"القوى الناعمة" مصطلح قد يكون جديدًا على البعض لكنَّ الكثيرين يعرفونه، ويستوعبون أبعاده، ولعلّنا بعدما نتحدث عن قوانا الناعمة التي تزخر بها بلادنا عامة، والحرمان خاصة تتضح الصورة، ويصبح هذا المصطلح من ضمن قواميسنا اللغوية، والمصطلحات الشائعة. ففي بلادنا الغالية عشرات الصور للقوى الناعمة التي لم تجد مَن ينظر إليها، ويتكرّم بالاهتمام بها، أو يلتفت إليها بما تستحقه من اهتمام، واستثمار ناضج، صحيح أننا نحاول فعل ذلك مع كثير منها، لكنْ يبدو أننا لم نبذل من الجهود والخطط ما يجب علينا نحو تلك الكنوز التي حُرم منها غيرنا، وإذا كان البترول يشكّل قوة اقتصادية ضخمة وقوية بالنسبة لاقتصادنا الوطني، فإن عددًا من المواسم الدينية والمواقع المقدسة تعتبر روافد أخرى للاقتصاد المحلّي، ناهيك عن أن الحرمين الشريفين، والمشاعر المقدسة ليست مجرد مواقع استثمارية دنيوية بحتة، بل هي فرص للاستثمار الإيماني والقيمي والاجتماعي والنفسي بلا حدود ولا سدود، لأنها ترتبط بالقضية الإيمانية العظمى "توحيد الله" وعبادته لا شريك له. من القوى الناعمة التي تسكن في وجدان كل مسلم ومؤمن الحب الرباني الذي غرسه الله في القلوب لبلاد الحرمين الشريفين "مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة" شرفهما الله وحرسهما بعين رعايته، وإذا كان الحاج والمعتمر والزائر لهما يشتاق إليها وهو بين أهله وفي دياره النائية عنها، ويذرف الدموع الحرّى عندما تكتحل عيونه برؤية بيت الله، ويزداد تعلقًا بالكعبة المشرفة، ولا يريد عنها فراقا، ويهتف قلبه بعميق الشوق إلى زيارة مسجد الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام، وعندما تتشرف قدماه بلثم تراب طيبة لا يملك إحساسه قوة في السكون لأنه يجد نفسه يقفز فرحًا، فقد اقترب موعد وقوفه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ليتبارك بالسلام عليه وعلى صاحبيه الطاهرين، وهي لحظة كم كان يتمناها قبل أن يكرمه الله بهذه الزيارة، ولذلك فإن الحجاج والعمّار والزوّار تكاد أرواحهم تلتصق بتراب هذه البلاد تتمنّى أن لا تفارقها لأنها مهبط الوحي، ومهوى أفئدتهم، وهي مأرز الإيمان، فكيف يطيقون عنها انفكاكًا؟ فإذا كان ضيوف الرحمن يعيشون هذه المشاعر الخلّابة، فإن من أكرمه الله بسكنى هذه البلاد عامة، وأرض الحرمين خاصة يعيشون في دواخلهم كيانًا إيمانيًّا لا يماثله أي كيان، فهم يعشقون التراب وترتوي دماءهم حب الدار وتعيش مشاعرهم حلم الخلود بجوار نبي الله عليه الصلاة والسلام في الدنيا ومرافقته في الدار الآخرة، ولذلك فإن ساكن هذه الأرض يعيش الخوف من فراقها ولا البعد عنها، ففيها من الجنة مواقع عدة، فهي أشبه ما تكون بجنة الرحمن في الآخرة وأهلها الذين لا يبغون عنها حولاً! هذه القوة الناعمة العظيمة التي أكرمنا الله بها، كيف نراها وكيف نعايشها، لا بل كيف استثمرناها لصالح دنيانا وآخرتنا. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (66) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain صحيفة المدينة