د. عبد العزيز حسين الصويغ لا يمكن إلا أن يكون أمرٌ جلل ذلك الذي دعا الصديق الكريم اللواء متقاعد عبدالقادر كمال، وهو الأديب والشاعر والإنسان، إلى أن يخط بيده على صفحته في الفيس بوك بيتاً عبّر فيه عن أقصى درجات الألم، يقول فيه: «كم من عزيزٍ على قلبي ووجداني... خذاه وقته وصار اليوم قوماني». وقوماني تعني هنا، كما يشرحها اللواء عبدالقادر كمال لأحد المستفسرين عن معناها: قوماني «متسلط، متكبر، طامع. وهذا معناها في نجد». فهذا البيت اليتيم، كما يقول أبوأيمن، ليس مجرد كلام أو تعبير، بل هو انتزعه من داخله بألم «وصغته من شغافي بحسرة، فلا تحسبوا ذلك هيّناً، فها هي دمعتي على حاجر العين أردّها ولا ترتد. الله يكفيكم ويكفيني شر الزمان وشر من فيه شر». *** تألمت لألم الصديق القديم. كيف لا ورسول الخلق عليه الصلاة والسلام يحث المؤمنين على الحب والمودة والتراحم بينهم حين يقول: (مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى). فهذا هو المقياس الذي وضعه الخالق ليس فقط لمعرفة حب المؤمن لأخيه المؤمن، بل ولاختبار درجة إيمانه، فبدون التراحم والتداعي بين المؤمنين يُصبح إيمان المؤمن ناقصاً. لكن هناك، للأسف الشديد، من الناس من وصل بهم الأمر للفرح إذا أصاب إنساناً آخر مصيبة، وإن أصابه خير ساءهم ذلك، حتى ولو كان صديقاً أو قريبا. هؤلاء وصفهم الله عز وجل في قوله تعالى: (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا...) آل عمران - 120. *** إن الصداقة هي علاقة دائمة قائمة على الوفاء والإخلاص والإيثار، فلا يمكن تعويض الصديق، فهو الأخ الذى لم تلده الأم ومخزن أسرار صديقه والمدافع عنه فى غيبته قبل حضوره، فدائماً هو السند والعون للآخر فى الضراء قبل السراء. لذا ففقد الصديق لا يقل في خسارته عن فقد الأخ. لكن هذا حال الدنيا كما يقول الشاعر فلاح راضي في تعليقه على كلمة الصديق اللواء عبدالقادر كمال: «قد يصبح حبيبك عدوك وقد يصبح عدوك صديقك».. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ). التغابن - 14، فما بالك بالأصدقاء وبقية الأحبة.. عموماً من كان سبباً في ترقرق دمعتك ليس جديراً بحبك وقلبك الطيب». *** ولا يسعني في نهاية مقالي هذا غير أن أكمل الآية 120 من سورة آل عمران التي أوردتها عاليه، والتي يقول فيها الله عز وجل: (وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا)، فالصبر والحذر هو الدرع الذي يتلقى به المؤمن أذى وغدر الصديق قبل العدو. كما أن على الإنسان أن يتعود أن يعيش حياته بأي ظرف كان ومع أي شخص كان. فلن تتوقف الحياة حتى وإن غاب عنّا الغالي والحبيب، وهي لن تتوقف أيضاً لغدر صديق مهما بلغ شأنه. فمن تركك اتركه وتعلق بمن هو خير وأبقى، تعلق بالله تعالى، فهو لا يخيّب ظن عبده فيه!! * نافذة صغيرة: (لقد فقد المَلَك المُدَلَّل «إبليس» عند الباري هيبته ومكانته بسبب تخلّيه عن صفة الوفاء لله، والتي هي منطلق رائع في التعامل مع الآخرين، فعندما نتحدث عن الوفاء نقصد بذلك التضحية والإيثار والسمو فوق الكثير من المسميات وعلى وجه الخصوص الصديق الوفي الذي يُقدِّم النصيحة ويرشد صديقه الى الطريق الصحيح.. ويقف معه في الشدائد وأحلك الظروف، وقد قال الإمام علي (جزا الله الشدائد كل خيراً... عرفت بها صديقي من عدوي)، فالأخ يفرض علينا من خلال الامتداد الطبيعي، وأما الصديق فنحن من نختاره من بين زحام ملايين البشر).. مفكر عربي. [email protected] [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain