شاهد أول فيديو لعبور المسافرين طريق مارب - البيضاء - صنعاء بعد إعلان العرادة فتحها رسميا وفرحة عارمة    تكريم عربي مصرفي كبير للدكتور احمد بن سنكر    وزير الدفاع يكشف مسرحية الحوثي بفتح طريق تعز    اعتراف صهيوني لأول مرة بوصول العمليات اليمنية إلى البحر المتوسط    غارات دموية تستهدف نازحين عقب يوم من مجزرة النصيرات التي أسفرت عن 998 شهيدا وجريحا    البعداني: قائمة المنتخب شهدت إحلالا وتبديلا وفقاً لمعايير الكفاءة والقدرات الفنية    رئيس الوزراء يزور البنك المركزي ويؤكد الدعم الكامل لقراراته الرامية لحماية النظام المصرفي    الوزاري الخليجي يجدد دعمه للمجلس الرئاسي ويدعو لاتخاذ موقف حازم تجاه المليشيا    وزارة الخارجية تدعو جميع الوكالات الدولية بنقل مقراتها الرئيسية من صنعاء إلى عدن    إطلاق دراسة شاملة لتطوير سلاسل قيمة البن في عدد من المحافظات    دي يونغ يدعم صفوف هولندا استعدادا ليورو 2024    افتتاح معمل وطاولة التشريح التعليمية ثلاثية الأبعاد في الجامعة اليمنية    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    عدوان أمريكي بريطاني جديد على الحديدة    الرواية الحوثية بشأن حادث انهيار مبنى في جامع قبة المهدي بصنعاء و(أسماء الضحايا)    تفاصيل جديدة بشأن انهيار مبنى تابعًا لمسجد ''قبة المهدي'' ومقتل مواطنين    "هوشليه" افتحوا الطرقات!!!    ''استوصوا بعترتي'' و استوصوا بالمعزى!!    يورو 2024.. هذه قيمة الأموال التي سيجنيها اللاعبون والمنتخبات المشاركة    الرئيس الإقليمي للأولمبياد الخاص الدولي يدعو برامج المنطقة لزيادة عدد الألعاب والمسابقات والاهتمام بصحة اللاعبين    إخراج امرأة من بطن ثعبان ضخم ابتلعها في إندونيسيا    أسعار الذهب في صنعاء وعدن صباح اليوم    منتخب الدنمارك يقهر نظيره النرويجي بقيادة هالاند    حفل مهيب لاختتام الدورات الصيفية بالعاصمة صنعاء والمحافظة    عالم آثار مصري شهير يطالب بإغلاق متحف إنجليزي    كيف يستقبل المواطنين في الجنوب المحتل العيد    منظمة الصحة العالمية تدعو للاستعداد لاحتمال تفشي وباء جديد    مداهمة منزل مهجور شرقي اليمن عقب تحركات مريبة والعثور على مفاجأة صادمة    غضب قيادات مؤتمرية بصنعاء لرفض الحوثيين السماح لهم بمرافقه "الرزامي" لاداء فريضة الحج    في الذكرى الثالثة لوفاته.. عن العلامة القاضي العمراني وجهوده والوفاء لمنهجه    السلطة المحلية بحضرموت تنعي وكيل أول المحافظة الشيخ عمر فرج المنصوري    القرصنة البرتغالية في جزيرة سقطرى .. بودكاست    جامعة عمران تدشن امتحانات القبول والمفاضلة للطب البشري    السيد القائد : النظام السعودي يتاجر بفريضة الحج    أحب الأيام الى الله    عشرات الاسر والجمعيات المنتجة في مهرجان عيدنا محلي بصنعاء    روسيا تعلن بدء مبيعات مضاد حيوي جديد يعالج العديد من الالتهابات    ما علاقة ارتفاع الحرارة ليلا بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    النفحات والسنن في يوم عرفة: دلالات وأفضل الأعمال    قوى 7-7 لا تريد ل عدن أن تحصل على امتيازات العاصمة    نادي ظفار العماني يهبط رسميا للدرجة الأدنى    الحوثيون يعترفون بنهب العملة الجديدة من التجار بعد ظهورها بكثرة في مناطقهم    من 30 الى 50 بالمية...قيادي بالانتقالي الجنوبي يتوقع تحسنًا في سعر الصرف خلال الفترة القادمة    لا حلول لأزمات اليمن والجنوب.. ولكن استثمار    الرفيق "صالح حكومة و اللجان الشعبية".. مبادرات جماهيرية صباح كل جمعة    انضمام مشائخ من كبار قبائل شبوة وحضرموت للمجلس الانتقالي الجنوبي    سياسة حسن الجوار والأزمة اليمنية    وديا ... اسبانيا تتخطى ايرلندا الشمالية بخماسية    ما حد يبادل ابنه بجنّي    "لن نفتح الطريق"...المقاومة الجنوبية ترفض فتح طريق عقبة ثرة وتؤكد ان من يدعو لفتحها متواطئ مع الحوثي    بعد أشهر قليلة من زواجهما ...جريمة بشعة مقتل شابة على يد زوجها في تعز (صورة)    الحسناء المصرية بشرى تتغزل باليمن و بالشاي العدني    أطباء بلا حدود: 63 ألف حالة إصابة بالكوليرا والاسهالات المائية في اليمن منذ مطلع العام الجاري    أطلق النار على نفسه.. مقتل مغترب يمني في أمريكا في ظروف غامضة (الاسم)    الحوثيون يمنحون أول باحثة من الجنسية الروسية درجة الماجستير من جامعة صنعاء    تعرف على شروط الأضحية ومشروعيتها في الشريعة الإسلامية    الحوثيون يعتقلون عشرات الموظفين الأمميين والإغاثيين في اليمن مميز    خبراء صحة: لا تتناول هذه الأطعمة مع بعض الأدوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ياعجبي ممن يلتمسون الرحمة من العباد ..
نشر في الجنوب ميديا يوم 08 - 01 - 2013


منقول من بيان صاحب علم الكتاب المهدي المنتظر
الإمام العليم ناصر محمد اليماني
10-10-2007
08:58 am
يا عجبي ممن يلتمسون الرحمة من العباد !!
رضي الله عن المُبايعين لتكون كلمة الله هي العليا في العالمين ..
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}
صدق الله العظيم [المائدة:54]
يا معشر الأنصار قلباً وقالباً أولي الألباب الذين يُبايعون مَنْ عنده علم الكتاب، نُجّيتم من العذاب ولكم في نفس الله الحُبّ ولكم منه الثواب، وألبسكم لباس التقوى نور الرضوان فأمدكم بروح منه رضوان نفسه النعيم الأعظم وريحان القلوب، وغفر لكم جميع ذنوبكم، وألقى في قلوب المُسلمين حبّكم لأنّكم أحببتموني فاتّبعتموني فأحبكم وأصلح بالكم فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن أصدقتم الله يصدقكم وينفعكم صدقكم يوم لقائه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فلا تُبالغوا في إمامكم فتغالوا فيه بغير الحقّ فتدعونني من دون الله فتظلمون أنفسكم ثم لا أغني عنكم من الله شيئاً، فأتبرأ منكم وأكفر بعبادتكم كما سوف يتبرأ جميع الأنبياء والمُرسلين والمُقربين ممن يُسألون الشفاعة من عذاب الله فلا يتجرؤون أن يُحاجوا الله عنهم يوم القيامة ولا يغنوا عنهم من عذاب الله شيئاً ثم في النّار يُسجرون.
واعلموا بأنّ الله يُجيب دعوة الداعي في الدُنيا والآخرة ولو أن الكافرين دعوا ربّهم لأجابهم ولكنهم يتوسلون إلى الملائكة من خزنة جهنّم لكي يدعون الله بظنّهم أن دعوتهم مُجابة عند ربّهم، ولو أستجاب الملائكةُ لطلب الكافرين فدعوا ربّهم أن يُخفف عنهم يوماً من العذاب لكان الجواب أن يلقي الله المُتشفعين في النّار مع الكافرين، ولكن الملائكة يعلمون أنه لا ينبغي لهم الشفاعة بين يدي الله لعباده من العذاب لذلك كان جواب الملائكة للكافرين قالوا لهم:{فَادْعُوا ۗ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ}. ويقصد الملائكة بقولهم للكافرين:{فَادْعُوا} أي ادعوا ربّكم هو أرحم بعباده منّا لأنه أرحم الراحمين. ويقصد الملائكة بقولهم:{وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ}أي الكافرين الذين يدعون من دون الله عبادَه أن يشفعوا لهم عند ربّهم وذلك هو الضلال. وقال الله تعالى :
{وَقَالَ الَّذِينَ فِي النّار لِخَزَنَةِ جهنّم ادْعُوا ربّكمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ ﴿49﴾ قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۚ قَالُوا فَادْعُوا ۗ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴿50﴾}
صدق الله العظيم [غافر]
ولكن الكافرين مُبلسون من رحمة ربّهم يائسون أن يرحمهم لذلك يتوسلون الرحمة من عباده، أفلا يعلمون بأنّ الرحمة من صفات ربّهم وهو أرحم الراحمين فكيف يتوسلون الرحمة من عباده وهو أرحم الراحمين؟ حتى إذا خرجوا من نار جهنّم ليشربوا من ماء حميم يشوي الوجوه وبئس الشراب ومن ثم يدع الكفار عبادَ الله الصالحين في الجنان :
{وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النّار أَصْحَابَ الجنّة أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ}
صدق الله العظيم [الأعراف:50]
فهل وجدتم يا من تريدون الشفاعة من عباد الله المُقربين بأنّهم أرحم بالكافرين من ربّهم؟ فهل تجرؤون؟ فقد رأيتم جوابهم فقد جعل الله قلوبهم قاسية على أصحاب النّار لعل أصحاب النّار يلتمسون الرحمة من ربّهم فيسألونه بحق رحمته التي كتب على نفسه أن تشفع لهم من غضبه عليهم وهو أرحم الراحمين، وهُنا الموطن الحقّ في الدُعاء، ثم لا ينكر الله اسمه وصفته في نفسه بأنّه حقاً أرحم الراحمين، ثم يجيبهم إن سألوا ربّهم مُخلصين له الدُعاء من دون عباده، فقد رأيتم في القُرآن بأنّ الله أجاب دعاء طائفة من الكافرين من أصحاب الأعراف من الذين ماتوا من القرى قبل أن يبعث إليهم الرُسل ومن معهم من الذين لم ييأسوا بعد من رحمة الله ولم يدعوا عباده من دونه، فانظروا هل أجاب الله دُعائهم؟ وقال الله تعالى :
{وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ۚ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ۚ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الجنّة أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۚ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ ﴿46﴾ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النّار قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿47﴾ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَىٰ عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ﴿48﴾ أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ۚ ادْخُلُوا الجنّة لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ﴿49﴾ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النّار أَصْحَابَ الجنّة أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ۚ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ﴿50﴾}
صدق الله العظيم [الأعراف]
فانظروا إلى الذين دعوا ربّهم من أصحاب الأعراف مُلتمسين رحمته أن يقيهم عذاب ناره، وقالوا :
{وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النّار قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}
وذلك لأنهم مُنكرون على الكافرين من كفرهم في الدنيا بأنّ الله لم ينل المؤمنين برحمته وأنهم على ضلال مٌبين، وقالوا مخاطبين الكفار:
{أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ۚ ادْخُلُوا الجنّة لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ}
وحتى إذا ذكروا رحمة ربّهم كلمهم الله من وراء حجابه تكليماً، وقال:
{ادْخُلُوا الجنّة لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ}
ثم انظروا إلى الكفار فحتى بعد أن رأوا أصحاب الأعراف قد أدخلهم الجنّة فلا يزالون عُميان عن الحقّ كما كانوا في الدُنيا بل أضل سبيلاً، إذ كيف يرون أصحاب الأعراف قد أدخلهم الله برحمته الجنة ومن ثم نجد الكافرين لا يزالون يلتمسون الرحمة من عباد الله الصالحين! وقالوا:
{أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ۚ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ}
فهل وجد الكفار الرحمة عند العباد الذين هم أدنى رحمةً من أرحم الراحمين؟ ويا عجبي ممن يلتمسون الرحمة من العباد إنهم يائسون من رحمة أرحم الراحمين!
ويا معشر الأنصار لقد وعظتكم وقلت لكم قولاً بليغاً يدركه أولو الألباب ويُصدقون من عنده علم الكتاب ويرجون الرحمة من الله والثواب ويرجون أن ينجّيهم برحمته من العذاب وأن لله الشفاعة جميعاً فيتشفعون برحمته من غضبه وعذابه ثم تغلب رحمته غضبه في نفسه فيرضى ويغفر ويرحم إنهُ عفو يحب العفو والغفران، ولكن أكثر النّاس لا يعلمون وهم من عفوه ورحمته يائسون كما يئس الكفار من أصحاب القبور، أفلا يعلمون بأنّ الله كتب على نفسه الرحمة في الدُنيا والآخرة عهداً لعباده الذين يؤمنون برحمة ربّهم. وقال أرحم الراحمين :
{وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ ربّكمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
صدق الله العظيم [الأنعام:54]
وكذلك كتب الرحمة على نفسه يوم القيامة. وقال تعالى :
{قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}
صدق الله العظيم [الأنعام:12]
ومن لا يؤمن برحمة الله ويئس منها ويدعو عباده الذين هم أدنى رحمة من أرحم الراحمين فلن ينال عهد رحمته ولن يغني عنه عباده المٌقربون ولا يتجرؤون أن يسألوا رحمته للكافرين بل يقولون كما قال المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام :
{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
صدق الله العظيم [المائدة:118]
فلم يتجرأ على الشفاعة بل رد الشفاعة لمن هو أرحم من المسيح عيسى ابن مريم بعباده، وأرحم من محمد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم – بعباده، وأرحم من المهدي المنتظر ناصر محمد اليماني بعباده، ووعده الحقّ وهو أرحم الراحمين بل أرحم بعبده من الوالد بولده. وقال نوح عليه الصلاة والسلام مناجٍ ربه :
{رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحقّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ}
صدق الله العظيم [هود:45]
فهذا نوح يقول يا رب إن ابني من أهلي وأنت أحكم الحاكمين ولكن الله بيّن لهُ أنه ليس ابنه بل ثمرة عمل غير صالح بسبب خيانة زوجته مع أحد شياطين البشر من الذين لا يلدون إلا وهم فُجّارٌ كُفارٌ من الذين شملتهم دعوة نوح عليه الصلاة والسلام، ويريد الله أن يُطهر الأرض منهم تطهيراً كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، ولكنكم رأيتم ردّ الله إلى نوح وكأنه صار في نفس الله شيء من نوح بسبب دعوته وقال :
{إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}
صدق الله العظيم [هود:46]
فأدرك نوح بأنّه قد أصبح في نفس ربه شيء بسبب سؤاله لربه لشيء ليس له به علم وقال :
{قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
صدق الله العظيم [هود:47]
وأما سبب الرد الجلف من رب العالمين إلى رسوله نوح وذلك لأن الله قد أفتاه من قبل أن يصنع السفينة وقال له بأنّه لن يؤمن له من قومه إلا من قد آمن وحتى لو لبث فيهم ألف سنة أخرى وذلك لأنهم قد صاروا جميعاً من ذُريات الشياطين، ثم قال نوح :
{رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ﴿26﴾ إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا ﴿27﴾}
صدق الله العظيم [نوح]
ثم وعد الله نوح بالإجابة وأنه سوف يغرقهم أجمعين وعليه أن يصنع السفينة، ثم أمره أن لا يخاطبه في الذين ظلموا وإنهم مغرقون أجمعون، ولكن لماذا أوحى الله إلى رسوله بالأمر بأن لا يُخاطبه في الذين ظلموا وأنه سوف يغرقهم أجمعين فلا يذر على الأرض منهم دياراً واحداً إجابة لدعوة نوح؟ وقال :
{رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ﴿26﴾ إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27)}
ولكني أكرر وأقول: لماذا يأمر الله رسوله نوح بالأمر أن لا يُخاطبه في الذين ظلموا برغم أن الهلاك إجابة لدعوة نوح على الكافرين؟ فهل تعلمون لماذا ؟ وذلك لأنه يعلم بأنّ ولده سوف يكون من المغرقين معهم وأن نوح سوف تأخذه الشفقة والرحمة بولده وسوف يُخاطب الله في شأن ولده مُخالفاً أمر ربه الذي أوحى إليه من قبل في قوله تعالى:
{وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴿36﴾ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ﴿37﴾}
صدق الله العظيم [هود]
ولكن الشفقة والرحمة بولده أجبرته على مخالفة الأمر {وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} ، ولكن نوح خاطب ربه في شأن ولده وفتنته الرحمة والشفقة بولده فتناسى أمر ربه ألا يعلم بأنّ الله هو أرحم الراحمين؟ لذلك وجدتم الردّ من الله على نوح كان قاسياً:
{فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}
ولكن نوح أدرك بأنّه تجاوز الحدود في شيء لا يحيط به علماً، وأن الله صار في نفسه شيء من عبده ورسوله نوح عليه الصلاة والسلام بسبب تجاوزه الحدود في مسألة لا يحيط بها علماً، ولأن نوح أدرك ما في نفس ربه عليه من خلال الرد القاسي لذلك قال :
{قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِه عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
ويدرك مدى خطابي هذا الراسخون في العلم بمعرفة ربّهم، وإنما يخشى الله من عباده العُلماء بمعرفة عظمة ربّهم فيقدرونه حق قدره فلا يدعون من دونه أحداً.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..
أخوكم الإمام ناصر محمد اليماني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.