"المنوفية"، محافظة "لا" في استفتاء الدستور، هي إحدي الكتل التصويتية التي تذهب دائما لصالح المعارضة، فمثلا صوتت المحافظة للفريق أحمد شفيق في انتخابات الرئاسة الأخيرة بجولتيها، وبفارق كبير جدا في عدد الأصوات عن باقي المرشحين ، ثم جاء بعد ذلك الاستفتاء على مسودة الدستور لتعلن عن رفضها لمشروع الدستور بنسبة 50.9%، وبذلك تصمم هذه المحافظة العنيدة على موقفها الرافض. وعن الثقافة السياسية للمنوفية وموقفها المعارض، والذي يجعلها دائما ضد التيار، يقول الدكتور جمال عبد الجواد، مدير مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية إن هذه المحافظة بها العديد من الجماعات السياسية والتيارات المدنية والحديثة بشكل قوي ومنظم ، وهذه التكتلات كلها معارضة للإخوان المسلمين ، وللتيار الإسلامي بشكل عام ، ويعتبر هذا الموقف جزءا من التقاليد التي لم تتأثر بالنبرة " الاستقرارية" السائدة ، وظلت على رأيها الذي توقعه الجميع، وهو " لا " . وأشار عبد الجواد إلى الدور الذي يلعبه الكثير من انصار الرئيس السابق حسني مبارك ، وربما سلفه الراحل السادات ايضا، وهم قوة لا يستهان بها ، ولها تأثير قوي على المواطنين هناك. ومن جانبه، قال د. يسري عزاوي، الخبير بمركز الأهرام، ومنسق وحدة النظام السياسي ،إن "محافظة لا " ذات خصائص سياسية وتعليمية مختلفة عن غيرها من محافظات الدلتا ، فقد أطلقوا عليها قديما "باريس مصر" نظرا لحركة التنوير التي تتفرد بها ، كما ان اغلب النخبة الحاكمة في عهد مبارك والسادات كانوا من اهل هذه المحافظة ، وقدموا العديد من الخدمات ، مما ساعدهم فى خلق مزاج عام ورغبة في رد الجميل من قبل المواطنين . أشار عزاوي الى ان هناك اعتبارات نفسية واجتماعية خلقت حالة من الاتفاق الفكري والرأي الواحد في المنوفية ، بالاضافة الى ان هناك حالة من التراكم صنعها جيلان من الرؤساء هم ابناء هذه المحافظة. أما الآن، خاصة أنه تم إقصاء اي شخص من اتباعهما من السلطة، مع العلم أن هناك عددا ليس بقليل من قيادات الحزب "الوطني" المنحل، يتمركزون في مناطق كثيرة بالمحافظة. وترى الدكتورة سوسن الفايد، خبيرة علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن سكان المنوفية يتميزون بالوعي السياسي وارتفاع نسبة الشباب، وهي الشريحة الاكثر تأثيرا في الأحداث التي تشهدها البلاد، فضلا عن اعتمادهم على التعليم والاحتكاك بالاعلام لتعزيز إمكانياتهم التي تقللها الرقعة الزراعية والجغرافية، كما أن أهل القرى يمتازون بالرأي الجماعي والمشاركة الإيجابية في معظم الانتخابات . وأضافت الفايد أن التمسك بالموقف الرافض دائما للقوى الاسلامية هو حالة الخوف من "تجريب" فصيل ديني ليست لديه أي خبرات سياسية في دولة رخوة، ولذلك تظل "جمهورية المنوفية" هي "رئيسة نفسها" كمحافظة فريدة من نوعها في مصر. يذكر أن المنوفية تحتل الترتيب الحادي عشر بين محافظات الدلتا من حيث جودة الحياة ورقي مستوى الخدمات، ويبلغ عدد سكانها حوالي 3,270,404 مليون نسمة. أما مساحتها فتبلغ 2543.03 كم2, وعاصمتها هي مدينة شبين الكوم ، وأكبر مدنها هي السادات ، وأهم ما يميزها هو أنها يخترقها طريقان من أهم الطرق في مصر "طريق القاهرة – اسكندرية الزراعي , القاهرة – الاسكندرية الصحراوي " .