الرئيس الزُبيدي يعين الحييد رئيسا للقيادة المحلية للانتقالي في أبين    الشيخ هادي القحص اليامي أحد كبار رموز الطائفة الإسماعيلية: من تولى وأعرض عن الدعوة لايمتلك الصبغة الشرعية لإقامتها ومايصدر عنهم "باطل"    الانتقالي وسلطة حضرموت يتفقان على التنسيق لمصلحة الحضارم    من لا يعيش بين الناس لا يعرف همومهم    مجموعة شركات الحاج أحمد عبدالله الشيباني توضح الحقائق ؟!    تعز تستقبل اول يوم للفتح الليلي لطريق جولة القصر بانفجار عنيف    قصف حوثي يستهدف المناطق القريبة من المنفذ الشرقي لمدينة تعز    إدانات دولية لاستمرار انتهاكات مليشيا الحوثي وتصعيدها المسلح    نص احاطة المبعوث الأممي إلى اليمن في جلسة مجلس الامن الدولي    تربوي يلخص الجحود والنكران: خدمت اكثر من 30 عام وكوفئت بثلاثة انصاف راتب في السنة    تير شتيغن يعلن انفصاله عن دانييلا    بمشاركة اليمن.. السعودية تعلن استضافة نهائيات كأس آسيا تحت 17 عاما في أبريل المقبل    الرئيس الزُبيدي يناقش مع السفير الأمريكي مستجدات الأوضاع الاقتصادية والأمنية في بلادنا    طائرة شحن إماراتية تحمل 30 طناً من التمور تصل إلى مطار عدن    جمهورية عقّال الحارات!!    مدودة مدينة من أقدم مدن وادي حضرموت سكنتها كندة والانصاريين    النفط يرافق الطيران إلى ربع نهائي كأس عدن الرمضانية للشركات والمؤسسات    عبدالله قاضي .. نبي الهمسات الشعرية    الشركة اليمنية للغاز تعلن تسير 140 مقطورة غاز الى عدن وتعز لإنهاء الأزمة    حضرموت الغنية بالثروات تفطر وتتسحر في الظلام    وزير ماليزي يربط أحذية طالب متفوق و وزراءنا حرامية وسراق    مليشيا الحوثي تمنع توزيع مساعدات غذائية للفقراء في الحديدة وتهدد المخالفين    قمة القاهرة وبيانها الختامي الحكيم.. الفرصة الاخيرة    وزارة التعليم العالي لصاحبها "الوصابي" تغتال الصحفي السفياني    واشنطن تفرض عقوبات على 7 من قيادات الحوثيين "أسماء"    بينها 424 حالة وفاة.. تسجيل أكثر من 41 ألف حالة إصابة بالحصبة في اليمن خلال 4 سنوات    الفيفا يعلن عن مواعيد كأس العرب ومونديال الناشئين في قطر    توقعات بأمطار متفرقة وطقساً معتدلاً بالمناطق الساحلية وبارد نسبياً بالمرتفعات    الحوثيون وتحويل الإحسان إلى جريمة    شركة النفط فرع عدن..تحديات مستمرة في مواجهة انهيار العملة وتقلبات الدولار.!    أوروبا لا تستطيع دعم حرب أوكرانيا ضد روسيا    كيف دخل إلى الأسواق..؟ .. تحذير من منتج مرقة دجاج يؤثر على صحة المستهلك    "فيدرالية" و"مليار" دولار.. ماذا تريد إسرائيل من دروز سوريا؟    الحوثي و الغيبوبة الكبرى!    رحيل المتأمل    ليفربول يصدم بي أس جي في الدقائق الاخيرة وبرشلونة المنقوص يفوز على بنفيكا    انطلاق البطولة الرمضانية لكرة القدم لمنتسبي وزارة الداخلية    مخرج تلفزيوني يمني يكشف انه تعرض لسرقة روايته غربة البن! ويطالب بتعويصة 100 مليون    الفاو تحدد استراتيجيات التكيف في اليمن خلال مارس الجاري وتنبه من محدودية هطول الامطار    سفير الأغنية اليمنية    الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"يضع جوائز مالية بقيمة مليار دولار    - رئيس الوزراء الرهوي يزور وزارة الاتصالات ويكشف مشاريع جديدة في الإنشاءات والبريد    - مؤسسة الاسمنت تسعى لتطوير المبيعات وإعداد نظام المبيعات الإلكتروني فهل سينجح؟    شرطة تعز تضبط كميات من الألعاب النارية التي تشكل تهديدا للسلامة    وزير الصحة يبحث مع السفير الأميركي و ال USAID دعم القطاع الصحي في اليمن    الصحة العالمية تعلن تسجيل 1,456حالة اشتباه بحمى الضنك في اليمن منذ بداية 2025    "الرشد".. غاية الأنس والجان    حرامية الأراضي في عدن يتبادلون إطلاق النار والقتلى من المواطنين الأبرياء    ازدحام شديد ونقص في الخدمات.. معاناة المسافرين في منفذ الوديعة    دوري ابطال اوروبا : ريال مدريد يحسم لقاء القمة امام الجار اتلتيكومدريد    الحكومة توجه باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع ازدحام وتكدس المسافرين في منفذ الوديعة    علي حسن المعلم.. الهتاف الذي نتلوه للوهاد والجبال    المناطقية آفة تفتك بوحدتنا وتعرقل تقدمنا    طبيب شبواني يشارك في عملية جراحية معقدة لجمجة رضيع عمر 3 أشهر بالأردن    جهود للحفاظ على الهوية الجنوبية الفريدة    الرحمة    رمضان سيمفونية السعادة    الرزامي يكشف جانب من فساد وزارة الصحة بصنعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في كتاب إنتاج الدلالة في الشعر العامي اليمني المعاصر
نشر في الجمهورية يوم 27 - 06 - 2013

بادئ ذي بدء,أقول: إن قراءتي لهذا الكتاب تقع في محورين اثنين, هما: الأول، أهمية الكتاب ونفاسته, والثاني :الحس النقدي والقراءة للنصوص من لدن الباحث.. ففي المحور الأول.. فالمطلع على هذا الكتاب ويقرأه بعمق سيجد أن الباحث طرق باباً جديداً من البحوث والدراسات لم يتطرق إليه إلا القليل من الباحثين, فالخوض في مجال الأدب العامي صعب المراس وشديد الوعورة ، فقد اختار الباحث طريق الكتابة للشعر بالعامية, وبذلك ينحرف بعض الشيء عن قواعد الفصحى فيما يكتبه عن شعر هؤلاء الشعراء المعاصرين اليمنيين الذين كتبوا قصائدهم بالعامية, ولكن حسّه النقدي وذائقته التحليلية لهذا الشعر جعلنا نعلي من شأن هذا الكتاب الذي يعدُّ في الأساس أطروحة علمية نال بها صاحبها شهادة الدكتوراه من كلية الآداب. جامعة تعز..
ومما لا جدال فيه أن هذا العمل الذي قام به الباحث يعد جهداً كبيراً يستحق عليه الشكروالعرفان والحق يقال؛ لأن الباحث لم يبدأ دراسته إلا بعد أن جمع مادته المدروسة المتناثرة في بطون الكتب والدواوين وبعض الموسوعات التي تناولت الشعر العامي المعاصر في اليمن, ومن نافلة القول: إن الباحث سبر غوره في أعماق الدواوين الشعرية ليكتشف لنا الدرر والجواهر من عيون الشعر العامي اليمني المعاصر فرجع لأكثرمن خمسة وعشرين ديواناً شعرياً بالإضافة إلى المصادرالأخرى التي أماطت اللثام عن كنوز هذا الشعر..لاسيما القصائد المغناة وقد وثق مادته سواء من حيث دواوين الشعراء أو من الموسوعات الشعرية وخاصة موسوعة شعر الغناء اليمني في القرن العشرين التي أصدرتها دائرة التوجيه المعنوي سنة 2007م.. بالإضافة إلى الاستفادة من بعض المجلات التي دونت فيها بعض القصائد العامية البديعة لبعض الشعراء اليمنيين المعاصرين ولم يكتف بذلك بل عاد ليغوص في بطون الدواوين المخطوطة والتي لما ترى النور بعد ليخرج الكنوز والجواهر المدفونة..
فنرى أنه طرق موضوعاً أثيراً هو منظومة متكاملة تعبر عن قضايا الإنسان والوطن والحياة وبعبارة أدق: لقد صدح بهذاالشعرالعاشقون والمحبون والزاهدون والوطنيون والثوريون وسواهم.. وقد ألهب في نفوس البعض الحماسة وأذكى العاطفة بين المحبين وأوقد مشاعل الثورات والمقاومة ضد الاستعمار والمستبدين من الحكام وسواها من المعاني والمضامين الجديدة..
ويقع الكتاب في ستة فصول، ففي الفصل الأول تناول الصوت والإيقاع الصوتي وأثرهما في إنتاج الدلالة والثاني درس فيه الكلمة وأثرها في إنتاج الدلالة، أما الفصل الثالث فقد تناول فيه إنتاج الدلالة في التراكيب سواء أكانت خبرية أم إنشائية وغير ذلك من تراكيب, وفي الفصل الرابع تحدث عن الأسلوب وإنتاج الدلالة وقد تناول فيه الاسلوب الواقعي والدرامي وأثره في إنتاج الدلالة من حيث تقنية الحوارأو المونودراما اوتقنيات القص وفي الفصل الخامس تناول المعجم الشعري وإنتاج الدلالة من خلال ألفاظ الحب والجمال والألفاظ الوطنية وألفاظ السياسة وألفاظ الطبقية والألفاظ الاجتماعية وفي الفصل الأخير درس إنتاج الدلالة التصويرية من خلال المجاز واللون والرمز ومن حيث دلالة نشوان والراعية والدودحية ودلالات ذي يزن والسندباد وغير ذلك من الرموز..
الحس النقدي والمهارة في تحليل النصوص:
فهناك الكثير من الوقفات التي يمكننا الوقوف عندها في تحليل النصوص من ذلك..
في مجال دلالة الصوت اللغوي: يعلق الباحث فيقول: إن الصوت اللغوي يؤدي دوراً مهماً في إبداع الدلالة في النص الشعري ونختار من ذلك صوت الحاء الذي أدى دوراً مهماً في تشكيل الإيقاع الصوتي وإنتاج دلالة النص كما في قصيدة (بو العيون الملاح) للشاعر أحمد ناصر جابر الجابري:
ما لخِلِّي تحيّر يا عُجَيْبي عجبْ
ماَلَهُ اليوم ما لاحْ
بُو العيون المِلاحْ
أحْ يا ما بحالي كم تعبني تعبْ
جرّح القلب جرّاحْ
بوْ العيون الملاحْ
يلاحظ كما يؤكد الباحث أن صوت الحاء قد ظهر بشكل لافت للنظر فقد تكرر ثلاث عشرة مرة وهو صوت حلقي مخرجه الحلق ويوصف بأنه صوت رخو احتكاكي مهموس منفتح،مرقق.. وقد جاء هذا الصوت مناسباً لدلالة النص وأسهم في إنتاج دلالة الألم غير الإيقاع الذي تردد في النص, حتى إن السامع أو القارئ كأنه يسمع آهات الشاعر وأناته الباثة للشوق والحنين الممزوج بالألم لفراق الحبيب، فكان الحزن مسيطراً على المشهد الشعري..
ويبدو أن صوت الحاء أضحى حاملاً لشجن الشاعر وتأوهاته لغياب الحبيب وهجرانه له.. ولذلك يمكن أن نقول: إن صوت الحاء قد أبرز دلالة النص وشارك في إنتاجها.. وفي دلالة المكان يؤكد الباحث بأنه قد وردت أسماء المكان في الشعر العامي والفصيح للدلالة على مدلولات تاريخية ووطنية وذكريات مختلفة ومن ذلك نقتطف هذين البيتين للشاعر إبراهيم الحضراني في قصيدته (لقاء الحبائب) التي تزخر بالأماكن, إذ حشد الشاعر فيها كثيراً من مناطق اليمن ووديانها ووظفها توظيفاً دلالياً موحياً وقد قصد من حشدها إخراج هذه المسميات عن دلالاتها الجغرافية المعجمية لتوحي بعمق الروابط التي جمعت الأحبة من أبناء اليمن, يقول:
عانقي يا جبال ريمة شماريخ شمسان
وانت يا وادي القرية تفسّح لبيحان
قالوا الأمس في صعدة حصل حفل طنّان
والتقينا الجميع في عرس حسنا وحسان
بدأ الشاعر نصه بفعل الأمر(عانقي)الذي يوحي بعمق الصلة بين أبناء اليمن، فالعناق لايكون إلا للأحباب الذين فرقهم الزمن وهذا هو حال اليمن وأبنائها..
ولهذا نجد الشاعر يوجه خطابه إلى أبناء اليمن طالباً منهم العناق وقد لجأ في ذلك إلى توظيف مسميات بعض المناطق الجغرافية اليمنية، من خلال المزاوجة بين مناطق الشمال والجنوب وهي المزاوجة التي تؤطر في الذاكرة عمق الانتماء لليمن الموحّد..
ومن دلالة الكلمة دلالة الفتنة والجمال فقد نظرالشاعر محمد الذهباني إلى وادي بنا بأنه مأوى للجمال والفتنة حيث يقول:
يا ريم وادي بنا يا أهجم
يا غصن قد فاق الأغصان
قلبي بحبك شجي مغرم
يا ناعس الطرف يا غاني
ومن القصائد البديعة المغناة التي يفوح أريجها في الذاكرة الشعبية قصيدة للشاعر راشد محمد ثابت فيقول:
يا حاملات الشريم
والطل فوق الحشائش
معطرات الزنان
فوق الصدور الزراكش
###
هيا اسبقين الطيور
وغردين بالغبابش
لمّين حشيش البكور
واطوين سبول عالمحاجش
فهناك تراكيب الأمر بصورة لافتة كما يقرر الباحث بأنها توحي بالحنين والشوق وقد ربطت الجمال والفن بالعمل فالشاعر يحث المرأة الريفية على التبكير في العمل وهي في أتم زينتها وأيضاً يحثها على الغناء أثناء العمل ويحثها مرة أخرى على التنفيس عن نفسها بالغناء للمهاجر الذي ترك أرضه وأهله.
ومن هنا فالشاعر بهذه التراكيب قد وظف الجمال والفن لخدمة الحياة.
وفي تقنيات الأسلوب وإنتاج الدلالة نقتطف هذه الأبيات للشاعر سالم علي حجيري ويقول فيها:
قصدي من الزين كلمة
دائم وهي في لساني
لو قال لي واحبيبي
القول هذا كفاني
كلمة لها ألف معنى
كلمة بها القلب يهنى
يذوب فيها كياني
قصدي من الزين كلمة
ففي هذه القصيدة يظهر الأسلوب الدرامي ففيها حالة الصراع النفسي الداخلي في الذات الشاعرة فالشاعر يتخيل شخصيات كثيرة يخاطبهم ويحاول إقناعهم بغرضه الشريف “قصدي من الزين كلمة”..
وخير ما نختم به قراءتنا نص بديع للشاعر محمد عبدالباري الفتيح من ديوانه المشقر بالسحابة حيث يقول:
لحظك سباني يارشا الواد
وامشقر بالسواد
عبير هوانا فاح وازداد
عالروابي والوهاد
فنلاحظ أن لون السواد استعمل هنا ليتيح دلالة مغايرة لما اعتاد عليه الإنسان، فاللون فيما يبدو مرتبط بالحداد عند العرب منذ القدم، أي طبيعته متصلة نفسياً بأجواء الكآبة وهو أيضاً رمز للقهر والاستبداد.. لكنه هنا جاء ليدل على الحسن والجمال وبعبارة أدق: إن السواد قد ارتبط بالمشقر وهو نبات فوّاح تضعه المرأة الريفية على خدها ولذلك هو يضفي بهاءً وجمالاً وعطراً على جمال الحبيب، إذن فالصورة اللونية هنا دلت على الجمال ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.