المرصد اليمني: أكثر من 150 مدنياً سقطوا ضحايا جراء الألغام منذ يناير الماضي    ضربة موجعة للحوثيين على حدود تعز والحديدة بفضل بسالة القوات المشتركة    ما نقاط القوة لدى كلا من البنك المركزي في عدن ومركزي صنعاء.. ما تأثير الصراع على أسعار السلع؟    كيف أفشل البنك المركزي اليمني أكبر مخططات الحوثيين للسيطرة على البلاد؟    لماذا تصمت البنوك التي عاقبها البنك المركزي؟!    صحفي يمني يفند ادعاءات الحوثيين بركوع أمريكا وبريطانيا    عاجل: الناطق العسكري الحوثي يحيى سريع يعلن تنفيذ 6 عمليات جديدة بالبحر الأحمر والعربي والمحيط الهندي    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    دوري ابطال اوروبا " ريال مدريد " يحقق لقبه الخامس عشر    جريمة مروعة تهز المنصورة بعدن.. طفلة تودع الحياة خنقًا في منزلها.. من حرمها من حق الحياة؟    مشهد رونالدو مع الأمير محمد بن سلمان يشعل منصات التواصل بالسعودية    تنديد حقوقي بأوامر الإعدام الحوثية بحق 44 مدنياً    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    سلم منه نسخة لمكتب ممثل الامم المتحدة لليمن في الاردن ومكتب العليمي    تسريبات عن "مفاجآت قادمة" سيعلن عنها البنك المركزي بصنعاء يوم الثلاثاء المقبل    أعظم 9 نهائيات في تاريخ دوري أبطال أوروبا    استشهاد 95 فلسطينياً وإصابة 350 في مجازر جديدة للاحتلال في غزة    صندق النقد الدولي يعلن التوصل لاتفاق مع اوكرانيا لتقديم مساعدة مالية بقيمة 2.2 مليار دولار    بوروسيا دورتموند الطموح في مواجهة نارية مع ريال مدريد    المنتخب الوطني يواصل تدريباته المكثفة بمعسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا للشباب    - بنك يمني لأكبر مجموعة تجارية في اليمن يؤكد مصيرية تحت حكم سلطة عدن    نجاة رئيس شعبة الاستخبارات بقيادة محور تعز من محاولة اغتيال جنوبي المحافظة    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    قرارات البنك المركزي الأخيرة ستجلب ملايين النازحين اليمنيين إلى الجنوب    بنك سويسري يتعرّض للعقوبة لقيامه بغسيل أموال مسروقة للهالك عفاش    مبادرة شعبية لفتح طريق البيضاء مارب.. والمليشيات الحوثية تشترط مهلة لنزع الألغام    موني جرام تعلن التزامها بقرار البنك المركزي في عدن وتبلغ فروعها بذلك    مجلس القيادة يؤكد دعمه لقرارات البنك المركزي ويحث على مواصلة الحزم الاقتصادي    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    تنفيذي العربي للدراجات يناقش أجندة بطولات الاتحاد المقبلة ويكشف عن موعد الجمعية العمومية    هل يحتاج المرء إلى أكثر من عينين وأذنين؟؟    شاهد: مقتل 10 أشخاص في حادث تصادم مروع بالحديدة    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    فرحة عارمة تجتاح جميع أفراد ألوية العمالقة    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    الامتحانات.. وبوابة العبور    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث في الممنوع : (عدن الغد) تفتح ملف ظاهرة تفشي المخدرات في عدن
نشر في الجنوب ميديا يوم 12 - 12 - 2012

لم أكن لأدرك أن سيارة الأجرة التي أوقفتها قبل أيام لتقلني من الشيخ عثمان إلى مسكني في المنصورة ستعرج بي قبل ذلك إلى غياهب عالم المخدرات الآخذ في التنامي مؤخرا بمدينة عدن.
فمنذ الوهلة الأولى لركوبي سيارة الأجرة أدركت أن سائقها الشاب في حالة انتشاء غير طبيعية، وبقليل من الكلمات المتبادلة فيما بيننا كشف لي بجرأة أدهشتني عن تعاطيه سيجارة حشيش وأعقبها بحبة من نوع جديد من الحبوب المخدرة انتشرت مؤخرا وأطلق عليها اسم (دموع باسندوة) ولها مفعول السحر، كما أخبرني ذلك الشاب الذي لم يتجاوز العشرين عاما.
ذلك الشاب مثله مثل الآلاف من شباب عدن وباقي المحافظات الجنوبية باتوا هدفا لهجمة شرسة تستخدم المخدرات لتدميرهم في ظل ما يعانونه من ظروف اقتصادية واجتماعية ونفسية قاسية بسبب حرمانهم من أبسط الحقوق المتمثلة بالعمل الكريم ما جعلهم لقمة سائغة لمن يقفون خلف هذا المخطط التدميري.
ومن أجلهم نقرع ناقوس الخطر بفتح ملف (المخدرات).
تحقيق/ محمد فضل مرشد:
طوال الطريق من الشيخ عثمان حتى المنصورة تحدث إلي سائق التاكسي الشاب عادل- الذي طلب مني مناداته ب(عدولي) كما يدعوه رفاقه- عن المخدرات المنتشرة بعدن معددا أنواعها وأسماءها وسعر كل نوع منها.
والغريب أنه كان يتحدث عن المخدرات دون خوف أو إحساس بالخطأ وكأنه يتحدث عن خضار أو فواكه، ولم يتوجس حتى من كونه يلتقي بي للوهلة الأولى، الأمر الذي استفزني ودفعني لسؤاله: ألا تخشى من هذا الحديث الذي قد يقودك إلى الوقوع بأيدي الأمن؟! ، واستفزني أكثر برده: "البلاد فالتو!".
جنة الشيطان
سألت عادل أو (عدولي): لماذا تتعاطى الحبوب المخدرة وسجائر الحشيش؟، فأجاب بسرعة: "أنا الآن بالجنة، وإذا تشتي أنت– يقصدني– باعطيلك حبة (دموع باسندوة) أو صاروخ بيخلوك في الجنة".
سألته مجددا: أيش حكاية (دموع باسندوة) وأيش الصاروخ؟، فرد: "الحبوب أنواع، وكل نوع يختلف مفعوله عن الثاني والنوع الجديد المنتشر الآن بين الشباب اسمه حبوب (دموع باسندوة) أما الصاروخ يعني سيجارة حشيش، وهذه الأيام الحشيش على كيف كيفك أحسن من زمان، أول كان يجيبوا حشيش أي كلام يا مغشوش أو تالف وغالي ما نقدرش نشتريه أما دحين يجيبوا أحسن الأنواع وبسعر رخيص".
صمت لثوان قليلة ثم استطرد قائلا وهو يشير بإصبعه السبابة: "صاروخين حشيش زي صبعي بألف ريال بس بتخليك تدخل الجنة على طوووول!!".
عالم المزاج
وصلت إلى وجهتي في المنصورة وأنا بعد لم أكتف من الحديث مع شاب في ربيع العمر يهوي بسرعة في غياهب عالم المخدرات، التي بدت آثارها المرضية تظهر بقوة على سلوكياته من خلال ارتعاش يديه واضطرابه وتلعثمه في الكلام وجحوظ عينيه.
ترجلت من تاكسي (عدولي) وأنا أدرك أن مشواري في كشف خبايا عالم المزاج القاتل لشباب عدن بدأ للتو، فآخر ما أخبرني به ذلك الشاب هو عدد من أماكن بيع المخدرات، وبالتأكيد سيدفعني الفضول الصحفي للذهاب لواحد أو أكثر منها لرصد ما يجري.
مخدرات.. عيني عينك!
دخول عالم المخدرات لشخص أبعد ما يكون عنه دون شك يتطلب الاستعانة بدليل على دراية بالأمر، ويفضل أن يكون ذلك الدليل ممن سبق لهم دخول هذا العالم المظلم.
الشاب وائل– وأكتفي بذكر اسمه الأول مراعاة للجوانب الاجتماعية– كان الدليل الأمثل، فقد سبق لهذا الشاب تعاطي الحبوب المخدرة (حبوب الهلوسة) وتدخين سجائر الحشيش لفترة من الزمن قبل أن يقلع عنها نهائيا بعد إدراكه آثارها المدمرة على صحته وعلاقاته الاجتماعية.
وائل الذي يقطن في مديرية المنصورة بمدينة عدن قال إن تعاطي الشباب للمخدرات يبدأ على سبيل التجربة بإيعاز من شلة الأصدقاء، ويوما تلو آخر تتحول إلى إدمان يصعب التوقف عنه إلا بكثير من الإرادة وفي الغالب بمساعدة الأهل وطبيب مختص.
وعبارة (شلة الأصدقاء) دفعتني لسؤاله: هل تعاطي المخدرات لا يزال محصورا في أعداد قليلة من الشباب أم أنه أصبح ظاهرة متفشية؟ وأترككم مع الإجابة المفجعة التي باح بها هذا الشاب العشريني.
يقول الشاب وائل: "شوف قبل سنة كان عدد متعاطيي المخدرات قليلا، أما دحين فعدد اللي يتعاطوا المخدرات أكثر من اللي ما يتعاطوها".
وأضاف قائلا: "من قبل كان من الصعب الحصول على شريط ديزبام مش مخدرات، أما دحين أشكال وأنواع من المخدرات تباع في كل منطقة وفي الشوارع، والمروجين يبيعوها عيني عينك قدام كل الناس ومش خايفين من أي حد لأن معاهم من يحميهم ولأن الأمن مش موجود".
قاطعته متسائلا: لا يعقل أن ترويج المخدرات يتم علنا وعلى مرأى ومسمع من الجميع؟!.
فأجابني وائل مؤكدا كلامه: "إذا تشتي تشوف بعينك بوريك".
فأجبته: موافق.
حقيقة مفجعة
لم يحتج الشاب وائل إلى كثير من الجهد أو الوقت لإثبات صحة كلامه، وكل ما تطلبه الأمر هو الانتقال من المنصورة إلى الشيخ عثمان.
حال ترجلنا من الحافلة التي أقلتنا إلى الشيخ عثمان ظننت أننا سنتوجه إلى مناطق أو أحياء متطرفة خارج المدينة، وسبب هذا الظن يعود إلى ما ترسخ في أذهاننا من الأفلام المصرية التي تصور لنا أن تجار المخدرات دائما ما يزاولون نشاطهم في المناطق المتطرفة كالعشوائيات بما يضمن لها الاختفاء عن عيون رجال الأمن أو لأن سكان تلك المناطق من غير المتعلمين القادرين على مواجهة المروجين أو على الأقل توعية الشباب بمخاطر المخدرات، لكن وجهتنا التي عرفتها لاحقا لم تكن تبعد عن فرزة (الشيخ – المنصورة) بالشيخ عثمان سوى أمتار معدودة.
بلغنا وجهتنا، والتي كما قلت سلفا بأنها لا تبعد عن فرزة (الشيخ – المنصورة) سوى أمتار وتقع تحديدا في أحد الشوارع الداخلية المجاورة لها، ولوهلة من الزمن لم أصدق ما أراه.. لكنها كانت الحقيقة الماثلة للعيان على النحو التالي:
- بناصية الحارة يجلس شخصان أحدهما في أربعينيات العمر والآخر في منتصف العشرينيات يخزنان القات وبحوزتهما كمية متنوعة من المخدرات!!.
- شباب يتوجهون إلى بائعي المخدرات بشكل علني، ويعاينون البضاعة (حبوب أو حشيش) أيضا بشكل علني، يفاصلون في السعر المطلوب ويدفعون النقود وينصرفون.. أكرر (بشكل علني) بناصية الشارع وعلى مرأى ومسمع وبعلم بذلك كل من يقطنون ذلك الحي أو يمرون عبره.
- مروجا المخدرات لم يكونا محروسين بمسلحين أو بلطجية لتحذيرهم من رجال الأمن أو لمنع القاطنين في الحي من الاعتراض على ما يقومان به بل كانا يبيعان ويروجان المخدرات بمفردهما دون خوف أو وجل على الإطلاق، الأمر الذي يرسم علامة (؟) كبيرة.
- مروجا المخدرات لم يكونا مجهولا الهوية بل يعرفهم كل من في الحي.
- قسم الشرطة القديم في الشيخ عثمان يقع على مقربة من ذلك الحي الذي يتخذه مروجا المخدرات مقرا لنشاطهم منذ فترة طويلة.
شوارع تغزوها المخدرات
شكرت وائل وقفلت راجعا لوحدي من الشيخ عثمان إلى المنصورة سيرا على الأقدام، وفي الطريق ضربت لي الصدفة لقاء مع صديق لي يدعى أمجد عبدالواحد، من أبناء الشيخ عثمان، وفي خضم حديثنا أخبرته بسبب قدومي إلى الشيخ عثمان فضحك للحظة، ثم طلب مني مرافقته ليريني الأسوأ مما سبق وشاهدته.
وهذه المرة لم تكن الوجهة شارعا داخليا أو حيا خلفيا بل كان الشارع الرئيسي المؤدي إلى الشيخ عثمان وتحديدا (جولة القاهرة).. فهل تتصوروا أن موقعا مكشوفا كهذا قد يتم فيه ترويج المخدرات؟!.
نعم.. هي الإجابة التي رأيتها على أرض الواقع، فعلى رصيف الشارع المحاذي للجولة كان مروج المخدرات الذي يبدو في مطلع الثلاثينيات من العمر يجلس براحة واضحة وبحوزته كيس بلاستيكي، ولم تمض سوى دقائق حتى جلس إلى جانبه شاب آخر وناوله النقود فناوله المروج المخدرات فيما عشرات من المارة كانوا يعبرون الشارع ذاته حينها.. لماذا يحدث ذلك؟ لماذا لا يضبط؟ والسؤال الأهم: لماذا يجلس مروج المخدرات بأمان فيما نحن المواطنين افتقدنا إلى الأمان؟!.
مافيا المخدرات
ودعت صديقي وواصلت طريقي ليس إلى المنصورة وحسب بل وإلى مزيد مما بات يعتمل في مدينتنا الحبيبة عدن من تدمير للشباب بأشد أنواع الأسلحة فتكا (المخدرات).
وهو ما كشفت عنه الأيام القليلة التي تلت ذلك، فمن لقاء شاب إلى لقاء آخر، والتوجه مع هذا إلى وجهة في إحدى مناطق عدن والتوجه مع ذاك إلى وجهة أخرى، اتضحت صورة غاية في البشاعة مع ما تحمله من حقيقة أن ترويج المخدرات بات منتشرا على نطاق واسع في مختلف مناطق عدن، وأن الحصول على المخدرات بأنواعها المختلفة أصبح بسهولة الذهاب إلى المخبز وشراء رغيف الخبز، وأن هناك فئة جديدة آخذة في الظهور في مدن عدن أشبه ما تكون بمافيا وتتمثل في مروجي المخدرات، الذين باتوا ما بين ليلة وضحاها يمتلكون السيارات الفارهة والأموال الطائلة وبنادق الكلاشينكوف والمرافقين بدون وجود مصدر معروف لهذه الثروة التي هبطت عليهم من السماء!!.
حقائق نكشفها
تحقيقنا لم ينته بعد، فالحلقة الثانية من ملف تفشي المخدرات في عدن ومحافظات الجنوب بشكل عام ستقف على حقائق ووقائع ورؤى ناشطين شباب ومبدعين من أبناء عدن رصدوا جوانب هذه الظاهرة القاتلة، والبعض منهم سبر غورها بل وشارك بجهود أهلية في ضبط مروجين للمخدرات وكشف جانب من الأسرار الخفية لهذا العالم المظلم الذي يراد الزج بنا في غياهبه.
لا شك في أن ظاهرة انتشار المخدرات في عدن وباقي المحافظات الجنوبية قد باتت هما يؤرق المواطنين، ويدفعهم إلى التساؤل المشروع حول كيفية وصول الكميات الكبيرة من مختلف أنواع المخدرات وترويجها بين أوساط المراهقين والشباب بأسعار زهيدة؟ ومن يقف وراء تجار ومروجي المخدرات ويسهل لهم تنفيذ هذه الجريمة البشعة؟ ولماذا لا تنفذ حملات أمنية لضبط أولئك المجرمين وكف أذاهم عن المجتمع؟!.
أسئلة تمتد لتطال كافة الجهات ذات العلاقة بإدارة وتسيير شؤون المحافظات الجنوبية وتضعها في دائرة الاتهام طالما أنها تغض الطرف وتلزم الصمت إزاء هذه الحملة التدميرية لشباب الجنوب بسلاح المخدرات الفتاك.
وفي ما يلي نستعرض في الحلقة الثانية من التحقيق آراء وتقييم ناشطين شباب ومبدعين حول هذه القضية الخطيرة.
مخطط تدميري
يؤكد الناشط الجنوبي محمد العبادي أن ظاهرة انتشار وترويج المخدرات في عدن خاصة والمحافظات الجنوبية عامة مخطط منظم تشرف عليه جهات ذات نفوذ كبير.
قال الناشط العبادي: "برزت في الأشهر الأخيرة ظاهرة ترويج المخدرات بمختلف أنواعها في عدن والمحافظات الجنوبية، ومن خلال متابعتنا لهذه الظاهرة الخطيرة انطلاقا من مسؤوليتنا كناشطين جنوبيين نرفض كافة الظواهر السلبية التي تصدر إلى عدن وأبناء الجنوب كافة بهدف الإضرار بهم، فقد تأكد لنا بأن ما يحدث هو مخطط منظم لتدمير شباب الجنوب بالمخدرات التي تضخ بكميات كبيرة وتروج بأسعار متدنية بين أوساط الشباب".
وأضاف العبادي: "تفاقم ظاهرة المخدرات في عدن مؤخرا دون شك تقف خلفه جهات وشخصيات ذات نفوذ كبير وإلا لما وصلت كل هذه الأنواع من المخدرات بهذه السهولة والأسعار المتدنية ولما تجرأ المروجين على تسويقها في المدن والأحياء والشوارع دون خوف من حسيب أو رقيب وكأنهم يحضون بحماية تحول بينهم وبين الوقوع في قبضة القانون".
وأكد أن "غياب الدور الأمني إزاء ظاهرة انتشار المخدرات قد دفع باللجان الأمنية الشبابية في عدن إلى التصدي إلى مروجي المخدرات وضبط عدد منهم وكميات من المخدرات التي كانت بحوزتهم وتسليمهم إلى الجهات الأمنية، والتي كان واجبا عليها الاضطلاع بهذه المهمة كونها مسؤولة عن ضبط المجرمين فما بالنا بمروجي المخدرات الذين يهدمون مجتمعا ويقضون على جيل بأكمله".
ودعا الناشط محمد العبادي كافة أبناء عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى إلى الوعي بخطورة المخدرات وضررها المذمر عليهم، ووجوب التصدي لكل من يروج المخدرات بكافة أنواعها وسرعة الإبلاغ عنه.
نافذون فوق القانون
من جانبه كشف الإعلامي والناشط الجنوبي لطفي محمد عبدربه عن وقائع تؤكد فداحة مخطط استهداف أبناء عدن والمحافظات الجنوبية بشكل عام بالمخدرات.
وأوضح الناشط لطفي قائلا: "انتشار ترويج المخدرات في عدن ومحافظات جنوبية أخرى ليس عملا فرديا يقوم به عدد من تجار المخدرات وهدفهم الأول والأخير هو جني الأموال الطائلة التي تذرها هذه التجارة أو بالأحرى الجريمة القذرة لارتفاع أسعار المخدرات إلى حد خيالي، وهذا ما هو موجود في دول أخرى تعاني من آفة المخدرات، لكن ما يحدث حاليا في عدن ومنذ عام تقريبا هو مخطط تنفذه جهات تمتلك القوة والنفوذ بما يمكنها من جلب كميات ضخمة من المخدرات بمختلف الأصناف وإدخالها إلى الجنوب وترويجها بشكل واسع بأسعار أقل بكثير من قيمتها كونها لا تبحث عن ربح مادي بل تنفذ مخطط لتدمير أبناء الجنوب والزج بهم في غياهب الضياع، وما يؤكد هذه الحقيقة هو الصمت المطبق من قبل المسؤولين اليمنيين تجاه تفشي ظاهرة ترويج المخدرات في الجنوب على الرغم من أنها أصبحت ظاهرة مكشوفة للقاصي والداني".
وأضاف: "نحن كأبناء لهذا المجتمع وكناشطين جنوبيين قمنا خلال الأشهر الماضية بتكليف اللجان الأمنية الشبابية برصد ظاهرة المخدرات في مدينة عدن، وقد أفضى ذلك عن ضبط مروجي مخدرات وهم متلبسين بتوزيع كميات من المخدرات وأخرها ضبط مروجي مخدرات الشهر الماضي في مديرية المنصورة وبحوزتهم كمية كبيرة من مخدر الحشيش، وكل هذه الجهود التي نفذها الشباب بجهود ذاتية كشفت عن وقائع خطيرة تؤكد بأن ما يحدث هو مخطط لتدمير شبابنا، فالجهات التي تقف وراء هذا المخطط القذر لم تكتفي بتسويق المخدرات بأسعار منخفضة جدا بل قامت أيضا باستقطاب عدد كبير ممن باعوا أنفسهم للشيطان وتحويلهم إلى مروجين للمخدرات بعد أن منحتهم السيارات الجديدة والأموال الطائلة ونشرتهم في الأحياء والشوارع لتضمن نجاح مساعيها في تدمير أكبر عدد من شباب عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى".
واختتم الإعلامي والناشط الجنوبي لطفي محمد عبدربه بقوله: "نثق في أن الأخلاق والقيم الحميدة التي تربى عليها أبناء عدن ستمكنهم من إفشال هذا المخطط والتصدي لمروجي المخدرات وفضح من يقفون ورائهم".
مخدرات شبه مجانية!؟
مخدرات بمائتي ريال لا غير أليس أمرا مريبا؟! سؤال استهل به الناشط الشبابي نبيل أبوبكر محفوظ حديثه.
يقول الناشط نبيل: "عندما يصبح سعر المخدرات مساويا بل وأقل من سعر علبة السجائر يبات جليا بأن شباب الجنوب يتعرضون لهجمة شرسة باستخدام المخدرات".
وأضاف قائلا: "يتم حاليا في عدن وباقي المحافظات الجنوبية ترويج واسع للمخدرات، وما نتحدث عنه في هذه الفترة ليس الحبوب المنومة كالفاليوم والديزبام التي كانت تروج من سابق بل تعداه إلى أخطر أنواع المخدرات المعروفة في العالم وهي حبوب الهلوسة، والتي لا تلبث أن تدمر من يتعاطها خلال زمن قصير وتدفعه إلى السلوك العدواني والإجرامي أو تحوله إلى مختل عقليا".
واستطرد نبيل قائلا: "وما يؤكد أن ما يتعرض له شبابنا مخطط إجرامي هو ترويج الحبوب المخدرة بأنواع وأصناف مختلفة بأسعار متدنية للغاية مقارنة مع أسعارها الباهظة في دول على مقربة منا، وقد بلغ سعر أنواع خطيرة من تلك المخدرات مائتين ريال فقط للحبة الواحدة، الأمر الذي يكشف عن الوجه البشع لهذا المخطط الذي يستهدف أبناءنا وأخوتنا والمجتمع بشكل عام حتى لا تقوم لنا قائمة".
الناشط الجنوبي نبيل أبوبكر محفوظ اختتم حديثه بنداء وجهه إلى كافة أولياء الأمور في عدن والمحافظات الجنوب لمزيد من اليقظة والرعاية لأبنائهم حتى لا يقعوا فريسة لمروجي المخدرات.
أموال طائلة وسيارات فارهة
القيادي في الحراك الجنوبي أديب محمد العيسي كشف بدوره عن أبعاد القضية قائلا: "لقد قام شباب عدن خلال الفترة الماضية بعدة حملات على مروجي المخدرات، والذين بعد ضبطهم ومعرفة هوياتهم وإفاداتهم تبين أن الغالبية العظمى منهم من خارج عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى، كما تبين أن من قام بتزويدهم بالمخدرات والسيارات والأموال هم شخصيات نافذة بهدف تدمير شباب الجنوب".
وأضاف أديب العيسي قائلا: "إن هذا المخطط ينفذ من قبل جهات وشخصيات نافذة في النظام اليمني في ضل صراعها المحموم مع جهات وقوى أخرى في نظام صنعاء على السلطة، ونحن كأبناء الجنوب قد عانينا ومانزال نعاني من النظام الغاصب لكل حقوقنا المشروعة، والذي فرض علينا تحت مسمى الوحدة الحكم العسكري والمسؤولين عن هذا الحكم هم من يتحملوا مسؤولية ما يتعرض له الآن شباب الجنوب من مخطط تدميرهم بالمخدرات".
وأختتم القيادي في الحراك الجنوبي أديب محمد العيسي بالقول: "مهما بلغت شراسة هذه الهجمة من قبل المتنفذين في صنعاء فنحن نعول على قيم وثقافة وأخلاق أبناء الجنوب كافة وعدن خاصة في إفشال هذا المخطط كما تصدوا للمخططات السابقة وأفشلوها بدءا من مخطط وصمهم بالإرهاب وحتى مخطط اتهامهم بالعصابات المسلحة، وعدن حاضرة الجنوب وعاصمته الأزلية كانت وستظل منارة تشرق بالحضارة والمدنية والثقافة والتسامح على العالم أجمع رغم الحاقدين، والذين نقول لهم:
عدن وإن عبث بها الدهر .. عصية أبية لن تنحني".
الإبداع في مواجهة الهدم
آخر من التقينا بهم في هذا التحقيق عن ظاهرة المخدرات في عدن ومحافظات الجنوب هو فنان ومبدع من أبناء عدن كرس جل جهده ووقته لانتشال النشء والشباب من براثن الظواهر السلبية التي تصدر إلى عدن عن سابق إصرار وتعمد.
يقول لبيب توفيق عبدالسلام، مدير مركز عدن للفنون: "يؤسفنا جدا ما يتعرض له أبناءنا وشبابنا في مدينة عدن والجنوب كافة من هجمة مدمرة تتمثل في ترويج عير مسبوق للمخدرات بأنواع هي الأشد تدميرا وفتكا بالشباب وبأسعار منخفضة تجعلها في متناول حتى الأطفال في ضل انتشار المروجين في كل حدب وصوب دون حسيب أو رقيب من قبل الأجهزة الرسمية ذات العلاقة، وبدلا من تقديم الرعاية للنشء يقدم لهم الدمار".
وأضاف هذا الفنان والمبدع، الذي سخر نفسه لرعاية مواهب النشء وتنميتها دون مقابل يذكر، قائلا: "ما يتعرض له شباب عدن وأطفالها يضع الجميع في هذه المدينة وكذلك الأمر في المحافظات الجنوبية الأخرى أمام مسؤولية كبيرة وأمانة ملقاة على عاتقهم بالمبادرة كل حسب موقعه وعمله إلى توعية النشء بمخاطر المخدرات القاتلة وإرشادهم بسبل تجنبها وتجنب كل من يروجون لها وأخبار الأهل بهم، وعلى الأسرة أيضا القيام بدورها في رعاية أبناءهم على النحو الأمثل، ومراقبة الأصدقاء المحيطين بهم لتجنيبهم أصدقاء السوء، وعدم إغفال الطرف عنهم".
وعن دور مركز عدن للفنون قال: "يهدف المركز إلى انتشال الأطفال والشباب من البؤر الفاسدة التي أوجدها عدم توفر المنشآت الترفيهية الصحية، ونقوم في المركز باكتشاف المواهب الفنية والإبداعية لدى النشء وتنميتها وصقلها من خلال التعليم والتدريب مما يحولهم إلى مبدعين سيقدموا في المستقبل الكثير من العطاء لمجتمع، كما أن شغل وقت فراغهم بتنمية مواهبهم يكفل تجنيبهم من الظواهر السلبية التي تتربص بهم في الشوارع والأحياء وأخطرها ظاهرة ترويج المخدرات، ونؤكد بأن الباب مفتوح أمام كل من يرغب في مشاركتنا هذا المشروع الهادف لتوسيع شبكة المستفيدين منه من أبناءنا في عدن الحبيبة".
رسالة مفتوحة..
انتهى حديثنا، لكن العمل قد بدأ للتصدي لهذه الهجمة الشرسة.. للتصدي لمروجي المخدرات ومن يقفون ورائهم، فأبناءنا أغلى ما نملك وحتما جميعنا مسؤولين عن حمايتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.