"عيدنا محلي" اليوم في حديقة السبعين بصنعاء    اليوم بدء تعويض العملة بالمحافظات المحتلة    تعميمً لمكاتب ووكالات السفر بعدم التعامل مع إجراءات تحالف العدوان    دلالات انتقادات السلطة الفلسطينية المتكررة لطوفان الأقصى: عباس سكت دهراً ونطق كفراً    خروج متجدد في لحج مع غزة    عرض كشفي لطلاب المدارس النموذجية والمفتوحة بصعدة    بن حبتور يعزي في وفاة وكيل حضرموت المنصوري    وفاة 6 أشخاص صعقا بالكهرباء أثناء حفل زفاف وسط أوغندا    الذهب يستقر ويتجه لأول مكاسب له في ثلاثة أسابيع مع تراجع الدولار    اصدار النسخة الثانية (صرخة غريب ) للكاتبة مروى المقرمي    أنشطة ثقافية متعددة لبطولة الجمهورية لبناء الأجسام    أحب الأيام الى الله    بعثة الحج اليمنية برئاسة اللواء الرزامي تغادر مطار صنعاء    ما علاقة ارتفاع الحرارة ليلا بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    اجتماع بصنعاء يناقش الصعوبات التي تواجه مستوردي الأجهزة الطبية    ذكاء الطفل مرتبط بالحمل .. معلومات مهمة جدا للأم    النهاية تقترب.. تفاهمات سعودية إيرانية للإطاحة بالحوثيين والجماعة ترضخ وهذا ما يحدث تحت الطاولة!    بعد قرارات البنك المركزي بعدن .. تعرف على بوادر ازمة وشيكة وغير مسبوقة في مصارف صنعاء !    جماعة الحوثي تتراجع عن تهديداتها العنترية وتخضع للسعودية !    النفحات والسنن في يوم عرفة: دلالات وأفضل الأعمال    محلل سياسي: صراخ عبدالملك الحوثي ضد السعودية تذاكي غبي.. وهذا ما يحدث من تحت الطاولة    قوى 7-7 لا تريد ل عدن أن تحصل على امتيازات العاصمة    نادي ظفار العماني يهبط رسميا للدرجة الأدنى    لا حلول لأزمات اليمن والجنوب.. ولكن استثمار    انضمام مشائخ من كبار قبائل شبوة وحضرموت للمجلس الانتقالي الجنوبي    الحوثيون يعترفون بنهب العملة الجديدة من التجار بعد ظهورها بكثرة في مناطقهم    الرفيق "صالح حكومة و اللجان الشعبية".. مبادرات جماهيرية صباح كل جمعة    من 30 الى 50 بالمية...قيادي بالانتقالي الجنوبي يتوقع تحسنًا في سعر الصرف خلال الفترة القادمة    سياسة حسن الجوار والأزمة اليمنية    عاجل: انفجار في خليج عدن وإعلان بريطاني بهجوم حوثي جديد    بعد أشهر قليلة من زواجهما ...جريمة بشعة مقتل شابة على يد زوجها في تعز (صورة)    وديا ... اسبانيا تتخطى ايرلندا الشمالية بخماسية    "لن نفتح الطريق"...المقاومة الجنوبية ترفض فتح طريق عقبة ثرة وتؤكد ان من يدعو لفتحها متواطئ مع الحوثي    ما حد يبادل ابنه بجنّي    صيد حوثي كبير في يد قوات العمالقة ودرع الوطن    الحسناء المصرية بشرى تتغزل باليمن و بالشاي العدني    خارجية الانتقالي تندد بالاعتقالات الحوثية بصفوف الموظفين الأمميين    السلطة المحلية بتعز تعلن إصلاح طريق الكمب تمهيداً لاستقبال المواطنين    أطباء بلا حدود: 63 ألف حالة إصابة بالكوليرا والاسهالات المائية في اليمن منذ مطلع العام الجاري    منتخب الشباب ينهي معسكره الداخلي ويعلن القائمة النهائية للمشاركة ببطولة غرب آسيا    قرار حكومي بنقل مقار شركات الاتصالات الرئيسة إلى العاصمة المؤقتة عدن    زيدان: البرنابيو يحمل لي ذكريات خاصة جداً    اتحاد النويدرة بطلا لبطولة أبطال الوادي للمحترفين للكرة الطائرة النسخة الثالثة.    80 شهيدا وعشرات الجرحى جراء قصف غير مسبوق وسط غزة والمستشفيات تستغيث    أطلق النار على نفسه.. مقتل مغترب يمني في أمريكا في ظروف غامضة (الاسم)    حاول التقاط ''سيلفي'' .. الفنان المصري ''عمرو دياب'' يصفع معجبًا على وجهه خلال حفل زفاف ابنه (فيديو)    الرئيس الإقليمي للأولمبياد الخاص الدولي : مصر من أوائل دول المنطقة التي أقامت ألعابا وطنية    البعداني: البرواني استعاد جاهزيته .. ولا يمكن تجاهل أي لاعب يبلي بلاءً حسنا    الحوثيون يمنحون أول باحثة من الجنسية الروسية درجة الماجستير من جامعة صنعاء    تعرف على شروط الأضحية ومشروعيتها في الشريعة الإسلامية    البنك المركزي يؤكد سريان قراراته ويحذر من تداول الشائعات    الحوثيون يعتقلون عشرات الموظفين الأمميين والإغاثيين في اليمن مميز    الوزير البكري يعزي في وفاة الكابتن علي بن علي شمسان    بينها دول عربية.. تسع دول خالفت السعودية في الإعلان عن موعد عيد الأضحى    عن ''المغفلة'' التي أحببتها!    ميليشيا الحوثي تهدد بإزالة صنعاء من قائمة التراث العالمي وجهود حكومية لإدراج عدن    خبراء صحة: لا تتناول هذه الأطعمة مع بعض الأدوية    في وداع محارب شجاع أسمه شرف قاسم مميز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكراد سورية مع ثورة الشعب... أم ضدّها؟ - الحياة اللندنية - عبدالوهاب بدرخان
نشر في الجنوب ميديا يوم 29 - 11 - 2012


مواضيع ذات صلة
عبدالوهاب بدرخان
تحتاج الثورة السورية الى مساهمة الأكراد، وهم يحتاجون الى تفهّم الثورة لمطالبهم. كان الشباب الكرد سبّاقين الى التواصل مع التنسيقيات واعتماد هدف اسقاط النظام، خلافاً للقوى السياسية التي أغرقت نفسها في حسابات كردية - كردية أو كردية - اقليمية وراحت تقيس الى ما لا نهاية احتمالات الاقتراب من/ والابتعاد من النظام تارةً أو المعارضات «العربية» تارةً اخرى. لم ترضِها تركيبة «المجلس الوطني» لأنها رأت هيمنة ل «الإخوان المسلمين» عليها، ولا صيغة «الائتلاف الوطني» لأنها لا تزال تجد مسحة اسلامية غالبة. وفيما كان أكراد العراق موسوسين بكل ما تُشتمّ منه رائحة «قومية عربية»، يبدو أن أكراد سورية أضافوا التوجس من كل ما هو «اسلامي» بعدما اتيح لهم أن يتعرّفوا الى البدايات المتعثرة والمقلقة ل «الاسلام السياسي» في مصر وتونس، لكن تماسهم مع غالبية سوريي الثورة لا بد من أن يوضح لهم حقيقة أنها ليست منتظمة أيديولوجياً، لا في «الأخوَنة» ولا في «التسلّف»، بل إن قسوة النظام ووحشيته دفعتاها الى الاستيعاذ بالله من الشيطان الرجيم.
لعل التشرذم الذي ظهرت عليه المعارضة السورية لم يشجّع الكرد على الاندفاع المتوقع منهم الى مساندة الثورة، أو شكّكهم بإمكان انتصارها، اذ إنهم ذاقوا الأمرّين من ممارسات النظام منذ بدايات تهميشهم والشكّ بولائهم أواخر أربعينات القرن الماضي، مروراً بحقبة حافظ الأسد التي شهدوا فيها أسوأ الانتهاكات لحقوقهم القومية والانسانية (هجمة التعريب، مصادرة الأراضي، نقل السكان العرب ل «تخليط» مناطقهم، وإحاطتهم ب «حزام عربي»، والفصل بينهم وبين موطنهم وذويهم عبر الحدود مع تركيا، فضلاً عن حجب الجنسية، وعدم الاعتراف بلغتهم، وحرمانهم من التملّك، واستبعادهم عن أي وظائف...)، وصولاً الى البطش بهم في القامشلي والجزيرة خلال أحداث 2004. غير أن أسباب تشرذم المعارضة «العربية» تكاد تكون هي نفسها أسباب تشرذم «المعارضة الكردية»، وتستدعي تفهماً متبادلاً، وصولاً الى تسويات واجبة. فالكرد ليسوا جسماً واحداً وإنْ حاولوا توحيد صفوفهم واستبعاد أي مواجهات بين تنظيماتهم. ومن الواضح أن كردستان العراق باتت قِبلتهم ومثالهم وملاذهم، ففي تموز (يوليو) الماضي كان لاجتماعهم في اربيل، وبرعاية رئيس الاقليم مسعود بارزاني، تأثير حاسم في تحديد استراتيجيتهم للتعامل مع التحوّل السوري. غير أن النفوذ البارزاني على «المجلس الوطني الكردي» لا يشمل «حزب الاتحاد الديموقراطي» المعروف بأنه فرع سوري ل «حزب العمال الكردستاني» بزعامة عبدالله اوجلان ويعمل بإمرة نظام دمشق.
في كل لقاءات الخارج، مع قادة «المجلس الوطني» أو مع الهيئات الاخرى المعارضة، فاجأ الأكراد أو صدموا «الجانب العربي»، كما يسمّونه، برفض مبكر لصفة «العروبة» التي أسبغها الآخرون بعفوية الموروث الثقافي على وطنهم السوري المستقبلي. وجد الكرد أن الإصرار على هذه الصفة يحمل كل المخاطر على احتمالات الاعتراف بهويتهم وحقوقهم، ثم حدسوا لاحقاً بأن العروبة المتأسلمة كفيلة بأن تطيح حلم «الدولة الديموقراطية المدنية» الذي راود كل ثورات الخلاص من الأنظمة المستبدّة. قد يكونون محقّين في مخاوفهم، ولعلهم مبالغون، فكما أنهم يهجسون ب «عقدة الهوية» التي يولدون ويعيشون معها، كذلك يعاني الآخرون شيئاً من هذه العقدة، فلا يمكن مثلاً إقناعهم ب «العلمانية» كما ينادي بعض الكرد. هذا لا ينفي أن كل تجارب الأنظمة القومية أو مدّعية القومية أو ماسخة القومية، بأنماطها الناصرية والبعثية و «القذافية»، وعلى رغم توافقاتها وأحلافها ومناحراتها، التقت في النهاية على نمط واحد من الحكم التسلّطي - الأمني غير الآبه بحق المواطنة ولا ب «دولة القانون» ولا بأبسط الحقوق الانسانية. أما ورثتها من الأنظمة المبنية على سرقة انتفاضات الشعوب وامتطائها، فلا تبدو سوى مشاريع لإعادة انتاج الاستبداد تحت العباءة الدينية.
استُهلك وقت طويل في النقاش حول ما يمكن أن يتعهده «عرب» سورية ل «مواطنيهم» الكرد في نظام ما بعد الاسد. كان «تقرير المصير» ولا يزال عنواناً تختبئ تحته كل النيات الحسنة والسيئة، واقتُرحت له صيغ للتوفيق، وكأن المسألة تقتصر على مجرد عبارات مقبولة في برنامج سياسي أو بيان اعلامي، أو كأن «العربي السوري» مفوّض إذ يُسأل الآن أو مخوّل إعطاء «الكردي السوري» حقوقاً لم يكن له رأي أصلاً في مصادرتها، فكل ما يستطيعانه واقعياً وبنزاهة أن يتوافقا على مبادئ حاكمة لعلاقات مواطنة متساوية بين كل مكوّنات المجتمع، بل لا بدّ من إثبات الاعتراف الدستوري بحقوق الكرد في اطار سورية موحّدة وديموقراطية. لكن النقاش العقيم كان مجرد استكشاف متبادل للنيات، فلم يعرض فيه الكرد طموحاتهم صراحةً سواء كانوا يريدون «حكماً ذاتياً» أو «فيديرالية» وفقاً للنموذج العراقي. وقد اختصر أحد المعارضين «العرب» الموقف بقوله: الكرد غير واضحين، وتقديري أنهم يريدون أن نوقّع لهم على وثيقة قبول بانفصال «محافظاتهم»، لا أحد منّا يستطيع ذلك.
وفي الواقع، لم تكن أفضل الصيغ التوافقية لتقنع الأكراد بانخراط أكثر التزاماً بالثورة، لماذا؟ لأن قرارهم الحقيقي كان ولا يزال الحفاظ على أنفسهم وعلى أمنهم وعدم التسبب بتحويل مناطقهم حقول قتال أو أهدافاً سهلة لوحشية النظام. هذا ما فهم من لقاء اربيل الذي توصل الى تخفيف التناقض على الأرض بين أحزاب «المجلس الكردي» و «حزب الاتحاد». لكن هذا النأي بالنفس عن مسار الثورة، وبالأخص بعد انجازاتها العسكرية، تناقض جذرياً مع ما اتّبعه «الاوجلانيون» حين سلّمتهم قوات النظام، في خطوة منسّقة، مناطق كردية حدودية ليباشروا منها في المقابل حربهم الخاصة ضد تركيا، وأيضاً لخلق أسبابٍ للصدام بين مقاتلي هذا الحزب و «الجيش السوري الحرّ» في سعيه الى توسيع السيطرة أو تثبيتها. ولو كان الأكراد مساهمين في الثورة، لما برزت تمايزات بين منطقة متاحة ل «الجيش الحر» أو ممنوعة عليه، ولما حصلت مواجهات دامية في مناطق مختلطة، كما في حلب. لكن الأهم أن النأي بالنفس انطوى على مخاطرتين: اذ أشاع انطباعاً بأن مناطق الكرد باقية مع النظام وغير مرشحة للخروج عن سيطرته، ثم إنه أضعف حجج «المجلس الوطني الكردي» في سعيه الى ضمانات تتعلق بالمستقبل. فكيف لمن لا يساهم في إسقاط النظام أن يفرض مطالبه على النظام التالي. في الأسابيع والأيام الأخيرة تعددت الصدامات «العربية - الكردية»، ما استوجب تأسيس «الجيش الكردي الحرّ» للتنسيق مع «الجيش السوري الحر»، وهذه خطوة لازمة وضرورية بمقدار ما أنها تعني بروز التأثير «العراقي» في الواقع الكردي السوري، وبداية الخروج من «النأي بالنفس» للانتقال الى دور أكثر ديناميكية في مسار إسقاط النظام. أضف أن «الائتلاف» الجديد أفرد لهم منصباً قيادياً لم يقرروا إشغاله بعد.
اذا كان أكراد سورية يسترشدون بالنموذج العراقي، فالأكيد أنهم مدركون ريادة أكراد العراق العمل لإسقاط نظام صدّام حسين، انطلاقاً من الاعتراف الدولي بمنطقتهم «الآمنة»، وكيف حددوا مطالبهم وخاضوا حوارات وخصامات مع أطراف المعارضة ومع القوى الدولية قبل أن ينتزعوا الموافقة على «الفيديرالية» التي قادتهم الى وضعية «دولة مستقلّة» تنتظر حسم مصير المناطق المتنازع عليها لإعلان انفصالها. وحين تسأل أوساط المعارضة «العربية» تأتيك الاجابة بأن الكرد السوريين لم يطرحوا مطالب واضحة بل يدفعون بصيغ غامضة. وحين تسأل أوساطاً كردية تلمس أنهم يعتبرون الوصول الى وضعية كردستان العراق ذاتها طموحاً مشروعاً ومنصفاً لإنهاء الظلم التاريخي الذي أُنزل بهم لدى رسم خرائط «سايكس – بيكو»، إلا أنهم مدركون أن «كردستان سورية» لا تتمتع حالياً بمقوّمات تؤهلها لأكثر من ادارة ذاتية، وهذه قد تكون مقبولة مبدئياً ضمن لا مركزية ادارية عامة. إلا أنها، باستثناء منطقة الجزيرة المتاخمة لكردستان العراق وشبه «النقية» إثنياً، عسيرة التطبيق في مجمل المناطق التي يعتبرونها «خاصّتهم» تاريخياً بالنظر الى عدم تواصلها جغرافياً ووجود «جيوب عربية» كبيرة فيها. أضف أن الهيمنة التي يمارسها «الاوجلانيون» حالياً لا تبدو مساعدة كردياً أو سورياً أو تركياً أو دولياً على تولّي الكرد حكماً ذاتياً حتى لمناطقهم. وسبق للأميركيين أن أكدوا لممثلي اكراد سورية أن لا وعود ولا ضمانات لديهم لتكرار تجربة كردستان العراق في سورية، وأن الأولوية الآن هي لتأمين مرحلة انتقالية إما بتسوية سياسية اذا وافق النظام على التنازلات المطلوبة وإما بالعمل على إسقاطه بتفعيل الانجازات الميدانية للثوار. وفي المرحلة الانتقالية ستضغط اميركا لضمان حقوق جميع الاقليات، بمن فيهم الكرد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.