في الطقس: برد شديد رطب وأمطار متفرقة على عدد من المحافظات    ميرسك تعبر البحر الأحمر لأول مرة منذ عامين وتدرس عودة تدريجية    مهرجان ثقافي في الجزائر يبرز غنى الموسيقى الجنوبية    الموسيقى الحية تخفف توتر حديثي الولادة داخل العناية المركزة    "المحرّمي" يُعزِّي في وفاة السفير محمد عبدالرحمن العبادي    بالتزامن مع زيادة الضحايا.. مليشيا الحوثي تخفي لقاحات "داء الكلب" من مخازن الصحة بإب    الأوبئة تتفشى في غزة مع منع دخول الأدوية والشتاء القارس    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    انعقاد الاجتماع الفني لبطولة مديريات محافظة تعز - 2026 برعاية بنك الكريمي    المغرب يتوج بطلاً لكأس العرب بانتصاره المثير على منتخب الاردن    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    بين الاعتزاز والانسلاخ: نداءُ الهوية في زمن التيه    اتحاد كرة القدم يعلن استكمال تحضيراته لانطلاق دوري الدرجة الثانية    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    صباح المسيح الدجال:    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبسات من الفكر التنموي في التراث الإسلامي
نشر في الجمهورية يوم 15 - 06 - 2013

من الصعب الوقوف أمام الفكر التنموي لأي عالم دون التعرف على رأيه في طبيعة الإنسان؛ وذلك لأن الإنسان هو مادة التنمية الأولى؛ ومحور عملها، وقد اختلفت نظرة المفكرين في طبيعته؛ ونظروا إليه من زوايا متعددة ؛ فمنهم من وجد أن طبيعته واحدة في جميع الأزمنة والعصور؛ ومنهم من أكد أنه يختلف من فرد إلى آخر.
ولهذا تتباين استعداداتهم وقدراتهم؛ ومنهم من رأى أنه لا يبدع من دون حافز أودافع؛ ومنهم من ذكر أنه مادة مركبة شديدة التعقيد؛ ومنهم من عرفه بأنه ظاهرة عقلية وأن الوجود الجسمي ليس له حقيقة مستقلة؛ ومنهم من جعله متأثراً بين الوراثة والبيئة؛ وبين الحرية والجبرية.
وكان من الطبيعي أن يترك هذا الخلاف آثاره على العملية التنموية؛ ويترتب على كل تصور تطبيقات تنموية تناسبه .وقد كان لأعلام الفكر التنموي الإسلامي قصب السبق في تقديم نماذج فكرية وتطبيقية شاملة معتمدين في ذلك على ما تضمنه المنهج الرباني في القرآن الكريم والسنة النبوية، فهذا جعفر الصادق مثلاً أكد على الفروق الفردية القائمة بين الناس، وذكر بأنهم لا يتشابهون تشابه الوحش والطير؛ وهم يختلفون في الصور والخلق، ولا يكاد اثنان منهم يجتمعان في صنعة واحدة، ولهذا نتج التباين في حرفهم لحاجة الناس إلى ذلك؛ والتنمية الإنسانية تشمل الجانب الخلقي المترجم إلى سلوك فعلي، والجانب العقلي بتدريب الحواس على التفكيرالعلمي، والجانب البدني بتدريب الجسم لينمو سليماً، والجانب الروحي بتحقيق التقوى وفقاً للشريعة الإسلامية، والجانب الاجتماعي بالتعايش مع الآخرين من أقارب وجيران وعلماء وأمراء وغيرهم. واهتم محمد بن سحنون بالطفولة وتعليم النشء، والمساواة في ذلك بين الأغنياء والفقراء، والدعوة لتدريس العلوم العصرية، مع التربية الخلقية، والمحافظة على حقوق الإنسان وكرامته، والتأكيد على مساواة الرجل والمرأة في التكريم والاحترام والعقيدة والعمل، مع اختلافهما في طبيعة دور كل منهما في الحياة، فالإنسان خليفة الله في بناء وتعمير الأرض وفق منهج الله تعالى وصولاً لرضوانه وهي الغاية المثلى، وكان أبو الحسن النيسابوري يؤكد على أهمية المعرفة النظرية والعملية للإنسان، فمن خلالهما يطلب العمل وتتقدم الحياة، وأن الناس يتفاوتون في القدرة على تحصيل العلم، إذ لايستطيع الإنسان بمفرده دراسة جميع العلوم في ظل تطورها ، ولهذا ظهرت التخصصات وفقاً للاستعدادات والقدرات ،ويبرز تأثير العلم النافع في حياة الإنسان من خلال سلوكه وأخلاقه، وحفاظه على أسرته، وصحته، وعمله، والحياة والعمران، واجتنابه الأعمال التخريبية، كقتل النفس أو الانتحار أو الإفساد في الأرض أو إهلاك الحرث والنسل.
ولأن الإنسان مدني بطبعه فإن الاهتمام به ينبغي أن يشمل كافة جوانبه: العقلية والروحية والنفسية كما حددها أبو حيان التوحيدي حيث أنها تؤثر في البدن وبالعكس؛ وهي وحدة متكاملة ينبغي الأخذ بها عند تنمية الإنسان؛ وتحقيق التوافق والرضا النفسي له ظاهراً وباطناً، مع أهمية استمرار التنمية الذاتية والعامة في الجوانب الدينية والخلقية والعقلية والجمالية لتكوين الشخصية الإنسانية المتكاملة، فسلوك الإنسان في حياته وفاعليته في مجتمعه تكون بناءً على ثقافته وما تعلّمه من العلم ،كما بيّن ذلك ابن حزم وهو أساس المواطنة الصالحة، بأن يكون مفيداً بنفسه وعلمه وماله في اعتدال وصبر وفق أوامر الله تعالى وحدوده .ومما يعطي الإنسان شرفاً وقيمة أنه نتاج معرفة ربانية واسعة وشاملة، وليس وليد تقليد أو معرفة مجتزأة، ويبينها ابن الجوزي بقوله: “لما خلوت بالعقل في بيت الفكر؛ علمت إني مخلوق للتكليف؛ معاقب على التحريف؛ لست بمهمل فأسهو؛ ولا بمتروك فألهو؛ يحصي علي قليل العمل وكثيره؛ ويكرُّ علي الزمان فيبين لي تأثيره؛ فلما تيقنت أني مكلف محاسب؛ ومحفوظ على عملي مراقب؛ مثاب على الفعل ومعاقب؛ مأخوذ بالتفريط ومطالب؛ هممت أن أنهض نهضة عازم صدوق إلى أداء التكليف وقضاء الحقوق؛ فقيدتني نفسي بقيود الهوى؛ وأفسدت من حالي ما استقام واستوى”، فصفاء الفكر وصحة العقل وقوة الذهن؛ رهن بالرفق بالجسم؛ وحصوله على حاجاته من الغذاء والماء والراحة والصحة والجنس والنظافة، والعقل نور يقذف في القلب؛ ولب يغتنم بالتجريب فيستعد لإدراك الأشياء، والنفس جوهر روحي مستقل عن البدن؛ موجودة في الحقيقة؛ مجهولة الطبيعة؛ وتعرف بآثارها لا بحقيقة ذاتها، ولهذا فالوجود الإنساني متوازن بين مادي وروحي، وحاجاته الجسمية والروحية ينبغي أن تشبع في إطار نظرة تكاملية كما بين ذلك الزرنوجي في كتاباته أيضاً.. ومن خلال معرفة خصائص الإنسان المادية والروحية يمكن مداواة ما يعتريهما من الأمراض بما يناسبهما وفقاً لما طرحه ابن قيم الجوزية، في إطار من الصدق والأمانة، بحيث أن كل عمل أو نشاط يمارس ينبغي فيه التوازن كما أكد ذلك السبكي، والعمل المتخصص حسبما بينه ابن خلدون له قيمة عالية باعتباره من ضرورات العمران، وقيمته تقاس بالجهد المبذول فيه، خاصة مع العدل والحرية، فهما ركنا الدولة ،ورأى خير الدين التونسي أن بهما تزدهر الدولة أو تذبل، تتقدم أو تتأخر.
وهذه القبسات المنتقاة لآراء عدد من أعلام الفكر التنموي يمكن أن تشكل لبنة أولى لإعداد مؤشرات ومعايير حقيقية للتنمية الإنسانية ببعديها المادي والروحي وفقاً لرؤية إسلامية شاملة.
* دكتوراه الفلسفة في التدريب والتنمية الإنسانية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.