تواصل الولاياتالمتحدة وأوروبا ارتكاب الأخطاء السياسية والأمنية والتاريخية بفرض سيناريوهات نظرية لتحقيق مصالح واقعية. ويتجلى ذلك بوضوح، وللمرة الثانية، في أحداث أوكرانيا التي بدأت يوم 21 نوفمبر 2013 احتجاجاً على تجميد الحكومة التوقيع على اتفاقية الشراكة مع أوروبا في مؤتمر فيلنوس. وعلى الرغم من أن الاحتجاجات بدأت بمطلبين هما التوقيع على الاتفاقية والإفراج عن رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو وإرسالها إلى أوروبا للعلاج، إلا أنه بعد أسبوع واحد فقط تحولت المطالب إلى تدمير العلاقات مع روسيا، وإسقاط النظام، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة ومتزامنة. وخلال الأسبوع الأول من يناير 2014 قدمت روسيا قرضاً لأوكرانيا بقيمة 15 مليار دولار، بينما كانت المعارضة تعد لموجة جديدة من الإجراءات لإسقاط نظام فيكتور يانوكوفيتش. وهو ما ظهر جلياً في الاشتباكات غير المسبوقة في تاريخ أوكرانيا بين المتظاهرين وقوات الأمن والتي أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى بين المتظاهرين، وأكثر من 100 إصابة، بينها حروق شديدة في صفوف قوات الأمن. وفي هذه المرة استخدم متظاهرو المعارضة وبعض القوى القومية المتطرفة الأسلحة وقنابل المولوتوف. على الفور حمَّل أعضاء مجلس النواب الروسي معارضين أوكرانيين وسياسيين غربيين المسؤولية عن تفاقم الوضع في أوكرانيا التي تشهد كارثة، بحسب رأي رئيس جمهورية بيلاروسيا المجاورة لجمهورية أوكرانيا. ومن جانبها أعلنت السفارة الأمريكية في كييف عن إلغاء تأشيرات دخول الولاياتالمتحدةالأمريكية الممنوحة لمواطني أوكرانيا الذين «استخدموا القوة» لتفريق المتظاهرين في كييف في نوفمبر وديسمبر 2013. أما تصريحات الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو فلم تكن مفاجئة، بقدر ما كانت تأكيداً لما شاهدناه نحن أثناء وجودنا في كييف مند اندلاع الاحتجاجات. فقد اعتبر لوكاشينكو أن مقاليد الأمور في أوكرانيا لا يسيطر عليها رئيس الدولة ولا معارضوه، بل قوى أجنبية تمسك بزمام الأمور هناك، وأكد أن أوكرانيا تشهد «صداماً بين قوى خطيرة»، ما سيحولها إلى منطقة صراع بين الغرب والشرق. وأعرب الرئيس البيلاروسي عن أمله في ألا يتراجع الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش عن استضافة اجتماع قمة رابطة الدول المستقلة في العام الجاري، على أن تؤيد روسياوبيلاروسيا والدول الأخرى أوكرانيا واستقرارها ورئيسها من خلال عقد اجتماع القمة في أوكرانيا. لقد هزم الغرب عموماً، والولاياتالمتحدة على وجه الخصوص، في حرب أغسطس 2008 بين جورجيا وأوسيتيا الجنوبية، وربحت روسيا لأن كل الأوراق هناك في يدها، وعلى اعتبار أن هذه المنطقة لا تخضع ولن تخضع في يوم للنفوذ الغربي أو الأمريكي؛ لكن أوكرانيا أكثر من منطقة نفوذ وأكثر من جار بالنسبة لروسيا. [email protected] The post معارك الغرب الخاسرة في أوكرانيا وتكرار خطأ جورجيا appeared first on صحيفة الرؤية. الرؤية الاقتصادية