وزير الخارجية الدكتور شائع الزنداني يطلع نظيره الباكستاني على آخر مستجدات جهود إنهاء حرب اليمن    أخيرًا... فتيات عدن ينعمن بالأمان بعد سقوط "ملك الظلام" الإلكتروني    حوثيون يرقصون على جثث الأحياء: قمع دموي لمطالبة الموظفين اليمنيين برواتبهم!    "سيتم اقتلاعهم من جذورهم": اكاديمي سعودي يُؤكّد اقتراب نهاية المليشيا الحوثية في اليمن والعثور على بديل لهم لحكم صنعاء    في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. الإرياني: استهداف ممنهج وغير مسبوق للصحافة من قبل مليشيا الحوثي    شعب حضرموت يتوج بطلاً وتضامن حضرموت للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    وكلاء وزارة الشؤون الاجتماعية "أبوسهيل والصماتي" يشاركان في انعقاد منتدى التتسيق لشركاء العمل الإنساني    عيدروس الزبيدي يصل عدن رفقة قيادات عسكرية بارزة.. والمجلس الانتقالي: غدا يوم تاريخي!    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    د. صدام عبدالله: إعلان عدن التاريخي شعلة أمل انارت دورب شعب الجنوب    فالكاو يقترب من مزاملة ميسي في إنتر ميامي    برشلونة قد يهبط للمستوى الثاني اوروبيا والخطر قادم من ليفركوزن    الكشف عن كارثة وشيكة في اليمن    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    أمين عام الإصلاح يعزي في وفاة أمين مكتب الحزب بوادي حضرموت «باشغيوان»    خادمة صاحب الزمان.. زفاف يثير عاصفة من الجدل (الحوثيون يُحيون عنصرية أجدادهم)    بعد منع الامارات استخدام أراضيها: الولايات المتحدة تنقل أصولها الجوية إلى قطر وجيبوتي    ميلاد تكتل جديد في عدن ما اشبه الليله بالبارحة    45 مليون دولار شهريا يسرقها "معين عبدالملك".. لماذا لم يحقق مجلس القيادة فيها    مارب.. وقفة تضامنية مع سكان غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة من قبل الاحتلال الصهيوني    البنتاجون: القوات الروسية تتمركز في نفس القاعدة الامريكية في النيجر    كارثة وشيكة ستجتاح اليمن خلال شهرين.. تحذيرات عاجلة لمنظمة أممية    وفاة امرأة عقب تعرضها لطعنات قاتلة على يد زوجها شمالي اليمن    تعز تشهد المباراة الحبية للاعب شعب حضرموت بامحيمود    انتحار نجل قيادي بارز في حزب المؤتمر نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة (صورة)    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    الخميني والتصوف    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    دورتموند يفوز على سان جيرمان بذهاب نصف نهائي أبطال أوروبا    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القات يلتهم الأراضي الزراعية ويستنزف المياه الجوفية

تشكل زراعة ومضغ القات أبرز التحديات الصعبة التي تواجهها اليمن والتي تشكل أبرز المعوقات أمام إحداث تنمية حقيقية في البلاد والتي تعتبر من العادات والظواهر السلبية البارزة التي لصقت بحياة المجتمع اليمني وأثرت فيه على كل المستويات الاجتماعية والاقتصادية والصحية وتكمن المشكلة أن هذه الظاهرة لا تزال في انتشار واتساع مستمر ومتزايد ويشغل أجود الأراضي الزراعية وأخصبها ولا تزال هذه النسبة في اتساع وارتفاع مستمر على حساب تضييق مساحات الأراضي الصالحة والمخصصة لزراعة الحبوب والفواكه والخضروات- والمستقبل لا يشير إلى أي تفاؤل بالنسبة لمواجهة هذه المشكلة بأبعادها الخطيرة على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية الضاربة أطنابها في الوقت الحاضر ، والتي لا تزال في اتساع مستمر إذا ما ظل كل شيء كما هو عليه من الممارسات السلبية وغير المسئولة من الناحية السياسية تجاه هذا الخطر الداهم الذي لا تقتصر مخاطره الحقيقية على إحباط برامج التنمية وشل إمكانياتها الاقتصادية والاجتماعية بشكل كبير بقدر ما يشكل من باب أولى تهديداً حقيقياً لوجود الأرض والإنسان - تثير مشكلة تنامي زراعة القات هنا أكثر من موضوع وذلك حينما تتحول أجود أنواع الأراضي الزراعية كلها إلى غابات كثيفة لأشجار القات .اقل ما يمكن إن يشعر به المرء أمامها هو الإحباط الشديد والشعور بعدم القدرة على حل هذه المشكلة المعقدة وخاصة في أوضاع كأوضاع المجتمع اليمني الحالية .
إن القات يعتبر إحدى معوقات التنمية في اليمن ، وكان لوجوده الأثر السيئ على بقية الأشجار المفيدة بما فيها أشجار البن والفواكه حيث اتجه معظم المزارعين وملاك الأراضي لزراعة القات نظراً لما يدره عليهم من ربح خيالي تاركين وراءهم مصلحة الوطن والمصلحة العامة غير مدركين ما يترتب على ذلك من مشاكل اقتصادية تؤدي الى تدهور الاقتصاد واستنزاف المياه والإضرار بمستقبل الأجيال.
إن الزيادة الطفيفة في إنتاج الحبوب والمحاصيل الزراعية خلال هذه الفترة إن صحت- ظلت تسير سيرا بطيئا للغاية إذا ما قورنت بالزيادة التي حصلت في زراعة القات فخلال السنوات الماضية استصلحت معظم الأراضي الصالحة للزراعة وتحولت مع الأراضي التي كانت مخصصة لإنتاج البن والحبوب والفواكه نحو زراعة القات بحيث أصبحت هذه الشجرة تغطي أكثر من 70 % من الأراضي الزراعية .
والغريب في الأمر أن شجرة القات تتمتع بمرونة فائقة تجاه الظروف الطبيعية ،فلا تتأثر بسوء الظروف الطبيعية كغيرها من أشجار المحاصيل الأخرى حتى أسراب الجراد لا تتعرض لها كما أنها تتحمل الرياح الشديدة وموجات البرد القارس فضلاً من أنها تتلاءم مع معظم التربات لذلك نجدها تأخذ الأفضلية لدى مزارعي القات فيتم غرسها في كل مكان في مناطق الجبال والوديان وفي أخصب الأراضي الزراعية ومن المؤسف جدا أن يقوم المزارع اليمني بقلع أشجار البن والفواكه ويستبدل بها شجرة القات وقد أدى ذلك إلى تقليص المساحات المزروعة من البن وبالتالي انخفاض إنتاجه وتصديره ، مع العلم انه كان يمثل المورد الرئيسي للعملة الصعبة.
إن شجرة القات لا تحتاج لمجهود كبير لزراعتها كما أن التكنولوجيا ساعدت مزارعي القات على التوسع فيه وتحسينه على حساب المحاصيل الأخرى فمالك المضخة يقوم بري شجرة القات وتسميدها واستخدام المبيدات الحشرية لها باستمرار والعناية بها بشكل دائم مما يضاعف من إنتاج القات ويؤدي إلى زيادة الهوة في الإنتاج بين القات وغيره من المحاصيل الأخرى ومن العجيب في الأمر ان يكون القات متوفرا دائما في كل المواسم ولا ينقطع سواء في الصيف أو الشتاء- وباستعراض الجداول الرسمية لوزارة الزراعة نجد زيادة المساحة المزروعة بالقات بنسب كبيرة وانخفاض ملحوظ في المساحة المزروعة بالذرة والفواكه والمحاصيل الأخرى .
ان الزيادة في المساحة المزروعة من القات آخذة في التنامي وستستمر في السنوات القادمة على حساب المزروعات الأخرى والذي أدى إلى العجز الكبير في محصول البن والحبوب وزيادة كبيرة في محصول القات خصوصاً مع استمرار الظروف الحالية وعدم تدخل الدولة في الحد من إنتاج القات - لقد أصبحت ظاهرة تعاطي القات في أوساط المجتمع اليمني متمكنة وضاربة الجذور في قاع الوجود الاجتماعي والثقافة الشعبية ويحتل القات هذه المكانة في التراث الشعبي اليمني فما من كاتب زار اليمن سواء كان مستشرقاً أو رحالة عربياً أو زائراً عادياً الا واستوقفته هذه الظاهرة الغريبة والمنتشرة في المجتمع كحقيقة مرتبطة بصميم الوجود الاجتماعي للإنسان اليمني والتي لا تقتصر على فئة او جماعة من الجماعات وإنما تعم المجتمع كله - وقد لا نغالي اذا قلنا بأن القات في اليمن ليس مجرد عادة فردية أو اجتماعية فقط بل هو حقيقة وجودية بالنسبة للفرد اليمني لها أسس وجذور متينة في عاداته ومعتقداته وسلوكه اليومي؟.
ان القات يكاد يكون مؤسسة اجتماعية فرضتها ظروف كبيرة قد يكون من أبرزها عزلة اليمن عن العالم الخارجي ونتيجة لتلك العزلة الطويلة التي عاشتها اليمن وتكريس مظاهر التخلف القائم الذي ورثه مجتمعنا من الماضي والحيلولة دون فاعلية أي جهد حقيقي من اجل تنمية حقيقية وتطور مستمر بل حدث العكس تماماً فتم تكريس وصنع التخلف للحاضر والمستقبل، فقد أثرت سيطرت القات على المجتمع اليمني بأنه ظل منغلقاً على نفسه غير متطلع إلى مجالات الحياة الواسعة الأخرى وغير واقف على ما توصل إليه العالم من أسباب لتحسين مستواه الاقتصادي والاجتماعي ، والمشكلة ان هذه العادة ما زالت تقوى مع مرور الزمن وتتعزز في نفوس أفراد المجتمع بما فيهم الأطفال والشباب .
يحذر الخبراء والمسئولون من التهديد الذي تشكله زراعة القات على مصادر المياه بالبلاد،حيث بدأت تنتشر مساحات واسعة لزراعته وخصوصاً في مناطق الوديان والأراضي الخصبة والتي تعتمد اعتماداً كلياً على المياه الجوفية ، علاوة على استخدام النمط التقليدي لري أشجار القات بطريقة الغمر البدائية وندرة استخدام الأنابيب إذ تقدر الهيئة الوطنية للمياه بأن مجموع مصادر المياه العذبة المتجددة في اليمن تصل إلى 2,500 مليون متر مكعب سنوياً، 1,500مليون متر مكعب منها من المياه السطحية و1,000مليون متر مكعب من المياه الجوفية، وتكمن المشكلة بأن حوالي 900 مليون متر مكعب من المياه الجوفية تُستَعمَل لري القات، على الرغم من استنزاف زراعة القات للمياه الجوفية، إلا أنها تتزايد باستمرار بسبب ارتفاع الطلب المتزايد على القات.
وتتزايد زراعة القات بنسبة 12 % سنوياً، ففي عام 1997م كانت حوالي 80,000 هكتار من الأراضي مخصصة لزراعة أشجار القات، ثم زادت هذه المساحة عام 2000م لتصبح 103,000هكتارتقريباً ولتصل الى123,933هكتاراً عام2005م .
ويتم ري 81 % من هذه المساحة بالمياه الجوفية.. تغطي زراعة القات في محافظة صنعاء وحدها حوالي 22,000 هكتار وتستهلك حوالي 160مليون متراً مكعباً سنوياً، وإذا تم استعمال تقنيات الري الحديثة فسيصبح بالإمكان توفير 40 %من هذه المياه وهو ما يعادل كمية المياه المستعملة سنوياً من قبل سكان صنعاء جميعاً.
غير أن أشجار القات مازالت تُسقى بالطريقة التقليدية، حيث يتم إغراق الحقول بالمياه مما يتسبب في ضياع كميات كبيرة من المياه. كما أن المزارعين يضطرون إلى سحب المياه من الآبار وتوصيلها للحقول عبر السواقي، وبذلك يضيع الكثير منها في الطريق. ونادراً ما يستعمل المزارعون طرق الري الحديثة. يصل استهلاك القات من المياه النقية الجوفية إلى 30 %- من المخزون المائي الجوفي وعلى حساب الاستخدامات المنزلية والصناعية، ويقدر استهلاك القات من الماء بحوالي (800) مليون متر مكعب سنوياً، وفي أمانة العاصمة صنعاء وحدها تقوم حوالي (4) آلاف بئر بري القات بطريقة غير منظمة وهو يؤدي إلى انخفاض المياه بمتوسط (3 - 6) أمتار سنوياً، وقد ارتفع الطلب على القات في العقود الثلاثة الأخيرة مما جعل مضغ القات يتحول من عادة تمارس من حين إلى آخر، إلى سلوك يومي لدى المجتمع اليمني رجالا و نساءً. وتتوقع “الإستراتيجية اليمنية حتى عام 2025” أن الاستمرار في استخراج المياه-وفقا ًلمعدلات الإنتاج والاستهلاك الحالية - سيؤدي إلى اضطرار سكان الريف المعتمدين على الري إلى ترك الزراعة والهجرة إلى المدن - التي بدورها تعاني من شح المياه وهو ما سيترتب عليه آثاراً اجتماعية واقتصادية .
إن هذا التوسع الهائل في زراعة القات يترتب عليه أضراراً وخيمة تتمثل في استنزاف مخزون المياه الجوفية. إلى جانب تقليص الرقعة الزراعية للمحاصيل الأخرى اللازمة للأمن الغذائي.
كما يشير تقرير التنمية البشرية في اليمن لعام 2005م الى ان الأسباب الرئيسية لأزمة المياه في اليمن تتمثل في توسع نصيب الري الزراعي للمحاصيل النقدية وعلى رأسها القات، فالقطاع الزراعي يستهلك نحو %90 من كمية المياه المستخدمة، يشكل نصيب زراعة القات منها نحو 20 % ، بل ان دراسة للبنك الدولي قدرت كمية استهلاك مدينة صنعاء من المياه (30مليون متر مكعب) في حين يستهلك 60 مليون متر مكعب من حوض صنعاء لري القات.. تشير بعض التقديرات ان القات يستهلك حوالي من 40 % من إجمالي الاستخدامات المائية في ظل ظروف تدني كفاءة الري المستخدمة حاليا .
ان تناقص المياه سنوياً بفعل الاستخدام المفرط لها في مجالات غير أساسية والتي منها زراعة القات هذا الوضع سيؤدي الى المزيد من استنزاف المياه و حدوث كارثة بيئية على اليمن في المستقبل اذا لم يتم تدارك الوضع المائي وإيجاد المعالجة المناسبة في الوقت الحالي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.