يشكل شراء قنينة من الحليب أو قطع غيار عملية صعبة للفنزويليين، الذين يخضعون منذ 2003 لمراقبة عمليات صرف العملة التي تعرقل الإنتاج وتؤدي إلى ندرة السلع والعملات الصعبة، رغم الأسعار القياسية التي سجلها النفط، المورد الأساسي للبلاد. وفي تصريح لوكالة فرانس برس قال روبرتو ليون رئيس هيئة للدفاع عن المستهلكين «إن مراقبة عمليات الصرف تسببت بانحرافات اقتصادية جعلت البلاد تعول على عمليات الاستيراد، بحيث إنه إذا ما تراجع اليوم سعر برميل النفط فلن تتوافر الأموال الكافية لشراء الحليب والقمح من الخارج». ويقول الخبير الاقتصادي والأستاذ في جامعة بريستون (الولاياتالمتحدة) يسوس كاسيك، إن «القسم الأكبر من 698 مليار دولار توافرت من الصادرات النفطية في السنوات الأربع عشرة الأخيرة (الفترة التي أمضاها الرئيس السابق هوجو شافيز في الحكم من 1999 إلى 2013)، قد خصص لعمليات الاستيراد». وأضاف الخبير الاقتصادي والمدير السابق للبنك المركزي الفنزويلي خوسيه جيرا، أن قسما آخر مهما من الدولارات «بقي في الخارج لخدمة الدين المتزايد للبلاد، وبذلك لم يصل لا إلى الأفراد ولا إلى المؤسسات». وفي هذا الإطار «من النقص الحاد في العملات الصعبة»، يعتبر ليون أن الفنزويليين يرون أن حياتهم اليومية قد تأثرت تأثرا مزدوجا، فعليهم من جهة التنقل بين المتاجر لإيجاد سلع مستوردة، وعندما يرغبون في السفر إلى الخارج من جهة ثانية، يضطرون إلى «استجداء الدولة للحصول على كمية محدودة من الدولارات» في مقابل البوليفار، عملتهم الوطنية. ويحق للفنزويليين سنويا ثلاثة آلاف دولار لا يمكن إنفاقها إلا عبر بطاقة اعتماد وخلال السفر، بالإضافة إلى 500 دولار نقدا. وأضاف جيرا أن «النفط لا يكفي، وهيمنة الدولة تخنق الاقتصاد، والشيء الوحيد الذي تصدره فنزويلا هو النفط الذي يستخدم لتمويل كل شيء». وقال إن النقص في العملات الصعبة «يزداد منذ 2009، عندما تأممت مؤسسات السلع الأساسية التي توقفت بعد ذلك عن الإنتاج وعن إدخال عائدات إلى البلاد». وبدأت مراقبة عمليات صرف العملة في 2003 بأمر من شافيز الذي توفي في الخامس من مارس للحد من هرب رؤوس الأموال، الذي بدأ بعد إضراب واسع نفذه القطاع النفطي في 2002. وتبيع فنزويلا التي تملك أبرز احتياطات النفط العالمية البرميل بنحو 100 دولار. وشركة النفط الرسمية التي تتدخل أيضاً في قطاعات مثل بناء المساكن واستيراد السلع الغذائية، لم تعد قادرة على مواجهة الطلب المتزايد على الدولار. وبلغ إنتاج أبرز مصدر للنفط الخام في القارة في السنوات الأخيرة ثلاثة ملايين برميل يوميا، في مقابل 3.1 في 1998، كما أفيد رسميا. وأحد أبرز التحديات التي تواجهها الشركة هي التوصل فقط إلى زيادة إنتاجها. وتعرقل مراقبة عمليات الصرف الماكينة الإنتاجية، وأدت إلى زيادة عمليات الاستيراد إلى مستويات غير مسبوقة من 15 مليار دولار في 2003 إلى 56 مليارا في 2012، كما تفيد الإحصاءات الرسمية. ويقول الخبير الاقتصادي خيسوس كاسيك إنه بسبب «سعر الصرف المرتفع، فإن الاستيراد أفضل من الإنتاج». ويسجل مؤشر النقص الذي يحدده البنك المركزي مزيدا من الارتفاع، وقد بلغ %20 في الأشهر الأولى من 2013. وفي الوقت الراهن، يبلغ سعر الدولار 6.3 بوليفار (بعد خفض للعملة الوطنية فاق %30 في فبراير)، لكنه يلامس 20 بوليفار في السوق السوداء، إذ لم تتمكن الدولة من تلبية الطلب على العملات الصعبة لدى عدد كبير من المؤسسات. وخلص كاسيك إلى أن «بعض المؤسسات تتعامل مع السوق السوداء وتشتري دولارات بسعر يفوق السعر الرسمي أربع مرات، لكن ذلك يزيد من التضخم» الذي تجاوز في 2012 نسبة %20 وسجل رقما قياسيا في أميركا اللاتينية.