زارني قريب لي في البيت وسلمته مبلغ 180 ألف درهم نقداً لاستثماره في قطاع العقارات، درّة تاج الاستثمار في عام 2007، وفور مغادرته كتبت ملاحظة بذلك على ورقة صغيرة ووضعتها في محفظتي. أقنع قريبي أشخاصاً آخرين في العائلة بالاستثمار معه واشترى منزلاً صغيراً أودعنا فيه أحلامنا الكبيرة، فغداً نبيعه بضعف ثمن شرائه، ونشتري بناية، ثم نبيعها بخمسة أضعاف ونشتري برجاً، ثم نبيعه بعشرة أضعاف ونخرج من السوق لننام على الفلوس. بعد أشهر قليلة كانت الأزمة المالية الهمّ رقم واحد في العالم، وأخذت أسعار العقارات تتهاوى، وأخبرنا قريبنا بأن البيت خسر نصف سعره تقريباً، وأن البيع سيعني الخسارة الفادحة، وأننا لن نحصل إلا على قيمة الإيجار الذي هبط هو الآخر. منذ سنة 2008 وإلى قبل أيام قليلة، كنت كلما سمعت بالأزمة المالية تشكّل رقم 180.000 في مخيلتي. وكلما خطر الموت ببالي، أجريت جرداً لما سأتركه لعيالي: بيت صغير، سيارة قديمة، حقوق تأليف كتب لا رواج لها، حقوق نهاية الخدمة، أسهم في شركات مفلسة، ورقة صغيرة في محفظتي. الحمد لله، 180 ألف درهم في الحفظ والصون لدى قريبي. سيكفي هذا المبلغ أسرتي الصغيرة إلى أن يتم حصر التركة، خصوصاً أن المبلغ لن يمر في الإجراءات القانونية المعتادة، وإنما سينثره قريبي على رؤوس أطفالي أثناء تعزيتهم. وخلال هذه السنوات الست فكّرت في بيع حصتي في منزل الأحلام ثلاث مرات. في المرة الأولى تشكّل رقم 180.000 في رأسي وأنا على عتبة مدخل بنكٍ قصدته لأخذ قرض شراء سيارة بقيمة 168 ألف درهم، عدت خطوات إلى الوراء وقلت: لم لا أشتري السيارة نقداً؟! وستبقى لي 12 ألف درهم لألعب بها. لكنه قال إنه لا يستطيع شراء حصتي في الوقت الراهن لأنه يمر بظروف صعبة، ولن يجد من يشتريها ليحل مكاني. ... المزيد