في كل موسم يحكي المصمم العالمي إيلي صعب قصة شاعرية للفن والخيال، مؤلفا لها فصولا مبتكرة من الرومانسية الحالمة، تشي بأسلوبه البديع وذوق. الاستثنائي في تصميم الأزياء، معتمدا على موهبته المتفردة ورؤيته الخاصة للاحتفاء بالأنوثة والجمال، وهذا ما طرحه في مجموعته الأخيرة لموسمي ربيع وصيف 2013 إذ تضمنت نماذج راقية من القطع والموديلات التي تعبّر عن جوهر الأناقة الباريسية وسمات الكلاسيكية التي تبقى في ذاكرة اتجاهات الموضة العالمية. أزهار البياتي (الشارقة) - لأنه من الشائع في مفهوم الأناقة ولغة الموضة أن الانطباع الأول يكون أبلغ من كل الكلام، يؤكد المصمم العالمي إيلي صعب هذه المقولة من خلال عرضه الأخير في العاصمة الفرنسية باريس، مستعرضا تشكيلته المتنوعة لخط الملابس الجاهزة لموسمي ربيع وصيف 2013، مغلفا إياها بإطار أنيق من الفخامة والرقيّ، ومظهرا من خلالها شكلا جديدا من الإثارة الناعمة، حيث تكون المرأة هي مصدر الإلهام وأيقونة الترف والدلال. ألوان الحياة بدء المصمم المبدع سمفونيته الجميلة بمد أزرق هادر، وحيث توالى ظهور العارضات وهن متشحات بقطع حريرية، عملية وراقية، تتسم خطوطها بالبساطة والقصات النظيفة، ليتدرج صعب بظلاله من الأزرق الملكي مرورا بالأزرق الفيروزي فالسماوي الضبابي، ملحقا إياهم بمجموعة أخرى من البيج المتورد أو القريب من لون البشرة، تليها موجة صاخبة ثالثة من الخامات المطبعة بألوان مستوحاه من زهور الربيع وبهجة ألونه، لتأتي بعدها إثارة الفساتين الحمراء، عاكسة فورة المشاعر وشغف الحياة عند المصمم، ثم تشكيلة متناغمة ومتسقة من الأبيض المطعم بالأسود، وكأنها صممت خصيصا لتكسر القتامة بالضياء وتولف الليل بالنهار، كما ظهرت خلال المجموعة مسطرة راقية من تدرجات اللون العاجي والسكري والأبيض، لتنطلق ختاما ثورة الدانتيل وباقة مترفة من الشفافية والأنوثة الطاغية، وبعدة درجات من ألوان الحياة، ظهرت عبرها جماليات كل من الأزرق والفيروزي والأحمر والأسود والعاجي، خاطفة الأبصار بخفتها المتناهية ورقتها البعيدة المنال. «آرت ديكو» على مدار نحو 48 زيّا انتقاها صعب بذكاء وحرفيه للموسمين القادمين، عزف من خلالها على وتر المشاعر والقلوب، ليمتع أنظار الحضور من عشاقه ومحبيه بصور ومشاهد حية ومتألقة من لحظات الرومانسية الحالمة، من تلك التي تتأرجح بين الواقع والخيال، مظهرا تفاصيل غنية ولافتة من إبداعات الدانتيل واللعب بالكشاكش وشرائط الحرير، حيث شكلت شفافية القماش مساحات مفتوحة من الغواية المستترة والأنوثة الطاغية، لتظهر عارضاته وهن عاليات الهامة ممشوقات القوام، تغلفهن هالة ملائكية من الجمال الطبيعي، يتشحن بملابس رقيقة وهشة، موجودة وغير موجودة، هفهافة وخفيفة حتى تكاد أن تكون منعدمة الوزن، مع بعض القطع المطرزة بشغل يدوي ناعم ومتقن، لتلائم أجواء الحفلات والسهرات، كما ظهرت في بداية العرض العديد من القطع النهارية الراقية متوزعة بين الفساتين والتايورات والأطقم والبنطلونات، والتي نفذت بأسلوب احترافي عال، وقصّات مبتكرة وأنيقة لأبعد الحدود، مع نماذج أخرى منتقاة استعاد بها المصمم بعض من طراز فن "الآرت ديكو"، الذي ظهر في عشرينيات القرن الماضي، حيث تكون الخطوط الهندسية والقصات النظيفة والمحددة هي السمة الغالبة على كامل التصميم. أجنحة فراشات كعادته تفنن المصمم في تعامله مع الخامات والقماش، ليبدع بتحريكه واللعب فيه بأسلوبه الخاص، عاكسا من خلاله طاقات جمالية مستترة بين الزوايا والخطوط والقصات، مغلفا به أجساد العارضات بمنتهى الحنو والرقة، وكأن دانتيلاته رسمت أجنحة فراشات ربيعية هشة، تكاد أن تتطاير عند مجرد اللمس أو الحركة، ليترجم ومن خلال موديلات أخرى عرضها ضمن التشكيلة أشكالا معاصرة أكثر عملية وتكلف، يمكن ارتداؤها في الأجواء النهارية أو الأمسيات، لتعّبر عن مفهوم وإطلالة المرأة المدنية العاملة، التي تستطيع أن تظهر بصورة أنيقة، متكلفة وعملية في الوقت ذاته، في المحصلة شكل العرض الأخير للمصمم اللبناني الأصل صعب نقطة نجاح أخرى تدون في سجله الحافل بالروائع، من خلال عرضه الجميل في أسبوع الملابس الجاهزة الباريسي لأزياء الربيع والصيف المقبلين، ليؤكد هو وزملاؤه الآخرين من المبدعين العرب على أن للمصمم العربي حضورا وبصمة تحدث فرقا، وتؤثر في اتجاهات الموضة العالمية.