فرحة عارمة تجتاح جميع أفراد ألوية العمالقة    الحوثيون يتلقون صفعة قوية من موني جرام: اعتراف دولي جديد بشرعية عدن!    رسائل الرئيس الزبيدي وقرارات البنك المركزي    أبرز النقاط في المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك المركزي عدن    خبير اقتصادي: ردة فعل مركزي صنعاء تجاه بنوك عدن استعراض زائف    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    مع اقتراب عيد الأضحى..حيوانات مفترسة تهاجم قطيع أغنام في محافظة إب وتفترس العشرات    هل تُسقِط السعودية قرار مركزي عدن أم هي الحرب قادمة؟    "الحوثيون يبيعون صحة الشعب اليمني... من يوقف هذه الجريمة؟!"    "من يملك السويفت كود يملك السيطرة": صحفي يمني يُفسر مفتاح الصراع المالي في اليمن    تحت انظار بن سلمان..الهلال يُتوج بطل كأس خادم الحرمين بعد انتصار دراماتيكي على النصر في ركلات الترجيح!    الهلال بطلا لكأس خادم الحرمين الشريفين    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    تعز تشهد مراسم العزاء للشهيد السناوي وشهادات تروي بطولته ورفاقه    مصادر دولية تفجر مفاجأة مدوية: مقتل عشرات الخبراء الإيرانيين في ضربة مباغتة باليمن    المبادرة الوطنية الفلسطينية ترحب باعتراف سلوفينيا بفلسطين مميز    شاب عشريني يغرق في ساحل الخوخة جنوبي الحديدة    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    عاجل: البنك المركزي الحوثي بصنعاء يعلن حظر التعامل مع هذه البنوك ردا على قرارات مركزي عدن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و284 منذ 7 أكتوبر    الحوثي يتسلح بصواريخ لها اعين تبحث عن هدفها لمسافة 2000 كيلومتر تصل البحر المتوسط    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    لكمات وشجار عنيف داخل طيران اليمنية.. وإنزال عدد من الركاب قبيل انطلاق الرحلة    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    حكم بالحبس على لاعب الأهلي المصري حسين الشحات    النائب العليمي يؤكد على دعم إجراءات البنك المركزي لمواجهة الصلف الحوثي وإنقاذ الاقتصاد    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    الإخوان في اليمن يسابقون جهود السلام لاستكمال تأسيس دُويلتهم في مأرب    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    جماهير اولمبياكوس تشعل الأجواء في أثينا بعد الفوز بلقب دوري المؤتمر    مليشيا الحوثي تنهب منزل مواطن في صعدة وتُطلق النار عشوائيًا    قيادي في تنظيم داعش يبشر بقيام مكون جنوبي جديد ضد المجلس الانتقالي    بسبب قرارات بنك عدن ويضعان السيناريو القادم    تقرير حقوقي يرصد نحو 6500 انتهاك حوثي في محافظة إب خلال العام 2023    لجنة من وزارة الشباب والرياضة تزور نادي الصمود ب "الحبيلين"    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    الامتحانات.. وبوابة العبور    رسميا.. فليك مدربا جديدا لبرشلونة خلفا للمقال تشافي    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    حكاية 3 فتيات يختطفهن الموت من أحضان سد في بني مطر    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    وزارة الأوقاف تدشن النظام الرقمي لبيانات الحجاج (يلملم)    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    اعرف تاريخك ايها اليمني!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرجولة موقف والذكورة جنس


د. مصطفى يوسف اللداوي
الرجولة موقف والذكورة جنس
لا يفاخر الذكر بجنسه، إذ لا فضل له في صفته، فذاك خلق الله، قد خلقه ذكراً، ولو شاء لجعله أنثى، وهي ليست ميزة في شئٍ، وإن كان الإنسان بطبعه يحب من الذرية الولد، ويفضل من نسله الذكر على الأنثى، وفي هذا مخالفةٌ للدين، وإساءة للأنثى، إذ لا فضل لذكرٍ على أنثى في الخلق، فكلاهما هكذا خلق، ولا دور للإنسان في تحديد جنسه، وإن تطور العلم، وتعددت وسائل عزل الجينات وتحييدها، ومهما قال العلماء أنه يمكن بالحساب والتجريب تحديد جنس المولود.
لكن الحسابات والتجارب، والتأكيدات والمحاولات، تبقى مجرد احتمالاتٍ مجردة، معلقة بقدر الله وحده، الذي يحدد سبحانه وتعالى جنس الجنين قبل تكونه، ذكراً أو أنثى، وإن كان الذكر يفاخر بجنسه ويتيه، فإن الأنثى تفاخر بجنسها، وتعتز بخلقها، ولا تتمنى أن تكون بغير الهيئة التي خلقها الله عليها.
الذكورة لا تعني زوائد في الجسد، ووظائف مختلفة في الجسم، تمنح صاحبها الحق في التحرش والاعتداء، أو التسلط والإيذاء، أو المس بكرامات الحرائر وشرف الناس، وهي لا تعني تسلطاً على الحقوق، وهيمنةً على الميراث، وتحكماً في الخلف من الإناث.
وهي لا تجيز التمييز في المعاملة، ولا تقبل بالمفاضلة، فكلاهما شطر الحياة الأساس، الذي بدون أحدهما لا تستقيم ولا تكون، فإن غاب أحدهما عدمت الحياة، واندثرت البشرية، لكن وجودهما بغية الاستمرار في الحياة، منوطٌ بطبيعتهما، ومشروطٌ بالحفاظ على جنسهما، الذي فطرهما الله عليه، وأراده لهما، بلا تغيير مفتعل، ولا تبديل لخلق الله الأول.
وهي بالضرورة لا تنسجم ولا تكون بالتشبه بالنساء، والتصرف مثلهن، ولبس ثيابهن، والاختلاط بهن، والتحدث بنعومةٍ ورقةٍ أنثوية، بلينٍ يخضع، ونعومةٍ تجذب، ومياسة تلفت، فمزاحمة الرجال للنساء في طبيعتهن شذوذ وانحراف، والتشبه بهن قبحٌ يثير الإشمئزاز، ويبعث على النفور والإزدراء، إذ أن مزاحمة النساء في جمالهن معركةٌ خاسرة، لا يفوز فيها الذكر مهما كان جماله، أو بانت محاسنه، وظهرت مخايله، إذ بمقاييسهن فإن فيه ما يعيبه، وعنده ما يجعله بينهن غريباً منبوذاً، وهن لا يفضلنه ولا يحبنه، ولا يرضين به شريكاً، ولا يتصورن أن يقترن به زوجاً، وإن خالف الشاذون هذه القاعدة، وعملوا بنقيضها.
ينسى الفخورون بذكورتهم أن الذكورة لا تعني بالضرورة الرجولة، فالرجولة موقفٌ قبل أن تكون جنساً، وهي سلوكٌ وممارسة، وفعلٌ وعمل، ودورٌ وواجب، وتميزٌ واختلاف، فلا يكون الذكر رجلاً بخلقه وشكله، ولا بالشعر المرسوم على وجه، أو المخطوط على شفته، ولا بعضلاته إن وجدت، أو بقوته إن كانت، أو بسطوته إن مارسها، فالذكورة الجنسية شئ، والذكورية الأخلاقية شئ آخر، قد تتفق مع الأولى وتؤكدها، وقد تختلف معها وتنفيها، وتشطبها وتلغيها.
الرجولة صنو الشهامة، ورديف النبل، ولازمة الشجاعة والكرم، والنخوة والحمية والشرف، وهي تعني الرأس العالي، والكرامة الموفورة، والهمة العالية، والخطوة السريعة، والكلمة الحرة الأبية، إنها الغيرة على الأهل، والغضب من أجل الوطن، والثورة انتصاراً للشعب، والحسم وقوفاً مع الضعفاء، وتأييداً لأصحاب الحق.
الرجولة وقفة عز، وكلمة حق، وشهادةُ عدل، وحكمٌ فاصل، وعدلٌ قاطع، وهي ضياءٌ وسط الظلماء، ونورٌ إذا خيم الظلام، ونصيرٌ يلبي الصرخة، ويستجيب للنجدة، وهو فارسٌ في الميدان وعند اللقاء، يقاتل حميةً ولو كان فيه حتفه، ويستبسل حفاظاً على الشرف وإن كان المنون ينتظره.
الرجولة لا يعيبها لونٌ ولا شكل، ولا يخدشها طولٌ ولا قصر، ولا ينقص من قدرها فقرٌ وحاجة، أو ضيقٌ ومعاناة، ولا يقلل من شأنها حبسٌ أو اعتقال، أو قيدٌ وأغلال، ولا يكسرها محتلٌ أو سجان، ولا يحد منها غاصبٌ أو معتدي، ولا يقدر عليها قويٌ أو غاشم، ولا ينال منها عدوٌ أو حاقد.
الرجولة صفة مدحٍ، وكلمة إشادة، وعلامة ثقافة، وميزة تحضر، يتمنى أن يتصف بها عقلاء الذكور، وأن يحمل صفاتها ويكون أهلاً لها، فالرجل لا يسرق ولا يكذب، ولا يخون ولا يغدر، ولا يتلصص ولا يتجسس، ولا يكون عيناً ولا أذناً، ولا عوناً لشريرٍ، ولا نصيراً لظالم، ولا سوطاً في يد جلاد، ولا يميس ولا يرقص، ولا يخطر بدلالٍ ولا يمشي على استحياء، ولا يأتي بأفعالٍ مشينة، ولا بتصرفاتٍ مهينة، ولا يظهر ذكوريته على المرأة بالضرب والإهانة، أو بالتسلط والافتراء، ولا برفع الصوت والصراخ، ولا باستباحتها واغتصابها، أو التحرش بها والإساءة إليها، وإلا فإنه لا يحسب من جنس الرجال أو طائفتهم.
نسيئ كثيراً إلى المرأة عندما نصف الرجل أحياناً بها، فنتهمه بأنه امرأة، وغايتنا بذلك أن نشتمه ونهينه، وأن نضع من قدره ونستهين بمقامه، وأن نقرعه ونوبخه، في حين أن المرأة قد تأتي أحياناً بما لا يأتي به الرجال، وقد تقوم بما يعجز عن القيام به الكثير، وهي قلَّ أن تتصف بالرجال خلقاً وشكلاً، إلا أنها تقوم بأفعالٍ نتيه بها ونفخر، ونسر بها ونسعد.
فالمرأة الصابرة عند المصيبة والفاجعة، تضاهي أشد الرجال وأقواهم، بل تشحذ هممهم وتقوي من عزائمهم، وتشعل نفوسهم حميةً وحماساً، والتي تشهد بالحق، وتقول الصدق، وتبحث عن العدل، وترفع أسوار الكرامة، وتعلي راية العزة، وترفض الكذب والخيانة، وتحارب الزيف والظلم والضلال، وتتمسك بالقيم والخلال، وتحافظ على وطنها، وتضحي في سبيله، وتقاتل من أجله، وتستشهد دفاعاً عنه، لهي أعظم بفعلها من كثيرٍ من الرجال، وإن لم تكن منهم.
كم نحن في حاجةٍ في هذا الزمان إلى رجالٍ يصونون الأمانات، ويحفظون العهود، ويقاتلون دفاعاً عن شرف الأمة، ويبذلون دماءهم في سبيلها، فيستحقون بذلك صفة الرجولة، تلك التي كان يعتز بها العرب، فيرسلون أولادهم إلى الصحراء للرضاعة، وتعلم اللغة، والتكيف مع طبيعة الصحراء القاسية، وشمسها اللاهبة، ليكونوا من بعدها رجالاً أهلاً للأمانة، وأصحاب أنفةٍ وكرامة، أقوى جسداً، وأبلغ لساناً، وأقدر على حمل السيف دفاعاً عن القبيلة، أو نظم الشعر فخراً بها.
https://www.facebook.com/moustafa.elleddawi
[email protected] بيروت في 3/4/2014

د. مصطفى يوسف اللداوي
الرجولة موقف والذكورة جنس
لا يفاخر الذكر بجنسه، إذ لا فضل له في صفته، فذاك خلق الله، قد خلقه ذكراً، ولو شاء لجعله أنثى، وهي ليست ميزة في شئٍ، وإن كان الإنسان بطبعه يحب من الذرية الولد، ويفضل من نسله الذكر على الأنثى، وفي هذا مخالفةٌ للدين، وإساءة للأنثى، إذ لا فضل لذكرٍ على أنثى في الخلق، فكلاهما هكذا خلق، ولا دور للإنسان في تحديد جنسه، وإن تطور العلم، وتعددت وسائل عزل الجينات وتحييدها، ومهما قال العلماء أنه يمكن بالحساب والتجريب تحديد جنس المولود.
لكن الحسابات والتجارب، والتأكيدات والمحاولات، تبقى مجرد احتمالاتٍ مجردة، معلقة بقدر الله وحده، الذي يحدد سبحانه وتعالى جنس الجنين قبل تكونه، ذكراً أو أنثى، وإن كان الذكر يفاخر بجنسه ويتيه، فإن الأنثى تفاخر بجنسها، وتعتز بخلقها، ولا تتمنى أن تكون بغير الهيئة التي خلقها الله عليها.
الذكورة لا تعني زوائد في الجسد، ووظائف مختلفة في الجسم، تمنح صاحبها الحق في التحرش والاعتداء، أو التسلط والإيذاء، أو المس بكرامات الحرائر وشرف الناس، وهي لا تعني تسلطاً على الحقوق، وهيمنةً على الميراث، وتحكماً في الخلف من الإناث.
وهي لا تجيز التمييز في المعاملة، ولا تقبل بالمفاضلة، فكلاهما شطر الحياة الأساس، الذي بدون أحدهما لا تستقيم ولا تكون، فإن غاب أحدهما عدمت الحياة، واندثرت البشرية، لكن وجودهما بغية الاستمرار في الحياة، منوطٌ بطبيعتهما، ومشروطٌ بالحفاظ على جنسهما، الذي فطرهما الله عليه، وأراده لهما، بلا تغيير مفتعل، ولا تبديل لخلق الله الأول.
وهي بالضرورة لا تنسجم ولا تكون بالتشبه بالنساء، والتصرف مثلهن، ولبس ثيابهن، والاختلاط بهن، والتحدث بنعومةٍ ورقةٍ أنثوية، بلينٍ يخضع، ونعومةٍ تجذب، ومياسة تلفت، فمزاحمة الرجال للنساء في طبيعتهن شذوذ وانحراف، والتشبه بهن قبحٌ يثير الإشمئزاز، ويبعث على النفور والإزدراء، إذ أن مزاحمة النساء في جمالهن معركةٌ خاسرة، لا يفوز فيها الذكر مهما كان جماله، أو بانت محاسنه، وظهرت مخايله، إذ بمقاييسهن فإن فيه ما يعيبه، وعنده ما يجعله بينهن غريباً منبوذاً، وهن لا يفضلنه ولا يحبنه، ولا يرضين به شريكاً، ولا يتصورن أن يقترن به زوجاً، وإن خالف الشاذون هذه القاعدة، وعملوا بنقيضها.
ينسى الفخورون بذكورتهم أن الذكورة لا تعني بالضرورة الرجولة، فالرجولة موقفٌ قبل أن تكون جنساً، وهي سلوكٌ وممارسة، وفعلٌ وعمل، ودورٌ وواجب، وتميزٌ واختلاف، فلا يكون الذكر رجلاً بخلقه وشكله، ولا بالشعر المرسوم على وجه، أو المخطوط على شفته، ولا بعضلاته إن وجدت، أو بقوته إن كانت، أو بسطوته إن مارسها، فالذكورة الجنسية شئ، والذكورية الأخلاقية شئ آخر، قد تتفق مع الأولى وتؤكدها، وقد تختلف معها وتنفيها، وتشطبها وتلغيها.
الرجولة صنو الشهامة، ورديف النبل، ولازمة الشجاعة والكرم، والنخوة والحمية والشرف، وهي تعني الرأس العالي، والكرامة الموفورة، والهمة العالية، والخطوة السريعة، والكلمة الحرة الأبية، إنها الغيرة على الأهل، والغضب من أجل الوطن، والثورة انتصاراً للشعب، والحسم وقوفاً مع الضعفاء، وتأييداً لأصحاب الحق.
الرجولة وقفة عز، وكلمة حق، وشهادةُ عدل، وحكمٌ فاصل، وعدلٌ قاطع، وهي ضياءٌ وسط الظلماء، ونورٌ إذا خيم الظلام، ونصيرٌ يلبي الصرخة، ويستجيب للنجدة، وهو فارسٌ في الميدان وعند اللقاء، يقاتل حميةً ولو كان فيه حتفه، ويستبسل حفاظاً على الشرف وإن كان المنون ينتظره.
الرجولة لا يعيبها لونٌ ولا شكل، ولا يخدشها طولٌ ولا قصر، ولا ينقص من قدرها فقرٌ وحاجة، أو ضيقٌ ومعاناة، ولا يقلل من شأنها حبسٌ أو اعتقال، أو قيدٌ وأغلال، ولا يكسرها محتلٌ أو سجان، ولا يحد منها غاصبٌ أو معتدي، ولا يقدر عليها قويٌ أو غاشم، ولا ينال منها عدوٌ أو حاقد.
الرجولة صفة مدحٍ، وكلمة إشادة، وعلامة ثقافة، وميزة تحضر، يتمنى أن يتصف بها عقلاء الذكور، وأن يحمل صفاتها ويكون أهلاً لها، فالرجل لا يسرق ولا يكذب، ولا يخون ولا يغدر، ولا يتلصص ولا يتجسس، ولا يكون عيناً ولا أذناً، ولا عوناً لشريرٍ، ولا نصيراً لظالم، ولا سوطاً في يد جلاد، ولا يميس ولا يرقص، ولا يخطر بدلالٍ ولا يمشي على استحياء، ولا يأتي بأفعالٍ مشينة، ولا بتصرفاتٍ مهينة، ولا يظهر ذكوريته على المرأة بالضرب والإهانة، أو بالتسلط والافتراء، ولا برفع الصوت والصراخ، ولا باستباحتها واغتصابها، أو التحرش بها والإساءة إليها، وإلا فإنه لا يحسب من جنس الرجال أو طائفتهم.
نسيئ كثيراً إلى المرأة عندما نصف الرجل أحياناً بها، فنتهمه بأنه امرأة، وغايتنا بذلك أن نشتمه ونهينه، وأن نضع من قدره ونستهين بمقامه، وأن نقرعه ونوبخه، في حين أن المرأة قد تأتي أحياناً بما لا يأتي به الرجال، وقد تقوم بما يعجز عن القيام به الكثير، وهي قلَّ أن تتصف بالرجال خلقاً وشكلاً، إلا أنها تقوم بأفعالٍ نتيه بها ونفخر، ونسر بها ونسعد.
فالمرأة الصابرة عند المصيبة والفاجعة، تضاهي أشد الرجال وأقواهم، بل تشحذ هممهم وتقوي من عزائمهم، وتشعل نفوسهم حميةً وحماساً، والتي تشهد بالحق، وتقول الصدق، وتبحث عن العدل، وترفع أسوار الكرامة، وتعلي راية العزة، وترفض الكذب والخيانة، وتحارب الزيف والظلم والضلال، وتتمسك بالقيم والخلال، وتحافظ على وطنها، وتضحي في سبيله، وتقاتل من أجله، وتستشهد دفاعاً عنه، لهي أعظم بفعلها من كثيرٍ من الرجال، وإن لم تكن منهم.
كم نحن في حاجةٍ في هذا الزمان إلى رجالٍ يصونون الأمانات، ويحفظون العهود، ويقاتلون دفاعاً عن شرف الأمة، ويبذلون دماءهم في سبيلها، فيستحقون بذلك صفة الرجولة، تلك التي كان يعتز بها العرب، فيرسلون أولادهم إلى الصحراء للرضاعة، وتعلم اللغة، والتكيف مع طبيعة الصحراء القاسية، وشمسها اللاهبة، ليكونوا من بعدها رجالاً أهلاً للأمانة، وأصحاب أنفةٍ وكرامة، أقوى جسداً، وأبلغ لساناً، وأقدر على حمل السيف دفاعاً عن القبيلة، أو نظم الشعر فخراً بها.
https://www.facebook.com/moustafa.elleddawi
[email protected] بيروت في 3/4/2014
د. مصطفى يوسف اللداوي
نصيحة عامة لحملة الأمانة
عندما تعتقد بأنك وحدك على الحق، ولا أحد غيرك على الحق مثلك، وأن رأيك هو الصواب، وأن أي رأي آخر غير رأيك باطلٌ أو خطأ، وعلى الجميع أن يصغي لك ويسمع، وأن يلين أمامك ويخضع، وأن يصمت ويتبع، بل أن يذل لك ويخنع،
وعندما تحتكر الحق لنفسك فقط، فلا أحد على الحق كان قبلك، ولن يكون على الحق أحدٌ بعدك إلا أن يكون مثلك، يحمل رأيك، ويؤمن بما تؤمن به، ويقوم بما تقوم به، ويدافع عنك ويشيد بك، ويصفق لك ويطبل، ويرقص من أجلك ويغني، يرفع صورك ويمجد اسمك، وإلا فإنه ضالٌ ومنحرف، ومخالفٌ ومبتدع، ومتآمرٌ وخائن، وعميلٌ مأجورٌ،
وعندما تسخف بالآخرين وتعظم نفسك، وتحتقر الكبار وترفع من قدرك، وتهين العظماء وترفع من شأن السفهاء، وتقصي الأكفاء وتستبطن الجهلاء، وتفض من حولك الحكماء وتجمع في بيتك البلهاء،
إعلم إذاً، بهذا العقل وبهذه الطريقة من التفكير، أنك لست على الحق، بل إنك على خطأ، يقودك غرورك، ويحركك انتماؤك، وتدفعك قوتك، وتغرر بك المظاهر، وقد تسوقك الأحقاد، وتعمي بصيرتك الأوهام، وتملي عليك مصالحك أو منافعك الأولويات، وتعيد في ذهنك بغير الحق تغيير المهام والواجبات،
فإن لم تكن قادراً على الاعتراف بأنك كنت على خطأ، وأنك أسأت الاختيار، وأخطأت في القرار، وخالفت الآراء، أو تفردت في اتخاذ القرار، أو استعجلت ولم تتريث، أو أنك نصحت فخدعت، وحسبت فأخطأت، ثم حرت وعجزت، وتعبت وحوصرت، فلم تحسن تصويب المسار، ولا إعادة القطار إلى سكته، وعانى من قرارك الكثيرون، وتضرر الأبرياء والمواطنون، وتقطعت العلاقات، وتمزقت الروابط، وتباعدت المسافات، وعظمت العقبات، وغرقت مراكبك، وبارت تجارتك، وخسرت رهاناتك، وضاع ما كنت تملك، وباء بالخسران ما كنت تجمع، ولم يبق عندك ما يقيد ولا ما يقي، ولا ما يسمن أو يغني من جوع،
فإن من كمال الأخلاق، والصدق مع الأمانة التي تحمل، أن تتنحى وتبعد، وأن تذهب وترحل، وأن تترك لغيرك الفرصة لأن يكونوا هم السدنة والربان، والقادة والفرسان، علهم ينجحون في توجيه الدفة وإنقاذ الركبان، قبل أن يمضي الزمان، ويفوت الآوان، ونقول عندها ليت الذي صار ما كان،
إياكم أن تصموا الآذان، وتغلقوا دون الحق الأبواب، وتصدوا كل صاحب نصحٍ ومشورة، بل قفوا وفكروا، وتدبروا واعوا، ولا تتوغلوا أكثر فتلغوا في الدماء، فيكون جوازكم عند الله صعباً، ونجاتكم من سيوف أمتكم مستحيلاً، فلا تتكبروا عن النصح وتلقي المشورة، فتسقطوا ومن معكم من العلياء، إنه صوتٌ حقٍ ولو جاء بلسان الضعفاء، فقد يرفع الآذان وهو الحق بصوتِ الضعفاء، فلا يغرنكم نصح الصغير، ولا مشورة الضعيف، فإنهم يرون ما لا ترون، ويعرفون أكثر مما تعرفون.
التجمع من اجل الديمقراطية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.