ازمة الانتقالي الشراكة مع الأعداء التاريخيين للجنوب العربي الأرض والإنسان    الانتقالي الجنوبي ثمرة نضالات طويلة وعنوان قضية شعب    فخامة الرئيس بن مبارك صاحب القدرة العنكبوتية على تحديد الضحية والالتفاف    تاجرين من كبار الفاسدين اليمنيين يسيطران على كهرباء عدن    كرة القدم تُلهم الجنون: اقتحامات نهائي دوري أبطال أوروبا تُظهر شغف المُشجعين    كشف هوية القاضي الذي أثار موجة غضب بعد إصداره أحكام الإعدام اليوم في صنعاء    تجدد مواجهة مصيرية بين سكان صنعاء و الحوثيين    ما خطورة قرارات مركزي عدن بإلغاء العملة القديمة على مناطق سيطرة الحوثيين؟.. باحث اقتصادي يجيب    "إنهم خطرون".. مسؤول أمريكي يكشف نقاط القوة لدى الحوثيين ومصير العمليات بالبحر الأحمر    "لماذا اليمن في شقاء وتخلف"...ضاحي خلفان يُطلق النار على الحوثيين    غدر به الحوثيون بعدما كاد أن ينهي حرب اليمن.. من هو ولي العهد الكويتي الجديد؟    عيدروس الزُبيدي يصدر قراراً بتعيينات جديدة في الانتقالي    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    المرصد اليمني: أكثر من 150 مدنياً سقطوا ضحايا جراء الألغام منذ يناير الماضي    كيف أفشل البنك المركزي اليمني أكبر مخططات الحوثيين للسيطرة على البلاد؟    ضربة موجعة للحوثيين على حدود تعز والحديدة بفضل بسالة القوات المشتركة    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    جريمة مروعة تهز المنصورة بعدن.. طفلة تودع الحياة خنقًا في منزلها.. من حرمها من حق الحياة؟    مشهد رونالدو مع الأمير محمد بن سلمان يشعل منصات التواصل بالسعودية    تنديد حقوقي بأوامر الإعدام الحوثية بحق 44 مدنياً    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    سلم منه نسخة لمكتب ممثل الامم المتحدة لليمن في الاردن ومكتب العليمي    صندق النقد الدولي يعلن التوصل لاتفاق مع اوكرانيا لتقديم مساعدة مالية بقيمة 2.2 مليار دولار    استشهاد 95 فلسطينياً وإصابة 350 في مجازر جديدة للاحتلال في غزة    بوروسيا دورتموند الطموح في مواجهة نارية مع ريال مدريد    المنتخب الوطني يواصل تدريباته المكثفة بمعسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا للشباب    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    بنك سويسري يتعرّض للعقوبة لقيامه بغسيل أموال مسروقة للهالك عفاش    موني جرام تعلن التزامها بقرار البنك المركزي في عدن وتبلغ فروعها بذلك    مجلس القيادة يؤكد دعمه لقرارات البنك المركزي ويحث على مواصلة الحزم الاقتصادي    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    شاهد: مقتل 10 أشخاص في حادث تصادم مروع بالحديدة    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    الامتحانات.. وبوابة العبور    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصيدة من ربيع.. الشعراء بين نزيف الشعر والثورة
نشر في الجمهورية يوم 11 - 02 - 2014

الشعر ثورة، وكل ثورة تحتاج إلى صوت، يحملها على جناحه، يجوب بها الشوارع، ويجمع حولها المريدين، كان الزبيري، الشاعر الذي عايش ثورة 26 من سبتمبر, وكان الموشكي وجرادة ولقمان ولطفي جعفر أمان, وغيرهم الكثير ممن بشروا بالفجر وسطوعه القريب على الأرض اليمنية.. ثم كانت ثورة 11 فبراير الشبابية التي هزت الطغيان وزلزلت الخوف أولاً وحاولت طمسه من القلوب.. فهي ثورة جاء تبحث عن الحرية وتتنسمها, فحري بها أن يكون من أعتى أسلحتها الصوت, أي الكلمة وكل مترادفتها, بدءاً من الشعارات ومروراً بالأغاني والقصائد وليس انتهاءً بالطبع بالمسرح والكاريكاتير, لأنها ثورة فن كما عبر عن ذلك الكثيرون..
لذا شعراء كثر أبدعوا وحلقوا في سماء الكلمة والبوح الثوري اللذيذ, الذي وصمته قصائدهم في أتون ثورة, أرادت أن تعيد للإنسان اليمني إنسانيته التي افتقدها كثيراً.. هناك ممن لهم باع طويل مع الشعر وآخرون كانت بداياتهم مع بدايات الثورة وانطلاقة حنجرتها من الساحات المختلفة, ففي خضم المشهد الساخن الذي شهدته البلاد حضر الشعر بقوة مُعبراً عن الروح الثورية التواقة إلى الحرية وأخواتها من عزة وكرامة ومواطنة, فمنذ اللحظة الأولى لانطلاق الثورة كان الشعراء هم السَباقون في تسجيل اللحظة الثورية التي تحدت الانكسار, ف “الجمهورية” استطلعت آراء بعض الشعراء, ممن كان لهم ولقلمهم دور بشكل أو بآخر في ثنايا الثورة وماتبعها حتى اليوم..
ترجمة حقيقية
الشاعر والثائر فخر العزب تحدث عن فبراير الحدث والقصيدة بأنه جاء ترجمة حقيقية لثورة الشعر, التي قادها أيضاً جيل من الشعراء الشباب أو ما يطلق عليهم بالشعراء الألفينيين, ولأن الشعر هو مرآة لحياة الشاعر فقد كانت تفاعلات الثورة السياسية في البلد لها أثرها في القصيدة من ناحية المعنى والمبنى التركيبي للقصيدة..
مدرسة
وعن معايشته للحدث عن قرب في تجربته الخاصة كان للثورة أثرها على القصيدة عنده كماقال العزب وذلك باعتبار أن الثورة قدمت أجمل وأنبل ما في الشعب وجعلتني أعيش حيناً من الدهر في عامٍ واحد تحت خيمةٍ أضفت على حياتي تجارب شتى, فقد كانت الثورة مدرسة حياة, والشاعر تليمذاً لبيباً فيها, يقوم بدور المؤرخ التاريخي الذي يؤرشف الأحداث عن طريق قولبتها في وعاء الشعر..
غزارة
وعن التاثير والتأثر يقول العزب: لم تؤثر الثورة في الشعر السياسي والوطني فقط من خلال تجربتي الشعرية, لكنها تعدت ذلك إلى غزارة الإنتاج في الشعر العاطفي, حيث أشعر أن الثورة قد عملت على أنسنة الثوار وجعلتهم يعيشون في قمة الرقي الروحي والعاطفي, الذي يسمو بروح الشاعر وهو يرى وطناً يتكون في مساحة جغرافية صغيرة تحوي كل القيم الجميلة..
زلزال
الشاعر أحمد الجبري تحدث عن هذه الثورة وما أحدثته في نفسه أولاً كمواطن ثم كشاعر قائلاً: لم تكن ثورة 11 فبراير ثورة على النظام الفاسد فقط..! فقد كانت ثورة حقيقية على قيم الإحباط واليأس التي كانت تخيم على الناس وأنا منهم.. لقد أحدثت بالفعل زلزالاً شديد الأثر في كياني وأزالت كل التشوهات التي رسختها عقود من الفشل على يد نظام فاشل مستبد بئيس . بعد ثورة فبراير اكتشفت كغيري بأنني مواطن يملك قراره و يساهم بثقة في ترميم ما دمر ، كما شعرت و لمست جدوى وسائلنا السلمية في التغيير وعلى رأسها الكلمة وعلى رأس الكلمة الشعر . بعد الثورة تغيرت شعراً و شعوراً وأحسست بحقيقة وجودي و بلذة رسالتي في الحياة..
تحول
الشاعر عامر السعيدي يقول: بأنها كانت تحولاً تاريخياً في كل الاتجاهات وعلى جميع الاصعدة والمشهد الثقافي جزء من المنظومة المعرفية للواقع والحياة العامة.. ولقد كانت ثورة 11 فبراير أكثر من تغيير سياسي محدود.. لقد كانت ثورة عارمة على كل التشوهات المجتمعية والثقافية والأخلاقية أيضا .. لقد استطاعت الثورة نسبيا أن تخلق ضجيجاً ثقافياً مختلفاً ومتنوعاً, إذ لم يعد في نظر المارد الجديد أي تقديس للتابو القديم الذي تفنن الطغاة في صناعته وصياغة محتواه وتسويقه كمثقف نموذجي خصوصاً أن هذا الجيل جاء كبيرا منذ ولادته . أنا في هذه السطور لن أتكلم عما أضافته أو ستضيفه الثورة لي كشاعر ولكني أرى كل من أنكر تأثره وتأثير الثورة عليه وعلى تجربته سيكون في مواجهة مباشرة مع ذاته أولا ومع جمهوره الذي يدرك تماما مدى تأثير الثورة على المجتمع وطريقته في التفكير والوعي والادراك والتأمل . صحيح لم يكن حظ المثقف عند المستوى المأمول ولا المقبول ولكننا نستطيع القول أن بروز أصوات ووجوه جديدة ذات أدوان جديدة يعتبر في حد ذاته ثورة..
وعي
الشاعر الشاب فتاح المقطري والتي تفتقت شعريته مع الثورة كما يقول: تحدث بكل حب بأنها أضافت تجارب عديدة, وفي كافة المجالات, خاصةً في الجانب الإبداعي والتغييري.. فالساحات فجرت العديد من الإبداعات التي كانت نائمة أو كامنة, كخطاب توجيهي سلمي لرحيل النظام السابق آنذاك.. وكان كل ذلك من خلال القصائد التي كان يلقيها شعراء شباب أنتجتهم الثورة, بالإضافة إلى فنون المسرح والرسم, الآن وبعد 3 أعوام من انطلاقة الثورة نستطيع أن نقول إنها أوجدت شيئاً اسمه الوعي الثوري والتنويري.
منبر
الثورة كانت منبرا من لا منبر له كما عبر عن ذلك الشاعرأحمد عطاء والذي وصف فبراير بأنه كان بحراً وافراً بكل ما تحمله الكلمة من معنى, إذ كان إضافة خاصة, ليس من الناحية الثورية فحسب, بل من ناحية إطلاق العنان للحروف المكبوتة في داخل كل شاعر, حيث إن تجربتي مع الحرف اختلفت جداً عما قبل, فقد كانت منصة ساحة التغيير منبراً خصباً لعرض وإلقاء ماكتبته, أمام الشباب الذي أثبت أنه متذوق للشعر( ياموطن الخدع البهية إنني _أنعاك حرفاً بل وانعت بينك الموت في كل الشوارع واقف بيديه رشاش يدك عرينك ) من قصيدة في رثاء وطن, التي ألقيتها بعد مجزرة جمعة الكرامة, حقيقة كل ما كتبته في ثورة11فبراير كان كوناً آخر و بحراً مختلفاً في غاية الإبداع..
حضور
عطاء يؤكد ان الشعرية قد لا مست الربيع وذلك بأنه كان حاضرا في قيادة الثورة حيث ظهر في هذه الثورة العديد والكثير من الشعراء المؤثرين لا المتأثرين, حتى على مستوى كتابة الأغاني والأناشيد الثورية, فالساحات كانت منبراً خصباً وسماءً لامتناهية من الإبداع وعرض كتاباتي و نصوصي في الساحات شكلت محوراً مختلفاً في حياتي الشعرية, إذ كان يوجد في الساحات العديد من الشعراء والنقاد العمالقة, الذين افتخر بالجلوس معهم داخل خيمة الساحة..
زخم
بدوره الشاعر مختار محرم تحدث عن فبراير والقصيدة بأنها كانت مؤثرة ومتأثرة في نفس الوقت وبنفس المقدار.. ففي بدايات الثورة كان الشعراء كغيرهم من طوائف الشعب اليمني وجيرانهم في كل البلاد العربية مأخوذين بنشوة الزخم الربيعي, الذي أحدثه سقوط بن علي السهل في تونس فتسابقت حروف الشعراء وحرفي من بينها في الاحتفال بهذه الصحوة العربية والتبشير بسقوط باقي الأصنام في باقي الدول.. وكنت من الشعراء السباقين .. ثم جاء سقوط حسني مبارك في مصر فازدادت حماسة الشعراء وأدرك الحرف أن التغيير قادم لا محالة ..
تلاشي
وعن تجربته يقول محرم: لقد كتبت حوالي نيفاً وعشرين قصيدة في أسابيع الثورة الأولى.. وكلما ازداد حماس الشاعر زادت كلماته قوة وتأثيراً في الجموع حتى بدأت بوادر اختراق الثورة من أجنحة الفساد في النظام السابق وهي التي كانت أحد أهم ركائز الظلم التي ثار عليها المثقف اليمني .. عندها بدأ تأثري بالثورة يقل.. وبدأ كذلك إحساسي بالأمل وبالربيع يتلاشى تدريجياً حتى وصلت إلى قصيدة على أطلال الربيع التي أنعى فيها الربيع العربي..
اغتراب
وقد كانت تجربة محرم مختلفة نوعاً ما كما قال لاغترابه عن وطنه فكانت مختلفة عن تجارب الشعراء الذين حضروا الساحات فقد كان الإحساس بالثورة والرغبة في التغيير ممزوجاً بالشوق للتواجد في الساحات فأثر ذلك كثيراً في زيادة الإحساس بالغربة في قصائدي وفي زيادة حضور الوطن في كتاباتي وتجسد هذه الحالة قصيدتي المعنونة ثورة مغترب.. لكن كوني شاعراً مغترباً لم يجعلن غائبا عن الساحات فقد ألقيت قصائدي عبر بعض الأصدقاء الحاضرين في ساحات الثورة.. أخيرا.. رغم انهيار الكثير من الآمال التي بنيناها لتغيير واقعنا وبناء دولة تحتضن أحلامنا وتجعلها واقعا إلا أن 11فبراير يظل موسما للحلم وللأمل نستذكر فيه إيماننا بضرورة بناء وطن يحتضننا جميعا..
اختزال
يعد الشاعر جبر البعداني من أكثر الشعراء نتاجاً عن فبراير ولكن يقول عنها بأنها لم تضف شيئاًحقيقياً رغم أنها كانت مادة شعرية دسمة لأغلب الشعراء واليوم بعض المنفوخين في ساحة المشهد الشعري اليمني العاهر تحاول اختزالها في شخوص شعراء معينين كافرين بأهداف الثورة التي قامت ضد الاختزال وصناعة الأصنام..
رحلة بحث
فبراير القصيدة في عرف جبر ليس حراكاً إبداعياً حقيقياً ولكنها ثورة كشفت عن مشاعر وتطلّعات هذه الشريحة من المجتمع, والتي هي جزءٌ لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي كان البحث في الأول والأخير عن الوطن بعد الثورة ومحاولات جاهده لرسم ملامحه شعراً, فالوطن القصيدة التي لن تكتب حتى يرث الله الأرض ومن عليها.. فالشعراء لم يكونوا ممن يقودون المشهد ولم يكونوا ممن يتأثرون ولكن كانوا كاميرات تنقل الواقع تصويراً حياً من جهة وترسم ملامح الوطن ما بعد الثورة وأحلام البسطاء من جهة أخرى وبين هذا وذاك ثمة قصيدة لم يهتد إليها ولن يهتدي إليها أحد وهي الوطن..
كان قصيدة
الشاعر محمد الحريبي يقرر بأن فبراير لم يكُن شهراً بل كان قصيدة,ْ كان الشعر مهجوراً إلى حدٍ ما قبل الثورة وفي الحقيقة كان الواقع الأدبي يعاني كثيراً بالنسبة لي كاد حلق أحلامي يجف لكن الثورة أروت عطشا حرفيا كثيراً فأرهقني الشعر بمسيراتهِ اليومية في رأسي ؟!. تغير الكثير بعد الثورة ؟ أصبحت النصوص تتشح بهموم الوطن أكثر, فأستطيع أن أقول من خريف الأنا إلى ربيع الشعب .. ثورة فبرايركان لها أبجدة العلاقة بين الشعر وجمهوره, بين الشاعر وهموم شعبه لا أقول أن الشعر لم يكُن يحمل قضية قبل ثورة فبراير لكن وحدها ثورة الشباب من اعتصِّرت مُخيلات الشعراء وأخرجت قصائدهم إلى الجمهور بدون حاجز وبدون كل تلك القيود التي كانت مفروضة قبل فبراير..
صبر
عادل نور تحدث عن فبراير بانه كان ثورة وهي بدورها تأتي نتاجآ لصبر الشعوب على فساد حكامها والعبث بحقوقها.. تبدأ بالمطالبة السلمية على شكل احتجاجات لتصل، في حالة رفضها ومحاولة إسكاتها، إلى معناها الحقيقي بالغضب المسلح .. وهي حق شرعي لكل فرد ليثور على ما يمس كرامة الإنسان والوطن ويحط من قدرهما في الحياة .. ثورة 11 فبراير _ في اليمن _ كانت بمثابة الضوء الذي يكشف المستترين بالظلمة لينهشوا الوطن والشعب..
شمس
الشاعر حسن الخميسي يرى بأن يوم الحادي عشر من فبراير لم يكن يوماً عادياً.. بل كان على حد تعبير الزبيري {يوم من الدهر لم تصنع أشعته شمس الضحى بل صنعناه بأيدينا ) كان جيشاً من المبدعين سلاحهم الزهور وهدفهم الحرية, وهمهم الأكبر وطن من أجله امتلأت بهم الميداين.. كان الشعر المحرك الأول للثورة وكان الشعراء من بين الطلائع الثورية ونالوا قسطهم من الهم والعناء وبذلوا جهدهم في سبيل الحرية والرقي والشموخ..
دفء
وعن الميادين والساحات يقول الخميسي: من خلال اختلاطنا في الميادين بأكابر الشعراء وبأعداد كبيرة من الشعراء الجدد من الشباب المبدعين ساهم ذلك كله في صقل موهبتي وزادني خبرة ومتعة في نفس الوقت فهنالك وجدت العالم الذي احلم به.. جماعات من الشعراء وخيمة شعرية قادنا دفئها ومنظرها الى تذكر امرئ القيس أمام خيمته يصطلي, وبعنترة إزاء خيمته يسرج أدهمه ليوم تتكسر فيه النصال بأيدي الرجال, كان الشعراء بين قائد ومقود ولكن الشعر كان القائد الذي لم يختلف حول قيادته اثنان, عظيم أنت يايوم الحادي عشر من فبراير وعظيم أنتم أيها الشباب الواعي حفظ الله بلدنا وأمتنا وأعاد عليها هذا اليوم وقد تحقق لها ماخرجت في الميادين من أجله..
- الشاعر الشعبي عبدالرحمن سراج يقول عن الثورة بأنها غيرت كثيراً من تجربته الشعرية وطورت فيها.. وانا مثلما ابحرت فيها وكتبت بقدر ما استطيع مثلما أحبطت من نتائجها وانكسفت شعرياً بعدها .. أكثر من ثمانية اشهر ما كتبت حرفاً واحداً .. إذا استثنيت آخر قصيدة قبل أسبوع تقريباً وإنا لا أستطيع أن اسميها قصيدة لأنها كانت كيبوردية مستعجلة وفيها اخطاء وكسور غير عادية ..
خطفوا الأضواء
الشاعر مجاهد العبيدي تحدث عن الشعر وفبراير بأنه لا تذكر ساحات وميادين الحرية في اليمن إلاَ ويذكر معها الشعراء الذين خطفوا الأضواء وخلطوا الأوراق وأزعجوا القادة والحكام ، مُواكبين الثورة ومسجلين أدق تفاصيلها. وظهرت كوكبة من الشباب الشعراء الذين صدروا قصايدهم وأثروا ثورة الشباب بقصائدهم ورسموا أهدافهم وأوصلوا صوت الثورة الى أبلغ مداه بهدف اصلاح الأوضاع واقتلاع الفساد وإحداث تغيير في جميع المجالات وقد أثر الشعراء وتأثروا بثورة التغيير وللأسف لم نبلغ الأمل والحلم في التغيير..
نزيف
الشاعر أحمد الجهمي وكما عايش الثورة وساحاتها وعايش النزيف عايش النزيف الشعري أيضاً, فلقد كان للقصيدة حضورها الراقي في ساحات التغيير والحرية، في خيامِها المعتقة ِ بالحلم، وفي منصاتِها المشرئبةِ الرؤى، ومازلت أتذكرُ نموذجاً رائعا لساحة التغيير بصنعاء للشاعر الراقي يحيى الحمادي الذي كتب عشرات القصائد مواكبة لأيام وأحداث الثورة اليمنية المباركة وكذلك تجربة الشاعر الراقي أحمد عبد الغني الجرف التي كانت قصائدُه تنزفُ شعرا، وغيرهم... أما بالنسبة لتجربتي فأجزمُ أن نسائم تلك الثورات المباركة قد هبت عليَّ وفاحت قصائد كثيرة منها قصيدة يانعُ الظل، ونفخة ٌ في رحم اليباب، وإلى صنعاء..
صوت جديد
فبراير أعاد للكلمة قوتها حيث زاحمت دوي الدبابات والمدافع وكأنهُ أحيت العديد من القصائد التي كنت أكتبها في بداية كتباتي للشعر حيث كنت أكتب وأخفيها من أسواط الجلادين وانعدام الصوت الثقافي حينها وحيناً لعدم اكتمال الصورة الشعرية لدي لتأتي الثورة كبوابة تغير في الرؤى والأفكار وأتساعها مع الخروج يومياً وترديد الهتافات والمطالب..
هي تجربة فريدة كما وضح ذلك الشاعر عبد الحميد الكمالي وقال: فبراير خلق صوتاً جديداً لي ونافذة مطلة للكتابة من أجل وطن وأرض لا من أجل أشخاص وتماثيل ملها الزمان وثبت الحرف في القصيدة التي أكتبها وزرع بداخلي روحا أسهمت جداً في تتطور كتاباتي الشعرية فكانت ثورة الشباب كالقصيدة التي أسعى لكتابتها دوماً ولم أكن أعرف منها سوى الخاتمة لتبني من جديد جسد القصيدة بكل المشاهد التي كانت تحاكي الثورة من التضحيات التي قدمها الشهداء ومن الصمود الذي تفجر من الساحات ومن التفاف الشعب موحداً كلمته تحت راية واحدة..
إذن فبراير الميلاد الثاني للشعر حيث كان رافداً ومساحة للشحن الثوري والوطني للثائرين واستلهام أبطال ثورتي سبتمبر وأكتوبر وقائداً حقيقياً من الخلف والعين المبصرة للقادم واليد التي تجلد بها أزلام الظلام المتهالك.. فثورة فبراير كنا نقرأها بشكل شبه يومي في دواوين المستبصر عبدالله البردوني رحمة الله عليه حتى عايشناها .. فهي في عرف الكمالي:
الحُرٍية فِي وَطَنِي
أرّخَهَا السِيَاسِي
إنّهَا مِنْ بُرج العذْرَاءْ
ونُصَّ قَانونْ
مِنْ عَدمِ التَفَكِير
أو الاقْتِرَابْ
وَدُونَ خَدْشٍ للْحَيَاءْ
يَجِبُ أنْ تَبَقَى
الحُرِيةٌ جَارِية
للْحَاكمْ
وللْشَعبِ مسْألة عُذْرِية
فَأجْهشْ يَا شَعْبِي بَالْبُكَاءْ
فَقدْ أغْتِصِتْ الحُرِية
مِنْ الحَاكمْ
ومِنْ أربَعَةِ جِرَاءْ
وأنْ ثُرُتَ يَا شَعْبِي
أخْرَجُوا صُكُوكْ الملْكِية
بَأنْتِهَاكِ العُذِرِية
ويَقُولونْ لدِيْنَا مَال
وجُندْ وغَجرْ
لِذَا نَحنُ الأخْيَار
والْقُومُ الأوْلِيَاءْ
ومنَّا مَنْ وَصَلَ
إلى مَنَازلِ الأتْقِيَاءْ
منشورات سياسية
أما الشاعر الجميل والمتألق يحيى الحمادي فقد كانت له تجربة فريدة يحيى الحمادي فثورةُ الشباب كما يقول عنها: كانت لي بمثابة النافذة التي مِن خِلالِها سَمِعت الوطن و أجبتُهُ منها كواحدٍ مِن بين كل تلك الملايين, التي لَبَّت النداء في مُختلف ساحات و ميادين الثورة, ومِن هذه النافذة رأيتُ أنِّي -و مَن معي مِن شعراء الثورة- في مهمةٍ ثوريةٍ مختلفة عن تلك الجُموع الثورية ألَا و هي التعبير عن تطلعاتِها و آمالِها و التوثيقِ لِمراحلِها النقيّة التي اعتراها الكثيرُ مِن التّحريف و المغالطات السياسية. لم يكن الأمر سهلًا عليّ في بداية الأمر و خاصةً تلك الفترة التي عاشت مخاضًا عسيرًا قبلَ تَكوُّنِ السّاحات و نَصبِ الخِيَام, فقد كنتُ حِينها أكتبُ القصيدةَ ثمّ لا أجِد المنبرَ الذي أُطِلُّ مِن خلالهِ على الجمهورِ ناهِيك عَن امتناع الكثير من الصُّحُف عن نَشر قصائدي آنئذ حيثُ أنَّ الثورة في تِلك المرحلة لم تكن قد فَرَضَت نفسَها كأمرٍ واقع و كان الكثيرُ يَرَى أنَّها سَتَنطفئُ بمجرّد قَمعٍ يحصل هنا أو قتلٍ هناك, لكنْ و بعد أن نُصِبَت الخِيَامُ و بَدَأت السّاحاتُ بِفَرضِ نفسِها في المَشهد و بَدَأت ملامِحُ الثورة تتشكل يومًا إثرَ آخَر وَجَدْتُ بعدَها البيئة الملائمة لنَشر نتاجي على شريحةٍ أوسَع مِن الناس حيثُ كنتُ أقومُ بطباعة قصائدي وتوزيعها على الثوّار في الخيام كمنشورات سياسية تحث على الصمود و مواصلة مسيرة التغيير مهما كلّف ذلك مِن تضحيات, ثم أخَذَت بعض الصحف و بعض المواقع الإلكترونية بالتفاعل معها و الترويج لها , لكنَّ هذا لم يكن لِيُشبعَ رغبتي بالوصول إلى أكبر قَدر مِن المتابعين فقد قمت بإنشاء صفحة على شبكة التواصل الاجتماعي”فيسبوك” و كنت أعود مِن الساحة في كلِّ ليلة مختزلًا المشهد اليومي و مُوَثّقًا كُلَّ ما شاهدتُهُ و عايشتهُ مُحوّلًا إيّاه إلى نصٍّ شِعريّ مُتجَرّد مِن أيّ انتماءٍ حزبيّ أو مَذهبي و ها أنا اليوم بصَدَد طباعة ديواني الخامس..
رؤية
الشاعر بشير الزريقي يتحدث عن هذه التجربة بكل حب ووله ثوري فيقول:لم تكن الثورة بالنسبة لي حلماً أتمنى تحقيقه بل كانت رؤية و هدفاً يملأ نفسي وقلبي ويشغل فكري وشعري.. لقد مرت سنوات قبل الثورة وأنا أصيح بالدعوة الجهرية وأهتف بالأحرار أن لا تظل ثورتهم حبيسة في صدورهم الثائرة .. كنت أدعو إلى هجر السكوت والجهر بأعلى الصوت بالبراءة من نظام الاستبداد وحكومة الفساد..ومما قلته قبل الثورة مخاطباً المخلوع ونظامه: نشكو إليك وأنت خصم حاكم ألف الفساد فصار أفسد مفسد_ فإلى متى تتسولون بشعبنا, وإلى متى ثوب النفاق سترتدي ثم ألتفت إلى أحرار هذا الشعب مستغرباً طول صمتهم على هذا الفساد والاستبداد خلق الحكومة ساء يا أحرارنا فإلى متى هذا السكوت السرمدي برؤانا نحن من الفساد وحكمه وولاؤنا للشعب دون تردد_ وحين انطلقت الثورة الشبابية في 11 فبراير 2011 واستجاب الشعب لها كان ندائي إلى المترددين والمتأخرين عن الانضمام لها ليركبوا معنا حتى لا يكونون من المغرقين فوجهت شعري ناصحا: سبح بحمد الواحد القهار والحق بنا في موكب الأحرار_ ماذا تخاف وقد عرفنا أنه كتبت منيتنا بحكم الباري إن كنت في الساحات نلت قضاءه أو كنت محميا” بعقر الدار_ ستنال حظك والمقدر كاملاً ستناله حتماً بغير فرار_ يا حائرا”في أمره الحق بنا في موكب الثوار والأحرار..
انطلاق
الشاعر أحمد أبو النصر الثورة كانت محطة انطلاق فكري وانفجار أدبي وشعري وثقافي كبير حيث كانت بمثابة الحافز الذي فجرت من خلاله كل افكار الادباء والشعراء والمثقين بالنسبة لي.. والحمد لله فقد كانت الثورة الشبابية الحدث الأهم بحياتي حيث دونت ديواناً شعرياً كاملاً يصور ويدون كل أحداث الثورة منذ انطلاقتها وصدر ديواني الشعري الذي أسميته شموس الحرية, وانتشر انتشاراً واسعاً في كل أنحاء اليمن ودول الجوار..
ملهمة
الشاعر والأديب نبيل القانص يقول عن ثورة 11 فبراير التي تزامنت مع ثورات مواقع التواصل الاجتماعي الإبداعية بأنها كانت ملهمة للإبداع بكل أشكاله رغم أن مجتمعاتنا تفتقر كثيرا إلى التكوين السياسي و الثقافي إلا أن ما حدث في فبراير 2011م خلق زخما كبيرا في المشهد الثقافي و الشعري خاصة تطورت خلالها التجارب الشعرية و تنوعت أصوات و أشكال القصيدة .. و قد ترجم الشعراء الأحداث في أعمالهم كل بحسب رؤيته لها و من منظوره الخاص ... لكن وضع المبدع الشاعر لم يتغير حياتيا كما كان و لازال يرجو ، فهو يعاني من تهميش و إقصاء المؤسسات الحكومية وعدم رعاية لإنسانيته و إبداعه فكره .. فالشاعر والمبدع بشكل عام هو الذي ترك ولا زال يترك أجمل و ألق أثر وهو الذي يوثق بإبداعه أروع توثيق لكل مشاهد الحياة و لكل الأحداث التي تمر بها الأوطان..
محراب
الشعر محراب دائمٌ للثورة لا تهدأ انفعالاته الثائرة ما عاشت في يديه روحٌ متمردة على الظلم هذا ما يصفه الشاعر وليد الحسام ويقول: من قبل فبراير ومن بعده والقصيدة تشتعل في الضلوع ثورةً كما تراها بعينها.. لكن جميل أن نجعل من تاريخٍ ما رمزاً تحط فيه قصائدنا أشرعةَ أحلامنا . الحلم الذي عشنا نرتقبه في فجرنا المنتظر كان ومازال يثمر في أرواحنا قصائد تستحق الحياة .. لقد كان لهذا الحلم دورٌ في إعادة صياغة أفكارنا, وتحولات الكتابة بل إني وجدت فيه مساحة لكتابة القصيدة النوعية حيث كتبت عدداً من القصائد التي أعتبرها ذاتي ونقطةً فاصلةً في تحولات تجربتي الشعرية فقد وجدت من خلال الثورة الشبابية نافذة للتأمل في العالم الإنساني الممتهن وكان لكثير من المواقف الإنسانية المؤلمة ودماء الشهداء والجرحى أثر كبير على نفسيتي وشعور يُولّد بداخلي ثورةً شعرية لا تنتهي..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.