الوية العمالقة تعلق عل ذكرى نكبة 21 سبتمبر وسيطرة الحوثي على صنعاء    مليشيا الكهنوت تختطف سادس قيادي مؤتمري بسبب الاحتفال بذكرى الثورة اليمنية الخالدة 26 سبتمبر    بالأسماء.. قناة العربية تكشف قيادات قوة الرضوان بحزب الله الذين قُتلوا بغارة الضاحية الجنوبية    انتقاماً من مسقط رأس الثائر علي عبدالمغني.. الحوثيون يواصلون حملات القمع في السدة    طالب عبقري يمني يحرم من المشاركة في أولمبياد عالمي للرياضيات    التلال يقلب النتيجة على الشعلة ويتوج بلقب كأس العاصمة عدن بنسختها الثانية    استشاري إماراتي: مشروب شهير يدمر البنكرياس لدى الأطفال ويسبب لهم الإصابة بالسكري بعد بلوغهم    نيوكاسل يونايتد يحصّن مهاجمه من ليفربول    مدافع يوفنتوس مرشح لخلافة فان دايك في ليفربول    بالوتيلي يريد العودة للكالتشيو    في يوم واحد.. المياحي مختطف وصفحته محذوفة! هل بدأت حملة قمع حوثية جديدة؟    الجنوب لن يدفع ثمن مواءمات الإقليم    رابط مشاهدة مباراة النصر والاتفاق بجودة عالية بدون تقطيع HD في منافسات دوري روشن للمحترفين    أمريكا ترفض إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية    تزامنا مع الذكرى ال34 للتأسيس.. اصلاح سيئون ينظم برنامجا تدريبيا للقيادات الطلابية    بمناسبة ذكرى التأسيس.. إصلاح غيل باوزير يقيم أمسية احتفالية فنية وخطابية    متظاهرون في مارب وتعز ينددون باستمرار جرائم الإرهاب الصهيوني بحق سكان قطاع غزة    بالوثائق .. هذه حقيقة الصراع للسيطرة على حوش سوق القات الكائن بالممدارة (الهناجر) بعدن    اديبة يمنية تفوز بجائزة دولية    أقوى تحرك حوثي ردًا على إدخال خدمة ''ستارلينك'' إلى اليمن    وفاة الإمام أحمد في تعز ودفنه في صنعاء    اتهام رسمي أمريكي: وسائل التواصل الاجتماعي تتجسس على المستخدمين    الوزير الحوثي يرفض تسليم أموال صندوق المعلم والذي يحصل منه سنويا على 27 مليار (تفاصيل)    موناكو يقلب النتيجة على برشلونة ويتغلب عليه بدوري أبطال أوروبا    شيوع ظاهرة (الفوضى الدينية) من قبل بعض أئمة ومشائخ (الترند)    قيادي إنتقالي: التسوية المقبلة تضع المجلس أمام تحديات كبرى    معارك وقصف مدفعي شمالي محافظة لحج    فرحة الزفاف تنقلب إلى مأساة في الحديدة    البنك المركزي اليمني بعدن يجمد أصول خمس شركات صرافة غير مرخصة    في مشهد صادم: شاب من تعز ينهي حياته والسبب ما زال لغزاً!    الهجري: مأرب وقبائلها أفشلت المشروع الكهنوتي وأعادت الاعتبار للجمهورية    بداية جديدة: الكهرباء تستعيد هيبتها وتعيد النظام إلى الشبكة في لحج    بنك يمني يحصد جائزة عالمية ويؤكد ريادته في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في اليمن    الانترنت الفضائي يدخل ضمن ادوات الحرب الاقتصادية في اليمن    بالصور: تفاصيل اتهام داعية شهير بالتحرش ب 3 فتيات وإرساله صوراً إباحية لاستدراجهن    جيشها قتل 653 ألف ثائر مسلم: سلفية الهند تحرّم الخروج على وليّة الأمر ملكة بريطانيا    حرب التجويع.. مؤامرات الأعداء تتعرض لها المحافظات الجنوبية    منظمة الصحة العالمي تكرم الوكيل الدكتور الشبحي    الصين: ندعم بحزم قضية الشعب الفلسطيني العادلة لاستعادة حقوقه المشروعة    النفط يرتفع في التعاملات المبكرة بعد خفض أسعار الفائدة    بعد توقفها لسنوات.. مطار عدن الدولي يستقبل أولى رحلات شركة افريكان أكسبرس    البنك المركزي يجمّد أصول خمس شركات صرافة غير مرخصة    نمبر وان ملك الأزمات... سيدة تقاضي محمد رمضان بعد تعديه على نجلها بالضرب    رئيس كاك بنك يبحث فرص التعاون المشترك مع البنك الزراعي الروسي في بطرسبورغ    منتخب شباب اليمن يحدد موعد سفره إلى إندونيسيا    خطط لتأهيل عشرات الطرق في عدن بتمويل محلي وخارجي    صنعاء تعاني تصحر ثقافي وفني .. عرض اخر قاعة للعروض الفنية والثقافية للبيع    3 اعمال لو عملتها تساوي «أفضل عبادة لك عند الله».. اغتنمها في الليل    أأضحك عليه أم أبكيه؟!    شجرة العشر: بها سم قاتل وتعالج 50 مرضا ويصنع منها الباروت (صور)    بالصور .. نعجة تضع مولود على هيئة طفل بشري في لحج    سيدي رسول الله محمد .. وُجوبُ تعزيرِه وتوقيرِه وتعظيمِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم    14 قطعة في المباراة.. لماذا يحرص أنشيلوتي على مضغ العلكة؟    مؤسسة ايوب طارش توضح حول ما نشر عن ملكية النشيد الوطني    السلطة عقدة بعض سياسيِ الجنوب.    يسار الاشتراكي وأمن الدولة يمنعون بناء أكثر من 10 أدوار ل"فندق عدن"    في هاي ماركيت بخورمكسر: رأيت 180 نوعاً من البهارات كلها مغلفة بطريقة انيقة.. هل لا زالت؟؟    لم يحفظ أبناء اليمن العهد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظام الاتحادي هو الأفضل إذا تم تطبيقه بالشكل الأمثل
الخبير الاقتصادي الدكتور محمد السعيدي ل «الجمهورية»:

في ظل الجدل المحتدم بين المثقفين والمهتمين بالشأن السياسي حول مدى ملاءمة النظام الفيدرالي الذي أقرته مخرجات مؤتمر الوطني كشكل لنظام الدولة القادم، وفي ظل التخوفات التي يثيرها البعض حول ذلك أجرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد أحمد السعيدي رئيس مركز دراسات النهضة, عضو اللجنة التحضيرية للهيئة الوطنية الشعبية لمساندة الحوار الوطني, عدداً من البحوث والدراسات حول هذا الموضوع خلص فيها إلى أن النظام الاتحادي أو الفيدرالي هو الأفضل للحالة اليمنية، لبناء الدولة التي لطالما عانت وتدهورت من جراء النظام المركزي، والتهام المركز لمقدرات وموارد البلد والعبث بها على حساب حرمان الأطراف من التنمية.. التقت (الجمهورية) الدكتور السعيدي وناقشت معه خلاصة أبحاثه المرتبطة بالنظام الفيدرالي وعلاقته بالنهوض الحضاري.. إليكم نص اللقاء:
بداية من خلال الدراسات والبحوث التي قدمتها حول النظام الفيدرالي ومدى ملاءمته في الحالة اليمنية، هل يمكن اطلاعنا على أهم نتائج هذه البحوث؟
أولاً لا يخفى على أحد اللغط الذي يدور حول الفيدرالية وتصويرها من قبل البعض بأنها إضرار بالبلاد على عكس حقيقتها، إذ لازلنا نسمع العديد من الأصوات التي تبدي تخوفها أو عدم ارتياحها أو شكها بالحكم الاتحادي (الفيدرالي ) باعتباره مجرد تقليد غير ضروري لدول غربية، فضلاً عما قد يترتب عليه من عواقب ليس أقلها احتمال أن يكون مقدمة للتفتت والتشرذم بحسب تصور البعض، رغم كثرة ما طرح من تحليلات مؤيده لهذا النظام وبالنسبة لي فإن الفيدرالية كانت محور بحثين أنجزتهما وقد كنت ممن ساهم بدراسة بعنوان ((شكل الدولة ونظام الحكم)) قدمتها لمؤتمر الحوار في بداية أعماله، وقد توصلت فيها إلى نتيجة مؤداها أن النظام الاتحادي يعد النظام الأفضل إذا تم تطبيقه بالشكل الأمثل. واعتمدت في ذلك على دراسات لي سابقة عن الحضارة البشرية. كما اقترحت فيها تطبيق النظام الرئاسي باعتباره الأمثل في حالة اليمن.
ومع استمرار احتدام النقاش للتشكيك في هذا النظام عدت لدراسة الموضوع من جديد معتمداً هذه المرة على المصادر الإسلامية، فقادني البحث إلى نتيجة مفادها أن الدولة الإسلامية ذاتها قد أسسها سيد خلق الله نبي الهدى محمد(صلى الله عليه وسلم) في شكل دولة اتحادية (فيدرالية).
كيف توصلت إلى هذه النتيجة أو بالأدق ما هي الأسس التي بنيت عليها هذه النتيجة؟
الأسس التي اعتمدت عليها مبنية على معطيات كثيرة أشار إليها عدد من العلماء والمفكرين والمؤلفين، فمثلاً الأستاذ الدكتور حسين مؤنسي أحد أعظم علماء الحضارة الإسلامية في معرض تحليله للمبادئ التي تضمنها دستور المدينة المنورة (النواة الأولى للدولة الإسلامية)الذي خطه سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) يستنتج في كتاب له بعنوان((عالم الإسلام)) أن نظام الحكم في المدينة المنورة اتحادي أو ما يسمى في مصطلح اليوم فيدرالي. بمعنى أنه يتكون من وحدات كل وحدة منها مستقلة في إدارة شئونها الداخلية، أما الاتحاد بينها فيكون في مسائل الدين وحمايته ونشره وتطبيق شريعته ومبادئه الأخلاقية، وكذا في شئون الدفاع والحرب والسلم، أي العلاقات الخارجية.. فبحسب الدكتور مؤنس أن نواة الأمة الإسلامية تتكون من تسع وحدات، واحدة منها اجتماعية وهم المهاجرون، والثمان الباقية وحدات قبلية من أهل المدينة ما بين أوس وخزرج وغيرهم وكل وحدة من هذه الوحدات تدخل الجماعة بنظامها الداخلي الخاص بها (على ربعتهم ) وهم يقومون بمسئولياتهم وإدارة شئونهم الاقتصادية والاجتماعية متعاونين فيما بينهم . وأساس التنظيم الداخلي لكل وحدة هو العرف الجاري والعدل والمساواة بين أفرادها. إذ وقع خلاف بين نفر من أعضاء الجماعة ولم يستطيعوا الوصول إلى حل أو اتفاق فلابد لهم من أن يعرضوا الأمر على النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ليقضي فيه بأمر الله. والمادة (61)من دستور المدينة تقول إنه إذا وقع بين أهل هذه الصحيفة حدث أو شجار خطير فإن الفصل فيه يكون لمحمد (صلى الله عليه وسلم ) أي لرئيس الجماعة ، وهذه المادة خطوة بعد المادة (28)الواردة في الجزء الأول فهي تحدد التزام أفراد الجماعة بعرض القضايا الهامة ونقط الخلاف التي يخشى أن تؤدى إلى ضرر للجماعة كلها على رئيس الجماعة (رئيس الدولة تحديداً دقيقاً).. كما أكد الدستور أن الأمة وحدة متماسكة وهي في مجموعها مسئولة عن الأمن الداخلي، فلابد لها من محاسبة كل معتد أو مفسد من بين أعضائها، ولو كان ولد واحد منهم وأن سلم الأمة كلها واحد فلا يعقد مسلم أو قبيلة داخلة في الأمة سلماً منفرداً في حالة حرب ولا يتم السلم إلا بناء على اتفاق المسلمين وإن دخل المسلمون حرباً أو وقع عليهم اعتداء وأصيب بعضهم، فإن الأمة كلها تتعاون في تحمل التبعات وتعويض الخسائر. وقد وعدت المجموعات اليهودية التي بقيت في المدينة أمة مع المسلمين، أي جزء من الأمة ولكنهم يحتفظون بدينهم حيث نصت المادة (30) من دستور المدينة على أن «لليهود دينهم وللمسلمين دينهم» وذلك يقرر مبدأ الحرية الدينية داخل الجماعة بأوضح صورة.
في أبحاث لك حول الحضارات أشرت إلى أن الحضارات اليمنية القديمة أيضا قامت على أسس نظام حكم اتحادي، هل لك توضيح ذلك؟
نعم لو تعمق المتخصصون في دراسة تاريخ الحضارة اليمنية القديمة لوجدوا فيها أصل أو الجذور الأولى للنظام الاتحادي فما وصلنا من أخبار تدل على أن اليمن كانت مكونة من مخاليف يرأس كلاً منها قيل وكل مخلاف مكون من عدة قبل ومناطق، وكان هناك مجلس يتكون على الأغلب من الأقيال وكبار رجالات الدولة والحكماء درج علماء التاريخ والفقه على اعتباره مجرد مجلس للشورى في أخف وأبسط معانيها.. فالمنطق يقتضي أن المجلس هذا له دلالة تتخطى ما درج على اعتباره مجرد جهاز استشاري فهو يختص بأمور أكبر بكثير من مجرد إبداء رأي وتقديم مشورة ويتجاوزها إلى اختصاصات تشريعية (حق إصدار القوانين بمنطق العصر ) بل ربما قضائية أيضاً. فالخالق جل وعلا بقدرته في محكم كتابه قد ذكر الشورى في مواطنها ((وأمرهم شورى بينهم )) ولكنه جل وعلا عندما ذكر قوم سبأ استخدم تعبيراً هو بالتأكيد يعلو بمراتب على مفهوم الشورى ألا وهو الفتوى. حيث قال في محكم آياته (( قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ماكنت قاطعة أمراً حتى تشهدون )). وفي نفس السورة آيات أخرى تعزز ما وصلنا إليه من استنتاج, منها ((اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون )) إذاً فالخالق جل وعلا استخدم تعبير فألقه إليهم ولم يقل فألقه إليها . وهذا تأكيد آخر من المولى جل وعلا أننا أمام دولة يتخذ فيها القرار بشكل جماعي مخالف تماماً لغيرها من ممالك القهر والتسلط والاستبداد والتي يكون زمام الأمر في قبضة الحاكم الفرد. ففي حالة كهذه الأخير التعبير يختلف ويكون موجهاً للحاكم الفرد الذي يملك لوحده القرار وتصبح صيغة الأمر (اذهب إلى فرعون ) وليس إليهم.
وسواء كان قصب السبق لأجدادنا المسلمين أم لأجدادنا الأوائل بناة الحضارة قبل ظهور الإسلام، فالنتيجة لا تخرج عن كون نظام الحكم الفيدرالي أو الاتحادي هو نبتة بيئتنا الذي نشأ فيها، وبالتالي فهو حق أصيل لنا وللأجيال القادمة، وليس صحيحاً أنه غرسة غربية عن بيئتنا غير مجربة تم استيرادها من الغرب لغرض تفتيت المفتت، وسنكون أقدر من غيرنا على استلهام أو تمثل قيمها و مرتكزاتها.
في دراسة قدمتها لمؤتمر الحوار في بداية أعماله تطرقت إلى الحضارة الأوروبية الحديثة شارحاً بإسهاب عوامل ومراحل وصولها إلى ازدهارها الحالي، ألا ترى أن ما تناولته يختلف تماما عن ظروفنا وواقعنا فضلاً عن ابتعاده عن تخصصك الاقتصادي البحت؟
أولا أقول صحيح أن تخصصي هو في الاقتصاد لكن الاقتصاد يهتم بالحضارة كون الازدهار الاقتصادي يرتبط دوما بازدهار الحضارة التي بدورها لا ينفك ازدهارها وانهيارها عن عوامل سياسية تقودها إلى ذلك.. وما كان يشغل بالي هو معرفة دورة حياة الحضارات ولماذا تنهار الحضارات وتنتهي وتموت بعد ازدهار ونمو ؟ ولماذا شكلت الحضارة الأوروبية الغربية استثناء حتى الآن، ففي نتائج دراسة سابقة لي أعددتها لاختبار نظرية شيخوخة الحضارات أو حتمية وصولها إلى مرحلة الانهيار بعد مرورها بمراحل الطفولة ثم الشباب وانتهاء بمرحلة الشيخوخة التي تنتهي بالهلاك الحتمي. أو دورة العمران بين البداوة والحضارة كما أسماها أعظم علماء الاجتماع السياسي في نهاية العصور الوسطى(ابن خلدون). فقد وجدت أن الأقدار قد هيأت للمجتمع الأوروبي ظروفاً غير اعتيادية للوصول إلى حضارة مميزة أو استثنائية مرت بثلاث مراحل رئيسة.. وبالتدقيق في تلك المراحل قد نجد الظروف التي مرت بها التحولات الأوروبية تعتبر أقسى وأصعب من الظروف التي نواجهها لإنجاح التغيير وإحداث التحولات المطلوبة للانتقال إلى نظام الحكم الجماعي التشاركي الناجح المتمثل في النظام الفيدرالي..
هل يمكنك إجمال تلك المراحل ومقاربتها مع ما نصبو إليه من تحول وتغيير؟
طبعا المرحلة الأولى هي مرحلة التأسيس وتشمل واقع ما قبل الحضارة الأوروبية حيث كانت الدول تبنى على أساس حاكم أو قائد فرد، يستمد قوته من عصبية قبلية أو عرقية أو دينية ثم يأخذ يتوسع في البلدان أو الأراضي المجاورة إلى أقصى ما يمكنه. وتستمر الدولة بالتوسع أو المحافظة على تماسكها أو قوتها من بعده لجيل أو جيلين أو أكثر ما دام هناك من يرثون الحكم أو يستولون عليه ممن يتمتعون أو يمتلكون نفس عناصر القيادة أو الجبروت، وتسندهم القوة العسكرية التي تمكنهم من فرض إرادتهم واستعباد الشعوب التي تقع تحت سلطتهم.. وعادة ما أتسم نظام الحكم آنذاك بالاستبداد والقهر في ظل نظام شديد المركزية، لا تحده إلا عوامل الجغرافيا، وخاصة على الشعوب التي تم التوسع إليها باحتلالها. وقد يصل الأمر حد تأليه الحاكم الفرد، وبالتالي فقد كان الحاكم الفرد هو عماد قوة الدولة وحاميها ومصدر جاذبيتها والضمان لاستمرارها. فإذا حصل أي خلل أو ضعف لرأس الدولة تهاوت وسقطت.
ثم جاءت المرحلة الثانية وهي مرحلة الانطلاق التي تغيرت فيها الظروف وظهرت الإقطاعيات وتوفرت شروط موضوعية لبروز الكنيسة كقوة دينية ودنيوية، صارت جزءاً أصيلاً من النظام الإقطاعي لتصبح السلطة محصلة توازن ثلاث قوى رئيسة، هي الملك والكنيسة والإقطاع وهو ما جعل من النظام اللامركزي في إدارة الدولة حقيقة ثابتة وواقع معاش. عمل على الارتقاء من نظام الحكم الفردي العقيم إلى نظام جماعي في الحكم أو لامركزي أحدث انعطافاً تاريخياً أنعكس إيجاباً على المجتمع وشكل ما يمكن اعتبارها حاضنة أو رافعة للنمو والتطور في مراحله الأولى، إذ أفضى التوازن بين السلطات الإقطاعية أو المحلية وسلطة الملك والكنيسة إلى قيام الدول على نظام مؤسسي ظل ينمو ويرتقي مع ارتقاء تلك الدول في سلم الحضارة وأفضى هذا النظام المؤسسي إلى وضع حدود لصلاحيات الملك.
ثم جاءت المرحلة الثالثة وهي مرحلة الارتقاء التي تميزت بإطلاق العنان للعقل البشري ليعطي أفضل ما استودع الخالق فيه من طاقات إبداعية خلاقة في كافة المجالات وعلى كل الأصعدة والانتهاء التدريجي من رواسب النظام الإقطاعي والكنسي واجتثاثها بكل جذورها ومظاهرها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والنفسية والثقافية.. وتم ترسيخ جذور نظام ديمقراطي مؤسسي لا مركزي بشكل متفاوت وكذا ترسيخ سيادة القانون واحترام الدستور واستقلال القضاء، وإرساء حكم دستوري يستمد الحاكم شرعيته بالانتخاب الحر المباشر، وإرساء حرية العمل الحزبي وحرية الإعلام.
هل ترى أن بلادنا تمتلك من المقومات والعوامل الموضوعية ما يمكنها من خوض التجربة الفيدرالية بنجاح؟
نعم لدينا من المقومات والعوامل التي تضمن نجاح النظام الفيدرالي, وذلك لأن ما أوصلنا إلى حافة الانهيار والتدهور هو موضوع الحكم المركزي وتضخم المركز على حساب الأطراف مما أعاق حركة التطور والنمو وأصبحت كل إمكانيات الدولة توظف لصالح المركز الذي صار يستنزف الموارد ويتضخم دون أن يقدم شيئاً، وعلى سبيل المثال لا الحصر أن حكومتنا المركزية تمثل أضعاف حكومة الولايات المتحدة.. والتالي فإن الحكم الفيدرالي سيعمل على توزيع السلطات وتفريغ المركز من التضخم اللامحمود وضمان تنمية الأقاليم التي ستتنافس على البناء والتطوير.
لكن البعض يخشى أن يتحول النظام الفيدرالي من حل لمشكلة إلى مشكلة أعظم؟
لا أعتقد أن ذلك سيحدث لأن الفيدرالية هي أفضل حل للمشكلات التي واجهناها ونواجهها، ولو نظرت الأن إلى توزيع الميزانية ستجد أن معظمها تصرف في صنعاء.. إذا دع الناس يديروا شؤونهم بأنفسهم ويتحملوا مسؤولية أنفسهم بأنفسهم.. وإذا نحن سنظل نتخوف من عودة الماضي وجلسنا نتردد من المضي قدما إلى الأمام فلن ننجز شيئاً.. فالإجماع الذي حصل عليه المشروع الوطني الفيدرالي يؤكد أننا سائرون في الطريق الصحيح, والنبي (ص) يقول: لا تجتمع أمتي على ضلالة.. إذا ليس من المعقول أن يكون إجماعنا على ضلالة.. وأنا عبر صحيفتكم أوجه رسالة إلى زعماء الأحزاب أن الماضي لا يمكن إعادة إنتاجه ولا يمكن العودة إلى حكم الشعب بالقهر.. الآن الوضع تغير والشعب تغير والماضي لن يعود.
لكن التخوفات من تفكك البلد في ظل الفيدرالية لها ما يبررها خصوصا وأن دول اتحادية كانت عظمى وتعرضت للتفكك والانهيار وأقرب مثال لذلك الاتحاد السوفيتي؟
الاتحاد السوفيتي كان يشمل قوميات متعددة ومختلفة وغير متجانسة.. لكن نحن قومية واحدة.. وأعتقد أن هذا النظام هو الأفضل وهو ليس حلاً للقضية الجنوبية فقط بل حلا للقضية اليمنية برمتها.
كلمة أخيرة...؟
ما دمنا بصدد العودة إلى تطبيق النظام الاتحادي الذي كان أجدادنا السباقين لتطبيقه أو كانوا أصحاب الفضل في ابتكاره فمن المنطقي أن تستخدم ذات المسميات التي استخدمها أجدادنا وذلك بأن يتكون اليمن الاتحادي من ستة مخاليف بدلاً من استخدام الأقاليم ويكون المخلاف مكوناً من محافظات تتكون كل محافظة من نواح بدلاً من مديريات وبهذا أناشد فخامة الأخ الرئيس أن يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، كما أناشد فخامته أن يولي اهتماماً خاصاً لأن تكون الدولة الاتحادية رشيقة بقدر الإمكان فلا يسمح بترهل الدولة باستمرار ثقافة الإرضاء والمحاصصة والنفعية بالإسراف في خلق وظائف غير ذات قيمة في هياكل الدولة سواء على المستوى المركزي أو على مستوى الأقاليم. كما أتمنى من فخامة الرئيس وأعضاء لجنة الدستور أن لا يغيروا اسم الجمهورية عن الاسم الذى ألفناه منذ قيام الوحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.