مقالات "الأكمل" في مواجهة أردوغان ابحث في اسم الكاتب تاريخ النشر: 27/06/2014 بدأ رجب طيب أردوغان معركة رئاسة الجمهورية قبل أن يعلن ترشحه رسمياً المنتظر بين يوم وآخر . المعركة بدأها أردوغان في الأساس في الشتاء الماضي أثناء الحملة للانتخابات البلدية . جال في كل تركيا لكي يحقق نتيجة كبيرة تمكنه من الانطلاق بقوة في معركة الرئاسة . ولقد تحقق لأردوغان بعض من هذا، بحصول حزب العدالة والتنمية على نسبة 45 في المئة، متقدماً بفارق كبير عن سائر أحزاب المعارضة . مع ذلك فإن أردوغان لم يعلن ترشحه حتى الآن، رغم أن التوقعات كانت تشير إلى أنه كان سيعلن ذلك في منتصف مايو/أيار الماضي . ما كان يؤخر أردوغان للترشح أن مصير حزب العدالة والتنمية من بعده ليس واضحاً بعد . ترتيب البيت الداخلي أخّر إعلان ترشح أردوغان وطرح أكثر من سيناريو لما سيؤول إليه الحزب في حال ترشح أردوغان للرئاسة وتركه للحزب . السيناريو الذي كان يشير إلى أن يخلف عبدالله غول رئيس الجمهورية الحالي أردوغان في رئاسة الحزب والحكومة لم تجر بصورة تلقائية ومتماسكة إذ إن غول يرفض أن يكون رئيساً للحكومة والحزب بصورة شكلية، أي أن تبقى لأردوغان الكلمة العليا في الحزب والحكومة ولو من موقع رئاسة الجمهورية . في النهاية ستتضح الصورة بعد أيام أو بعد انتهاء انتخابات الرئاسة . لم ينجح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية الماضية إلا بسبب انقسام المعارضة . فحزب الشعب الجمهوري كاد بمفرده أن يفوز ببلدية أنقرة وخسر بأقل من واحد في المئة . وفي اسطنبول لو اتحد حزبان فقط، الشعب الجمهوري والحركة القومية لاكتسحا مرشح حزب العدالة والتنمية وبفارق كبير .وهكذا بالنسبة لعدد كبير من المدن الكبرى والمحافظات .هذا عامل يجب أن يؤخذ في الحسبان . المفارقة اليوم أن الشخصية الأكثر حظاً والأقوى في تركيا، أي أردوغان، لم يعلن ترشحه بعد فيما فاجأت المعارضة أو قسم منها بإعلان مرشح مشترك . حزب الشعب الجمهوري العلماني، حزب أتاتورك وهو أكبر أحزاب المعارضة(27 في المئة)، اتفق مع حزب الحركة القومية، اليميني المتشدد(15 في المئة)،على ترشيح شخصية شكلت مفاجأة كبرى للجميع وهي الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو . إحسان أوغلو معروف على أنه إسلامي الهوى والسلوك ومتدين، وهو أصبح أميناً عاماً للمنظمة عام 2004 بدعم مباشر من أردوغان من أجل تعزيز الحضور التركي في المنظمات والمحافل الدولية . وبالتالي هو يعتبر بنسبة كبيرة نتاج وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة . وإحسان أوغلو لا شك له اعتباره على الساحة الدولية منذ الثمانينات وهو رجل علم مميز وله العشرات من المؤلفات في التاريخ التركي والعثماني والإسلامي، ويعرف العربية كما العرب وهو أصلاً من مواليد مصر وعاش ودرس فيها . وهو رجل وسطي إجمالاً ويحترم الآخر المختلف عنه ويؤمن بالديمقراطية والعلمانية . الجديد أن المعارضة تتفق فيما بينها للمرة الأولى على مرشح مشترك لرئاسة الجمهورية .وقد حرص زعيما الحزبين،كمال كيليتشدار أوغلو ودولت باهتشلي في مؤتمر صحفي مشترك، على إعلان ترشيح إحسان أوغلو بنفسيهما . وهذا يعكس أن المعارضة مصممة للمرة الأولى بشكل عملاني على التخلص من أردوغان وتغيير المعادلة السياسية في تركيا . واذا كان إحسان أوغلو يمكن اعتباره إسلامياً وقومياً وأكثر قرباً لحزب الحركة القومية، فإن "مغامرة" حزب الشعب الجمهوري بترشيح هذا النوع من الشخصية للرئاسة يعكس قلق الحزب من استمرار أردوغان زعيماً لخمس وربما لعشر سنوات مقبلة ومن رغبة أردوغان تغيير النظام السياسي ليكون نظاماً رئاسياً مطلق الصلاحيات . الترشيح يمكن اعتباره ضربة معلم . إذ إن جانباً من الفئات الإسلامية في تركيا لم تصوت لأردوغان في الانتخابات البلدية رغم فضائح الفساد التي تورط بها إلا لأنها لا تريد عودة العلمانيين الى السلطة وفي ظل عدم وجود مرشح إسلامي آخر بديل لأردوغان تعطيه أصواتها . اليوم مع ترشيح احسان أوغلو يفترض أن تصب كل الأصوات الإسلامية المعارضة لأردوغان لمصلحة أكمل الدين إحسان أوغلو . وفي حال حصل ذلك فإن نسبة الأصوات التي سيحصل عليها إحسان أوغلو ستكون قريبة مما سيحصل عليه أردوغان أي 45 في المئة، فيما سيبقى الصوت الكردي التابع لنهج عبدالله أوجلان والذي له نحو السبعة في المئة، هو المرجح وسيفوز المرشح الذي تصب فيه هذه الأصوات ووجهة تصويتها حتى الآن غير واضحة . وفي جميع الأحوال فإنه للمرة الأولى منذ 12 عاماً ستكون تركيا امام مرشح جدي في مواجهة أردوغان له حظوظ في الفوز اذا تمت إدارة المعركة بحكمة وبشجاعة خصوصاً فيما خص الملف الكردي . محمد نورالدين الخليج الامارتية