من بين ركام المشاكل التي يعاني منها اليمن يعد التركيز على قضية التعليم مسألة ملحة يمكن على أساسها المراهنة بأن اليمن أمسك بالخيط الذي سيؤدي إلى فك عقد المشاكل المتشابكة التي تعيشها البلاد بما يقود نحو وضع أفضل لليمنيين. فقد عادت الحكومة في اجتماعها الأربعاء الماضي لتأكيد أهمية الإعداد الجيد لتدشين العام 2015م للتعليم بعد أن كانت قد كرست اجتماعها المنعقد في العاشر من ديسمبر الجاري، وتم لمناقشة المتطلبات الضامنة لإنجاح عام التعليم 2015م.. الأمر الذي خلق تفاعلاً لدى المهتمين والمعنيين بقضية التعليم في البلاد، خصوصاً أن مسألة التعليم باتت من وجهة نظر البعض تسجل الكثير من التراجع الذي سيفضي إلى مزيد من التشوهات في حاضر ومستقبل البلاد.. في حين يعتقد عدد من المواطنين أنه من الصعب معالجة كل مشاكل البلاد دفعة واحدة، ومن الأجدى التركيز على تحسين حال التعليم في اليمن، تجنباً لحالة الاستغراق بمعالجة النتائج الناجمة عن إهمال الأسباب الأساسية لحدوث المشاكل وعلى رأسها قضية التعليم. ورغم الميزانية الجيدة التي ترصد لصالح التعليم بحسب بعض المراقبين إلا أن مشاكل العملية التعليمية تتجاوز القدرات المتواضعة للحكومة اليمنية، خصوصاً أن اليمن دولة تضم أكثر من (80 %) من سكانها في الأرياف، والذين يعيشون في تجمعات سكانية صغيرة ومشتتة، مما يصعب مهمة توفير المبنى المدرسي لسكان الأرياف، والتي لم تتمكن كل توجهات وزارة التربية سابقاً من الالتزام بمشروع إنشاء المبنى المدرسي بحسب خارطة معدة من قبل وزارة التربية. وبين (16912) مدرسة تعمل هناك (660) مدرسة عبارة عن عشش وصفيح، ويعزز من هذه المشكلة حالة فساد مالي وإداري، حيث أصبحت وزارة التربية والتعليم تعاني من ظاهرة ما بات يعرف بالمعلمين المنقطعين الذين لا يتواجدون سوى في كشوفات المرتبات فقط وهي مسألة تستنزف الكثير من ميزانية التعليم على شكل مرتبات لمعلمين غير متواجدين، وقد نجم عن تلك المشاكل عموماً أن هناك مليوني طفل لايحصلون على حقهم في التعليم. أوضاع التعليم في اليمن دفعت البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في تقرير التنمية البشرية للعام 2012م إلى اعتبار اليمن دولة خارج تحقيق أهداف الألفية في مجال التعليم.. بينما صرح وزير التربية السابق الدكتور عبدالرزاق الأشول في فبراير الماضي أن تحسين حالة التعليم في اليمن يتطلب 10 مليارات دولار. لكن المشكلة لاتقتصر على العجز الرسمي فقط، حيث يرى الباحث الاجتماعي هاشم المجيدي أن هناك عوامل سلبية أخرى تآزرت في البيئة المحيطة بالتعليم مثل الفقر وتدهور القيم الأخلاقية الذي وصلت انعكاساته إلى حد أن الطالب يعتبر الغش داخل قاعات الامتحان حقاً من حقوقه، وهو أمر يحدث بدعم معظم أولياء الأمور الذين أصبحت نظرتهم للتعليم سلبية يحركها شعور بضعف الأمل من المستقبل والجدوى من التعليم. لا يمكن لليمن أن تخطو نحو المستقبل دون أن يكون التعليم الجيد وسيلة للعبور نحو الغد المنشود، ويعد إقدام حكومة الكفاءات على اتخاذ العام 2015م لصالح التعليم إجراءً يستحق أن نقف له احتراماً، لأن هذه الحكومة تجاوزت الدوران في الدوائر المفرغة التي استهلكت الحكومات السابقة وتوجهت للمراهنة على التعليم باعتباره أداة صنع المستقبل.