لندن: الخاسر نفسه، ميت رومني، تقبل الهزيمة بصدر رحب، وكان كيّسا وكريما في دعوته الأمة للصلاة من أجل نجاح خصمه. لكن هذا القول لا ينطبق على عدد من رموز اليمين الأميركي أبرزهم حاليا ملياردير العقارات دونالد ترامب. فبعد لحظات فقط من إعلان النتيجة، سارع الى التصريح بقوله إنها «إساءة للعدالة وتعني أننا ما عدنا دولة ديمقراطية... لا ديمقراطية في أميركا». ولم يكتف هذا الرجل بكل ذلك بل مضى يدعو الأميركيين، عبر سيل من الرسائل على موقع «تويتر»، الى «الثورة» نفسها ولا شيء أقل منها. وقال إن أوباما «خسر الصوت الشعبي ومع ذلك فقد فاز بالرئاسة. هذا أمر مقزز ولا سبيل للتصدي له الا بالثورة نفسها». عندها بدأ المنتقدون يتصدون لهذه الدعوة من الرجل الذي سعى من جانبه الى ترشيح الحزب الجمهوري لمنازلة اوباما وفشل سريعا. وكان بين أبرز اولئك المنتقدين مذيع شبكة «إن بي سي»، برايان وليامز الذي تلا على المشاهدين عددا من رسائل ترامب. لكن هذا نفسه صب مزيدا من الوقود على غضب ملياردير العقارات، فبدأ حملة هجومية أخرى عليه وعلى برنامجه الذي يجتذب الملايين. على أن ترامب سارع بعدها إلى سحب رسائله الداعية للثورة بعدما تبدى له، وفقا لما تناقلته الصحف الغربية، أن تشعباتها ومضامينها ربما جعلت منه عرضة ليد القانون وأقسى أنواع العقاب بسبب تحريضه على الثورة ضد الرئيس الأميركي». يذكر أن هجمات ترامب على أوباما بدأت قبل زمن عندما اتهمه بأنه «أجنبي». واضطر هذا الأخير لإبراز شهادة ميلاده في هونولولو، هاواي، تثبت للشعب أنه مولود فعلا في أراض أميركية. لكن هجمات ترامب تكاثرت بشكل ملحوظ في الأسابيع السابقة للانتخابات. وكان آخر هذه اتهامه لأوباما بأنه استغل إعصار دمار «ساندي» في ساحل اميركا الشرقي لأغراض سياسية قصد بها رفع مستوى شعبيته. ولم يفت كل ذلك على الرئيس فقال لجو لينو، في برنامج الدردشة الشهير الذي يستضيفه على شاشة «إ بي سي» إن «عداوة» ترامب له تعود «الى أيام صبانا سويا في كينيا. كنا نهزم فريقه على الدوام في مباريات كرة القدم (الأميركية)، ولم يكن ترامب نفسه لاعبا يعوّل عليه». وكشف الرئيس، على هامش هذا الموضوع، أن الظروف لم تجمعه مطلقا بترامب منذ توليه الرئاسة. وكان اوباما قد جعل من مسألة شهادة ميلاده موضوع فكاهة له خلال حملته الانتخابية ضد خصمه الجمهوري. فقال في تجمع سياسي له بنيوهامبشاير الشهر الماضي إن رومني «رفع رسوم استخراج شهادة الميلاد بحيث صارت عسيرة ماليا على من هم مثلي». وكانت الإشارة المعنية الى ترامب واتهامه لا تخفى على العين بالطبع. وعلى أية حال فيبدو أن العديد من الجمهوريين يشعرون بمرارة لم يتذوقوا مثلها من قبل، خاصة بالنظر الى الدور الهائل الذي أداه السود والهسبان في تغيير مسار الانتخابات لصالح اوباما. وكان بين الأصوات الجمهورية المعبرة صراحة عن ذلك بيل اورايلي، وهو أحد أبرز المعلقين السياسيين اليمينيين وصاحب برنامج تلفزيوني على قناة «فوكس» يعتبر بين الأشهر أميركيا. فقال: «فاز اوباما لأن أميركا نفسها ما عادت أميركا التي نعرفها... فقد صارت المؤسسة البيضاء هي الأقلية».