عادت الأحداث السياسية والأمنية لتلقي بظلالها مجدداً على المشهد الرياضي في البلد.. ويوم أمس الجمعة تعذر إقامة ثلاث مباريات دفعة واحدة ضمن دوري الكرة بسبب الاضطرابات الأمنية، إذ فضلت لجنة المسابقات تأجيل مباراة اتحاد إب والتلال في إب خوفاً من تكرار مشهد الأربعاء الدامي الذي أودى بحياة عشرات الأشخاص وإصابة آخرين بعدما فجّر انتحاري نفسه صباح الأربعاء الفائت وسط حشد من المحتفلين بذكرى المولد النبوي في قاعة المركز الثقافي بالمحافظة.. في حين منع مسلحون تابعون للحراك الجنوبي عصر أمس الجمعة إجراء مباراة كروية أخرى في مدينة عدن، كان مقرراً أن تجمع وحدة عدن وضيفه شعب إب ضمن الأسبوع الخامس عشر من الدوري العام لكرة القدم تحت تهديد السلاح، في تكرار لذات المشهد الذي حصل مع الفريق الضيف الأسبوع الماضي حينما منع من اللعب مع الشعلة بذات الطريقة. وكان الحدث الأبرز يوم أمس هو اقتحام مجموعة مسلحة من الحراك في حضرموت أرضية ملعب بارادم أثناء إقامة مباراة شعب حضرموت والصقر، وأجبرت الفريقين على التوقف عن الركض وعدم استكمال المواجهة قبل 20 دقيقة من انتهاء وقتها الأصلي بعدما كان أصحاب الأرض متقدمين في النتيجة 2 1 حتى الدقيقة 25 من زمن الشوط الثاني. تأجيل المباريات الكروية لأسباب أمنية لم يكن حدثاً جديداً في المشهد الرياضي اليمني، غير أن اقتحام الملعب من قبل مجاميع مسلحة لإيقاف مباراة كروية يعد تطوراً لافتاً في ممارسات تلك المجاميع التي تدعي الانتصار لقضاياها بمثل هذه التصرفات الشاذة.. وحتى اللحظة لم يصدر أي تعليق رسمي لمسئولي الكرة عن هذه الحادثة.. ورغم القلق الكبير الذي ابداه ابوعلي غالب - وهو رئيس لجنة المسابقات في اتحاد الكرة - من تكرار المشهد الذي سينعكس سلباً على جهود الاتحاد الرامية لرفع الحظر المفروض على الكرة اليمنية من قبل الاتحادين الآسيوي والدولي لكرة القدم، إلا أنه بدا متحفظاً عن الإدلاء بأي تصريح واضح حول ما حدث بالأمس واكتفى بالقول: “قد نضطر إلى نقل مباريات أندية عدنوحضرموت إلى محافظات أخرى أكثر أماناً مثل تعز والحديدة ما لم نحصل على ضمانات كافية من الأجهزة الأمنية والسلطات المحلية بتأمين المباريات وتوفير الحماية المطلوبة”.. وكانت بعض صفحات التواصل الاجتماعي قد تحدثت عن وقوع عدد من الإصابات في صفوف لاعبي الصقر جراء اقتحام المسلحين أرضية الملعب والاعتداء على بعضهم، غير أن حارس الفريق “سعود السوادي” نفى تلك المعلومات.. وقال في اتصال هاتفي مع “ماتش”: “جميع اللاعبين في حالة جيدة جسدياً ولم تحدث إصابات باستثناء إصابة بسيطة تعرض لها أحد الزملاء نتيجة رميه بحجر، لكن الحالة النفسية سيئة للغاية”. وأضاف الحارس الدولي سعود السوادي قائلاً: ذهابنا إلى حضرموت ولعب المباراة في ظل هذه الأجواء المشحونة سياسياً والمنفلتة أمنياً كانت مغامرة غير محسوبة العواقب.. لقد تعرضنا لضغوط نفسية رهيبة منذ وصولنا المكلا من خلال السب والشتم والاستفزاز بعبارات عنصرية ومناطقية مقيتة، لكن مسئولي النادي وقيادة البعثة قرروا أن نمضي في المهمة ونخوض المواجهة بعد التواصل مع قيادة اتحاد الكرة وحصولهم على ضمانات من قيادات في اللجان الشعبية من أبناء حضرموت بحمايتنا.. واستطرد السوادي: “كانت هناك محاولات متكررة من قبل الحراكيين ومجموعاتهم المسلحة لمنعنا من اللعب منذ كنا في مقر الإقامة لكن أفراد اللجان الشعبية استطاعوا مشكورين حمايتنا وإيصالنا للملعب”.. وقال: بدأنا اللقاء بشكل طبيعي ولم يكن يتبقى على انتهاء الوقت الأصلي سوى القليل لنتفاجأ بدخول مجاميع من الحراك يحملون الأعلام الجنوبية والأسلحة إلى أرضية الملعب قبل أن يشتبكوا مع أفراد الأمن واللجان الشعبية لنقوم نحن بالفرار وتم نقلنا على متن سيارة تابعة للأمن إلى الفندق الخاص بإقامتنا.. ولاتزال بعثة الصقر متواجدة (حتى لحظة كتابة الخبر) في مقر إقامتها المطوق برجال من الأمن واللجان الشعبية لتوفير الحماية خوفاً من أية أحداث عنف محتملة.. وصدرت تعليمات صارمة للاعبين بعدم مغادرتهم الغرف، فيما لم نحصل على تأكيدات رسمية بشأن موعود رجوع البعثة إلى تعز.