مرّت السنة الأولى للحرب السعودية على اليمن، محملّةً بالإنتكاسات المتتالية للنظام السعودي، سياسياً وعسكريًا. فمن "عاصفة الحزم" الى "إعادة الأمل" لم تسعف التسميات المتقلبة تلك، في إنقاذ السعودية من مأزقها. حتى الغطاء الدولي للعدوان السعودي، بدأ يتهاوى أمام الصمود اليمني والتقدم الذي يحرزه الجيش اليمني و"اللجان" الشعبية داخل المحافظاتاليمنية، والعجز السعودي عن تحقيق اي من الأهداف المعلنة قبل بدء الحرب، لا سيما القضاء على جماعة "انصار الله" وإرجاع الرئيس الفار عبد ربه منصور الى الحكم ضمن شروطٍ سعودية، واستلام زمام المبادرات السياسية والعسكرية في الداخل اليمني، كل تلك الأهداف لم يتحقق منها شيء وبقيت أوهام سعودية لا واقع لها. لم تعد الأمور بحاجة لوقت، فلو كان للسعودية اي قدرة على تغيير مجريات الميدان لصالحها لحصل ذلك في ذروة عدوانها، حيث لم تفلح غارات "التحالف العربي" الذي تقوده رغم همجيته والعشوائية التي انتهجته ضد المدنيين والبنى التحتية والمراكز المدنية والحكومية اليمنية، في إيجاد مساحة لتقدم قوات التحالف ومرتزقتها من "قوات هادي" وعصابات دولية، وخاصة في منطقتي تعز والعاصمة صنعاء. بناءً عليه، بدأ الرأي العام الدولي بسحب كل الفرص التي أتاحها للسعودية في حربها على اليمن، في محاولةٍ لإخراجها من الوحل اليمني بأقل الخسائر الممكنة، وخاصة ان المفاوضات الدولية تأخذ حيزًا كبيرًا هذه الأيام لا سيما في ما يتعلق بملفات المنطقة. انطلاقًا من هنا، تؤكد "اللجان الشعبية" عدم رغبتها بالتفريط بأي إنجازٍ عسكري مقابل السماح للسعودية بأخذ مكتسبات سياسية عجزت عن تحصيلها في الميدان، وإظهار الصورة بوضوح ان السعودية دولة معتدية لا حقوق لها داخل السيادة اليمنية. وفي هذا السياق، أكد قائد حركة "أنصار الله" اليمنية السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي على أن "النظام السعودي لم يراع حق الجوار فكان الجار المعتدي على جاره بغير حق"، متهماً "تحالف العدوان على اليمن باللجوء إلى القتل الجماعي للمدنيين وتدمير البنى التحتية وفرض حصار على البلد تحت غطاء من مجلس الأمن والمنظمات الدولية والإقليمية ودعم إعلامي واسع لتغطية جرائمه". الى ذلك، يواكب السيد الحوثي تغيّر النظرة الدولية للعدوان السعودي على اليمن، واعتبار ما يحصل ليس إلا محاولة لإنقاذ السعودية بعيدًا عن اي مشاعر متضامنة مع اهل اليمن، كون تلك الدول كانت الداعم الأساسي وصاحبة القرار الأول في الحرب السعودية، وتأكيدًا لذلك اتهم السيد الحوثي خلال كلمة متلفزة له ما اعتبره "أكابر مجرمي العالم بهندسة العدوان على اليمن ليكون بقيادة ومشاركة أميركية"، مشيراً إلى أن "أميركا تقف على رأس العدوان ويقف خلفه "إسرائيل" ويعتمد في تمويله والحشد في المنطقة على النظام السعودي". وفي معرض حديثه عن الحوار المُقبل، أوضح السيد الحوثي أن "ما جرى على الحدود مع السعودية هو تهدئة انسانية وتبادل للجثامين كمقدمة للحوار"، معرباً عن "أمله في أن تنجح المساعي لوقف العدوان فذلك من مصلحة الجميع واذا فشل ذلك فنحن اهل التضحية ويجب ان نكون على مستوى كبير من اليقظة"، لافتاً الى ان "سَعينا في العمل لوقف العدوان على شعبنا كما هو الميدان بالتصدي للغزاة هو أيضاً قائم بالسياسة". من جهةٍ أخرى، تتفاعل المشاورات الدولية مؤخرًا لإيجاد جدول زمني تُفرض فيه الهدنة العسكرية، إفساحًا في المجال للمفاوضات بين الأطراف اليمنية، وكان مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قد أعلن أنه أجرى محادثات نشطة مع الرئيس اليمني المنتهية ولايته٬ عبد ربه منصور هادي٬ ووفد من حركة «أنصار الله» في صنعاء. وأضاف ولد الشيخ خلال مؤتمر صحافي في مبنى الأممالمتحدة بنيويورك، أن "الأطراف المختلفة في اليمن وافقت على وقف الأعمال القتالية بدءًا من منتصف ليلة 10 نيسان المقبل، على أن تبدأ المفاوضات الثالثة بالكويت في 18 نيسان"، مشيرًا الى انه "هذه بالفعل هي فرصتنا الأخيرة، الحرب في اليمن يجب أن تتوقف". الهمّة الواضحة التي يبديها المبعوث الدولي لإنجاح المفاوضات، تبدو انها محاولة لإشراك السعودية بها، وسحب الذرائع منها عبر المفاوضات، وهو طلب دولي هدفه إخراج السعودية من هذا المأزق بشكلٍ سياسي عبر المفاوضات وبحجج الإجماع الدولي، الى ما هنالك من الدبلوماسية الدولية، حيث قال ولد الشيخ إن السعودية "ملتزمة تمامًا بضمان انعقاد المباحثات المقبلة، وتساندنا بشكل خاص فيما يتعلق بوقف الأعمال القتالية". في غضون ذلك، أكد ولد الشيخ أنه "من المفترض أن تناقش هذه المفاوضات 5 أهداف رئيسية، تتضمن خطط الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة الثقيلة للدول، واستئناف الترتيبات الأمنية في البلاد، واستعادة الدولة، واستئناف الحوار السياسي في صنعاء، وإنشاء لجنة للسجناء بين الطرفين٬ تضمن تبادل كشوف بأسماء وصور الموقوفين". وأوضح ولد الشيخ آلية الاتفاق المستقبلية حول النقاط الخمس بالقول "طلبت من الأطراف تقديم أوراق حول هذه المحاور في الثالث من نيسان المقبل". وفي سياق تبدّل الرأي الدولي من الحرب السعودية على اليمن، اعلن المفوض الأعلى في الأممالمتحدة لشؤون حقوق الإنسان زيد بن رعد بن الحسين أن "طاقم حقوق الانسان الذي زار سوق الخميس، حيث وقعت المجزرة مؤخرًا، لم يعثر على دليل بحصول مواجهات مسلحة او وجود هدف عسكري مهم في القطاع وقت القصف الجوي، باستثناء وجود نقطة تفتيش على بعد 250 مترًا من السوق". واعتبر المفوض الأعلى أن ""التحالف العربي" بقيادة السعودية قام بقصف اسواق، ومستشفيات، وعيادات، ومدارس، ومصانع، وقاعات استقبال لحفلات الزفاف، ومئات المساكن الخاصة في قرى ومدن بما فيها العاصمة صنعاء، وقال إنه رغم التحذيرات الدولية الا ان هذه الأعمال تتواصل في وتيرة متصاعدة وغير مقبولة". *المصدر: "بيروت برس"