مواضيع ذات صلة عبداللطيف الزبيدي في عالم الصيد حيل وأحابيل لا حدود للإبداع والابتكار فيها . تراكمت تجاربها عبر العصور، ولكون الطبيعة البشرية حيوانية في الأصل، فإن التجارب تصبح قابلة للتطبيق العملي ولو في بيئات مختلفة، كما لو كانت أفكاراً مجردة صالحة لكل زمان وكل مكان . الفكرة الواحدة يمكن أن تطبق بألف طريقة مختلفة . هذا يعني ولا يعني أن الخطط يمكن أن تطبق كما لو كانت قمصاناً "فري سايز"، ذات مقاس حر . ولكنها في الآن نفسه ليست كذلك لأنها تحتاج إلى تعديلات من هنا، وأخرى من هناك، لتنطلي تماماً على اللابس . كلما حدثت فتنة في بلد، فوقع في الفخ، فتبخر الأمن والاستقرار، وانطلقت مسيرة الانهيار، عادت بي الذاكرة إلى "رالف لينتون" صاحب كتاب "شجرة الحضارة"، فقد تحدث عالم الأنثروبولوجيا الأمريكي عن الحيلة التي كان أهل الإسكيمو يصطادون بها الذئاب . كانوا يزرعون في الجليد القطبي حربة حادة لماعة، صقيلة خلابة، فكان أحد الذئاب يُفتن بها يمرر عليها لسانه، فيسيل الدم، فيشتهيه، وتجتذب الرائحة الذئاب فتهجم عليه، فتزداد الجراح وتغزر الدماء، فتتناهش الذئاب، وتسقط صرعى بالعشرات، وتظل جثثاً هامدة، وفي الغداة يأتي الصيادون لجمع غنائم الخطة . في عالم الصيد والقنص، لا وجود لفخاخ "فري سايز" . فما تصيد به الفأر لا يصلح للغزال، وما تنصبه للدرّاج غير ما تعده للدب . في دنيا البشر، في مستوى التخطيط الاستراتيجي أيضاً لا وجود للمقاس الحر، ولكن "تعددت الأسباب والفخ واحد" . الفخ الذي وقع فيه الاتحاد السوفييتي كان في تناسب مع حجم الدب . وكانت شحمة المصيدة هي أفغانستان . ثم وقعت أفغانستان في الفخ، الذي كان يبعد آلاف الأميال . وبسحر ساحر وقع العراق في فخ بمقاييس أخرى . واختلطت الفخاخ في ملابسات أخرى بظهور الربيع العربي، فرأينا مقاساً آخر في تونس، وآخر غيره في مصر . وكانت ليبيا منعطفاً غريباً . وإذ بسوريا ترينا وجهاً لا مثيل له . صارت مأساة العراق نعمة وجنّة . نسينا اليمن والسودان والصومال . ماذا عن مصر والجزائر؟ الله أعلم . لزوم ما يلزم: تصاغروا ليكون الفخ أصغر . [email protected]