شكلت سلسلة الكتابات التي كتبها الأستاذ / عبد الجبار سعد والخاصة بحكاية القصة التي فجرتها (هيئة مكافحة الفساد) من خلال أقدامها علي إثارة قصة (المازوت) الذي تورده الشركة الوطنية للنفط وهي شركة خاصة تابعة لرجل الأعمال / توفيق عبد الرحيم مطهر وقد حاولت هيئة الفساد تصوير رجل الأعمال برأس الغول فيما أقدمت علي استدعاء عدد من موظفي ومسئولي مؤسسة الكهرباء للتحقيق بتهمة التواطؤ مع رجل الأعمال المذكور. والحكاية بمجملها قامت على أساس الوشاية من قبل بعض موظفي الكهرباء الذين فقدوا بصورة أو بأخرى مصالحهم ومنافعهم مع مدير المؤسسة السابق الأستاذ / محمد عبد المعطي الجنيد وقد حاولت هيئة مكافحة الفساد أن تجعل من الحكاية حديث الموسم ومحل تداول الرأي العام الداخلي والخارجي وتصوير الحكاية باعتبارها انتصارا ساحقا وماحقا لهيئة مكافحة الفساد ولقادتها الذين لم يجدوا ما يمكن أن يلفت الأنظار إليهم غير الزج برجل الأعمال وبعض مسئولي وموظفي المؤسسة العامة للكهرباء في حكاية (المازوت) وقد أقدمت الهيئة علي ابتكار الحكاية لمجرد تلقيها بلاغا غير موثق ولا مسنود بالأدلة الكافية التي تمكنها من فتح ملف (القضية) وإثارتها بطريقة قانونية مسئولة , وهذا الخطأ الذي وقعت به (الهيئة) لا يمكن النظر إليه باعتباره خطأً فنياً أو تقنياً ولكنه خطاء يدخل في سياق الاستهداف الممنهج لبعض رموز الاقتصاد الوطني من رجال المال والأعمال. والمؤسف أن هذا الاستهداف يأتي لصالح شخصيات اقتصادية أخرى استطاعوا بحكم العلاقة والنفوذ من الخوض في المجال الاقتصادي الوطني من خلال تجريد الأخريين من مهامهم وإخراجهم من مربع نشاطهم، وكم من الرموز الاقتصادية الوطنية تلاشت واختفى نشاطها لصالح بروز رموز أخرى (طفيلية ) دخلت عالم التجارة والمال والاقتصاد من نافذة الوجاهة السلطوية والقبلية والنفوذ واستغلال الوظيفة العامة، بل ومن خلال تسخير المؤسسات السيادية والهيئات الوطنية لخدمتها عبر نافذة العلاقة المشبوهة وهذا ما يمكن تفسيره في مواقف الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي خسرت أول (قضية بحكم قضائي بات) ومن رفع القضية ضد الهيئة وكسبها هو ذات التاجر المستهدف من قبلها على خلفية حكاية (المازوت) .. الأستاذ/ عبد الجبار سعد ومن خلال الحلقات الأربع التي تناول فيها القضية كشف الكثير مما كان مستورا في أداء (الهيئة ) التي وبدلا من أن تكافح الفساد باعتبار الفساد هو القضية والهدف الذي من أجله وفي سبيله تم إنشاء هذه (الهيئة).. لكنه للأسف يبدو واضحا أن الهيئة لم تشكل عاملا فاعلا لمواجهة الفساد ومكافحته بل شكلت من وجة نظري بوجودها عاملا مساعدا لطابور الفاسد والمفسدين وأصبحت الهيئة بمواقفها ملاذاً الفاسدين وعنواناً للفساد ذاته إذا ما أدركنا أهمية (الحكم القضائي) الذي أدان الهيئة وحملها ما لا يجب أن تتحمل لأن الغاية من إنشاء الهيئة هو مكافحة الفساد وهذا يعني أن كل ما يصدر عن الهيئة وما يقوله قادتها يجب أن يكون مسئولا ومنصفا وعادلا وبمثابة حكم قضائي بات وإلا فما الجدوى من وجود الهيئة. ان ما سطره الأستاذ / عبد الجبار سعد في هذه القضية يجب أن يكون بمثابة بلاغات (للنائب العام) الذي عليه أن يتحرك لمواجهة ما طرا من اختلال في أداء الهيئة ومواقفها فما قاله ( بن سعد) لا يندرج في سياق التنابز الإعلامي والمكايدة الحزبية والسياسية ولكن ما قاله (بن سعد) يجب أن يشكل محطة تأمل لكل أصحاب الشأن وصناع القرار الوطني الذين عليهم أن يتأملوا فيما سطره الأستاذ / عبد الجبار سعد باعتبار ما قاله (بن سعد) يمثل في كل حروفه (فتوى شرعية وقانونية ) وموقف مسئول مدعم بكل ما تستدعيه القضية من إثباتات وشواهد وأدلة وبراهين وجميع هذه المعطيات وجدت في سياق الحلقات التي دونها الأستاذ عبد الجبار وكشف فيها ومن خلالها كل مستور كانت هيئة مكافحة الفساد تتدثر خلفه لتقع في شر التهور حين سارعت إلي تحويل (الوشاية) إلي قضية ومن ثم الذهاب إلى افتعال الحكاية ومحاولة توظيفها لكسب أطراف داخلية وخارجية وتسخيرها للحصول على مكانة اعتبارية لهيئة فقدت الكثير من اعتبارها خلال سنوات نشاطها وهو النشاط الذي أكد لكل ذو بصر وبصيرة أن اللجنة أو الهيئة لم تأت بجديد ولا تختلف في مراسمها ونشاطها عن أي مرفق سيادي في البلاد وكما هي المرافق السيادية مسكونة بكل أشكال الفساد وثقافة الإفساد فإن (هيئة مكافحة الفساد ) هي الأخرى غارقة في هذا الداء، وهذا ما ذهبت إليه وأكدته كتابات الأستاذ / عبد الجبار سعد التي اتسمت بالموضوعية والشجاعة والصراحة والمسئولية الكاملة ناهيكم عن الأدلة والمعطيات والبراهين والقرائن وكل ما سرده الأستاذ من شواهد جميعها تثبت تورط الهيئة فيما يجب أن لا تتورط فيه كاشفا بكل جلاء ومصداقية عن انحراف (الهيئة) عن رسالتها وعن الدور المفترض بها أن تمارسه وتقوم به وهذا يدل دلالة قطعية علي أن (هيئة مكافحة الفساد) هي الأخرى تعاني من ( الفساد) وتحتاج لمن يعيد لها دورها ورسالتها واعتبارها .. [email protected]