لقد تحولت مهنة الطب في محافظة الحديدة، وبالتحديد في مركز الغسيل الكلوي من مهنة إنسانية شريفة ، مهمتها إنقاذ حياة البشر والمرضى وتقديم العون والمساعدة لمرضى الفشل الكلوي الذي يئنون من معاناتهم ، إلى مهنة غرضها البحث عن حقوقهم ومستحقاتهم ورواتبهم التي تأخرت نظراً لتعنت وزارة المالية ووزارة الصحة العامة والسكان في صرفها من دون مراعاة لحياة الناس وآلامهم وأوجاعهم التي لم تلق أي اهتمام أو متابعة.. إضراب يقتل مريضين مرضى الفشل الكلوي بالحديدة تقابل شكواهم ومعاناتهم من الإهمال والتقصير الطبي المستمر نتيجة إضراب الأطباء عن العمل وامتناعهم عن معالجتهم وإعطائهم الحقن المخصصة لهم, فعزيمتهم في مقاومة الفشل الكلوي والفيروس تضعف وتقوى بين الحين والآخر.. فمنهم من يسلم بالأمر الواقع ومنهم من يذكي العزيمة في قلوب رفقائه, ففي الأسبوع الماضي وتحديداً في مركز الغسيل الكلوي بمحافظة الحديدة تفاجأنا بخبر محزن وهو وفاة 2 من المرضى؛ جراء إضراب الأطباء والموظفين والمتعاقدين العاملين في مركز الغسيل الكلوي للمطالبة بتثبيتهم وصرف رواتبهم بعد أن رفضوا إجراء عملية غسيل الكلى للمرضى بسبب عدم صرف رواتبهم لمدة شهرين متتالين وحتى الآن.. المصدر الطبي في مركز الغسيل الكلوي بمحافظة الحديدة أكد بأن شخصين على الأقل توفوا متأثرين بمرضهم جراء عدم إجراء عملية الاستصفاء لهم وعدم إعطائهم اللقاحات اللازمة نتيجة إضراب الأطباء والموظفين في المركز لعدم تسلمهم رواتبهم لمدة شهرين متتاليين وحتى اليوم وعدم تثبيت الموظفين. وأشار المصدر بأن المريضين محمد محمد إبراهيم مهجرة يبلغ من العمر65 من حرض وشخص آخر يدعى محمد شوقي محمد معلم يبلغ من العمر 50 عاماً من قرية دير الشرمبان توفيا على الفور نتيجة تدهور حالتهم الصحية وعدم إجراء اللقاحات ومواد الاستصفاء لهم من قبل الأطباء الذين أعلنوا إضرابهم الجزئي عن العمل حتى يتم الاستجابة لمطالبهم وتثبيتهم وصرف كافة حقوقهم.. أشكال المعانات تشير المعلومات الصحية بأن معاناة مرضى الغسيل الكلوي لا تقتصر على ناحية واحدة، وإنما تشمل جميع النواحي الصحية والاجتماعية والنفسية، وسوف نعرض عليكم بعضاً من هذه المشاكل، وعليكم أن تتخيلوا حجم المعاناة التي يمر بها مرضى الفشل الكلوي. المشاكل الصحية: الشعور المستمر بالتعب والإرهاق. عدم القدرة على الحركة بشكل طبيعي. الدوخة، الغثيان والاستفراغ. ضعف بنيه الجسم. تأثر بعض الحواس كضعف الشبكية الناتجة عن السكر. ضعف السمع الناتج عن بعض الأدوية العلاجية. بتر لبعض الأطراف نتيجة الإصابة بغرغرينا (السكر). المشاكل النفسية: كثرة التفكير الخوف من المرض سرعة الانفعال انخفاض الروح المعنوية الانعزال عن المقربين الشعور بالعجز المشاكل الاجتماعية: تأثر في العلاقة الزوجية طلاق تعدد زوجات إهمال هجر الزوجة تأثر الحياة العملية انقطاع الدخل ترك العمل نتيجة المرض أحياناً فصل من العمل تقاعد مبكر ينتج عن هذا تراكم الأعباء و المسؤوليات على المريض (مصروف الأسرة– الأدوية – المواصلات – إيجار المنزل).. أما بالنسبة للأطفال: فالمشكلة إصابة الطفل بالفشل الكلوي قبل سن البلوغ يسبب له توقفاً في النمو الجسمي، ينتج عن هذا غالباً انقطاع عن الدراسة وعزل المريض عن أصدقائه بسبب الاختلافات الجسمية. وما يترتب عليه بعد ذلك من حالات نفسية تحتاج إلى معالجة من متخصصين نفسيين إلى جانب الاجتماعيين.. مصادر طبية أكدت في تصريح لها وفاة شخصين على الأقل اليوم فور وصولهم إلى المركز جراء عدم إجراء عملية غسيل الكلى لهم بسبب إضراب الأطباء والموظفين الذين يطالبون بتثبيتهم وصرف رواتبهم.. وأشارت بأن الموظفين والأطباء رفضوا اليوم إجراء أية عملية مواد الاستصفاء لهم وإعطائهم اللقاحات لعدم تسلمهم رواتبهم لمدة شهرين وتأخر وزارة المالية في صرفها، الأمر الذي تسبب في وفاة اثنين من المرضى.. وأكدت بأنه تم إبلاغ الجهات المختصة بأن الموظفين والأطباء سيقومون بالإضراب عن العمل، إلا أنهم لم يجدوا استجابة لمطالبهم، وأكدوا تمسكهم بالإضراب حال عدم دفع استحقاقاتهم كاملة، مناشدين السلطة المحلية بالمحافظة والجهات الرسمية والأهلية سرعة التدخل وإنقاذ عشرات المرضى الذين حال إضراب الموظفين والأطباء في المركز دون استكمال جلساتهم الطبية. من جانبه أكد عدد من العاملين في مركز الغسيل الكلوي أن هناك ظلماً في حقهم حيث يستلم الموظف المتعاقد في المركز 20.000 ريال، وهناك موظفون يستلمون من 8.000 ريال، وإذا لم يتم تدارك الأمر فسيؤدي ذلك إلى إغلاق المركز في وجه المرضى، وأغلبهم دون تثبيت ومازالت ملفاتهم في دهاليز وزارة المالية وهم لازالوا يتعايشون مع المرضى بانتظار الموت بين جلسة وأخرى. من جانبه قام الدكتور عبدالرحمن جار الله، مدير مكتب الصحة العامة والسكان بمحافظة الحديدة بزيارة مركز الغسيل الكلوي نهاية الأسبوع الماضي للاطلاع على تلك المعاناة التي وقعت بمركز الغسيل الكلوي ومعرفة أسباب وفاة المرضى وطالب بفتح تحقيق كامل عن أسباب الوفاة ومعرفة مطالب الأطباء والموظفين. وناشدت مصادر محلية وطبية بمحافظة الحديدة قيادة السلطة المحلية ووزارة الصحة والمالية بسرعة توفير الدعم المالي للأطباء والموظفين وتثبيتهم كون عملهم إنسانياً، والإيفاء بالتزاماتهم وإنقاذ مرضى الفشل الكلوي الذين يصارعون الموت.