قبل بضعة أيام وأثناء انشغال الموظفين بأداء أعمالهم في أحد الأبراج المرتفعة في منطقة الدفنة شعر البعض منهم بالدوران وأخرون شعروا باهتزاز المبنى. البعض خيل له أنه مريض، والآخر تصور أن المبنى آيل للسقوط، وبدأ الموظفون بالتدافع للنزول عبر السلالم من الطوابق المرتفعة إلى الشوارع والكل في حيرة من أمره متسائلا: ماذا حدث؟ فوجئ الجميع بإخلاء جميع المباني في منطقة الأبراج لحدوث هزة أرضية نتيجة لزلزال ضرب مدينة بوشهر الإيرانية. عاش الآلاف من الموظفين بمنطقة الأبراج حالة من الفوضى والرعب الشديد بين هذه المباني المرتفعة، والقربية من بعضها البعض، فالموظف لم يدرب على كيفية التصرف في مثل هذه الحالات. هذه الهزة الأرضية الخفيفة أرعبت الجميع، يا ترى كيف يكون حالنا يوم القيامة. (إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا...) ووقف الإنسان وحيداً أمام رب العالمين للحساب. مازلت أتذكر تلك العبارات التي كانت تهدئ المواطنين في الخليج عند حدوث الزلازل في المناطق المختلفة من العالم بأن أرض الخليج آمنة من الناحية الجيولوجية. كيف تكون منطقة الخليج آمنة الآن؟ ونحن نشهد الكثير من المعاصي ترتكب على أرضها باسم التقدم والتحضر، بداية من شرب الخمور والربا وحتى السفور والتبرج والاختلاط.... قال الله تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ). هذه رسالة لنا من رب العالمين (وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً). إنه درس يتوجب علينا أن ندركه، حتى يقلع الناس عن ذنوبهم ويرجعون إلى ربهم.. هذه الهزة الأرضية لنجعلها هزة نفسية لنا جميعاً، كل منا يمسك بعصا التغيير، ويبدأ من نفسه، وينتهي بمجتمعه فلا يكفي الشجب والاستنكار، بل علينا المبادرة بتغيير كل منكر. إنني أوجه ندائي للجميع، ولكنني أخص أختي الفاضلة المرأة بهذا النداء: عليك تقع المسؤولية الكبيرة، فأنت نصف المجتمع، وبصلاحك يصلح المجتمع كله، إن ما نراه اليوم من حال المرأة يحز في النفس، ففي أحيان كثيرة نشاهد مناظر مستغربة، لا تمت الى مجتمعنا بصلة. الأنوثة ليست بكومة من الأصباغ تعلو وجهك، ولا مجموعة من العطورات تفوح منك في الطرقات، إنما الأنوثة حياء، فأين أنت من حياء أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تستحي من رجل ميت تحت التراب. نحن بحاجة إلى المرأة المسلمة المحتشمة، التي لا تقبل بغير الحياء تاجاً لها. والحياء من الإيمان، وكلما ازداد منه صاحبه ازداد إيمانه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (الإيمان بضع وسبعون شعبة، أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان). أختي الفاضلة: كوني قدوة لغيرك بلباسك المحتشم، وتعاملك مع الآخرين، ليقتدي بك كل من يراك انشري الحياء في كل مكان في عملك في الشارع في محيط أسرتك، وأحسني تربية بناتك على الحياء. شذرات: اللهم احفظ بلادنا بحفظك وامنها بأمنك وابعد عنها الفتن ما ظهر منها وما بطن.