في أول يوم اثنين من شهر رمضان الجاري نشرنا في صفحة « إلى من يهمه الأمر » صور وبيانات 14 سجينا معسراً في تعز , وفي ذات يوم النشر بادر عدد من أعضاء الغرفة التجارية والصناعية في محافظة تعز في السداد عن 3 من بين ال 14 سجيناً وهم المعاد نشر صورهم في إحدى زوايا هذا التحقيق :1- سليم مهيوب عبدالله 2 حسين محمد حزام الوصابي 3 سلام محمد صالح الاعجم. وكما الأعوام السابقة يتصدر رجال الأعمال الخيرون في تعز « الحجاجي » , وإن لم يكن يرغب في ذكر اسمه , إلا أن والفرحة التي بانت على أصوات السجناء المفرج عنهم من هواتفهم , استوجبت ذلك , وإن لم نكن جازمين أن النشر هو ما حفز الحجاجي وباقي التجار على الإفراج عن المعسرين , لاسيما وقد اعتادوا، وفي مقدمتهم توفيق عبدالرحيم، على استثمار أموالهم من كل عام في البنك الرمضاني للمعسرين في تعز وخارجها , ولعل الجدير ذكره حسب المعلومات المتاحة لنا أن التاجر العزاني ملك التقسيط مع من ذكرناهم اشتركوا منذ مطلع رمضان الجاري لا بالإفراج عن ال 3 الذين نشرنا صورهم وغراماتهم مطلع رمضان فحسب بل أفرجوا عن أكثر من «65» سجيناً بمبلغ إجمالي«40»مليون ريال حسب وكيل نيابة السجون تبادل التهم في الاسبوع الماضي حصلنا بشق الأنفس على تصريح للالتقاء بعشرات السجناء المحكوم عليهم بديات أو أروش أو ديون أو ...... وتوفقنا عن تصوير ورصد بيانات هؤلاء المنشورة صورهم وبياناتهم بما فيهم عدد ممن نشرناهم سلفاً وبحسب الترتيب بدءاً بالأكثر مبلغاً، ولعل أشدهم مأساة ياسر عوض صالح الدحبي المتورط بكيلو وثلث ذهب ومسجون منذ 17 عاماً والمحزن حياله أن شبابه ضاع ورجال الاعمال والدولة أيضاً لا تلتفت إلى مثل هؤلاء من أصحاب المبالغ الكبيرة , وكأن لسان حالهم يقول : اللي با نخرج منهم من العشرين مليون مثلاُ اللي باندفعها عن اثنين ! با نخرج بها 50 سجيناً من أبو 50 ألفاً أو 200 ألف أو نصف مليون , وللأسف فقد طغى هذا المعيار على كل معايير المفاضلة في إدراج أسماء المعسرين عبر النيابة في الكشوفات السنوية المقدمة للتجار قبيل كل رمضان كل عام , وحسب السجين منذ 14 عاماً المحكوم عليه بدية : الممثل المسرحي قائد سيف عثمان أحد مؤسسي المسرح الوطني في تعز فإن الكشوفات المقدمة إلى التجار لا تخلو من المحاباة ما يراه سبباً في تأخيره عقداً ونصف في السجن وغيره الكثيرين , من جانبه رد عليه أمامنا في إدارة السجن الأستاذ عبدالناصر الجنيد، وكيل نيابة السجون في محافظة تعز نافياً أي تدخل من النيابة أو انتقاء في الأسماء , مضيفاً بأن جميع الأسماء المستوفية الشروط والتي قضى أصحابها فترات حبسهم القانوني تقدم إلى التجار وهم بأنفسهم يختارون من يريدون وفقاً للمعايير التي يرونها هم مثلاً : يتعاطف التجار مع الغارمين من الحوادث المرورية ويتجاهلون الإفراج عن اللصوص وقطاع الطرق ومن يقتلون أرحامهم ونحو ذلك .. ويضيف وكيل النيابة : ولا دخل لنا إن تمكن ذوو بعض السجناء من تجاوز كشوفاتنا والوصول إلى أحد أو بعض رجال الأعمال واستمالة عطفهم بطريقة أو بأخرى سواء أكان على سجنائهم مبالغ كبيرة وقضوا سنوات أقل من غيرهم ممن عليهم مبالغ أقل بكثير , فهذا عائد على شطارتهم وقناعة التجار ولا علاقة للنيابة بذلك، فنحن نراعي الله في عملنا ونتعامل بشفافية ومساواة . لا ينكر كاتب السطور أن كلام وكيل النيابة كان مقنعاً إلى حد كبير , لكن ذروة الاقتناع الكامل لن تتحقق إلا بعد حصولنا منه على كشوفات بأسماء جميع المعسرين في السجن المركزي وتمكيننا في زيارة تالية من تصوير جميعهم سواء الحاصلين على أحكام إعسار أم لا , خاصة بعد أن تبين لنا أن العشرات عشرات السجناء قضوا أكثر عامين وأكثر من 5 سنوات أو عشر دون أن يحصلوا على أحكام إعسار , وهو ما يعتبرونه صعب المنال . أيمن أحمد هزاع كثيرون هم من أوجعوا قلوبنا في السجن المركزي بتعز لكن فتى تبدو على وجهه البراءة لم يتجاوز السابعة عشرة من العمر حزّ في النفس سجنه بين أرباب السوابق , يدعى أيمن أحمد هزاع حامد محكوم عليه 3 ملايين ريال ( أرش ) وأغرام .. قال الفتى المسكين بأن ثلاثة من فتية الحي في مديرية المظفر هموا في الاعتداء عليه في الشارع فدافع عن نفسه وطعن أحدهم الجانب الأيمن من ظهره , ورغم أن الطعنة لم تنل من أحشاءه وغدى اليوم في صحة جيدة إلا أن والده المغترب أصر على مقاضاته حتى حُكم له ب 3 ملايين ريال , ولم يقنع ذلك الأب فأصر على الاستئناف للمطالبة بالمزيد , وعليه فقد وافق وكيل نيابة غرب تعز الإفراج عن أيمن لكونه قد قضى الفترة المحكوم عليه بالسجن وحتى لا يضيع مستقبله ويخسر عاماً آخر من دراسته بشرط الضمين المسلم في حال هروبه بعد صدور حكم الاستئناف , والمهم في قضيته أيمن أن نيابة الغرب مستعدة لاستلام المبلغ المحكوم به على أيمن كوديعة آجلة للمحكوم له بعد الاستئناف , وعليه فقد ناشد والد السجين كل الخيرين في هذا الشهر الفضيل أن يساهموا في الإفراج عن ولده , وإن استحكم المستأنف بمبلغ إضافي فسيجد له الأب مصدراً وفرجاً في حينها . كبش ابن الشيبة أو الملايين! أما مالا ينبغي تجاهله في هذا التحقيق عن حال المعسرين في السجن فهو المُخجل المُحزن المُضحك في آن واحد : شاب تبدو عليه السذاجة والبساطة والعوز يدعى احمد بن احمد سالم الشيبة قضى أكثر من عام في السجن على فقط على مبلغ50 ألف ريال , أما المخجل في الأمر بأنه لم ينكر أنه سرق خروفاً قبل عام فحكم عليه ب 50 ألف ريال لصاحبه , أما المحزن في الأمر ان يقبع شاب في ريعان الشباب أكثر من عام على سرقة كبش. خاتمة لرمضان وللتحقيق! وختاماً لهذا التحقيق حري بكاتبه نقل أمنيات عشرات السجناء المرفق صورهم طي التحقيق بالنظر إليهم بعين الرحمة والواجب الزكوي قبل الاختتام الوشيك لرمضان المبارك من قبل التجار والحكومة في المقام الأول , أما ما لا نتمنى صحته فهو ما صرح به أحد أعضاء النيابة في محافظة تعز أن اللجنة العليا للسجون أعادت لوزارة المالية «200» مليون ريال كانت مخصصة لمعسري العامين «2010 2011» في حين ظل العشرات من السجناء حتى اليوم قابعين في السجون يستجدون عطف رجال الخير .. ولعل الدافع من إعادة المبلغ إلى المالية هي تلك (العمولة) اللعينة التي طحنت هذا البلد التعيس وأهله.