فرحة عارمة تجتاح جميع أفراد ألوية العمالقة    الحوثيون يتلقون صفعة قوية من موني جرام: اعتراف دولي جديد بشرعية عدن!    رسائل الرئيس الزبيدي وقرارات البنك المركزي    أبرز النقاط في المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك المركزي عدن    خبير اقتصادي: ردة فعل مركزي صنعاء تجاه بنوك عدن استعراض زائف    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    مع اقتراب عيد الأضحى..حيوانات مفترسة تهاجم قطيع أغنام في محافظة إب وتفترس العشرات    هل تُسقِط السعودية قرار مركزي عدن أم هي الحرب قادمة؟    "الحوثيون يبيعون صحة الشعب اليمني... من يوقف هذه الجريمة؟!"    "من يملك السويفت كود يملك السيطرة": صحفي يمني يُفسر مفتاح الصراع المالي في اليمن    تحت انظار بن سلمان..الهلال يُتوج بطل كأس خادم الحرمين بعد انتصار دراماتيكي على النصر في ركلات الترجيح!    الهلال بطلا لكأس خادم الحرمين الشريفين    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    تعز تشهد مراسم العزاء للشهيد السناوي وشهادات تروي بطولته ورفاقه    مصادر دولية تفجر مفاجأة مدوية: مقتل عشرات الخبراء الإيرانيين في ضربة مباغتة باليمن    المبادرة الوطنية الفلسطينية ترحب باعتراف سلوفينيا بفلسطين مميز    شاب عشريني يغرق في ساحل الخوخة جنوبي الحديدة    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    عاجل: البنك المركزي الحوثي بصنعاء يعلن حظر التعامل مع هذه البنوك ردا على قرارات مركزي عدن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و284 منذ 7 أكتوبر    الحوثي يتسلح بصواريخ لها اعين تبحث عن هدفها لمسافة 2000 كيلومتر تصل البحر المتوسط    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    لكمات وشجار عنيف داخل طيران اليمنية.. وإنزال عدد من الركاب قبيل انطلاق الرحلة    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    حكم بالحبس على لاعب الأهلي المصري حسين الشحات    النائب العليمي يؤكد على دعم إجراءات البنك المركزي لمواجهة الصلف الحوثي وإنقاذ الاقتصاد    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    الإخوان في اليمن يسابقون جهود السلام لاستكمال تأسيس دُويلتهم في مأرب    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    جماهير اولمبياكوس تشعل الأجواء في أثينا بعد الفوز بلقب دوري المؤتمر    مليشيا الحوثي تنهب منزل مواطن في صعدة وتُطلق النار عشوائيًا    قيادي في تنظيم داعش يبشر بقيام مكون جنوبي جديد ضد المجلس الانتقالي    بسبب قرارات بنك عدن ويضعان السيناريو القادم    تقرير حقوقي يرصد نحو 6500 انتهاك حوثي في محافظة إب خلال العام 2023    لجنة من وزارة الشباب والرياضة تزور نادي الصمود ب "الحبيلين"    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    الامتحانات.. وبوابة العبور    رسميا.. فليك مدربا جديدا لبرشلونة خلفا للمقال تشافي    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    حكاية 3 فتيات يختطفهن الموت من أحضان سد في بني مطر    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    وزارة الأوقاف تدشن النظام الرقمي لبيانات الحجاج (يلملم)    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    اعرف تاريخك ايها اليمني!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المناضل عبدالسلام صبرة ل( الجمهورية ):
الثورة اليمنية واجهت تحديات عظيمة تكفي للإطاحة بعشرات الثورات في العالم
نشر في الجمهورية يوم 26 - 09 - 2010

لا شك أن تاريخ اليمن المعاصر وتاريخ الثورة اليمنية مازال محاطاً بالكثير من الأسرار بعهدة العديد من المناضلين الأحرار الذين وهبوا أرواحهم ودماءهم رخيصة في سبيل تحرر الشعب اليمني من حياة الذل والعبودية، التي كان يعيشها في العهد الإمامي البائد والتي لا يعرف عنها الكثير ..
وبهذه المناسبة حرصنا على لقاء القاضي المناضل الكبير عبدالسلام محمد صبرة، الذي مازال يتذكر الكثير والكثير عن تفاصيل أحداث تلك المرحلة الهامة من تاريخ شعبنا العظيم رغم تقدمه في السن الذي يقارب مائة عام خاصة أنه والرجل الذي كان يجتمع مختلف الاحرار والمناضلين في منزله المتواضع بقلب العاصمة صنعاء ليمثل ذلك الأب الروحي لهم.
يقول القاضي المناضل عبدالسلام صبرة: كانت البداية في العمل الوطني من خلال التعليم والذي من خلاله استطعنا أن نساهم بما نستطيع في مسيرة الكفاح والنضال للتخلص من الحكم الإمامي المظلم وكانت بداية تعليمي من خلال المعلامة، حيث تعلمت الإملاء والقرآن الكريم وقواعد اللغة ،وفي آخر أيام الأتراك وأوائل أيام الإمام يحيى، انتقل للدراسة في معلامة مسجد الأبهر ثم معلامة توفيق،وفي الثالثة عشرة من عمره انتقل للدراسة في الجامع الكبير بصنعاء، حيث درس علوم الدين والعبادات والمعاملات وعلوم اللغة، كما التحق للدراسة بجامع الفليحي حيث درس العديد من الكتب الفقهية والشرعية على يد العديد من مشائخ الدين وفي هذه الفترة حفظ متن الأزهار وشرحه، إلى جانب علوم اللغة والتفسير ، وكذلك كتاب سبل السلام في الحديث، إلى جانب قراءة العديد من كتب ومؤلفات الإمام الشوكاني والوزير والجلال والمقبلي، خاصة وأن القاضي عبدالسلام من بيت علم وكان والده يشجعه على طلب العلم باستمرار كما ورث عن والده مكتبة كبيرة تضم أمهات الكتب في مختلف العلوم والمعرفة، كما تمكن من اتقان اللغتين التركية والفرنسية إلى جانب اللغة العربية حيث تعلم هاتين اللغتين من والده رحمه الله .
العمل وتحمل المسؤولية:
بعد وفاة والده أجبرته الظروف أن يعمل موظفا في بلدية صنعاء موظفاً بسيطاً ثم تمت ترقيته إلى كاتب ثم أمين صندوق، بعد ذلك تم تعيينه رئيساً للبلدية عقب خروجه من سجن حجة ، وبالرغم من ذلك الا أنه استمر في الاهتمام بالعلم والقراءة والمطالعة ومتابعة الكتب والإصدارات الحديثة حتى في فترة السجن وذلك بمساعدة العديد من أساتذته وأصدقائه وزملائه أبرزهم الأستاذان المناضلان عبد الله العزب وأحمد المطاع وغيرهما من الأصدقاء وزملاء الدراسة كالحاج محمد المحلوي والشيخ حسن الدعيس، ويقول أيضا وقف أخي علي رحمه الله إلى جانبي كثيرا بعد وفاة الوالد وأيضا أثناء سنوات السجن خلال حكم الإمام يحيى والإمام أحمد
ما قبل الثورة :
وبالنسبة لفترة النضال الوطني التي خاضها هو وزملاؤه ونجله الأكبر المناضل الجسور المرحوم عبدالله عبدالسلام صبرة رحمه الله حتى الوصول ليوم الثورة السبتمبرية المباركة يقول المناضل الكبير عبدالسلام صبرة :في الواقع لايمكننا الحديث عن ثورة 26 سبتمبر بمفردها وهي الثورة اليمنية الأم أو عن التحديات التي واجهتني أنا وزملائي عند تشكيل الحكومة الأولى في تاريخ الجمهورية اليمنية بعد نجاح الثورة المجيدة دون تقديم لمحة تاريخية لمرحلة ماقبل الثورة ويوم ولادة الثورة المجيدة،وذلك عندما استطاع الأمام يحيى طرد الأتراك من شمال الوطن وذلك بعد الحرب العالمية الأولى حيث تولى حكم اليمن بعد الأتراك مباشرة الإمام يحيى بن حميد الدين الحكم، وللأسف أن الإمام يحيى عندما تولى الحكم لم تكن لديه رؤية واضحة لطبيعة المهام التاريخية الكبيرة الملقاة على عاتقه لبناء الدولة اليمنية الحديثة والمستقلة،فلم يكن يطمح إلى تحقيق الوحدة الوطنية بعد استقلال الدولة المذهبية في شمال الوطن ،كما أنه لم يستطع أن يحفز الشعب اليمني ضد الوجود الاستعماري في جنوب الوطن، وزاد على ذلك أن تهاونه في بناء الدولة اليمنية الحديثة أدى إلى فقدان أجزاء من شمال الوطن
ويقول: ومن المؤسف أن الامام يحيى تفرغ بعد استقلال اليمن من الحكم العثماني لتصفية كل من ساهم معه في مقاومة الأتراك، بدلاً من رص الصفوف لبناء اليمن الحديث وأيضاً لمواجهة الأخطار الجديدة والمتمثلة في الاستعمار البريطاني في جنوب الوطن.
ويضيف القاضي عبدالسلام صبرة:قائلا: ونتيجة لضعف الدولة اليمنية الجديدة والتي سميت «المملكة المتوكلية» هاجم البريطانيون العديد من المناطق اليمنية بسلاح الطيران واحتلوا الضالع ومنطقة العواذل وبعض مناطق بيحان إلى جانب مدينة عدن التي كانت بحوزتهم.
وللأسف أن الإمام يحيى كان همه الأول والأخير هو أن يرث الأتراك في حكم اليمن حتى لو حكم منطقة واحدة حكماً مطلقاً
سجن لجميع اليمنيين:
ويقول لهذا لم يتمكن شمال الوطن من التقدم ولو خطوة واحدة نحو التطور والتقدم وبناء الدولة اليمنية الحديثة، أو الاهتمام بمستوى الشعب اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً،وذلك لغياب أبسط الأساسيات الضرورية للحياة ولمعيشة المواطن ولو بنسبة ضئيلة،كتوفير المياه النظيفة أو الكهرباء،أو التعليم وكان كل ماهو موجود مجرد كتاتيب ملحقة بالمساجد لم تكن توجد هناك مدارس أو مستشفيات، أو فرص عمل للشباب ،كذلك لم تكن توجد طرقات، كانت الحمير والبغال وسيلة المواصلات المتوفرة كل شيء كان منعدماً، لذلك كانت اليمن عبارة عن سجن واسع لكل اليمنيين.
سيف مخضب بالدماء:
ويقول ونتيجة لهذا الوضع المتردي والذي أيضاً مع مرور السنين يزداد تردياً أدى ذلك إلى تكوين العديد من الحركات المعارضة لحكم الإمام مثل حركة الأحرار اليمنيين، والتي كانت تجمع نخبة متميزة من المثقفين والسياسيين أيضاً تكونت حركة جديدة شارك التجار والمثقفون في تكوينها هي حركة الأحرار الدستوريين، وكان مصير مختلف المعارضين لحكم الإمام السجن أو القتل، حتى أن ولي العهد الإمام أحمد اشتهر بترديده أنه يريد أن يلقى ربه وسيفه مخضب بدماء العصريين أو الدستوريين لذلك فر العديد منهم إلى مدينة عدن.
تكفير الأحرار :
ويستمر القاضي عبدالسلام في حديث الذكريات عن تاريخ اليمن في تلك الحقبة المظلمة قائلاً: ولأن اليمنيين كانوا يعيشون في فقر وجهل كبيرين تمكن الإمام من نشر الأفكار المضللة عن الدستور، الذي كانت تنادي به حركة الأحرار الدستورية حيث أشاع بأن الدستور اختصار للقرآن الكريم لذلك يعتبر الأحرار الدستوريين كفرة وملحدين بالله يجب قتلهم والتخلص منهم.
ويقول: هذا الوضع أدى بدوره إلى تحول مسار هذه الحركة من حركة تصحيحية إلى حركة انقلابية لأن الثوار كانوا ينادون في البداية بتصحيح الاختلالات الموجودة لكن المسار تغير بعد تكفير الامام يحيى لهم وتحول الى مسار انقلابي ، وقد نجح هذا الوضع في زعزعة أركان الحكم الإمامي المتخلف من خلال نجاح عملية الاغتيال للإمام يحيى بن حميد الدين 1948م المعروفة بثورة 48م هذه الثورة التي تعتبر نتاجاً طبيعياً لما وصلت إليه الأحوال من الظلم والاستبداد الذي كان يمارسه الإمام يحيى وأعوانه، حتى وصل الناس إلى درجة اليأس من إصلاح الإمام أو تعديله أو قبوله النصيحة؛ لأنه كان يقابل النصيحة بالعنف سجناً وقتلا وتشريداً، وكان موزعاً أولاده على المحافظات لا لإدارتها ولكن لابتزازها، أما هو فلا يكاد يغادر صنعاء إلا نادراً
انتقام الإمام أحمد:
وبعد وفاة الإمام يحيى في ثورة 1948م تولى الحكم ولي عهده الإمام أحمد والذي جاء منتقما من الثوار وأراد تحت سطوة المزيد من النزوات والمجون ان يسير على نهج والده يحيى وكان هدفه أن تبقى اليمن كما كانت في عهد ابيه السجن الواسع والمقبرة الثابتة في العالم المتحرك.. لكن عوامل الزمن وحتمية التغيير دفعت بعشرات من الأشقاء والأصدقاء الى اليمن وكانت تتردد على شفاه الجميع دائماً كلمة الثورة.. فالثورة وحدها هي الحل الامثل والوسيلة الوحيدة لإزالة ذلك الركام الهائل من أسباب التخلف والانحطاط السياسي والاجتماعي لأن الاصلاح والترقيع في مثل تلك الأوضاع المنقطعة النظير لم يكونا ليفيدا شيئاً،و كان ضررهما أكثر من نفعهما والمريض الذي يعالج بالمسكنات اتقاء لمتاعب العملية لابد أن يلجأ في نهاية الأمر إلى العملية الجراحية حتى لو كلفت الكثير ان كان يريد العافية والبقاء، وهذا هو ما حدث فقد كانت الثورة عملية جراحية لابد منها.
ويقول :ولهذا استطاعت ثورة 48 أن ترسخ الشعور الوطني وتعمق وتعزز المواطنة المتساوية لدى الجماهير واستمر هذا التطور السياسي حتى ظهرت تكوينات سياسية جديدة كالاتحاد اليمني الذي تأثر بالأحداث الكبيرة في مصر وفي المشرق العربي وكذلك ظهور العديد من التجمعات السرية كالعمال الذين ظهروا كقوة اجتماعية وسياسية وأصبحوا يحلمون بيمن جديد، أيضاً الضباط الذين انخرطوا في تنظيمات سرية وبدأوا في عقد اجتماعاتهم بسرية تامة حتى استطاعوا تكوين مايسمى ب «منظمة الضباط الأحرار» ثم تطورت إلى تنظيم الضباط الأحرار والذي كان أبرز مؤسسيه عبدالكريم السكري وأحمد الرحومي وناجي الأشول وعبدالله عبدالسلام صبرة وعبدالوهاب الشامي وعلي الجائفي وحمود بيدر وغيرهم وهذا هو التنظيم الذي فجر ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيد 1962م لينهي بذلك مسيرة الحكم الإمامي المتخلف وذلك بعد تنسيق كامل مع مختلف المناضلين سواءً كانوا عسكريين أم سياسيين أم مشائخ أم تجاراً.
الثورة ملك الشعب :
ويؤكد القاضي المناضل عبدالسلام صبره قائلاً: لذلك لم تكن ثورة 26 سبتمبر حكراً أو ملكاً لتنظيم الضباط الأحرار بل لجميع اليمنيين، الذين ساعدوا على نجاحها بمشاركتهم في الدفاع عنها بالمال والدم والأرواح لهذا هي ليست ملكاً لطبقة أو فئة معينة من فئات الشعب بل كانت ملكا للشعب شماله وجنوبه دون استثناء.
كما أنها ليست وليدة الصدفة، وإنما كانت نتيجة حتمية للنضال الكبير لكل فئات المجتمع الذي ضاق من الظلم الذي لحق به خلال سنوات عديدة ، لهذا لم تكن الثورة وليدة الصدفة أو مستوردة من الخارج كما قد يعتقد البعض لذلك تعتبر ثورة 26 سبتمبر الوليد الشرعي والمكتمل النمو لثورة 1948م ولحركة 1955م وماتخلل كل تلك السنوات من أحداث وتضحيات جسام ونضال مرير وعنيف توج باليوم الخالد والمجيد في 26 سبتمبر 1962م.
سبب السجن:
ويحدثنا القاضي عبدالسلام عن سبب سجنه في العهد الامامي فيقول : حبسني الامام يحيى لأني كنت ضمن تشكيلة الجمعية اليمانية الكبرى، وحزب الأحرار الذين تأسسا قبل 48م، وكان من ضمن مؤسسيها الزبيري والنعمان والحكيمي والبيحاني، وقد ألقى الزبيري قصيدته يوم إشهار الجمعية بعدن وهي (سجل مكانك في التاريخ يا قلم فها هنا تبعث الأجيال والأمم) وكنت عضوا في الجمعية ومقيماً في صنعاء، وعندما وزعنا كتيباً صغيراً يحمل برنامج الأحرار قامت قيامة الإمام يحيى، فحبس من حبس ونفى من نفى، وكنت ضمن ستة مسجونين منهم أولاد السياغي الثلاثة وهاشم الحروي، وقد فرضوا علينا السفر إلى تعز مشيا على الأقدام وعلينا القيود الحديدة والسلاسل حتى رق لأحوالنا الجنود أنفسهم الذين لم يفعلوا أكثر من قولهم: «نحن مأمورون، لا نستطيع أن نعمل لكم شيئا» وقد استغرق السفر إلى تعز مشيا على الأقدام ثمانية أيام ولم يكونوا يفكوا علينا القيود حتى وقت قضاء الحاجة.
وبرفقتنا العساكر طبعا، وقد وصلنا أولا إلى سجن إب، ومكثنا فيه خمسة أيام دعانا ذات ليلة الأمير الحسن بن الإمام يحيى وكان عامل إب آنذاك، وطلب منا الاعتراف برئيس الجماعة، وإلا فالعصا موجودة، فقال له الأخ حمود السياغي والله لو معك عصا من نار افعل ما تشاء، فوجه بسجننا ثم رحلونا اليوم الثاني إلى تعز، وفي تعز استضافنا سجن السيف أحمد، لمدة أسبوعين تقريبا ، ثم رحلونا بعدها إلى سجن حجة، وقد أضافوا إلينا آخرين كالقاضي عبد الرحمن الإرياني رحمه الله وآخرين حوالي مائة شخص ووزعونا على سجني نافع وسجن القاهرة، وقد قضى كل منا فترة متفاوتة في السجن وبالنسبة لي مازلت أتذكر أني قضيت في سجن القاهرة حوالي سنة ونصف، وفي السجن التقينا برموز وطنية عدة من بيت النعمان والباشا، وغيرهم، وقرأنا العديد من الكتب في السجن، وكان النعمان متابعا بصورة جيدة للكتب والصحف التي تصل إليه من الحديدة، ونحن معه كذلك.وقد خرجت من السجن بعد سنة ونصف. وكان الفضل في قراءة بعض الكتب والحصول عليها يعود بعد الله لمحافظ حجة حينها عبد الملك المتوكل وأولاده؛ إذ كانوا يعيروننا الكتب من مكتبتهم الخاصة.
الخروج من سجن حجة:
كما تحدث لنا القاضي عبدالسلام عن كيفية خروجه من سجن حجة فقال :عندما قام المناضل احمد الثلايا عام 1955م بحركته في تعز لإجبار الإمام احمد على التنازل لأخيه عبدالله بالإمامة كان البدر ولي العهد في الحديدة.. وقد لجأ حينها الى حجة وبعد وصوله مباشرة أرسل إلينا من يتصل بنا في السجن وطلب البعض منا لمقابلته.. فقال لنا: انا دائماً كنت معكم واعمل على المراجعة لإخراجكم من الحبس بكل جهدي.. وهذا عمي عبدالله زين له الشيطان للقيام بالانقلاب على والدي والآن يجب ان نتعاون لإفشال هذا الانقلاب الذي على رأسه عمي عبدالله عن طريق الجيش.
وفعلاً استجاب له البعض منا ولو لبعض الوقت حتى تنجلي الأمور وقد أوكل البدر إلينا بعض المسؤوليات.. وتحملت انا مسؤولية رئاسة البلدية في صنعاء وتعاونا مع البدر كونه ولياً للعهد وعلى أساس أن يسير في طريق التقدم والاصلاح حسب وعوده لذلك علقنا عليه آمالاً كبيرة في هذا الجانب.. لكن مع الأسف، سرعان ما انقلب علينا وتأثر بأفكار عمه «الحسن» المتشددة، ولذلك اصبح كل منا يحذر من الآخر وانعدمت الثقة بيننا وبينه.. هذا الوضع جعل الأحرار يجمعون على ضرورة التغيير من خلال القيام بالثورة لأنه لم يعد هناك أي حل لإنقاذ الشعب إلا بالتخلص من حكم أسرة بيت حميد الدين نهائياً.
ليلة الثورة الخالدة:
ويحدثنا القاضي عبد السلام كذلك عن آخر الاستعدادات الميدانية للضباط الأحرار يوم الأربعاء ليلة تفجير شرارة الثورة الخالدة وعن دوره فيها رغم أنه لا يجيد الحديث عن أدواره فقال :في الواقع أنا كنت واحداً من الذين تحملوا مسؤولية التغيير منذ وقت مبكر وواحداً من الذين أسسوا واشتركوا في التنظيم كواحد من العشرات والمئات من مناضلي ثورة 26 سبتمبر ومنهم الضباط القدامى والشباب المدنيون والبعض من مشايخ اليمن الأحرار
وأنا بطبيعتي لا أفضل الحديث عن نفسي فهناك غيري عمل الكثير لإنجاح الثورة.. وفي الحقيقة ما قمنا به لا يخرج عن كونه واجباً علينا نحو الوطن.الثورة.
ففي يوم الأربعاء وتحديدا عند الساعة الثالثة بعد ظهر هذا اليوم الموافق الخامس والعشرون من سبتمبر فرضت حالة الطوارىء في الكلية الحربية «مدرسة الأسلحة في صنعاء»، وصدرت توجيهات من قيادة تنظيم الضباط الأحرار بتواجد جميع الضباط وتم استدعاء من كانوا في منازلهم، وتم منع خروج أي ضابط من الكلية إلا من تم تكليفه من قبل للقيام بمهمة، وكان ذلك تحت أكثر من مبرر منها للتمويه أن البدر قد اصدر أمره بذلك تحسباً لأية مفاجآت تستهدفه شخصياً.
وقد انصرف الجميع كل إلى سلاحه لاستكمال التجهيز النهائي وتعبئة الدبابات والسيارات المدرعة بالوقود وكان لابد من التأكد أولا من خروج الإمام البدر إلى ديوان المواجهة في قصر البشائر وقد كلف كل من عبدالله عبدالسلام صبرة وصالح الاشول وصالح الرحبي بمهمة الاتصال بالأخ حسين السكري لمعرفة ما إذا كان البدر قد خرج الى ديوان المواجهة ام لا، وكان الاخ حسين السكري مكلفاً بالقضاء على البدر. وجاء المكلفون بالأوامر ليؤكدوا أن الإمام البدر قد خرج ليرأس اجتماعاً لمجلس وزرائه، واكدوا ان الامور تسير في قصر البشائر على مايرام.
وعند الساعة السابعة والنصف مساءً قررت القيادة أن تبعث بالملازم عبدالله عبدالسلام صبرة، والملازم صالح الرحبي إلى حسين السكري من جديد للتأكد من سلامة الموقف فعادا بالتأكيد على أن كل شيء على مايرام.. وبعد ساعة ونصف من هذا الوقت تحدد موعد التحرك في ليلة السادس والعشرين من سبتمبر وبعد الاعلان عن ساعة الصفر وتحديد المهام تم بعد ذلك فتح مخازن الذخائر وأهمها قذائف الدبابات وتوزيعها على الدبابات المجهزة الموجودة بأيدي الضباط الأحرار سواء ماكان منها في مدرسة الأسلحة او في فوج البدر وجرى نقل القذائف الى الفوج بطريقة تعتبر من اخطر المهمات التي نفذت قبل التحرك ،أما ذخيرة المدافع فقد تم الاستيلاء عليها وأخرجناها من ثكنة المدفعية بقيادة الشهيد العظيم محمد مطهر زيد.
ويقول: وكانت أهم الصعوبات في هذا اليوم هو ماحدث من تعثر في المهمة التي كان قد تكفل بتنفيذها النقيب حسين السكري فبينما كان كل الضباط ومن معهم يوجدون فوق الأسلحة ويتأهبون للانطلاق لتنفيذ عملية الهجوم والاقتحام لكل المواقع المحددة بحسب الخطة الموضوعة إذا بالوقت يمر ولم تأت إليهم اية اشارة تدل على ان حسين السكري قد نفذ ما كان متفقاً عليه وهو مهمة اغتيال الإمام البدر أثناء عودته إلى الدار من ديوان المواجهة ولما أصبحت الساعة قريبة من الحادية عشرة ساور الضباط الأحرار بعض القلق وقرروا ان يتحرك الملازم أول عبدالله عبدالسلام صبرة إلى محيط دار البشائر لاستطلاع الموقف هناك ونقل حقيقة الوضع.. وفعلاً تم تنفيذ هذه المهمة ولما عاد الملازم صبرة إلى زملائه الضباط اخبرهم بأن الحالة في دار البشائر طبيعية وان الإمام البدر قد عاد إلى داخل القصر وليس فيه أي تغيير وكل شيء طبيعي حسب العادة.. حينها لم يجد الضباط أمامهم مايحيل فيما بينهم وبين تنفيذ الخطة بأي شكل من الأشكال وتغلبوا على كل المعوقات ثم قاموا بتفجير الثورة.وكتب الله لهم النجاح وقد كنت على اتصال مستمر بهم وبغيرهم من المعنيين بالموقف في متابعة سير المعركة.
تحديات واجهت الثورة:
ويتحدث المناضل الكبير عبدالسلام صبرة عن التحديات التي واجهت اليمن عقب نجاح الثورة اليمنية قائلاً : بعد النجاح الكبير الذي حققته الثورة المجيدة ظهرت لنا العديد من التحديات وعوامل المد والجزر وذلك لأسباب خارجة عن طبيعتها وذلك بسبب الأموال التي كان يتلقاها أعداء الثورة من الملكيين والمرتزقة، ويؤكد بقوله: نعم كانت هناك قوى إقليمية لم تكن من مصلحتها قيام الثورة ونجاحها، لهذا كانت تعمل على تمويل أعداء الثورة الملكيين وأيضاً المرتزقة بالأموال والذهب لإفشال الثورة،الأمر الذي فرض على اليمن أشرس وأعنف الحروب منذ الأسابيع الأولى لثورة 26 سبتمبر، تلك الحروب لم تكن لتستطيع أن تصمد أمامها أية ثورة في العالم أجمع بل إن تلك الحروب كانت تكفي للإطاحة بعشرات الثورات لكن شعبنا العظيم صبر وتحمل وقاوم بشراسة مستفيداً من الإمكانيات العسكرية لمصر الشقيقة ومن علاقاته الدولية أيضاً، لذلك وجدت ثورة 26 سبتمبر في مصر السند القوي التي دعمت وقاومت الإماميين والمرتزقة.
ويؤكد القاضي صبرة قائلاً: لكن اليمن في المقابل دفعت ثمن هذا الارتباط عالياً حيث استقطبت أعداء مصر الطبيعيين وما أكثرهم في تلك الفترة كما تحملت اليمن تردي العلاقات بين مصر وبعض الأقطار العربية وهو الأمر الذي شكل ضغطاً على اليمن.
ويشير القاضي صبرة قائلاً: تلك التحديات وتلك الحروب الشرسة التي واجهت الثورة في سنواتها الأولى حالت بين الثورة وبين تحقيق أهدافها الخالدة في تلك السنوات، وبالرغم من كل ذلك استطاعت اليمن أن تتجاوز كل ذلك وأن تخطو بثبات نحو التقدم والتطور وأن تعبر القرون الوسطى المظلمة - التي كان شعبنا يعيشها - نحو القرن العشرين واستطاعت الثورة أن تغير وجه اليمن ولعل مانشاهده اليوم من إنجازات عظيمة في مختلف مناحي الحياة لشاهد حي على نجاح الثورة اليمنية ، كما أنها الرد المنطقي الذي لاشك يسد أفواه الذين يتعللون بالأوهام ويهمسون في الخفاء ماذا صنعت الثورة؟ فنقول لهم: صنعت كل ماتشاهدونه وتنعمون به كما أنها حررت الشعب من حياة الذل والعبودية التي كان يعيشها.
بعد تشكيل أول حكومة:
وبالنسبة للتحديات الكبيرة التي واجهها القاضي المناضل الكبير عبدالسلام محمد صبرة عقب تعيينه وزيراً للأوقاف بعد نجاح الثورة يقول القاضي صبره: كانت حياتنا كلها تحديات ونضال فبعد نجاح الثورة مباشرة عُينت وزيراً للأوقاف وأيضاً وزيراً لوزارة شؤون القبائل في نفس الفترة لذلك لم أباشر عملي في وزارة الأوقاف نهائياً بل تركت كل المهام للأخ القاضي ناصر الظرافي رحمه الله والذي كان نائبي في وزارة الأوقاف فهو الذي قام بالعمل في وزارة الأوقاف من أول يوم بتكليف مني، وأنا بدوري كرست كل جهدي ووقتي لوزارة شؤون القبائل والتي كانت تعتبر في حينه من أهم الوزارات لإننا كنا خلال تلك السنوات في حروب مع أعداء الثورة ومع المرتزقة، وكما ذكرت كانت هناك قوى إقليمية تدعم أعداء الثورة وكانت هناك أموال كثيرة يتم توزيعها على القبائل لمحاربة الثورة خاصة وأن الشعب اليمني كان في فقر مدقع، فكانت هناك إغراءات لرجال القبائل بالمال فكانت الطرقات تنقطع بين حين وآخر هنا وهناك، لهذا كانت الأوضاع صعبة للغاية، لذلك كانت وزارة شؤون القبائل من أهم الوزارات، حيث كنت أقوم بالتواصل مع مشائخ القبائل ونحثهم على مقاومة المرتزقة والأعداء ونحل مشاكلهم وكنا نعمل ليل نهار والحمد لله نجحت الثورة واليوم إنجازاتها العظيمة تسد عيون الأعداء وتكمم أفواههم
أصعب المراحل :
- ما زال المناضل عبدالسلام صيرة يتذكر رغم مرور كل هذه السنوات أصعب المراحل التي عاشتها الثورة اليمنية ومناضلوها الأحرار والمتمثلة في احتجاز أعضاء الحكومة اليمنيين في مصر وحول هذه الحادثة يقول: احتجزت الحكومة اليمنية في مصر وكان ذلك بسبب خلافات كبيرة وحادة بين القيادات العسكرية المصرية وبين الثوار الأحرار وخاصة مع الفريق العمري الذي كان يرفض تدخلات الأشقاء المصريين في كل صغيرة وكبيرة من شؤون البلاد يعينون هذا ويعزلون هذا، حيث تم تعيين من ليس لهم رصيد نضالي في مناصب قيادية هامة رغم أنه كانت تدور حول الكثير منهم الشكوك والتساؤلات فتطور الخلاف إلى خلاف كبير بين المشير السلال الذي كان يرفض توجيه انتقادات للقيادات العسكرية المصرية، وكادت الأزمة بين السلال والعمري أن تشكل ضربة قاصمة للثورة اليمنية غير أن العقلاء تدخلوا لاحتواء هذا الموقف وتم الاتفاق على التوجه إلى مصر لمقابلة الرئيس جمال عبدالناصر والذي كان الحل والربط بيده خاصة أن تدخلات القيادات العسكرية المصرية في الشؤون الداخلية لليمن لم تكن بعلم الرئيس عبدالناصر وهو أيضاً لن يرضى بها، فذهب جميع أعضاء الحكومة إلى مصر لمقابلة الرئيس ناصروطرح مختلف جوانب الأزمة عليه، والتأكيد عليه بأن استمرار الأزمة أو انفجارها ستكون في مصلحة أعداء الثورة.
ويواصل حديثه قائلا: لكن ما إن وصلنا إليه لعرض كل ما لدينا وبحث ما يمكن بحثه للخروج من تلك الأزمة، إلا أن المفاجأة التي لم نكن نتوقعها هو أننا وجدنا أن الرئيس عبدالناصر كانت لديه معلومات مزيفة عن الواقع فوجدناه متصلباً في رأيه ومصدقاً لكل ما قيل له وخاطبنا بعنف قائلاً: بأننا لم نقدر التضحيات الكبيرة لمصر وأن العمري يخطط لتشكيل حكومة جديدة تكون موالية للقوى المعادية للثورة اليمنية ولمصر وما إلى ذلك من اتهامات باطلة ، حينها قرر أننا أعداء له ولمصر وللثورة اليمنية وللمشير السلال وكان كل ذلك بسبب من كان حوله ممن غرروا عليه ونقلوا إليه مواقفنا بشكل خاطئ لأغراض في نفوسهم خاصة المشير عبدالحكيم عامر وأنور السادات اللذين كانا يعينان من يناسبهما ويتماشى مع مصالحهما وللأسف أن عامر والسادات كانا من أبرز المقربين للزعيم جمال عبدالناصر وكان يستمع لهما في كل شيء، ونتيجة لذلك اتخذ قراراً بتأديبنا جميعاً من خلال وضع الجميع في سجون عسكرية في مصر، أما أنا والقاضي عبدالرحمن الإرياني فقد تم احتجازنا لفترة في إحدى الغرف لعلم الرئيس ناصر أن القاضي الإرياني شخصية كبيرة وعالم مجتهد، أما أنا فكانت الظروف تستدعي إطلاقي للرجوع إلى اليمن لممارسة مهامي في التنسيق بين شيوخ القبائل خاصة وأننا قد أحرزنا نجاحاً كبيراً في ذلك، وحتى لايستغل أعداء الثورة ذلك الغياب.
ويضيف القاضي صبرة: وبعد نكسة 1967م علم الزعيم عبدالناصر بكل خيوط المشكلة وانكشفت له كل الحقائق خاصة بعد انتحار عبدالحكيم عامر فاعترف أنه كان مخطئاً في ذلك التصرف وكان ذلك من أهم التحديات التي واجهت الثورة والتي لم يكتب عنها الكثير.
القاضي صبرة في سطور
كان مولد القاضي عبدالسلام صبرة في عام 1912م في صنعاء، وهو من أسرة متوسطة درس فى «معلامة الأبهر ثم في معلامة توفيق في مكتب بئر العزب ثم في مسجد الفليحي ثم انتقل إلى الجامع الكبير بصنعاء،وهناك تعلم على يد كبار المشائخ والعلماء منهم العلامة عبدالله كباس والقاضي علي بن حسن المغربي وغيرهم الذين درس على أيديهم مختلف فروع العلم والمعرفة مثل القرآن الكريم وعلومه والتفسير وعلوم الحديث والفقه والنحو والصرف، والبلاغة وعلوم اللغة العربية وآدابها و التشريع، وقد قرأ بإمعان مؤلفات شيخ الإسلام الإمام محمد بن علي الشوكاني ومحمود بن اسماعيل الأمير وغيرهم من العلماء الأجلاء».
والده القاضي محمد صبرة كان مرجعاً علمياً لجميع زملائه وكان يجيد العديد من اللغات مثل الفارسية والتركية والفرنسية ويقرأ خط المسند ويترجمه ،الأمر الذي مكن القاضي عبدالسلام من تعلم هذه اللغات عن والده وأستطاع ان يجيدها .
كما بدا القاضي عبدالسلام مرحلة العمل بعد وفاة والده في عهد الإمامة في بلدية صنعاء واستمر في العمل فيها حتى أصبح رئيساً لها واستمر في منصبه حتى قيام الثورة اليمنية الخالدة.. ويشير القاضي عبدالسلام إلى أنه ارتبط في نضاله لمقارعة الحكم الإمامي بكثير من مؤسسي حركة المعارضة السياسية، ونتيجة لذلك تعرض هو ورفاقه للاعتقال والتعسف أكثر من مرة خاصة في عام 1944م في عهد الإمام يحيى ثم سجون الجلاد أحمد عقب فشل ثورة 1948م و1955م.
له من الأولاد عبدالله رحمه الله وعدد من البنات حيث ساهم ونجله عبدالله رحمه الله في تأسيس تنظيم الضباط الأحرار الذي فجر ثورة سبتمبر المجيدة ليلة السادس والعشرين من سبتمبر المجيد 1962م.
كان القاضي المناضل الكبير عبدالسلام محمد صبرة يعتبر الأب الروحي لتنظيم الضباط الأحرار وهمزة الوصل بين قيادة حزب الأحرار والحركة الوطنية في الداخل، كما كان المرجع لكل رجالات الحركة الوطنية والمناضلين، حيث لعب دوراً عظيماً بخبرته وصلابته وشجاعته النادرة وكذلك بعلاقاته الواسعة بالجماهير اليمنية وشيوخ القبائل.
عقب الثورة مباشرة تقلد العديد من المناصب السياسية الهامة فكان أولها عضواً في مجلس رئاسة الجمهورية وعضواً في المكتب السياسي للدولة ووزيراً للأوقاف وأيضاً وزيراً لشئون القبائل في آن واحد، ثم رئيساً للمجلس الأعلى للمتابعة والذي كان بديلاً لمجلس الشورى ثم نائباً لرئيس الوزراء للشئون الداخلية ومستشاراً لرئيس المجلس الجمهوري.
يمتاز القاضي عبدالسلام إلى جانب نضاله الوطني الكبير بالعلم والمعرفة الواسعة وحب الاطلاع الى جانب البساطة والتواضع والنزاهة والعفة والتسامح الذي يوصي به جميع اليمنيين أطال الله في عمره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.