شباب الغضب بوادي وصحراء حضرموت يؤيدون مخرجات اجتماع المجلس الانتقالي    الإخواني أمجد خالد وعصابته.. 7 عمليات إرهابية تقود إلى الإعدام    وهن "المجلس" هو المعضلة    سفير مصري: حزب الله يستعد للحرب الشاملة مع إسرائيل هذه الأيام    جماهير الهلال في عيد... فريقها يُحقق إنجازًا تاريخيًا جديدًا!    قوات الأمن تداهم حي الطويلة في عدن وسط إطلاق نار كثيف    هل مقدمة للاعتراف بالانقلاب؟.. روسيا تطلق وصفا مثيرا على جماعة الحوثي بعد إفراج الأخيرة عن أسرى!    نقابة الصحفيين تستنكر الحكم الجائر بحق الصحفي ماهر وأسرته تعتبره حكماً سياسياً    في اليوم 235 لحرب الإبادة على غزة.. 36096 شهيدا و 81136 جريحا وعدة مجازر في رفح خلال 48 ساعة    "طوفان زارة"....جماعة إرهابية جديدة تثير الرعب جنوب اليمن و الأجهزة الأمنية تتدخل    فعلها في العام 2019...ناشطون بالانتقالي يدعون الزبيدي "لإعلان عودة الإدارة الذاتية"    انفجار عنيف يهز محافظة تعز والكشف عن سببه    سانشيز افضل مدرب في الليغا موسم 2023-2024    غوندوغان سيتولى شارة قيادة المانيا بلون العلم الوطني    لامين يامال افضل لاعب شاب في الليغا    دموع أم فتاة عدنية تجف بعد عامين: القبض على قاتل ابنتها!    برعاية السلطة المحلية.. ندوة نقاشية في تعز غدًا لمراجعة تاريخ الوحدة اليمنية واستشراف مستقبلها    منتدى حواري في مأرب يناقش غياب دور المرأة في العملية السياسية    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    غوتيريش يدين بشدة هجوم إسرائيل على مخيم للنازحين في رفح    بالإجماع... الموافقة على إقامة دورة الألعاب الأولمبية لفئة الشباب لدول غرب آسيا في العراق    ضربة معلم تكسر عظم جماعة الحوثي وتجعلها تصرخ وتستغيث بالسعودية    استمرار النشاط الإيصالي التكاملي الثاني ونزول فريق إشرافي لأبين لتفقد سير العمل للفرق الميدانية    خبر صادم: خروج ثلاث محطات كهرباء عن الخدمة في العاصمة عدن    الهلال السعودي ينهي الموسم دون هزيمة وهبوط أبها والطائي بجانب الحزم    ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب المستثمرين لبيانات التضخم واجتماع أوبك+    تدشين مشروع توزيع "19"ماكينة خياطة على الأرامل في ردفان    مجلس الوزراء السعودي يجدد رفضه القاطع لمواصلة انتهاكات الاحتلال للقرارات الدولية    الحكومة اليمنية تبحث مع سويسرا استرداد عرشين أثريين    الرئيس الزُبيدي : المجلس الانتقالي لن ينتظر إلى مالانهاية تجاه فشل الحكومة واستمرار تدهور الأوضاع المعيشية    فلكي يمني يحدد موعد أول أيام عيد الأضحى المبارك وبداية أيام العشر    الوحدة التنفيذية : 4500 شخص نزحوا من منازلهم خلال الربع الأول من العام الجاري    الزُبيدي يؤكد على أهمية المخيمات الصيفية لخلق جيل مناهض للفكر الحوثي    بعد تجريف الوسط الأكاديمي.... انتزِعوا لنا الجامعات من بلعوم السلفيات    انعقاد جلسة مباحثات يمنية - صينية لبحث مجالات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها    انطلاق أولى رحلات الحج عبر مطار صنعاء.. والإعلان عن طريقة الحصول على تذاكر السفر    شاهد .. وزير الزراعة الحوثي يعترف بمجلس النواب بإدخال الحوثيين للمبيدات الإسرائيلية المحظورة (فيديو)    استعدادات الأمة الإسلامية للعشر الأوائل من ذي الحجة وفضل الأعمال فيها    أكاديمي سعودي: التطبيع المجاني ل7 دول عربية مع إسرائيل جعلها تتفرعن    برشلونة تودع تشافي: أسطورةٌ تبحث عن تحديات جديدة وآفاقٍ أوسع    الإعلان عن تسعيرة جديدة للبنزين في عدن(السعر الجديد)    العكفة.. زنوج المنزل    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    استشهاد جندي مصري في الحدود مع غزة والقاهرة تحذر من المساس بأمنها    تدشين دورة إدارة البحوث والتطوير لموظفي وموظفات «كاك بنك»    8200 يمني سيغادرن من مطار صنعاء الى الأرضي السعودية فجر غدا الثلاثاء أقرأ السبب    مغادرة أول دفعة من الحجاج جواً عبر مطار عدن الدولي    سلطان العرادة وشركة غاز صافر يعرقلون أكبر مشروع لخزن الغاز في ساحل حضرموت    دعم سعودي جديد لليمن ب9.5 مليون دولار    - 45أعلاميا وصحفيا يعقدون شراكة مع مصلحة الجمارك ليكشفون للشعب الحقيقة ؟كأول مبادرة تنفرد بها من بين المؤسسات الحكومية منذ2015 فماذا قال مرغم ورئيس التحرير؟ اقرا التفاصيل ؟    الثاني خلال أسبوع.. وفاة مواطن نتيجة خطأ طبي خلال عملية جراحية في أحد مستشفيات إب    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    عالم يمني يبهر العالم و يكشف عن أول نظام لزراعة الرأس - فيديو    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تتزاهى في الجزء الأوسط من الجمهورية اليمنية، وتتوسط الروح وتأسر الفؤاد بمناظرها
إب.. جنة الله
نشر في الجمهورية يوم 08 - 09 - 2014

على قارعة الطريق توسدت أنوار الصباح - فسكت الديك عن الصراخ المباح - وتعانقت عقارب الساعة عند توقيت السفر المتاح... كانت السادسة صباحاً ونحن نتوجه إلى مدينة إب الخضراء بزيارة سياحية... سلاسل المناظر الخلابة تآزر بعضها بعضاً وكأنها عقد ياقوت من الزمرد الأخضر... والسماء المكتسية بالسحب البيضاء من فوقنا.. والأرض المتراقصة مع سيمفونية المطر من تحتنا... وعن اليمين و الشمال يتوافد المسنون سيراً على الأقدام إلى الوديان يحسبهم الناظر اليهم من سرعة سيرهم أنهم شبان يتمتعون بالصحة وما أن تقترب منهم حتى تجدهم في أواخر عمرهم بسبب تجاعيد البشرة وبياض الشعر واحدوداب ظهورهم فتستغرب من أين لهم تلك الصحة وعندما تجدهم يتبسمون وينشدون المهاجل الزراعية.... يزداد استغرابك حين تسأل نفسك من هم المسنون نحن أم هم؟!.
فنحن في مقتبل العمر وقد ترجلت فينا بعض الصحة والابتسامة والسعادة... لذلك كان لابد من معرفة سر تلك الصحة التي يتمتعون بها وأسباب الابتسامة التي لا تفارقهم وكأنهم لا يعيشون في صراعات الوطن وأزماته وظروفه المتقلبة بين القسوة والشدة فكان لنا هذا الاستطلاع.....
مليحةُ عذراء
تتزاهى محافظة إب في الجزء الأوسط من الجمهورية اليمنية ، وتتوسط الروح وتأسر الفؤاد بمناظرها فتتصل بمحافظة ذمار من الشمال ومحافظة تعز من الجنوب، و الضالع والبيضاء من الشرق، و الحديدة من الغرب.... وبينما كنا نمشط الطريق من تعز إلى إب و نستمع لأيوب طارش “يا بنات في الحويّة ** خبريني وقولين ذي قداكن البنية ** شفتها قبل شهرين ذات طلعة بهية ** رشقتني بسهمين بادلتني التحية *بعدها كم تلاقي ** كم صراحة وإيمان في الحقول والسواقي ** والسعادة ألوان بعدها يا رفاقي إلخ.
استوقفتنا على الطريق - أم عبدالرحمن والتي تجاوزت ال70 بحسب تصريحها - وقد كانت ترتب أوردة الفؤاد بخطوها بين أروقة المزارع المقابلة لطريقنا من اليمين لتشدو ألينا ببوحها عن سر سعادتها ودلالها رغم كبر سنها ((الحمدلله على نعمة العافية)) و استغربنا كيف للعافية والعمر أن تجتمع لديهم فواصلت حديثها أم عبدالرحمن معللة ((الصحة والعافية كنز يتواجد بالأحوال والحقول يا ابنتي ورائحة التربة الخضراء بعد غسيل الأمطار والنوم في الليل والصحو في البكور والأكل طازج منقح من ثمار الأشجار))...
وقتها تُهنا وتاهت بنا الخطوات ونحن نتتلمذ في مدرسة الحكمة اليمانية فأردفت - أم عبدالعزيز سعيد - بمداخلتها ((الصحة في إب الخضراء عذراء لا يتزوجها مستشفى ولا يلمسها طبيب جراح ولا يغتصبها مرض عضال..!!!!!)) وكانت هدية عبارتها تكلل ببعض الفطائر المصنوعة من الدخن والذرة والشعير وأردفت ألينا بقولها ((كلي يا ابنتي فما أكلته البطينة بان بالبجيمة - بمعنى ما تأكله من غذاء سيظهر على جمال وجهك)) ...
واصلنا سيرنا بعد أن أخرست فينا الفضول البشري تلك المرأتين عن سر جمال بنات اللواء الأخضر وقبل، و تحركت مسامعنا لأيوب وهو يشدو بالحان الغناء”.
معشوقتي أرضي بلادي.. محرثي جهدي يدي حبيتها من كل قلبي حبها بأبدي.. سحرك يا أرضي فريد دنا ليلك وليلابوه.
إب الحب والتاريخ
كم للتاريخ والحضارة اليمنية من فصول ولكن إب هي التاريخية مدينة ظفار عاصمة الحميريين وجبلة عاصمة الصليحيين، مناخ متنوع و أمطار غزيرة طوال العام تقريباً، و درجة حرارة متوسطة.. تهذبك التضاريس الوعرة جداً، وتغرد بروحك المرتفعات الجبلية وتتخلل نفسك الوديان العميقة تجرى في ممرات ضيقة لها انحدارات حادة وطويلة، وأغلب هذه الوديان تصب في سهل تهامة غرباً، وما أن واجهنا وادي ميتم حتى استقبلتنا منابع مياهه ورأينا أودية جِبلة، وأودية جبل بَعْدان، وأودية صهبان، والسَبْره...
وما أن تغزل أحمد بن احمد قاسم في مذياع السيارة ((من العدين يا الله بريح جلاب) حتى سحرتنا مناظر وادي عَنّه أحد أودية بلاد العُدَيْن المشهورة التي ورد ذكره في العديد من المصادر التاريخية وينسبه الإخباريون إلى “عَنّه بن مثوب الأكبر بن عُريب” وهو وادي دائم الجريان على مدار العام، تأتي مياهه من جبل مشورة القريب من مدينة إبّ، ومن جنوب حبيش، ومن شمال جبال العنسيين، ومن شمال المُذَيْخِرَة، ومن جنوب بني مليك من العُدَيْن، ويمر بوادي الدُرَّ جنوب مدينة العُدَيْن، ويتجه غرباً فيلتقي بوادي زبيد شمال جبل رأس، كما توجد على ضفتيه ينابيع الحمامات المعدنية الحارة.
لوادي عنة سحر ولوادي الدُورَّ أحد أودية بلاد العُدَيْن المشهورة جمال تغنى به الشعراء والكتاب فكان لنا تصاريف حديث مع الشاعر الدكتور- صيدلي - عمران هلال - حين قال ((كتبت مقطع رائع عن وصف إب ليلة العيد ويعبر عن أن الله سبحانه وتعالى يثيب أهل إب لصومهم رمضان فيأتي يوم العيد ويشاهدون جمالها البهيج كأنهم دخلوا الجنة: إب النديةَ فرحةٍ أخرى وسل من في الركاب دناها .
وكأن ربي أثابَ كل مثابرٍ في الصومِ زكى نفسه تقواها.
حتى إذا أوفى بعدةِ شهره دخل الجِنان بنعمةٍ سواها.
ومضى يُعيدُ فوق جنة ربهَ يا فوز من بالصوم قد زكاها.
هي إب جنة ربنا ونعيمُها سبحان من في حسنها سواها.
ليواصل سحر الكلمة واصفاً ((في وصف اب أعتقد أنني لو كتبت بماء البحر على ضفاف السماء فلن اصف هذه البهية ولن انصفها حقها أبداً ولقد وصفها الأديب إسماعيل مخاوي فقال هذي الروابي التي تهواك يا طه يناضر الله في إعماقها الله ومع ذلك لن تنصف هذه المدينة الفاضلة بنهرها الجاري على سمائها أبداً)).
يبدو أن سحر الطبيعة الخضراء لا يجعل الشاعر يتغنى بجمالها فقط بل يصقل من عشبها طباً يشفي السقم كما وضح ذلك الدكتور عمران هلال مضيفاً ((كتابي عبارة عن جهد عام كامل من التحليل والتجميع والاستنتاج للأعشاب الطبية التي تتميز بها محافظة إب ويعتبر الإصدار الأول لسبعة كتب ستصدر لاحقاً عن أعشاب إب والأول لثمانية عشر كتاب سأصدرها عن أعشاب اليمن الاتحادية هذا الكتاب هو عباره من محصول عام من البحث والتحليل والتجميع والذي قام به الأخ عمران هلال داخل المحافظة ويسعى من خلاله إلى توثيق الأعشاب الطبية ودراستها وتحليلها بهدف تعليمها وتعريفها وتقديمها للناس في كتاب سهل ومميز يضمن به البعد عن الانحياز بطب الأعشاب إلى جانب التكهن والشعوذة وذلك بطريقة تحليل الأعشاب والأشجار الطبية المتواجدة في محافظة إب تحليلاً علمياً مبنياً على طريقه التجريب والاستدلال واعتمد فيه الباحث على تجميع العشبة وتجريب أجزائها المختلفة الساق الجذور الأوراق الثمار وتحليلها كلا على حده وفحص سميتها وتعيين مقدار الجرعة الدوائية اللازمة والكافية للشفاء).
وعندما ترأى لنا في الأفق البعيد حقل “كِتاب” الخصيب وقد رُسِم في لوحة جميلة، اتجهت يميناً وشمالاً بنظري لأشاهد الخضرة وقد ازدانت في أحايين كثيرة وغالباً ما تكون في بعد الظهر ولربما تصادف الضباب يغطي جبل “سماره” وقد انتشر على شكل سحب منخفضة فوق حقل “كتاب” ويبدو لك المشهد وكأنك تحلق بالطائرة في الفضاء. سحرنا الشاعر عبدالحميد الكمالي (إب الحبُ والتاريخ... نافذة من الجنة حينَ تستمعُ إلى زغاريد العصافير تخبرها أنهُ قد حانُ أن ترتدي ثوبها الأخضر النابضُ بالحبِ والحياة لأهلها ولكل من مرّ على شوارعها ولامس جدرانها وألقى التحية عليها من المسافرين والعابرين..
إب مدينة الروعة والدهشة والجمال إب الأرضُ والطبيعة حنونةٌ على ابناها كريمةٌ على ضيوفها وزائريها لها باعُ طويل في الحب والتاريخ بحصونها المشيدة وأنتَ عائدٌ من العاصمة تتلقاك (حصن سمارة) بالترحاب (وحصن حب) وذكريات الدولة الحميرية وحصن قلعة (التعكر) مصيف الملكة أروى في الدولة الصليحية وغيرها الكثير تجعلُ مدينة إب تنفرد عن غيرها من المدن).
وكما يقال التعليم في الصغر كالنقش على الحجر فقد كان لها سحر منذ طفولتة وترجمت سحرها شعراً ليتغزل الكمالي ((إب طفولتي التي نسجت مع حبات البرد وأول محاولة لكتابة الشعر والتي مازالت تحتلُ مكانً لها في كتاباتي الشعرية والأدبية كان لها تأثير كبير في أغلب الأحيان فتكون مرةً هي الأم التي تحنُ على أبنها ومرةً الوطن ومرةً الحبيبة التي يتغنى بها كل شاعر وكاتب, أثرت وأثرت الجانب الأدبي في حياتي وإلى الأن لم أجد نفسي ولو لمرةً اكتبُ بعيداً عنها....)).
للزراعة نفائس وكنز اقتصادي
البناء والزراعة سحران لا يفترقان في اب فالبيوت تتناثر بين الحقول والخضرة تزداد شيئاً فشيئاً والجمال تُرعى في المناطق الخضراء وفوقها مناحل العسل وعند وصولنا لمدينة إب ظهر الجمعة كانت السحب الركامية تثور شرقاً وهي متتلمذة في حضرة الطبيعة..
وضعنا أمتعتنا وصلينا صلاة الجمعة ثم ذهبنا للغداء ولفت انتباهي الأمطار الغزيرة التي غطت جبل بعدان شرق مدينة إب وأخذت صورة على الطاير ويبدو أنني اقتنصت صاعقة رعدية وهي نازلة على يمين الجبل أخذنا راحة بعد الغداء وعند الرابعة عصراً قررنا الذهاب إلى منتزه “مَشْوَرَهْ” الذي يقع غرب المدينة...
وعند سيرنا إلى منتزه “مَشْوَرَهْ” لفت انتباهي وبشكل كبير الخضرة الفاقعة عن يمين الطريق وخُيِّل لي أنني اكتشفت أجمل مكان في اليمن، لكن لم يك بدّ من المضي قدماً في الذهاب إلى منتزه “مَشْوَرَهْ” لأني أشاهد رؤوس المزن وهي تنمو ،والمنتزه عباره عن رأس جبل مرتفع وما غربه وادٍ سحيق ومنحدر بشكل وعر جداً وهذا يمكنني من أخذ صور جميلة للتكوينات! وما أن التقطت صورتين للضاحية الغربية لمدينة إب على أمل العودة في الصباح الباكر لإشباع النظر منها! فكانت نصيحة الزميل وليد حسن حمود الحجاجي ...مصور فوتغراف ومدرب مشاركة مجتمعية وتنمية بشرية وإدارية ومشاريع بكيفية تلمس الكاميرا باتجاهات تزيدها رونق وجمال فوق جمالها مبدياً تناهيد بوحه (إب مدينة الجمال والروعة أو بما تسمى اللواء الأخضر, تسحرك خضرتها الدائمة وأجوائها البديعة, وتجذبك مآثرها العظيمة, وبساطة ناسها الطيبون).
ليواصل متفاخراً (فهي العاصمة السياحية لليمن, واليوم صارت مدينة الصيف لكثير من الخليجين والعرب. الخضرة سمة رئيسية لهذه المدينة, بل كساء تتزين به إب سهلها وجبلها. وللصيف فيها حكاية ممتعة وقصة سحر رباني آسر للقلوب, حيث تمتاز بجو معتدل طوال السنة) ولأن الجمال الطبيعي يحتاج إلى تغزل واضح الإبداع ومستمر العناية الترويجية أضاف الحجاجي (في الحقيقة تحتاج مدينة إب إلى دعم من القيادة السياسية أولاً بقرار جمهوري بجعلها مدينة عاصمة السياحة في اليمن, وكذلك الترويج الإعلامي للمدينة حيث توجد مناطق كثيرة لا يعرفها حتى أبنائها, وكذلك فأن مسألة الأمن مهمة لجلب أي مستثمر لأي مدينة أو محافظة، وفي الأخير أتمنى من قيادتنا السياسية الاهتمام بالمحافظة لما تمتلك من مقومات السياحية قد تعود بالدخل والاستثمارات مستقبلاً والتي تعود بالنفع للدولة مستقبلاً).
رئة الجسد اليمنى
كلما تراقصت اب بروافد السياحة والجمال وأولويات الاقتصاد كلما سمعنا الجميع يتحدثون عن تلك النبضات الخضراء التي تشكل بأرضها وإنسانها أكبر وأجمل وأخصب وأحلى وأغلى وأروع وأروى بقعة ولوحة وكتلة وبركة في كل أرض اليمن من أقصاه إلى أقصاه، فبقعةً ومساحةً وأرضاً وإنساناً تتمتع بمثل تلك المواصفات والصفات التي تحفل بها وتحتضنها أرض إب، والتي يجمع عليها ليس فقط أبناء اليمن بل وكل من مر بها وعاش في اليمن أو شاهد ملامحها السياحية ومصادر جمالها الطبيعية وهو يتأمل بفكره وينظر بعين مباشرة على الأرض والإنسان في إطار خارطة اليمن بشكل عام وتلك البقعة بشكل خاص، بل وعبر حقب التاريخ المختلفة ككنز استثماري ولكن كيف ينبغي استثمار الزراعة فيها؟ جائت الإجابة من الدكتور محمد بن عبدالله الحميري - متخصص وخبير في الاقتصاد الزراعي...((هذه المحافظة تمثل الرئة بالنسبة للجسد اليمني عبر مساحة الوطن الممتدة حتى يمين الكعبة في مكة وأرض الحجاز شمالاً، وإذا كانت الرئة تمثل للإنسان جهاز التنفس وربما الأداة الرئيسية والمهمة للإحساس بالصحة ومتعة الحياة، فكذلك هي إب جعلها الله موطناً خالصا يتنفس فيه كل أبناء اليمن هواءً أراد له الله أن يظل نقياً يغسله بماء السماء من أدران البشر بأكبر قدر من مياه المطر التي منحها الإله تبارك وتعالى لهذا البلد وجعلها تتركز تحديداً في تلك الرقعة والبقعة الجغرافية وترسم لها حدوداً جغرافية تستعصي على كل من يريد فصلها عن بعضها بحدود لا يمكن لأحد غير الخالق أن يتوسط في ترسيمها أو أن يعمل أو يتآمر على استقطاعها منها. ومثلما قد يسيئ البعض من البشر من خلال عادات التدخين أو غيرها لرئتهم في أجسادهم، تبقى تلك الرئة تقاوم بأقصى ما استودعه الله فيها من سبل ومقومات المقاومة لتلك الأضرار والسموم التي تتعرض لها الرئة، فكذلك ظلت أرض إب تتمنع وتمانع وتقاوم بأقصى طاقاتها كل محاولات إساءة البشر لها سواء من أبنائها ومن القاطنين فيها أو المارين على أرضها، أراها تفعل ذلك بكل ما حباها الله به من المميزات والمزايا الطبيعية التي لست بحاجة لوصفها هنا فالكل يعرفها، وتبقى تلك العروس المتدثرة بزيها الأخضر تلبس شارة وفساتين الغسل كما تفعل كل بنات اليمن قبيل زفافها وكأنها تعلن بأعلى صوتها أنها وإن كان القدر قد اختار لها العريس وأجبرها على الزواج به فإنها ستبقى متمنعة وممتنعة عن أن تكون زوجاً خالصاً ومحتكراً إلا لمن يستحقها بجدارة ولعله لم يأتِ بعد لينال ذلك الكنز ويكون مستحقا له.
زراعة وسياحة
أما عن الاقتصاد في هذه المحافظة فإنه ينبغي أن يقوم على قطاعين رئيسيين هما السياحة أولاً والزراعة ثانياً، فكل قطاع منهما يكمل الآخر، لأن السياحة الداخلية والخارجية إلى المحافظة هي التي تمثل مصدر الدخل الأكبر للمواطنين من أبناء المحافظة التي استحقت أن تكون هي العاصمة السياحية لليمن، ولم تستحق السياحة فيها تلك المكانة بسبب تعدد آثار وقدم تاريخ المحافظة فقط، بل لقد شكلت جوانب الطبيعة الخلابة وجمالها وخصوبة الأرض وتنوع زراعاتها، وتوفر المياه بأنواعها الباردة للشرب وللري والحارة للعلاج وللاستجمام أسباباً استثنائية لجعل المحافظة بأرضها وإنسانها أهم وأكبر وأروع وأول منطقة جذب سياحي في اليمن، بل ولو استكملت فيها مقومات البنية الأساسية لخدمة وتلبية متطلبات تنمية قطاع السياحة لأصبحت هي الأولى على مستوى الجزيرة والخليج. وبذلك فإن السياحة هي كنز محافظة إب الذي لا يمكن أن يعرف الناس قيمته بدون وجهها الزراعي وبيئتها الطبيعية الخلابة. وهي معادلة ستبقى فيها الزراعة مكونا رئيسا لاقتصاد المحافظة ينافس السياحة ويخدمها ويكملها، في حين ستشكل السياحة لقطاع الزراعة روافد مالية تساعد في تطوير قطاع الزراعة وتحسين دخول العاملين فيه، تماما كما يتوقع أن تحقق السياحة في المحافظة رواجا لمختلف مكونات الاقتصاد الأخرى من قطاعات خدمية وتجارية وإبداعية)).
مساحات خضراء
أخيراً تؤكد دراسات عديدة نفسية واجتماعية أن المساحات الخضراء والزهور والأشجار واتساعها أمام الإنسان لها تأثيرها الإيجابي على نفسيته إذ تخفف من حالات التوتر والقلق، وتنشر بينهم روح الاطمئنان..
فما أجمل لمسات الزهور وزقزقة العصافير والبلابل والمفردات الخضراء التي تمنحنا إياها المسطحات الخضراء فلا يملك المرء إلا أن يذكر الله ويقول سبحان الخالق العليم والمؤمن، أولى الناس بالتأمل في خلق الله وإعطاء الجمال الذي صنعه الله، حق قدره.. فالخضرة تؤدي إلى حماية البيئة من التلوث مما يؤثر من الناحية الصحية للمواطنين كذلك فإنها من العوامل الهامة في الحد من تصاعد الغبار وذلك عن طريق تثبيت التربة بجذورها وذلك يساعد أيضاً على الحد من الأمراض الصدرية.
وخلال عقود ماضية أجريت عدة دراسات حول تأثير الطبيعة في العلاج النفسي للإنسان، ولم يكن هناك اهتمام كبير بفوائد الاستمتاع بالطبيعة وذلك بسبب عدم متابعة الطب لهذه الأفكار. لكن في العام 1984 وضع عالم الأحياء الأمريكي إدوارد اوسبورون ويلسون نظرية تسمى “بايوفيليا” أو “حب الحياة الطبيعية” وتشير إلى أن هناك علاقة فطرية متينة بين البشر ونظم الحياة الخضراء، وأن فوائد العلاج بالطبيعة تحدث لأن أدمغتنا تطورت تدريجياً مع طبيعة العالم المحيط بنا، فالأشجار الخضراء والمياه الزرقاء الصافية هي علامات أنها طبيعية، وهذا الإحساس بنقاء وطبيعة الشيء يساعد الدماغ على الاستجابة لأي عملية شفاء بشكل أكبر.
وأظهرت إحدى الدراسات أن الأطفال الذين يعانون من قصور الانتباه وفرط الحركة إذا ما قاموا باللعب في بيئة طبيعية خضراء لمدة 20 دقيقة على سبيل المثال لوحظت زيادة في تركيزهم الذهني. كما لوحظ تحسن ملحوظ في التفكير الخلاق لمجموعة من المتطوعين قضوا عدة أيام في غابة.
بالتالي جربنا والتجربة خير برهان إذا كنت تعاني من الضغط النفسي والقلق وتسارع دقات القلب، أو تعاني نقصاً للمناعة فالجأ إلى الطبيعة.
إن وجودك على شواطئ أحد الخلجان يجعلك تستمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة، ومشاهدتك أشجاراً تتمايل مع نسمات منعشة تولد شعوراً يساعدك على التخلص من ضغط الدم المرتفع، واستماعك لأصوات الأمواج الرياحية المشبعة بالنسيم ورائحة التراب يطرد هرمونات القلق من دمك، والتمتع برائحة أشجار الصنوبر يحسن النظام المناعي لجسدك.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.