اذا افترضنا أن الولاياتالمتحدة الأميركية في وضع قوتها أو هيمنتها تحكم العالم، وإذا كنا كعرب أو قناعة الكثيرين بأن اللوبي "الصهيوني" يحكم الإدارات الأميركية فهل أميركا هي التي تحكم العالم أم اللوبي الصهيوني منطقياً؟!!. في أكثر من مناظرة "فضائية" حول الرئيس الأميركي الجديد "أوباما" والسياسة الأميركية، يتكرر طرح أن الرئيس "أوباما" طيب أو لديه توجهات إنصاف، ولكنه ليس صاحب قرار في المسائل الحيوية أو المحورية للسياسة الأميركية، والسؤال: من هو صاحب القرار إذاً؟!. كثير من المفكرين والمحللين السياسيين يتفقون بالإجمال مثلا أن الرئيس "بوش" الأب كان صاحب قرار، والرئيس "بوش" الابن منفذ قرارات، فهل يعود هذا الواقع، التأثير الشخصي للرئيس أم الواقع السياسة الأميركية كأولويات ومؤثرات عليها او مؤثرين فيها في كل مرحلة. إذا لم نقر في اليمن ببديهية أننا استنجدنا بالمد القومي أو لجأنا للمد والخيار الشيوعي من أجل الحفاظ على الحكم، فلا نستطيع غير الإقرار بأن الانقلابات في صنعاء وانقلابات ومجازر عدن أيا كان ارتباطها بصراعات خارجية كانت من أجل إقصاء رئيس والوصول الى منصب رئيس. إذا الصراع قبل الديمقراطية كانقلابات وعنف ومجازر ودماء ودمار كانت لإقصاء رئيس ووصول آخر إلى منصب رئيس، فإن ثقافة الصراعات إن كانت المؤثر في توجيه أو واقع الديمقراطية ستتمحور حول ذات المحور، وإن بشكل "دمقرطة" أو شيء منه. لسنا بحاجة للدفاع عن النظام ولا هذه أولوية وليس النظام في حاجة لدفاعنا، ولكننا نحتاج لاستيعاب وفهم المشكلة فوق صراع النظام مع المعارضة وصراع المعارضة مع النظام. في واقع وما وصلت تطورات وواقع الصراعات فلم تعد مقالة ولا حملات وفضائيات تأثيرها على النظام أو المعارضة في اليمن حاسم، كما تجاوز النظام تلك الحساسية العالية أو القلق الزائد لدى الأنظمة في انفعال أو ردود أفعال تجاه أي طرح. ما دام لم تعد مقالة ولا حملة ولا فضائية أو أكثر هي التي تغير أو تبقي نظاماً والمجال مفتوح أكثر للآراء والرؤى المتطرفة وليس فقط لوجهات نظر أطراف، قلنا افتراض نجاح انقلاب في إزاحة علي عبدالله صالح كرئيس أو حاكم، فهل ينتهي تطرف الطرح عن الحاكم؟! وهل ينتهي الصراع بالأدوات المتطرفة على منصب الحاكم تحت يافطة الديمقراطية أو حرية الفكر والتفكير ونحوه؟! ما يمارس ديمقراطياً كصراع إعلامي وسياسي هو مما اعتدناه في صراعات اليمن ربطاً بالصراعات الخارجية، فالطلبة في صنعاء خرجوا في مظاهرة فوضوية حماسية ضد رئيس الحكومة القاضي عبدالله الحجري حين وقَّع على تجديد اتفاق الطائف بشأن الحدود مع السعودية، وتابعنا حملات تخوينية من قبل النظام في عدن ومن ثم تتبعه وتصفيته في أوربا، فهل كل القضية مظاهرات وموت وتصفية وليس إدانة وثبوت وإثبات الإدانة؟!!. فالطرف الذي صفى الحجري أو أيد تلك التصفية ممارساته اليوم تدينه ويسلم بخطأ الموقف وخطيئة التصفية. إذا الديمقراطية هي انتقال من وحدة شيوعية بالقوة الى انفصال بالقوة، وانتقال من إدانة الحاكم بالعمالة للسعودية الى الإدانة ربطاً بالقاعدة، فأية ديمقراطية هي وأية ديمقراطية تكون؟!!. حتى تحقق الوحدة عام 1990م كانت حملات نظامين في صنعاءوعدن، وظل النظام في صنعاء يوصم بالخيانة والعمالة للرجعية.. الخ، فيما الحملة المضادة المرتكزة على الشيوعية لم تحقق نجاحاً. إذا تلك الصراعات والحملات مارست مزايدة مع الوحدة فهل الديمقراطية هي مزايدة ضد الوحدة؟!!. أي طرف يسعى لإجهاض الوحدة تحت مبررات أخطاء نظام يصغر ويتقزم حتى لو أخطاء نظام كما يطرح فعلاً، فبافتراض الوحدة تمت شيوعياً بالقوة فالمس بها تقزم وخيانة حتى لو احتاج النضال ضد أخطاء النظام قرنا لتصلح أو يزاح. لا أحد منا على معرفة واقعية ودقيقة بأخطاء النظام الشيوعي في فيتنام، ولا وضع مواطني ما كانت تعرف بفيتنام الجنوبية في ظل هذا النظام، ولكن انتصار أميركا التي انهزمت في فيتنام على السوفيت هو انتصار على النظام الشيوعي الذي هزمها في فيتنام، وهذا يشجع على تمرد أو تململ من الوحدة الفيتنامية ومحاولة العودة الى الماضي. لو حصل شيء من هذا فأي منا لا يمكنه إلا تخطئة الموقف ضد الوحدة أيا كانت أخطاء النظام الشيوعي.. إذا فهل أخطاء النظام في صنعاء هي أكثر من أخطاء النظام الشيوعي في فيتنام أم خيار الديمقراطية هو خيار الصراع؟!!. عندما يتحدث معارض للوحدة في فضائية مثل B.B.C"" فتحس أنك لست معنياً بمواجهة طرحه عن كون مجلس النواب والديمقراطية والحكومة والانتخابات هي مسائل شكلية، ولا حتى حين يطرح عن غرابة تركيبة النظام في اليمن حتى وهو يضيف الى مكوناته غير الفساد.. القاعدة وهلم جرا. وحين استرساله عن كون كل ممركز بيد الرئيس علي عبدالله صالح، فحين يسأل عن مدى التزام النظام والحكومة وقدرته على الالتزام باستعمال الدعم المتوقع من مؤتمر لندن كما يفترض، يجيب بأن الرئيس حتى لو أراد الالتزام فهو لا يستطيع كونه محكوماً من "القاعدة"، وهرارات واهتراءات في ثرثرة و "لغفاج" من هذا العيار والنوع. في حين المد الشيوعي والتهييج الثوري للواقع فعلي عبدالله صالح عميل للرجعية السعودية والامبريالية الأميركية، وبعد اندثار الشيوعية وثقل الامبريالية والرجعية في حرب مع النظام وصدام حسين، فعلي عبدالله صالح عميل لصدام حسين، وحين تنتقل أميركا للحرب ضد الإرهاب و "القاعدة" فعلي عبدالله صالح ليس مجرد عميل للقاعدة بل هي توجهه وتحكمه. فإذا لم يعد بمستطاعنا الانقلاب عسكرياً ولا تصفية على طريقة "الغشمي" او "الحجري"، نستدعي القوة الأكبر لتقصيه أو تصفيه وباختيار تهم وإدانات كل مرحلة عالمياً. هذا الاسترسال يتمادى إلى تطاول في ربط الإرهاب بشرط تبرئة شطر دون التفات إلى كون الخيار الشيوعي حين يطبق في بلد مسلم ومحافظ هو عامل أساس من عوامل خلق ونمو الإرهاب، ودون وعي بأن الآخرين في العالم يستوعبون قضية الإرهاب بدقها في منابعها وعوامل نموها وانتشارها ربطاً بالصراعات عالمياً واقليمياً ومن ثم داخلياً كبيئات وواقع. الاسلاميون الذين ذهبوا من اليمن والدول المجاورة للجهاد في "افغانستان" كانوا مستفزين من الشيوعية في اليمن وليس في افغانستان، ولكن أولوية الصراعات الدولية فرضت أولوية افغانستان، ولهذا فالشيوعية في اليمن كانت من أهم عوامل خلق الإرهاب في المنطقة وليس فقط في اليمن، والطبيعي في ظل أشد الأنظمة قمعية "الشيوعية" غياب ظواهر في واقع وأنظمة مرونات. لم يسمع أحد أو حتى يلمس رغبات انفصالية داخل الاتحاد السوفيتي حتى خف القمع بانهيار النظام القمعي فتفتت الاتحاد السوفيتي. لو افترضنا انتقال الصراع الأميركي إلى الأخذ بالثأر من النظام الشيوعي الذي هزمها في فيتنام، فالنظام في صنعاء والرئيس علي عبدالله صالح تابع وعميل للنظام الشيوعي الفيتنامي. فعلي عبدالله صالح هو شيوعي "خفي" ولكنه أخطر شيوعي، فهو كان من يحكم الشيوعية من بعد والقاعدة تحكمه من بعد، وبالتالي فالوحدة اليمنية ليست سلمية ولا ديمقراطية، فعلي عبدالله صالح ما دام مارس الغش في اتفاق الوحدة وأخفى شيوعيته فالاتفاق باطل والمشروعية باطلة. ولو الصين انتفضت فجأة وباتت الأقوى والمهيمنة عالمياً فعلي عبدالله صالح لم يكن الحاكم المحكوم من القاعدة ضد أميركا، ولكنه العميل الأول لأميركا في المنطقة، وهو من أدان "سالمين" ب "الماوية" واستعمل الأسلحة الاستراتيجية لدفنه تحت أنقاض قصر رئاسي. حتى لو انتصرت القاعدة وهيمنت عالمياً فعلي عبدالله صالح لن يكون عميلاً لها، وليس من حكم بها ولكنه أكبر من تآمر ضدها وتحالف للحرب عليها، فيما الشيوعيون هم رجال القاعدة المخلصون، ولم يختاروا الشيوعية أو يسيروا فيها إلا لصالح القاعدة والعمل القاعدي.