لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    البركاني يدعو لتوفير الحماية للفلسطينيين واتخاذ خطوات رادعة تجبر الاحتلال على إيقاف الابادة    مشروع "مسام" ينتزع 1.375 لغمًا خلال الأسبوع الثالث من مايو    بالصور.. الهلال السعودي يعلن تجديد عقد جيسوس    الدوسري يتفوق على رونالدو في سباق الأفضل بالدوري السعودي    تغير جديد في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية صباح اليوم    اعرف تاريخك ايها اليمني!    الحوثيون يفرضوا ضرائب باهظة على مصانع المياه للحد من منافستها للمصانع التابعة لقياداتها    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    تهامة: مائة عام من الظلم وحلم الاستقلال المنتظر    "البحر الأحمر يشتعل: صواريخ حوثية تهدد الملاحة الدولية والقوات الأمريكية تتدخل وتكشف ماجرى في بيان لها"    شباب الغضب بوادي وصحراء حضرموت يؤيدون مخرجات اجتماع المجلس الانتقالي    الإخواني أمجد خالد وعصابته.. 7 عمليات إرهابية تقود إلى الإعدام    وهن "المجلس" هو المعضلة    سفير مصري: حزب الله يستعد للحرب الشاملة مع إسرائيل هذه الأيام    جماهير الهلال في عيد... فريقها يُحقق إنجازًا تاريخيًا جديدًا!    انفجار عنيف يهز محافظة تعز والكشف عن سببه    سانشيز افضل مدرب في الليغا موسم 2023-2024    غوندوغان سيتولى شارة قيادة المانيا بلون العلم الوطني    لامين يامال افضل لاعب شاب في الليغا    دموع أم فتاة عدنية تجف بعد عامين: القبض على قاتل ابنتها!    برعاية السلطة المحلية.. ندوة نقاشية في تعز غدًا لمراجعة تاريخ الوحدة اليمنية واستشراف مستقبلها    منتدى حواري في مأرب يناقش غياب دور المرأة في العملية السياسية    في اليوم 235 لحرب الإبادة على غزة.. 36096 شهيدا و 81136 جريحا وعدة مجازر في رفح خلال 48 ساعة    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    "طوفان زارة"....جماعة إرهابية جديدة تثير الرعب جنوب اليمن و الأجهزة الأمنية تتدخل    قوات الأمن تداهم حي الطويلة في عدن وسط إطلاق نار كثيف    نقابة الصحفيين تستنكر الحكم الجائر بحق الصحفي ماهر وأسرته تعتبره حكماً سياسياً    غوتيريش يدين بشدة هجوم إسرائيل على مخيم للنازحين في رفح    بالإجماع... الموافقة على إقامة دورة الألعاب الأولمبية لفئة الشباب لدول غرب آسيا في العراق    ضربة معلم تكسر عظم جماعة الحوثي وتجعلها تصرخ وتستغيث بالسعودية    استمرار النشاط الإيصالي التكاملي الثاني ونزول فريق إشرافي لأبين لتفقد سير العمل للفرق الميدانية    خبر صادم: خروج ثلاث محطات كهرباء عن الخدمة في العاصمة عدن    الهلال السعودي ينهي الموسم دون هزيمة وهبوط أبها والطائي بجانب الحزم    ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب المستثمرين لبيانات التضخم واجتماع أوبك+    تدشين مشروع توزيع "19"ماكينة خياطة على الأرامل في ردفان    مجلس الوزراء السعودي يجدد رفضه القاطع لمواصلة انتهاكات الاحتلال للقرارات الدولية    الوحدة التنفيذية : 4500 شخص نزحوا من منازلهم خلال الربع الأول من العام الجاري    بعد تجريف الوسط الأكاديمي.... انتزِعوا لنا الجامعات من بلعوم السلفيات    انعقاد جلسة مباحثات يمنية - صينية لبحث مجالات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها    انطلاق أولى رحلات الحج عبر مطار صنعاء.. والإعلان عن طريقة الحصول على تذاكر السفر    استعدادات الأمة الإسلامية للعشر الأوائل من ذي الحجة وفضل الأعمال فيها    أكاديمي سعودي: التطبيع المجاني ل7 دول عربية مع إسرائيل جعلها تتفرعن    العكفة.. زنوج المنزل    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    تدشين دورة إدارة البحوث والتطوير لموظفي وموظفات «كاك بنك»    8200 يمني سيغادرن من مطار صنعاء الى الأرضي السعودية فجر غدا الثلاثاء أقرأ السبب    سلطان العرادة وشركة غاز صافر يعرقلون أكبر مشروع لخزن الغاز في ساحل حضرموت    دعم سعودي جديد لليمن ب9.5 مليون دولار    - 45أعلاميا وصحفيا يعقدون شراكة مع مصلحة الجمارك ليكشفون للشعب الحقيقة ؟كأول مبادرة تنفرد بها من بين المؤسسات الحكومية منذ2015 فماذا قال مرغم ورئيس التحرير؟ اقرا التفاصيل ؟    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    عالم يمني يبهر العالم و يكشف عن أول نظام لزراعة الرأس - فيديو    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطر قائم يسلب البراءة ويحصد الأرواح..!!
سوء التغذية في اليمن
نشر في الجمهورية يوم 20 - 09 - 2013

تتكبّد اليمن خسائر سنوية بسبب استمرار مشكلة سوء التغذية تقدر ب (3%) من الناتج المحلي الإجمالي, ووفقاً لتقديرات عام2012م بلغت خسائرها السنوية أكثر من (254 ملياراً و 538مليون) ريال وتتزايد عاماً بعد آخر. لذا تبدو مشكلة سوء التغذية في اليمن بأبعادها المختلفة سيئة للغاية مقارنة بالكثير من بلدان العالم، فعلى الصعيد الاقتصادي تُمثِّل عائقاً حقيقياً أمام التنمية, وتحدياً كبيراً يواجه الحكومة في تحقيق أهداف التنمية المُستدامة. الأعلى في وفيّات الأطفال
يُشار إلى أن اليمن يعتبر البلد الأعلى في معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي تصل إلى نحو (77) وفاة لكلّ (1,000) ولادة حية، وهذا يعني أن نحو (69 ألفاً) من الأطفال يموتون سنوياً قبل بلوغهم سن الخامسة..ذكر ذلك تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (اليونيسف) والذي صنّف اليمن ثاني بلد في العالم بعد أفغانستان في مؤشر قصر القامة (التقزّم)..وأشار إلى أن (58%) من الأطفال في اليمن ممن تقل أعمارهم عن خمس سنوات يعانون من التقزّم، وما نسبته (43%) من هذه الشريحة العمرية ترزح تحت طائلة المعاناة من نقص الوزن، وأن ما نسبته (15%) يعانون من الهزال العام، في حين يعاني الكثير منهم من فقر الدم والكساح وغيرها من مظاهر سوء التغذية الناجمة عن نقص الحديد واليود وفيتامين (أ) .
أكثر البلدان معاناة
تفاصيل مثيرة ذكرها التقرير تضع اليمن في مصاف أكثر البلدان معاناةٍ من سوء التغذية المزمن في مرتبة ثانية بعد أفغانستان والصومال، كما أشار إلى أن (10ملايين) يمني يعاني من انعدام الأمن الغذائي، وأن (5ملايين) من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، بينما يرزح مليون طفل دون سن الخامسة تحت وطأة المعاناة من سوء التغذية الشديد في جميع أنحاء البلاد، ونحو (276 ألف) طفل مهدّد بالموت بسبب سوء التغذية، الأمر الذي ينذر بوضع كارثي ما لم يتم تداركه عبر تدخلات صحية وتغذوية وقطاعية فورية وطويلة الأجل.
المسهم الأكبر
وتعد مشكلة سوء التغذية المسهم الأكبر في وفيات الأطفال دون سن الخامسة، حيث تقدّر وفيات هذه الشريحة من الأطفال نتيجة أمراضٍ ساهمت فيها بشكلٍ مباشر هذه المشكلة بحوالي (5,6 مليون) حالة وفاة، واليمن - بطبيعة الحال- قد لا يتمكن من تحقيق أهداف الألفية للتنمية بحلول عام 2015م ما لم يتصدَ لمشكلة سوء التغذية؛ متجاوزاً أزمته الاقتصادية الراهنة، إذ لا يزال يعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر.. لذا فالوضع أشبه بالوصف بكارثة انبرت آثارها بوحشية وامتدت أضرارها فطالت جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والصحية مؤثّرةً على ملايين الأطفال في بلدٍ فاض قديماً بالخيرات فنال حينها استحقاق لقب (أرض العرب السعيدة)..وفي الحاضر بات سوء التغذية بحق الخطر القائم يسلب براءة الحياة ويفقدها سبل النجاة أو يقودها إلى حياةٍ معطلّةٍ مفرغةٍ من السعادة يطويها الحزن وتكبّلها العلل والآلام.
نتائج المسح التغذوي
وفي قراءةٍ لنتائج المسح التغذوي لإدارة التغذية بوزارة الصحة العامة والسكان في الفترة الممتدة بين عامي (2011م و2012م) والذي شمل (6) محافظات يمنية وهي (الحديدة، حجة، تعز، ريمة، عدن، لحج)، لم يظهر أيّ تحسنٍ لمؤشر التغذية؛ بل وصل إلى حدٍ شديد الحرج يرقى إلى مستويات الأزمة، لوجود (15%) طفل دون سن الخامسة يعاني من سوء تغذية شديد، قابلته في بعض المناطق معدلات سوء تغذية أعلى بكثير وصولاً إلى (32%)، وهذا لا شك يتجاوز ضعف المعدلات الدولية للحالات الطارئة.
- ويشير هذا المسح التغذوي إلى أن محافظة ريمة تعتبر الأسوأ حالاً من جميع المحافظات التي شملها المسح، إذ يصل فيها النمو المتعثر إلى ما نسبته (70%) متجاوزاً الحد الحرج الذي يبلغ (40%) بحسب تصنيف منظمة الصحة العالمية مما يُعبّر عن وجود سوء تغذية مزمن يتطلب لأجل الوقاية ومنع المزيد من المعاناة تدخلات تغذوية صحية طويلة الأجل.
سوء تغذية النساء
يُذكر أن خطورة سوء التغذية على الأطفال والنساء وخصوصاً الحوامل والمرضعات منهن تتجلّى بوضوح في إضعاف مناعة الجسم المقاومة للأمراض المعدية، مما يجعلهم عموماً أكثر عرضة لخطر الموت، وفي هذا دلالة واضحة بأن سوء التغذية سبب مؤكد في ارتفاع معدلات الوفيات لدى هاتين الفئتين..حيث أكدت العديد من التقارير أن ما نسبته (25%) من النساء في اليمن يعانين من سوء التغذية، وهي نسبة كبيرة تعكس بوضوح شيوع معاناتهن من نقص طاقة مزمن..وتشير التقارير ذاتها إلى أن النساء اليمنيات في سن الإنجاب يعانين كذلك من فقر الدم.
تحسّنت في الثمانينيات
الجدير بالذكر إن الحالة التغذوية في اليمن كانت قد تحسّنت كثيراً في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، لكنها شهدت تراجعاً عكسياً في تسعينياته وحتى الآن ترتّبت عليه زيادة حالات التقزّم ونقص الوزن بمعزلٍ عن التفات الساسة وصنّاع القرار، وكأن سوء التغذية ليس بمستوى أسوأ يُهدّد بالموت طالما لا يُعطي وصفاً لمجاعة واسعة.
وفي واقع الحال ظل إنذاراً طويل المدى ساء فهمه يُعطي مؤشراً بأن التحسن في مستويات التنمية المختلفة لن يكون جيداً، وأن أيّ طموح أو تطلع لتحسنٍ كبير أونقلة نوعية في خفض وفيات الأطفال ليس إلا مجرد حلمٍ عزّزته فكرة تبلورت في أذهان غالبية المواطنين مفادها أن سوء التغذية هو الجوع, في حين أن سوء التغذية لدى (50%) من الأطفال شكّل السبب الرئيسي في عودة تفشي شلل الأطفال عام 2004م، بسبب ضعف المناعة عند الأطفال الذين يعانون من عوز الغذاء، باعتبار ضعف المناعة أحد أبرز أوجه هذه المشكلة.
وفي العام 2007م كان الازدياد العالمي في أسعار الغذاء كفيل برفع نسبة الهزال الوخيم إلى معدلات قدّرت بنسبة (50%)، وهي نسبة كبيرة ومخيفة جداً، ففي كل لحظة هناك أكثر من (200ألف) طفل حول العالم يعيش في مجاعة تؤهّل للوفاة جوعاً، مما يجعلنا للأسف أمام واقع لا مفر منه يوجب حماية الأطفال من الموت جوعاً، في الوقت الذي لا تعطى فيه التغذية حقها من الاهتمام باعتبارها هدفاً ومؤشراً للتنمية ونتيجة من نواتجها.
التنمية الاقتصادية
آثار سوء التغذية على التنمية الاقتصادية في اليمن واضحة تتمثّل من خلال زيادة السكان حيث يواجه اليمن معدل نمو سكاني متزايد بنسبة (3% )، وتشكّل فيه الفئة العمرية تحت سن (15) عاماً نسبة (50%) من إجمالي السكان، مما يعني زيادة الطلب على الخدمات ومزيداً من الأعباء على الحكومة, وبالمقابل تصل نسبة السكان الذين يعيشون في اليمن على أقل من دولارين بحسب تقرير التنمية الإنسانية للعام 2012م إلى (17,5%) في الوقت الذي يعاني فيه اليمنيون من انعدام الاكتفاء الذاتي.
وتعتبر اليمن في المرتبة ال (72) من أصل (81) بلداً يعاني من عدم وجود اكتفاء ذاتي في معظم المواد الغذائية الأساسية مثل القمح والأرز، حيث تستورد (90%) من حاجتها من القمح و(100%) من احتياجاتها من الأرز، مما يعني أن السوق اليمنية غيرقادرة على تأمين احتياجاتها الغذائية، وفي الوقت ذاته شكّل ارتفاع الأسعار أحد العوامل التي أدت إلى انعدام الأمن الغذائي.
خسائر مادية كبيرة
واستمرار حالة سوء التغذية في اليمن بطبيعة الحال يكبّدها خسائر مادية كبيرة تقدر سنوياً ب (3%) من إجمالي الناتج القومي الإجمالي, فعلى ضوء تقديرات عام 2011م بلغت تلك الخسائر تحديداً (252,311,670,000) ريال، وتوالت هذه الخسائر لتصل عام2012م إلى (254,538,970,000) ريال , وهذا يُظهر الآثار الخطيرة لسوء التغذية على الاقتصاد اليمني، مما يعني أنه يشكّل تحدياً كبيراً وعائقاً جسيماً لمسار التنمية في اليمن.
واقع المشكلة وأبعادها
ولا يعني تناول أيّ غذاء مصطلحاً لإشباع الجوع، كما يظن راسمو الخطط والسياسات في الكثير من البلدان النامية، وهو ما صرفهم عن أيّ اهتمام بالتغذية السليمة ومقوماتها المفيدة وكأنما الكل يعرفها بالفطرة أو السليقة, غير أن هذا الانطباع الخاطئ لم يعد له مكان منذ أن تصدّرت التغذية اهتماماً عالمياً مع نهاية القرن المنصرم لتشكّل المرمى والهدف الأول بين مرامي وأهداف الألفية التنموية.
عواقب سوء التغذية تتمثّل في أولاً :ارتفاع معدل الوفيات حيث يعتبر سوء التغذية من أعظم التهديدات التي تواجه الصحة العامة، وبالتالي فإن مسألة تحسين التغذية هي أعظم نموذج لتقديم المساعدة والمعونة. كما إن سوء التغذية يُعد المساهم الأكبر في وفيات الأطفال، بنسبة تقدر بنحو (50%) بين الأطفال، بينما شكّلت كل من نسبة المواليد ناقصي الوزن وقصور النمو داخل الرحم على مستوى العالم, السبب الكامن في وفيات (2,2مليون) طفل سنوياً، وتبدو الرضاعة الطبيعة القاصرة أو المنعدمة أصلاً نتيجة الاعتماد الكامل على الرضاعة الصناعية أحد أبرز المشكلات كونها تمثل سبباً في وفاة نحو (1,4 مليون) طفلاً آخر حول العالم.
أمراض معدية
ثانياً: العواقب المرضية حيث يزيد سوء التغذية من مخاطر التعرّض للعدوى والإصابة بالأمراض المعدية، منها أن سوء التغذية العام يؤدي إلى انخفاض وزن الجسم مقارنة بالعمر أو الطول.. إن سوء التغذية الناجم عن نقص الفيتامينات والمغذيات الزهيدة المقدار يُفضي إلى حدوث كثير من مشاكل الصحة بدنياً وعقلياً..وظهور سوء التغذية خلال سن الإنجاب لدى النساء مسألة واردة إلى حدٍ كبير تتجلّى مع تناول الأمهات لأغذية غير كافية كماً ونوعاً، فيصبحن بذلك غير قادرات على تحمل متاعب الحمل وعرضة للإصابة بالأمراض المتكررة، وما يترتب عليه من ولادة أطفالٍ ناقصي الوزن، ذوي فرصة أقل في البقاء على قيد الحياة, وإذا بقوا على قيد الحياة فسيكونون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض وتأخر النمو الجسدي وضعف النمو العقلي.
إلى جانب مضاعفات أخرى طويلة الأمد تتمثّل في التقزُّم ونقص القدرة على أداء المهام التي يحتاجها الفرد لتأمين الموارد اللازمة للحياة ومن ثم قلة الإنتاجية وتدني الدخل الضروري للمعيشة مع ضعف القدرة على التحصيل العلمي.
من ناحية أخرى يؤدي سوء التغذية عند الأمهات المرضعات إلى نضوب مخزون العناصر الغذائية الأساسية في الجسم مثل (الكالسيوم، الزنك، الماغنيسيوم، حامض الفوليك، فيتامين ألف) وربما البروتينات، ويمكن لمثل هذا النقص أن يزيد من خطر إصابة الأم بمرض هشاشة العظام.
ولأن متطلّبات الطاقة الغذائية تزداد بشكلٍ ملحوظ خلال فترة الحمل والرضاعة, فإنه وبمعزلٍ عن تلبية احتياجات الطاقة لدى الحامل تكون النتيجة أنها تلد مولوداً منخفض الوزن، يقابله انخفاض مخازن الدهون لديها؛ بما يحد من نجاح الرضاعة الطبيعية.
وليس المعنى هنا أن تعذّر نجاح الرضاعة عائدٌ إلى انخفاض كمية حليب الأم، فهذا الاعتقاد ليس صحيحاً، وذلك لأن كمية حليب الأم تعتمد أساساً على عدد مرات الرضاعة ومدى فعالية مص الطفل للثدي، وهو ما تؤكده العديد من الأبحاث والدراسات العلمية.
تخلُّف عقلي
ثالثاً الآثار النفسية: بناءً على ما أوردته (مجلة اللانست العلمية) فإن سوء التغذية المتمثلة في نقص اليود يمثّل السبب الحتمي الأكثر شيوعاً وراء حدوث التخلف العقلي عند الأطفال عبر أرجاء العالم، لدرجة أن النقص المتوسط من مادة اليود وخاصة عند النساء الحوامل والأطفال يمثل العامل الذي يقلل من مستويات الذكاء بمعدل (10 - 15) نقطة في مقياس الذكاء. من ناحية ثانية فقد ارتبط التعلم والتحصيل الدراسي الجيد بالوجبة الغذائية لما للأخيرة من تأثيرٍ على قدرات التعلم والاستيعاب وسعة الذاكرة، ووجد بحسب الدراسات أن الأطفال الذين يتناولون مكونات غذائية أفضل يتسمون بأداء دراسي أفضل.. وهنا تعتبر مشكلة سوء التغذية في اليمن من أهم أسباب تأخير عجلة التنمية والتطور، وبقدر ما تسهم به في هذا التأخر فإنها أيضاً نتيجة حتمية له.
الجهات المسؤولة
وتعد المعدلات المرتفعة لسوء التغذية في اليمن نتاج تفاعل العديد من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بصورةٍ تتداخل فيها أدوار ومسؤوليات واختصاصات العديد من الجهات المسؤولة عن مواجهة ومعالجة سوء التغذية من الدوائر الحكومية والقطاعات والجهات الأخرى ذات العلاقة وفي مقدمتها السلطات المحلية في المحافظات ووزارات (الزراعة، الصحة، المياه والبيئة، الشؤون الاجتماعية، التجارة والصناعة، التربية، الإعلام، الأوقاف والإرشاد والتعليم العالي)، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني والمجتمع الدولي والأسرة, وبالتالي فإن مشكلة سوء التغذية تترتب تبعاتها ومسؤوليتها على الجميع وإن اختلفت المواقع والأدوار من أجل التصدي لها بكفاءة واقتدار على مختلف المستويات.
لذلك يجب أن يتكاتف الجميع على المستوى الرسمي والشعبي مثل السلطة المحلية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات المعنية بالغذاء ورعاية الطفولة الرسمية منها وغير الرسمية، وسائر القطاعات والجهات المعنية بالاقتصاد والصحة والزراعة والتعليم العالي والتربية والإعلام والأوقاف والإرشاد ومن يمثلها من خطباء ووعاظ، وهي مسؤولية مثقلة بمعوقات لا يمكن لجهة أو مؤسسة حكومية كوزارة الصحة أو جهة أخرى حكومية أو غير حكومية أن تزيلها منفردة دون تعاون كافة القطاعات.
آفة في اتساع مستمر
إن تزايد حالات المعاناة من سوء التغذية في اليمن على نطاق واسعٍ بات معه نحو مليون طفل دون سن الخامسة تحت طائلة هذه المشكلة مما يُعطي انطباعاً عما آل إليه حال تلك الشريحة من الأطفال ومدى تردي أوضاعهم الصحية إلى حدٍ جعلهم عرضة للإصابة بأمراضٍ كثيرة ما كانت لتصيبهم أو لتشكل تهديداً خطيراً على صحتهم إذا لم يكونوا بالأساس يعانون من سوء التغذية، لدوره في تدني مناعة الجسم فيعجز بسببها عن منع إصابة الطفل بمختلف الأمراض المعدية أو غير المعدية، أو حتى التخفيف من حدة الإصابة بها.
أنها حقاً آفة في اتساع مستمر يَعصف باليمن مع اتساع فجوة الفقر وضعف الاقتصاد الوطني وتدهور الأحوال المادية والمعيشة في أوساط الأسرة والمجتمع.
اهتمام دولي
المنسق المقيم للأمم المتحدة بصنعاء إسماعيل ولد الشيخ أحمد أشار إلى أن اليمن تواجه تحديات إنسانية كبيرة في مجالات عديدة أبرزها وجود نحو 10 ملايين مواطن يمني يعانون من سوء تغذية خمسة ملايين شخص منهم بحاجة إلى مساعدات طارئة، كما أن هناك ما يقارب 500 ألف مواطن في مناطق النزوح المختلفة نتيجة الحروب والصراعات السياسية التي شهدتها اليمن خلال السنوات الماضية أغلبهم من النساء والأطفال.
وقال إن القضايا الإنسانية في اليمن تحظى بأهمية كبيرة في برامج المنظمات التابعة للأمم المتحدة العاملة في اليمن. وتطرق ولد الشيخ إلى مشكلة التدفق الكبير للاجئين والمهاجرين من دول القرن إلى اليمن فقال هناك ما يقارب من 300 ألف لاجئ أفريقي مسجلين لدى المفوضية السامية للاجئين، فيما يصل عدد اللاجئين غير الشرعيين إلى أضعاف هذا العدد مثمناً في الوقت نفسه جهود الحكومة اليمنية في استقبال هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين رغم ظروفها الاقتصادية والإنسانية.
وحول جهود الأمم المتحدة ومنظماتها العاملة في اليمن قال إنها تهدف إلى مساعدة الحكومة اليمنية في مواجهة تداعيات الأزمة الإنسانية.. مشيراً إلى أن تدخل الأمم المتحدة في بداية الأزمة الإنسانية التي شهدتها اليمن خلال السنوات القليلة الماضية كان له أثر كبير في دق ناقوس الخطر وساهم في حشد الدعم من قبل الجهات والمنظمات المانحة. لمساعدة اليمن في مواجهة الأزمة الإنسانية قبل أن تتسع وتتحول إلى مأساة إنسانية، منوهاً بهذا الصدد بأن الأمم المتحدة اعتمدت مبلغ ( 705 ) ملايين دولار لمشروع الاستجابة الطارئة ، مؤكداً أنه سيتم زيادة هذا المبلغ بما يلبي الاحتياجات الإنسانية الضرورية لليمن منها ( 350 ) مليون دولار مساعدات غذائية وصحية وتعليمية.
مساعدة اللاجئين
كما تناول ولد الشيخ أحمد جهود منظمات الأمم المتحدة العاملة في اليمن في مساعدة اللاجئين وتوفير الاحتياجات الأساسية لمخيمات اللجوء ومخيمات النازحين في أكثر من منطقة، بالإضافة إلى دعم عودة نازحي محافظة أبين إلى مناطقهم من خلال تخصيص مبلغ ( 90 ) مليون دولار لإعادة تأهيل العديد من المدارس والمراكز الصحية التي تضررت جراء الأحداث التي شهدتها المحافظة في عام 2011م، إضافة إلى دعم برنامج نزع الألغام في تطهير حوالي 50 % من المناطق المزروعة بالألغام في محافظة أبين إلى جانب تقديم الدعم النفسي للأسر المتضررة جراء الصراع وخاصة للنساء والأطفال لمساعدتهم على تجاوز الظروف النفسية جراء عملية النزوح. ودعا ولد الشيخ أحمد الصحفيين والإعلاميين في اليمن إلى إعطاء اهتمام أكبر في تناولاتهم الصحفية للقضايا الإنسانية والتنموية والتركيز على احتياجات المجتمعات المحلية للإسهام في لفت نظر الحكومة والجهات المانحة وعلى رأسها منظمات الأمم المتحدة لمعاناة هذه المجتمعات ليتسنى لها توجيه الدعم وتنفيذ البرامج لصالح تنمية هذه المجتمعات المحلية والتخفيف من معاناتها.
اليونيسيف تحذَّر
وكانت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الأمومة والطفولة اليونيسيف قد اطلقت خلال العام الماضي نداءً دولياً لإغاثة أطفال اليمن من كارثة كبيرة بسبب سوء التغذية، ودعت إلى تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية العاجلة لليمن. وحذرت من أن حياة مئات الآلاف من الأطفال اليمنيين معرضة للخطر بسبب سوء التغذية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.