من هم لوبي أزمة الكهرباء؟    السوبرمان اليهودي الذي ينقذ البشرية    خروج محطة عدن للكهرباء عن الخدمة والسبب غريب !    لتحرير صنعاء.. ليتقدم الصفوف أبناء مسئولي الرئاسة والمحافظين والوزراء وأصحاب رواتب الدولار    الإخوان.. عدو هنا، حليف هناك    حشد المكلا اليوم رسالة للخارج بالدرجة الأولى    صحيفة: بعد ثلاث سنوات.. ماذا حقق مجلس القيادة الرئاسي في اليمن    رجل حمل قضيّة وطنه بشرف    صنعاء تعلن عن اجمالي عدد الغارات الأمريكية على اليمن منذ 15 مارس    مصادر عبرية: هجمات كبيرة للقسام في غزة والمروحيات تنقل جنودا إسرائيليين إلى المستشفيات    ترامب يضع "شرطا" لإلغاء الرسوم الجمركية على الصين    الخارجية تعلن استئناف عمل السفارة اليمنية في دمشق    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    الإرياني: تحركات المبعوث الأممي محاولة لإنقاذ المليشيا ولا تخدم مسار السلام    لوحة "الحزن والصبي من غزة" للفنان الأمريكي براين كارلسون    لوحة "الحزن والصبي من غزة" للفنان الأمريكي براين كارلسون    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    كهرباء عدن تحذر من خروج كلي للخدمة خلال 72 ساعة بسبب نفاد الوقود    استمرار الفعاليات الاحتجاجية في تعز ومأرب استنكارا للإبادة بغزة وتنددا بالصمت الدولي    على وقع أزمة تعيشها المحافظة النفطية .. بنزين مأرب المحسن بين تراجع المبيعات واجبار السائقين على شرؤه .. أين تكمن الاسباب..؟    رصدت اختطاف العشرات.. شبكة حقوقية تدين استخدام المختطفين دروع بشرية وتحمل المليشيا المسؤولية    منحة كويتية جديدة لليمن بقيمة 1.5 مليون دولار لصالح مشاريع مجتمعية    عصابات الجولاني تعتقل قادة المقاومة الفلسطينية في سوريا    تصريحات متفائلة ل"ترامب" تجاه روسيا وإيران وسط تأكيد على روسية القرم وتحذيرات من تخصيب اليورانيوم    الوزير الزعوري يبحث مع الخبيرة الدولية لمنظمة اليونيسف أميرة حسان الخطة الوطنية لحماية الطفل    رفضنا الدولة.. فماذا ربحنا..؟!    مرضى الفشل الكلوي يواجهون خطر الموت بعد اختفاء علاجهم من أسواق إب    النفط يرتفع بفعل زيادة محتملة لإنتاج أوبك+    فؤاد فاضل يزور ملعب نادي السهام الرياضي بتعز    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    رونالدينيو .. الساحر الباسم    خلال 2024.. الجرائم الإلكترونية تتسبب بخسارة 16 مليار دولار    كيف وصل تمثال "أبو الهول" اليمني إلى اسرائيل..؟!    الهاوية بكل تفاصيلها، وها نحن نهوي إليها بصمت مذلّ    في أقل من أسبوع.. اكثر من 60 حالة إصابة جديدة بالحصبة في تعز    الوكيل محمد سعيد سالم يعزي أسرة الفقيد هاشم الوحصي نيابة عن محافظ عدن    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    تراجع أسعار الذهب متأثرة بانخفاض التوترات الاقتصادية العالمية    عندما يصبح صرح العلم الحكومي مرتعاً للربح الخاص    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    11,507 حالة كوليرا وإسهال مائي حاد في اليمن خلال الربع الأول من 2025    لقاء حكومي مع صندوق النقد يؤكد أهمية استمرار دعم اليمن لمواجهة التحديات    عدن: ضبط متهمَين بتفجير قنبلة يدوية خلال ساعة من وقوع الحادثة    توقف محطة بترومسيلة بسبب نفاد الوقود ومناشدة لتدخل عاجل    شجرة الغريب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    أطباء يمنيون مهددون بالترحيل من السعودية وسط صمت حكومة ابن مبارك    عدن.. مطابع الكتاب المدرسي تدشن دورة تدريبية في "السلامة المهنية" لعدد من كوادرها    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    "اتفاق ودي" يسمح لألونسو بتدريب ريال مدريد    برشلونة يحقق "ريمونتادا" مثيرة أمام سيلتا فيغو    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    كلوب يستعد للعودة للتدريب بعروض كبيرة من ريال مدريد والبرازيل    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبسات من الفكر التنموي في التراث الإسلامي
نشر في الجمهورية يوم 15 - 06 - 2013

من الصعب الوقوف أمام الفكر التنموي لأي عالم دون التعرف على رأيه في طبيعة الإنسان؛ وذلك لأن الإنسان هو مادة التنمية الأولى؛ ومحور عملها، وقد اختلفت نظرة المفكرين في طبيعته؛ ونظروا إليه من زوايا متعددة ؛ فمنهم من وجد أن طبيعته واحدة في جميع الأزمنة والعصور؛ ومنهم من أكد أنه يختلف من فرد إلى آخر.
ولهذا تتباين استعداداتهم وقدراتهم؛ ومنهم من رأى أنه لا يبدع من دون حافز أودافع؛ ومنهم من ذكر أنه مادة مركبة شديدة التعقيد؛ ومنهم من عرفه بأنه ظاهرة عقلية وأن الوجود الجسمي ليس له حقيقة مستقلة؛ ومنهم من جعله متأثراً بين الوراثة والبيئة؛ وبين الحرية والجبرية.
وكان من الطبيعي أن يترك هذا الخلاف آثاره على العملية التنموية؛ ويترتب على كل تصور تطبيقات تنموية تناسبه .وقد كان لأعلام الفكر التنموي الإسلامي قصب السبق في تقديم نماذج فكرية وتطبيقية شاملة معتمدين في ذلك على ما تضمنه المنهج الرباني في القرآن الكريم والسنة النبوية، فهذا جعفر الصادق مثلاً أكد على الفروق الفردية القائمة بين الناس، وذكر بأنهم لا يتشابهون تشابه الوحش والطير؛ وهم يختلفون في الصور والخلق، ولا يكاد اثنان منهم يجتمعان في صنعة واحدة، ولهذا نتج التباين في حرفهم لحاجة الناس إلى ذلك؛ والتنمية الإنسانية تشمل الجانب الخلقي المترجم إلى سلوك فعلي، والجانب العقلي بتدريب الحواس على التفكيرالعلمي، والجانب البدني بتدريب الجسم لينمو سليماً، والجانب الروحي بتحقيق التقوى وفقاً للشريعة الإسلامية، والجانب الاجتماعي بالتعايش مع الآخرين من أقارب وجيران وعلماء وأمراء وغيرهم. واهتم محمد بن سحنون بالطفولة وتعليم النشء، والمساواة في ذلك بين الأغنياء والفقراء، والدعوة لتدريس العلوم العصرية، مع التربية الخلقية، والمحافظة على حقوق الإنسان وكرامته، والتأكيد على مساواة الرجل والمرأة في التكريم والاحترام والعقيدة والعمل، مع اختلافهما في طبيعة دور كل منهما في الحياة، فالإنسان خليفة الله في بناء وتعمير الأرض وفق منهج الله تعالى وصولاً لرضوانه وهي الغاية المثلى، وكان أبو الحسن النيسابوري يؤكد على أهمية المعرفة النظرية والعملية للإنسان، فمن خلالهما يطلب العمل وتتقدم الحياة، وأن الناس يتفاوتون في القدرة على تحصيل العلم، إذ لايستطيع الإنسان بمفرده دراسة جميع العلوم في ظل تطورها ، ولهذا ظهرت التخصصات وفقاً للاستعدادات والقدرات ،ويبرز تأثير العلم النافع في حياة الإنسان من خلال سلوكه وأخلاقه، وحفاظه على أسرته، وصحته، وعمله، والحياة والعمران، واجتنابه الأعمال التخريبية، كقتل النفس أو الانتحار أو الإفساد في الأرض أو إهلاك الحرث والنسل.
ولأن الإنسان مدني بطبعه فإن الاهتمام به ينبغي أن يشمل كافة جوانبه: العقلية والروحية والنفسية كما حددها أبو حيان التوحيدي حيث أنها تؤثر في البدن وبالعكس؛ وهي وحدة متكاملة ينبغي الأخذ بها عند تنمية الإنسان؛ وتحقيق التوافق والرضا النفسي له ظاهراً وباطناً، مع أهمية استمرار التنمية الذاتية والعامة في الجوانب الدينية والخلقية والعقلية والجمالية لتكوين الشخصية الإنسانية المتكاملة، فسلوك الإنسان في حياته وفاعليته في مجتمعه تكون بناءً على ثقافته وما تعلّمه من العلم ،كما بيّن ذلك ابن حزم وهو أساس المواطنة الصالحة، بأن يكون مفيداً بنفسه وعلمه وماله في اعتدال وصبر وفق أوامر الله تعالى وحدوده .ومما يعطي الإنسان شرفاً وقيمة أنه نتاج معرفة ربانية واسعة وشاملة، وليس وليد تقليد أو معرفة مجتزأة، ويبينها ابن الجوزي بقوله: “لما خلوت بالعقل في بيت الفكر؛ علمت إني مخلوق للتكليف؛ معاقب على التحريف؛ لست بمهمل فأسهو؛ ولا بمتروك فألهو؛ يحصي علي قليل العمل وكثيره؛ ويكرُّ علي الزمان فيبين لي تأثيره؛ فلما تيقنت أني مكلف محاسب؛ ومحفوظ على عملي مراقب؛ مثاب على الفعل ومعاقب؛ مأخوذ بالتفريط ومطالب؛ هممت أن أنهض نهضة عازم صدوق إلى أداء التكليف وقضاء الحقوق؛ فقيدتني نفسي بقيود الهوى؛ وأفسدت من حالي ما استقام واستوى”، فصفاء الفكر وصحة العقل وقوة الذهن؛ رهن بالرفق بالجسم؛ وحصوله على حاجاته من الغذاء والماء والراحة والصحة والجنس والنظافة، والعقل نور يقذف في القلب؛ ولب يغتنم بالتجريب فيستعد لإدراك الأشياء، والنفس جوهر روحي مستقل عن البدن؛ موجودة في الحقيقة؛ مجهولة الطبيعة؛ وتعرف بآثارها لا بحقيقة ذاتها، ولهذا فالوجود الإنساني متوازن بين مادي وروحي، وحاجاته الجسمية والروحية ينبغي أن تشبع في إطار نظرة تكاملية كما بين ذلك الزرنوجي في كتاباته أيضاً.. ومن خلال معرفة خصائص الإنسان المادية والروحية يمكن مداواة ما يعتريهما من الأمراض بما يناسبهما وفقاً لما طرحه ابن قيم الجوزية، في إطار من الصدق والأمانة، بحيث أن كل عمل أو نشاط يمارس ينبغي فيه التوازن كما أكد ذلك السبكي، والعمل المتخصص حسبما بينه ابن خلدون له قيمة عالية باعتباره من ضرورات العمران، وقيمته تقاس بالجهد المبذول فيه، خاصة مع العدل والحرية، فهما ركنا الدولة ،ورأى خير الدين التونسي أن بهما تزدهر الدولة أو تذبل، تتقدم أو تتأخر.
وهذه القبسات المنتقاة لآراء عدد من أعلام الفكر التنموي يمكن أن تشكل لبنة أولى لإعداد مؤشرات ومعايير حقيقية للتنمية الإنسانية ببعديها المادي والروحي وفقاً لرؤية إسلامية شاملة.
* دكتوراه الفلسفة في التدريب والتنمية الإنسانية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.