- 9مسالخ لذبح الاضاحي خوفا من الغش فلماذا لايجبر الجزارين للذبح فيها بعد 14عاماتوقف    يأسر القلوب.. مشهد مهيب لحجاج بيت الله الحرام في جبل عرفة (فيديو)    سلطة تعز: طريق عصيفرة-الستين مفتوحة من جانبنا وندعو المليشيا لفتحها    دعوة خامنئي ل''حج البراءة".. قراءة في الدوافع والتوقيت والمآل    السعودية تستضيف ذوي الشهداء والمصابين من القوات المسلحة اليمنية لأداء فريضة الحج    بينها نسخة من القرآن الكريم من عهد عثمان بن عفان كانت في صنعاء.. بيع آثار يمنية في الخارج    ياسين نعمان وحزبه ينظرون للجنوبيين ك "قطيع من الحمير للركوب"    خوفا من تكرار فشل غزة... الحرب على حزب الله.. لماذا على إسرائيل «التفكير مرتين»؟    السعر الجديد للعملات الأجنبية مقابل الريال اليمني بعد الوديعة السعودية للبنك المركزي    اشتباكات مسلحة في شبوة وإصابة مواطنين    مأساة ''أم معتز'' في نقطة الحوبان بتعز    انقطاع الكهرباء عن مخيمات الحجاج اليمنيين في المشاعر المقدسة.. وشكوى عاجلة للديوان الملكي السعودي    مظاهر الكساد تهيمن على أسواق صنعاء    وضع كارثي مع حلول العيد    أربعة أسباب رئيسية لإنهيار الريال اليمني    لماذا سكتت الشرعية في عدن عن بقاء كل المؤسسات الإيرادية في صنعاء لمصلحة الحوثي    ألمانيا تُعلن عن نواياها مبكراً بفوز ساحق على اسكتلندا 5-1    دعاء النبي يوم عرفة..تعرف عليه    الحوثي والإخوان.. يد واحدة في صناعة الإرهاب    حتمية إنهيار أي وحدة لم تقم على العدل عاجلا أم آجلا هارون    قوات العمالقة الجنوبية تعلن صلح قبلي في بيحان شبوة لمدة عامين    شبوة تستقبل شحنة طبية صينية لدعم القطاع الصحي في المحافظة    يورو 2024: المانيا تضرب أسكتلندا بخماسية    هل تُساهم الأمم المتحدة في تقسيم اليمن من خلال موقفها المتخاذل تجاه الحوثيين؟    لاعبو المانيا يحققون ارقاما قياسية جديدة    "تعز في عين العاصفة : تحذيرات من انهيار وسيطرة حوثية وسط الاسترخاء العيدي"    صورة نادرة: أديب عربي كبير في خنادق اليمن!    الحكومة اليمنية أمام مجلس الأمن: أي عملية سلام يجب أن تستند على المرجعيات الثلاث    لماذا فك الحوثي الحصار عن تعز جزئيا؟!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 37 ألفا و266 منذ 7 أكتوبر    المنتخب الوطني للناشئين في مجموعة سهلة بنهائيات كأس آسيا 2025م    السفير السعودي يعلن تحويل الدفعة الثالثة من منحة المملكة لدعم البنك المركزي    محافظ تعز يؤكد على ضرورة فتح طرقات مستدامة ومنظمة تشرف عليها الأمم المتحدة    فتاوى الحج .. ما حكم استخدام العطر ومزيل العرق للمحرم خلال الحج؟    أروع وأعظم قصيدة.. "يا راحلين إلى منى بقيادي.. هيجتموا يوم الرحيل فؤادي    مقتل وإصابة 13 شخصا إثر انفجار قنبلة ألقاها مسلح على حافلة ركاب في هيجة العبد بلحج    مستحقات أعضاء لجنة التشاور والمصالحة تصل إلى 200 مليون ريال شهريا    أسرة تتفاجأ بسيول عارمة من شبكة الصرف الصحي تغمر منزلها    عرض سعودي ضخم لتيبو كورتوا    وزير الأوقاف يطلع رئاسة الجمهورية على كافة وسائل الرعاية للحجاج اليمنيين    نقابة الصحفيين الجنوبيين تدين إعتقال جريح الحرب المصور الصحفي صالح العبيدي    وزير الصحة يشدد على أهمية تقديم افضل الخدمات الصحية لحجاج بلادنا في المشاعر المقدسة    البعداني: نؤمن بحظودنا في التأهل إلى نهائيات آسيا للشباب    اختطاف إعلامي ومصور صحفي من قبل قوات الانتقالي في عدن بعد ضربه وتكسير كاميرته    منتخب الناشئين في المجموعة التاسعة بجانب فيتنام وقرغيزستان وميانمار    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    ميسي يُعلن عن وجهته الأخيرة في مشواره الكروي    هل صيام يوم عرفة فرض؟ ومتى يكون مكروهًا؟    وفاة مواطن بصاعقة رعدية بمديرية القبيطة بلحج    إصلاح صعدة يعزي رئيس تنفيذي الإصلاح بمحافظة عمران بوفاة والده    السمسرة والبيع لكل شيء في اليمن: 6 ألف جواز يمني ضائع؟؟    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    وفاة واصابة 4 من عمال الترميم في قبة المهدي بصنعاء (الأسماء)    ما حد يبادل ابنه بجنّي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحربي يستعرض
المضمون الاجتماعي لثورة 14 أكتوبر المسلحة ضد الاستعمار والحكم السلاطيني
نشر في الجمهورية يوم 14 - 10 - 2013

تعد ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م واحدة من أهم الثورات العربية الناجحة، والتي غيّرت بقيامها مجرى الأحداث، وانتصرت للحرية والكرامة بعد سنوات من النضال الثوري المسلح ضد الاستعمار البريطاني، قدّم فيها اليمنيون أرواحهم ودماءهم وأموالهم في سبيل تحرير البلاد، والتي رزحت تحت نار المستعمر، تعرضوا فيها لشتى صنوف القهر والإذلال والاستنزاف والعبودية.
والحديث عن هذه الثورة المباركة يثير الكثير من الحماس والفخر حولها فهي لم تأت بمحض الصدفة أو ولدتها عوامل مؤقتة، إنما جاءت حصاد سنوات من النضال المتواصل في مختلف الأصعدة العسكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية من مختلف تيارات المجتمع القومية والإسلامية والقبلية ومن كل اليمنيين في الشمال والجنوب، كما أن الحركات الوطنية كان لها إسهام بارز في الثورة.. حول هذا الموضوع يتحدث المناضل أحمد الحربي عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني في اللقاء التالي:- حدثنا عن الحركات الوطنية التي بادرت وقامت بالنضال المسلح لمقاومة الاحتلال البريطاني ؟
أيقنت أن النضال المسلح الذي انتهجته حركة القوميين العرب في الوطن العربي هو السبيل الوحيد لاستقلال الجنوب من الاستعمار البريطاني.. وكان قحطان محمد الشعبي - المهندس الزراعي - عضو رابطة أبناء الجنوب العربي حينها قد انضم إلى حركة القوميين العرب مقتنعاً بنهج كفاحها ضد الاستعمار المعتمد على الكفاح المسلح، وهو الذي قال: إن الشعب كان يعلق آمالاً جساماً على تكوين تجمع الهيئات الوطنية الشعبية في قيادة النضال الوطني، حتى وإن باءت تجارب العديد منها بالفشل؛ لأنه ليس باستطاعة حزب بمفرده النهوض بأعباء مسؤولية النضال الوطني في الساحة اليمنية، وهكذا كان ميلاد لجنة يناير عام 1962م على يد أحرار وثوار اليمن في القاهرة.
- ماذا يعني هذا القول؟
إنه يعني ببساطة أن تنظيم حركة القوميين العرب – فرع اليمن، كان هو التنظيم الذي أعد أعضاؤه للثورة المسلحة ضد الاستعمار البريطاني، ولا يستطيع أحدنا إنكار دور هذا التنظيم الذي كان حاسماً في الثورة ( ثورة 14 أكتوبر 1963، والانتقال بالثورة من حدث الإعلان عن قيامها يوم 14 أكتوبر 63من جبال ردفان إلى السيطرة والتحولات الجذرية لأوضاع المجتمع ،مع حفظ حق الآخرين الذين ساهموا في خوض غمارها وحققوا لها الانتصار بالاستقلال السياسي يوم 30 نوفمبر 1967م.
الإعداد لثورة أكتوبر
هل لنا أن نعرف كيف بدأ الإعداد للثورة المسلحة ثورة 14 أكتوبر 1963م؟
هناك عدد من الإجراءات والخطوات التي اتخذها المقاومون ضد الاستعمار البريطاني وهي:
إن تنظيم حركة القوميين العرب كان يؤمن بأن تحرير الجنوب من الاستعمار البريطاني لابد أن يتم بالكفاح المسلح.. وكان يُعد لهذه المرحلة إعداداً جيداً من رجال وعتاد، كما كان هذا التنظيم يرى أن تحرير الشمال من النظام الإمامي الكهنوتي المستبد يجب أن يكون أولاً قبل البدء بالكفاح المسلح في الجنوب ضد الاستعمار البريطاني وعملائه وحلفائه.
وعلى هذه الاستراتيجية النضالية خطط التنظيم ومن خلال ما كان يؤمن به أعد خلاياه ووسع من اتصالاته وعلاقاته بين العمال والمثقفين والضباط الأحرار والتجار والطلاب وغيرهم.
كما أن التنظيم أنشأ خلاياه التنظيمية بصورة سرية ودقيقة في عدن وفي كل مناطق الجنوب، مروراً بحضرموت وحتى المهرة وكثف جهوده للإعداد من عام 1959.
نفذ ثم ناقش
بالإضافة إلى أن عضو تنظيم حركة القوميين العرب تم اختياره اختياراً جيداً وبدقة متناهية، وجرى إلحاقه بإحدى وحداث المكونات من ثلاثة إلى خمسة أعضاء؛ حيث يمر العضو في الوحدة التنظيمية بفترة تربية تنظيمية، ويتم بناؤه فكرياً حسب جدول زمني يحضره العضو أسبوعياً.
وكان عضو تنظيم الحركة يحاسب على سلوكه الشخصي؛ فهو يجب أن يكون قدوة في سلوكه وأخلاقه وثقافته ووعيه، ويخضع لمبدأ تنظيمي هام «النقد والنقد الذاتي» ويتربى على شعار «نفذ ثم ناقش».
وعلى هذه الصورة بنى تنظيم حركة القوميين العرب - فرع اليمن – في الجنوب وكذا في الشمال – من عام 1959م حتى يوم انطلاق الثورة بشكل منظم ومستمر نشاطاً وعملاً دؤوباً تحت الأرض وبسرية متناهية في المدن والقرى والوديان والجبال وفي كل الأرياف، وأخيراً في صفوف الضباط وجنود جيش الاتحاد، وهذه شهادات موثقة ومنشورة في وثائق ثورة 14 أكتوبر.
وعن دور حركة القوميين العرب في ثورة 26 سبتمبر قال: كان يرى تنظيم حركة القوميين العرب – فرع اليمن أن النضال ضد الاستعمار البريطاني في الجنوب لابد أن تسبقه الثورة في الشمال؛ لذلك كانت خلايا التنظيم لا تعمل في الجنوب بل وفي الشمال وبنفس الأسلوب التنظيمي.
حتى المناضل عبدالغني مطهر كتب في مؤلف له «يوم ولد اليمن فجره»: إننا طلبنا من ممثل تنظيم حركة القوميين العرب الذي كنا ننسق معه للإعداد للثورة بأن الثورة لابد من قيامها وإنهم قد حددوا لها موعداً في 23 يوليو 1961، فرد عليهم ممثل تنظيم حركة القوميين العرب بعدم الموافقة؛ لأن الوقت لم يحن بعد والإعداد غير كاف.
يوم 26 سبتمبر 1962م صدر بيان قيام الثورة والقضاء على النظام الملكي.. أياً كانت ملابسات الحدث يومها فإن القوى السياسية التي كانت تعد للإطاحة بنظام الإمامة استطاعت أن تحول الحدث إلى ثورة.. لماذا؟ لأن المساهمين في صناعة الثورة والمدافعين عنها وحماة رسالتها كانوا يدركون صعوبات الواقع الاجتماعي والاقتصادي المتخلف وثقل وطأة موروثاته، ولم يكونوا مستعدين للمساومة على طبيعة أهداف الثورة ومضمونها الاجتماعي الاقتصادي، فوجدناهم مع الإعلان عن سقوط نظام الحكم الإمامي الكهنوتي مندفعين باتجاه إكساب النظام الجمهوري وسلطته محتواه الاجتماعي الاقتصادي، فاتخذت مجموعة من السياسات المعززة بإجراءات تجعل من سلطة النظام الجمهوري علمانية مرتكزة على مهمات تنظيم العلاقات الاجتماعية الاقتصادية، وبما يحقق معاني الحرية والعدالة والمساواة والتقدم الاقتصادي.
نعم المساهمون في الإعلان عن ثورة 26 سبتمبر 1962م وحماتها أدركوا أن يوم الإعلان عن سقوط النظام الملكي الكهنوتي ما هو إلا الإعلان عن نهاية زمن التسلط والتسيد، وأن الشعب تعلّم الدفاع عن حقوقه في الوجود المتكافئ والمساواة العادلة في توزيع الثروة، ويختفي فيه تسلط فئة على فئة من أبناء الشعب وطبقة على أخرى أو سيادة ثقافة فئة على الفئات الأخرى.
وسقوط النظام الملكي الكهنوتي كان بداية تدشين لحياة شعب يحترم الاختلاف بوصفه سبيلاً للارتقاء والتشارك، وأن الاختلاف في الآراء يولد الفكر، ولا يعني الاختلاف حول مهمات البناء، وأن الاعتراف بالتباين وإقراره ما هو إلا دليل العامة، وإنه ما من أمل لتطوير المجتمع إذا ظلت فئة أو طبقة أو ثقافة من الثقافات تمارس غبناً اجتماعياً أو قهراً سياسياً أو فكرياً أو أخلاقياً على غيرها من الفئات والطبقات والثقافات بدعاوى أن الطبيعة والتاريخ ميزاها على غيرها، وأن مستقبل الشعب مرهون بالاحترام المتبادل لأعضائه والتخلي عن رواسب التمييز العرقي أو التعصب المذهبي والعشائري والقبلي.
وإن إنكار الخصائص الثقافية والتطورية لأي فئة أو جماعة إنما هو نفي لكرامة الإنسان وكرامة الشعب.
ويضيف الحربي: وانطلاقاً من هذه المسلمات الأولية ذهب تنظيم حركة القوميين العرب - فرع اليمن إلى إثارة العديد من الأفكار الإيجابية وإشاعة جو من الحوار الخلاق حولها وخصوصاً الأفكار التي تصل بين التنمية وسياقها الإنساني – الثقافي؛ السياق الذي يؤكد أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية لا معنى لها ما لم تصبح جزءاً من ثقافة الشعب، وأن الثقافة لا يمكن اختزالها لكي تصبح مجرد عامل مساعد للنمو الاقتصادي، وأن النظرة التي تعزل الاقتصاد عن الثقافة وتعزل الثقافة عن الشعب ما هي إلا نظرة قاصرة عاجزة عن أن تدرك الترابط الوثيق بين الحضور الإنساني وأنشطته المتباينة وتلك الأفكار المتماهية، مع احترامنا لكل الثقافات المفتوحة على إمكانات المستقبل الواعدة وتميزها بالتسامح واحترام الحرية بوصفها الأول لمعنى التنوع الخلاق، وترى الحرية الفكرية ضماناً للحرية في كل مجال من مجالاتها التي لا تنقسم وتتجزأ أو تنفصل.
- كيف بدأت ثورة 14 أكتوبر؟

ثورة 14 أكتوبر 1963م المسلحة ضد الاستعمار البريطاني والحكم السلاطين بدأت من جبال ردفان؛ وذلك عندما جرت المواجهة العسكرية بين قوات النظام الأنجلوسلاطيني وقوات الثوار العائدة من ساحات المواجهة العسكرية بين ثورة 26 سبتمبر 1962م وفلول النظام الملكي الإمامي وأعوانه، وكانت المواجهة بقيادة المناضل غالب بن راجح لبوزة الذي استشهد يوم 13 أكتوبر 1963م في تلك المعركة، ليقف تنظيم الجبهة القومية أمام الحادثة الخطيرة في المواجهة معلناً يوم استشهاد لبوزة بداية انطلاق الثورة المسلحة.
وكانت هناك عوامل مساعدة للإعلان الثوري المسلح في 14 أكتوبر بقيادة الجبهة القومية من أهمها:
1 – سقوط نظام الحكم الكهنوتي وقيام النظام الجمهوري في شمال الوطن؛ إذ شكل النظام الجمهوري أرضية ملائمة لحركة الثورة المسلحة وتأمين خلفيتها ومساندتها.
2 – موافقة الرئيس جمال عبدالناصر على دعم الثورة المسلحة؛ حيث قام ثلاثة من أعضاء الأمانة العامة بقيادة تنظيم حركة القوميين العرب والذين كانت علاقتهم بجمال وطيدة وهم: جورج حبش – هاني الهندي- محسن ابراهيم؛ بطرح موضوع رغبة الجبهة القومية في الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني على الرئيس جمال عبدالناصر الذي وافق وأمر بالدعم والتأييد لهذه الخطوة المهمة.
3 – العداء الغربي لثورة 26 سبتمبر 1962م وبالأخص العداء البريطاني لثورة سبتمبر 1926 ، والذي بدأ واضحاً من أول يوم لإعلان سقوط النظام الملكي وتحريك القوات المدعومة من بريطانيا لمواجهة الثورة عبر جبهة بيحان، إلى جانب أن بريطانيا أدركت أن قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م تعني في الأساس مسألة تحرير الجنوب.
وقد أشار الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل عن الثورة اليمنية 26 سبتمبر 1962م والعداء البريطاني لها قائلاً: إن قيام ثورة في اليمن طرح بشدة مسألة تحرير الجنوب والخليج ورفعها إلى أعلى قائمة الأولويات العربية؛ فالإنجليز الذين يركزون جهدهم الآن على هذه الثورة اليمنية لا يفعلون ذلك لسبب اليمن ذاته ولكن بسبب رغبتهم في تسوية الأوضاع في الجنوب العربي والخليج في غيبة أي تواجد أو تأثير لبقية الأمة العربية.
4 – قيام تنظيم الجبهة القومية لتحرير الجنوب المكون من 7 تنظيمات مختلفة توافقت مع رؤية حركة القوميين واستراتيجيتها التي شكل عمودها الأساسي عناصر تنظيم حركة القوميين العرب، بل والحق يقال وحسب شهادة علي أحمد ناصر السلامي كان عناصر الحركة هم قيادتها الحقيقية.
5 – إن الجبهة القومية استطاعت أن تعلن وتقود الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني بعد أن استطاعت تكوين تنظيم حركة القوميين العرب، التنظيم المتين والواسع في الجنوب، والذي استمر بناؤه خمس سنوات تحت الأرض، تلقى أعضاؤه فكراً قومياً وطنياً واضحاً وتدريباً عسكرياً للعمل الفدائي، منضبطاً كل الانضباط، منفذاً لكل قرارات وأوامر قيادة الحركة وقيادة الجبهة القومية بكل دقة ومسؤولية وبدون تردد.
6 – اتخاذ مدينة تعز مقراً لقيادة الثورة المسلحة الجبهة القومية وترجمة التأييد المصري للثورة؛ من خلال تشكيل مصر لجهاز أمن الضباط لمساعدة قيادة الجبهة القومية في مهامها النضالية.
- ألم تواجه الحركة المسلحة معوقات خلال نضالها المسلح؟
من البديهي أن أي مقاومة شعبية أو عند قيام أي ثورة تواجههم معوقات، والمعوقات التي واجهت الثورة المسلحة 14 أكتوبر 1962م بقيادة الجبهة القومية عديدة، منها على سبيل المثال:
1 - بعد تشكيل جبهة تحرير الجنوب المحتل عبر محادثات بين مختلف الفصائل الذي رعته حكومة السلال وبمباركة مصرية والإعلان عن قيام هذه الجبهة على أساس انتهاج الكفاح المسلح ضد الاستعمار، واجهت قيادة الجبهة رفض بعض تنظيمات الكفاح المسلح، ومنها حزب الشعب الاشتراكي الذي كان له مكتب رسمي في صنعاء احتضنته قيادة ثورة 26 سبتمبر 1962م كتعبير عن تأييد الثورة لنضال الحركة الثورية في الجنوب، وبالانسحاب الذي أعلنه عبدالله الأصنج من جبهة التحرير رافضاً نهج الكفاح المسلح للجبهة بدأت أولى متاعب الثورة التي امتدت إلى بعض قيادات ثورة 26 سبتمبر 1962م التي أيدت موقف حزب الشعب وانعكاس ذلك على استراتيجية الكفاح المسلح للثورة.
2 – اندفاع الحكومة البريطانية عبر مكتبها «ال. أم. أي. سكس» نحو تصعيد العداء لثورة 26 سبتمبر 1962م، واحتضان عناصر النظام الملكي في عدن والإسراع نحو تطبيق استراتيجيتها المعلنة في الكتاب الأبيض بإقامة حكومة الاتحاد العربي ودعمها لتسليمها السلطة وفقاً لما جاء في إعلانها في الكتاب الأبيض عام 1968م، وما أحدثته إجراءاتها تلك من أثر على الثورة؛ حيث تبنى الأصنج ورفاقه خطاً سياسياً يشكك بقدرة الثورة على الصمود، وهو على رأس أبرز وأهم صرح نضالي للشعب ضد الاستعمار (المؤتمر العمالي)، بالإضافة إلى رئاسة الأصنج لأبرز مؤسسة نضالية عمالية (اتحاد العمال العرب)؛ إذ من موقعه ذاك عمل على إعاقة تطور الثورة.
3 – ضعف رؤية الجهاز العسكري المصري في اليمن لأهمية ثورة 14 أكتوبر 1962م، والتهوين من قيمتها الاستراتيجية بالتركيز على الإفصاح عن خصوماتهم لأي نشاط حزبي في اليمن.
4 - أنتج ذلك الضعف آثاراً سلبية على الثورة بعد زيارة جمال عبدالناصر إلى اليمن وإلى مدينة تعز وبالذات عام 1964م؛ حيث أعلن بوضوح أن على بريطانيا أن تحمل عصاها وترحل من عدن؛ إذ بدلاً من أن تمنح زيارة ناصر لتعز وإعلانه برحيل بريطانيا زخماً جديداً للثورة المسلحة بقيادة الجبهة القومية ذهبت المخابرات بوعي أو بدون وعي منها نحو إبراز مظاهر العداء لثورة 14 أكتوبر؛ باعتبار أن قيادتها حزبية لا تلتقي مع جهود المكتب الاستخباري التابع لرئيس الحكومة البريطانية «ال. ام . أي. سكس».
5- وجدت هذه الحركة دعماً مشهوداً من قبل الأجهزة المخابراتية المصرية الضاغطة على الجبهة القومية بالتوحد مع منظمة التحرير الجديدة بعد إنضاح نجاح الثورة وتبلور استراتيجيتها الفكرية والاقتصادية الذي كان ثمار نضالها القومي في المؤتمر الأول المنعقد بتاريخ 20 يونيو 1965 وامتلاك الفرد للدليل الفكري والنظري لها «الميثاق الوطني» الذي أقر سياسات الجبهة القومية ورؤيتها التحررية الاقتصادية.
6 – في 13 يناير 1966 كانت أبرز وأهم معوقات الثورة بارزة في بيان الإعلان عن دمج تنظيم الجبهة القومية ومنظمة التحرير في منظمة واحدة اسمها «جبهة التحرير»؛ بمباركة الاستخبارات المصرية، ومنها شكلت صدمة لمناضلي الثورة من أعضاء وقياديي الجبهة القومية الذين فوجئوا ببيان الإعلان الذي وقعه ثلاثة من أعضاء اللجنة التنفيذية للجبهة القومية وهم: علي أحمد ناصر السلامي – طه مقبل - سالم زين، ورفضته كل قيادات وتشكيلات تنظيم الجبهة القومية .. كما أعلن أمين عام الجبهة القومية قحطان الشعبي من القاهرة رفض الجبهة القومية لهذا البيان المشكوك فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.