حوار/ عبدالناضر المملوح - تصوير/ نوح الرياشي انفصال شطري الوطن قبل العام 90، بل وأثناء الاستعمار البريطاني والعهد الإمامي لم يكن اجتماعيا ولا شعبيا.. كما ولم يكن هناك انفصال نفسي ولا شعوري ولا حتى مناطقي.. وبالتالي لا خوف على الوحدة.. شدد على ذلك الشيخ عبد ربه الردماني من الحد يافع أحد مناضلي سبتمبر وأكتوبر، وذهب إلى ماهو أبعد. وذلك من خلال إجاباته على تساؤلات في الماضي والحاضر.. ولماذا صمت البيض كل هذه السنوات ولماذا عاد.. وماذا يحدث في يافع والضالع.. وتساؤلات أخرى طرحناها عليه في هذا الحوار. ** في البداية.. من هو الشيخ عبد ربه الردماني؟ - أولاً أنا لست ممن يحبون الحديث عن أنفسهم ولكن سؤالك يا ابني يجبرني أن أعرف بنفسي.. أنا عبد ربه صالح الخضر الردماني محافظة لحج مديرية الحد قرية الردامة أحد مناضلي ثورة السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر.. وهي مناسبة أجدها لا ترحم من خلال صحيفة "الجمهور" على كل الشهداء الذين ضحوا وقدموا أرواحهم وسقوا شجرة الحرية بدمائهم الطاهرة الزكية، في كل مواقع الشرف.. شهداء سبتمبر وأكتوبر، وشهداء الدفاع عن الوحدة الذين قدموا أرواحهم من أجل عزة اليمن وكرامتها. ** تتحدث عن شهداء ثورة سبتمبر وأكتوبر.. وكأنك تعني واحدية الثورة؟ - نعم.. كان هناك في شمال الوطن نظام حكم إمامي كهنوتي بغيض فيما كان الشطر الجنوبي من الوطن يرزح تحت سلطة الاحتلال البريطاني.. وفي المقابل كان النضال يستهدف النظامين الإمامي والاستعماري في شمال الوطن وجنوبه.. والذي ينكر واحدية الثورة اعتقد أنه لم يكن له شرف المشاركة في النضال.. ** البعض يشير وهو يتحدث عن ثنائية الثورة.....؟ - "مقاطعاً" ما "فيش" الكل الشرفاء والمخلصون من أبناء المحافظات الجنوبية ومن أبناء المحافظات الشمالية والشرقية والغربية.. الكل ناضلوا ضد النظام الإمامي الكهنوتي في الشطر الشمالي والاستعمار البريطاني في جنوب الوطن. وأنا أشدد على ضرورة وأهمية التذكير من قبل السلطة بشهداء الثورة في كل مناسبة وأن يقدم لأهاليهم.. لأبنائهم وبناتهم الدعم والرعاية.. والاعتزاز والافتخار. شاركنا بقيادة الحميقاني ** ماذا عن مشاركتك في النضال.. وتحت أي تنظيم سياسي شاركت؟ - في البداية شاركنا في المقاومة الشعبية بقيادة سالم عبدالقوي الحميقاني، والشيخ عبدالله سالم الحميقاني والشيخ عبدالقوي حسين الحميقاني. ** "مقاطعا" الحميقاني هو من أبناء المحافظات الشمالية، وأنت من أبناء المحافظات الجنوبية؟ - تحركنا من المحافظات الجنوبية إلى البيضاء واستقبلنا سالم عبدالقوي الحميقاني وتحركنا من الزاهر إلى صنعاء وجلسنا حوالي سبعة أيام في منطقة حزيز. ** كان هذا بعد ثورة السادس والعشرين من سبتمبر مباشرة؟ - نعم.. وجلسنا أيضا في العرضي "حقة" صنعاء في باب اليمن، ومن هناك تحركنا إلى الحديدة ومنها إلى عبس.. وبعد ذلك انتقلنا إلى جبل رازح. ** وفي رحلتكم هذه استشهد منكم الكثير؟ - نعم.. مجاميع لا تحضرني أسماؤهم الآن وأتذكر منهم عبدالله سالم السعدي، احمد صالح الخضر، كما تصوب الشيخ علي حسين عبدالله الداوودي وكثير من الجرحى والمصابين. أبناء المحافظات الجنوبية في حصار السبعين ** ماذا بعد مشاركتكم في جبل رازح؟ - عدنا إلى مناطقنا.. كل عاد إلى منطقته، ولكننا عدنا بعد ذلك للمشاركة مرة أخرى مع إخواننا وأهالينا في المحافظات الشمالية للدفاع عن الثورة أثناء حصار السبعين يوما.. وهذه المرة عدنا بقيادة الشيخ محمد عبدالقادر العبدلي، وجلسنا في ذمار وانتقلنا إلى منطقة معبر وكان معنا أن لم تخنى الذاكرة حسين الدفعي واللواء حسين شرف الكبسي واللواء محمد ناصر العنسي ومحمد بن عمر "من منطقة حصاحص" والشيخ محمد ناصر الردماني. وبعد أن جلسنا فترة في منطقة نقيل يسلح تحولنا (350 نفراً) إلى مغرب عنس لإخضاع بعض القبائل الملكية وجلسنا هناك أسبوعين.. وهذه ذكريات جميلة لا يمكن نسيانها.. هي ذكريات يعتز بها أي مناضل ومنهم قيادات بارزة لا زالت على قيد الحياة مثل اللواء الركن حمود بيدر والمناضل علي احمد السلامي أمين عام الجبهة القومية واللواء الركن علي الحيمي ومحمد النهمي واللواء الركن هاشم وآخرون لا تحضرني أسماؤهم. واحدية الثورة ** وماذا عن وحدة النضال ضد الاستعمار البريطاني في جنوب الوطن؟ - أيضا اتحد المناضلون من مختلف مناطق الوطن شماله وجنوبه وشرقه وغربه.. واصطفوا صفاً واحداً لدحر الاستعمار البريطاني.. البغيض في جنوب الوطن بمثل اصطفافهم في الدفاع عن الجمهورية ضد النظام الإمامي الكهنوتي في شمال الوطن. لقد شكلت ثورة ال26 سبتمبر الانطلاقة الأولى لإشعال ثورة الرابع عشر من أكتوبر 63م لدحر الاستعمار البريطاني.. وكان الشهيد البطل راجح بن غالب لبوزة هو من أطلق شرارتها.. وبالنسبة لي شخصياً كانت مشاركتنا بقيادة فضل محسن عبدالله وسالم عبدالله عبد ربه ومحمد ناصر جابر، ومحمد علي القيرحي، وصالح فاضل الصلاحي، وسالم جحاف وعدد من المناضلين لا تحضرني أسماؤهم. ** شاركتم بقيادة فضل محسن عبدالله باعتباره مسؤول الجبهة القومية في لحج؟ - كان مسؤول الجبهة الإصلاحية اليافعية. ** ماذا كان طبيعة عملها؟ - حل بعض المشاكل بين القبائل والتي وصلت في فترة من الفترات إلى الاقتتال من بيت إلى بيت. ** وهل كان لها دور.. هل توفقت هذه الجبهة؟ - نعم.. توفقت وحلت المشاكل وخرجت بإصلاح شامل كامل بين مختلف القبائل. المهم شاركنا في النضال ضد الاستعمار كغيرنا في مختلف الجبهات والمحاور.. ولا أنسى المبرزين ممن شاركنا تحت قيادتهم من المناضلين المخلصين من على قمم ردفان، منهم سعيد صالح سالم، قاسم الزومحي ومحمد جبر والمناضل الوطني الصادق صالح علي الغزالي .. وآخرون لا تحضرني أسماؤهم الآن.. والحمد لله تتوج النضال وبفضل تضحيات أبناء هذا الوطن المخلصين من مختلف مناطق الوطن شماله وجنوبه بدحر الاستعمار وتحقيق الاستقلال في ال30 من نوفمبر 67م. الوحدة.. أولويات ما بعد الاستقلال ** تحقق الاستقلال في 67م إلا أن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية تأخر حتى عام 90م؟ - تحقق الاستقلال، ومنذ اليوم الأول ظل أبناء الوطن الذين جسدوا الوحدة الوطنية في نضالهم ضد النظام الإمامي الكهنوتي والاستعمار البريطاني البغيض، يطالبون بالسير نحو إعادة تحقيق الوحدة اليمنية.. يا ولدي الشعب اليمني شعب واحد منذ الأزل وإلى الأبد إن شاء الله. ** أفهم من كلامك أنه لم يكن هناك حتى قبل الاستقلال شيء اسمه يمن جنوبي ويمن شمالي؟ - نعم.. ورغم أنه كان في شمال الوطن نظام حكم إمامي بغيض وفي الشطر الجنوبي استعمار بريطاني إلا أن أبناء هذا الوطن لم يكونوا يحسون بأية فوارق فيما بينهم.. لقد عاش الجميع متنقلين من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال. الوحدة كانت وستظل وحدة الشعب اليمني العظيم.. وحدة كل الشرفاء والمخلصين، وحدة الشهداء والمناضلين والجرحى. لقد انصهرنا معاً في بوتقة النضال الطويل جيلا أثر جيل بحكم إحساسنا بانتماء وطن واحد، فاليمنقطر واحد وليست قطرين وشعب واحد وليست شعبين. أثناء التشطير بل وأثناء الاستعمار والعهد الإمامي كان الانقسام والانفصال سياسياً ولم يكن اجتماعياً ولا شعبياً ولم يكن هناك انفصال نفسي ولا شعوري ولا حتى مناطقي. رافقت سالمين ** قبل الاستقلال حدث صراع بين أعضاء الجبهة القومية وجبهة التحرير؟ - "مقاطعا" حصل صراع دموي بين الطرفين وانتهى لصالح الجبهة القومية. ** طبعاً كنت أنت ضمن الجبهة القومية؟ - نعم.. وبعدها التنظيم السياسي ثم التنظيم السياسي الموحد وصولاً إلى الحزب الاشتراكي اليمني. ** ما أعرفه عنك أنك رافقت الرئيس الشهيد سالم ربيع علي؟ - طبعا.. كنت جندياً في الشرطة العسكرية للقوات المسلحة عام 72م.. واستمريت عامين فقط إلى عام 74، وكنت من أحد التشريفات لدار الرئاسة لمدة عامين ولا زال زملائي أحياء. ** كيف تنظر إلى ما حدث بين سالمين والجناح الآخر؟ - المسألة أنها حصلت خلافات بين سالم ربيع علي ومجموعة من القادة .. سالمين كان يرى بضرورة أن يكون هناك تنظيم ثوري، و "ذولاك" الآخرون كانوا يقولون أنه لا بد من حزب اشتراكي طليعي من طراز جديد. ** سالمين كان في طريقه إلى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية؟ - طبعاً.. وكل الشرفاء والمناضلين "ذي" سبقوا و"ذي" لحقوا في شمال الوطن وفي جنوبه، كانوا يتمنون أن يأتي اليوم الذي يرون فيه علم الوحدة قبل أن يموتوا. وما واحد إلا وناضل من أجل الوحدة.. آباؤنا وأجدادنا ونحن وكل الشرفاء وكل المناضلين.. والحمد لله تحققت الوحدة اليمنية بالحوار. الوحدة مطلب شعبي ** هناك الآن من يقول ان الوحدة تحققت بالقوة؟ - لا.. الوحدة تحققت بالسلام وبالحوار لكن حصلت بعض الشوائب، بعض الأخطاء من الجانبين أدت إلى حرب 94م، وهذه الحرب كانت أهلية في إطار الدولة اليمنية الواحدة، بدليل أن قرار الانفصال والإعلان عنه جاء متأخراً عن الحرب كثيراً، ولم يكن له تأثير على مسار المعركة بينما لو كان قرار الانفصال سابقاً للحرب لكان الأمر مختلفاً.. والأهم من هذا أنه كيف نستطيع القول بأن حرب 94م كانت بين شمال وجنوب.. مع أن قيادات وأعداداً كبيرة من محافظات الجنوب شاركت في الحرب مع السلطة.. ومن أسباب هزيمة الانفصاليين في تلك الحرب التفاف أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية للدفاع عن الوحدة.. فالوحدة ثابت وطني مقدس.. الوحدة شكلت المخرج لشمال الوطن وجنوبه من دوامة الصراعات الداخلية.. وقد تحققت لأنها مطلب شعبي "مش" مطلب أفراد بعينهم.. شعبنا اليمني العظيم منذ الأزل هو شعب واحد ولهذا ظلت مسألة إعادة تحقيق الوحدة اليمنية هدفاً ناضل من أجله الشرفاء المخلصون.. فلن يأتي اليوم من يقف ضد الوحدة بعد أن تحققت ولمس هذا الشعب خيرها.. لكن هناك بعض الاختلالات بحاجة إلى معالجتها وإصلاحها إصلاحاً سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً. أصوات تشطيرية ** لكن ظهرت في الآونة الأخيرة دعوات وفعاليات تشطيرية؟ - أنا قلت لك.. هناك اختلالات وهناك مطالب حقوقية، وأنا أقولها بصراحة إن على الحزب الحاكم أن يتنبه لحقوق الناس وإحقاق المواطنة المتساوية سواء في المؤسسات العسكرية أو المؤسسات الأمنية أو المدنية، هذا ما يحدث أما الوحدة ما أحد بايفرط بها ولا يمكن التفريط بها إطلاقاً. أحداث يناير ** قبل أن نتناول ما يسمى ب"الحراك" دعنا نتحدث عن أحداث يناير 86م.. أين كنت يومها؟ - في عدن. ** ممكن تصف لنا ما حدث.. من خلال ما شاهدته بنفسك؟ - أحداث يناير هي أكبر نكسة للحزب الاشتراكي اليمني، ولا أستطيع حقيقة أن أعبر لك عن حجم الصدمة التي شكلتها تلك الأحداث المأساوية في نفوس الناس.. لقد التهمت خيرة المناضلين والكوادر وراح فيها الآلاف من المواطنين الأبرياء. ** برأيك لو أن الرئيس علي عبدالله صالح أغلق حدود الشطر الشمالي حينها في وجه النازحين والفارين من أبناء المحافظات الجنوبية "جماعة علي ناصر محمد" التيار المهزوم في تلك الحرب.. ما الذي كان سيحصل؟ - لحدثت الكارثة.. كارثة أكبر مما قد حدث، يعني كنا سنتقاتل أبناء المحافظات الجنوبية بيننا البين حتى آخر قطرة دم. ويحسب للأخ علي عبدالله صالح ليس فتحه الباب أمام الفارين واستقبالهم، بل إنه – وأنا أذكر ذلك - وجه عدة نداءات بهدف إنهاء الاقتتال بين الأطراف المتحاربة.. ونداءات الأخ الرئيس موثقة ونشرت في مختلف وسائل الإعلام والصحف لوقف الاقتتال. ما يحدث في ردفان والضالع ** حالياً.. ما الذي يحدث في بعض المناطق في المحافظات الجنوبية والشرقية والتي تعالت فيها أصوات التشطير؟ - شوف لدينا مطالب حقوقية سياسية واقتصادية واجتماعية.. حقوق وتسوية المتقاعدين العسكريين والمدنيين، لدينا أيضا مطالب بخصوص معالجة ملف الأراضي.. وهذه المساكن "حقة" الناس. ** هذه مطالب حقوقية لكن أنا أسأل عن الأصوات الانفصالية..هل أنت معها؟ - لا.. نحن مع الوحدة اليمنية ناضلنا من أجلها وسنظل.. خلقنا أحراراً وسنظل أحراراً.. وسوف نعيش إلى الأبد في ظل الوحدة اليمنية أو نموت دونها.. سندافع عنها حتى آخر قطرة دم. ** تابعت حديث العطاس من خلال قناة "الجزيرة" القطرية.. أو تصريحه لقناة ال"بي. بي. سي" والذي طالب فيه بالانفصال وتحدث عما اسماه بالاحتلال.. ما رأيك؟ - يا ولدي.. قيادة الحزب الاشتراكي اليمني الحالية منفردة أو في إطار اللقاء المشترك هي التي يجب الأخذ بمواقفها، وهي التي يجب على السلطة والحزب الحاكم التحاور معها.. هناك قوانين أحزاب، هناك أسس. أنا مع أن تحل جميع مشاكلنا، جميع القضايا من الداخل.. عبر الداخل حفاظاً على الوحدة والشعب اليمني، واشدد ونحن نتحدث عن أحزاب المشترك على ضرورة ان ترسخ هذه الأحزاب ومختلف الأحزاب السياسية الفاعلة على ترسيخ وممارسة الديمقراطية في داخلها وان تلتزم بها في تعاملها مع الاخر وألا تحلم بالسلطة خارج صناديق الاقتراع فالديمقراطية هي سلوك اجتماعي وثقافي قبل ان تكون نظم وقوانين. ** لكنك لم تجبني عن سؤالي بخصوص حديث العطاس.. هل توافقه الرأي؟ - بالنسبة للوحدة لا.. لا أوافقه الرأي إطلاقاً.. الوحدة ستبقى وكل الاخطاء والاختلالات يجب التحاور بشأنها وتحت مظلة الوحدة اليمنية. لم أكن أتمنى عودة البيض ** أيضا علي سالم البيض.. بعد 15 عاماً التزم خلالها الصمت عاد إلى المسرح السياسي مطالباً بالانفصال ومؤكداً أنه سيعمل كل ما بوسعه من أجل الانفصال.. هل كنت تتمنى له العودة بهذا الشكل؟ - كنت اتمنى ان يدعو إلى الحوار ومعالجة أية اختلالات تحت مظلة الوحدة.. ** كان الافضل للبيض وفقا للمراقبين...؟ -«مقاطعاً».. احنا ما علينا ما هو الأفضل وماهو غير الأفضل!!.. أنا أتمنى - وهذا هو الأهم - أن يجنب الله سبحانه بلادنا اليمن الحبيب كل مكروه.. أن يجنبنا المصائب وأن يسود الحب وثقافة الوحدة الوطنية ربوع الوطن تماما كما كانت عليه أيام النضال ضد الإمامة في الشطر الشمالي والاستعمار البريطاني في الشطر الجنوبي.. وعلينا جميعاً أن ننبذ ثقافة الكراهية واحترام دستور دولة الوحدة والنظم والقوانين. ** هل كنت تحب عودة البيض إلى المسرح السياسي بهذا الشكل وبهذه النزعة الانفصالية؟ - لا . ** ما الذي دفع البيض إلى العودة والخروج عن صمته؟ - والله هي أمور تقدر تقول أن البيض اتخذها على ضوء ما يسمعه في الشارع. ** أفهم من كلامك نفس ما فهمته من كلام البيض.. إن ما شهدته بعض المناطق في المحافظات الجنوبية تحت ما يسمى ب"الحراك" شجعه للعودة والمطالبة مجدداً بالانفصال.. فهل كان موفقاً؟ - لا.. لم يكن موفقاً.. ** يعني المعلومات التي وصلت إليه من الداخل والتي بنى على ضوءها موقفه الأخير، هي معلومات مغلوطة؟ - بالنسبة للمعلومات التي قد تكون وصلته والتي ربما هيأت له أن الانفصال بات مطلباً شعبياً، هي معلومات مغلوطة، لاشك في ذلك.. لا أحد مع الانفصال، الوحدة يا ولدي كما قلت لك مكسب تاريخي ناضلنا من أجلها ولن نفرط فيها إطلاقا.. هناك مطالب حقوقية علينا أن نتحاور وعلى أي كان أن يطالب بحقوقه ولكن تحت سقف الوحدة.. تحت مظلة الوحدة.. ويجب أن يعلم الجميع أن الوحدة اليمنية التي ظلت هدف المناضلين في السابق والتي ننعم بها في الحاضر، ليست ملكنا فقط وإنما هي ملك الأجيال القادمة وعلينا وعلى كل مناضل شريف مخلص الحفاظ عليها حتى لا تعاني الأجيال القادمة مما عانيناه نحن في زمن التشطير سواءً في شمال الوطن أو في جنوبه. ليس "حراكاً" ** اسمح لي أسألك لماذا يافع بالذات هي التي تتعالى منها الأصوات التشطيرية.. فعلى سبيل المثال حسن باعوم يأتي من حضرموت إلى يافع ليقيم فيها فعالياته التشطيرية، لماذا لا يقيمها في حضرموت؟ - في يافع عدد من القيادات والكوادر العسكرية التي تمت إحالتها للتقاعد ولم يكن قد بلغوا سن التقاعد.. هذا الأمر هيأ لهم الأجواء أو خلق المناخ الملائم للانخراط في الحراك. ** وهل ما يحدث حراك.. هل تسميه أنت حراكاً؟ - لا . حرب 94 ** لنعد معك إلى حرب 94م.. أين كنت حينها؟ - كنت في منطقتي.. في الحد يافع. ** وماذا عن الحرب.. ودورك؟! - منطقتنا الحد لم تشهد الحرب، بل يافع كلها لم تحدث فيها الحرب. ** برأيك ما أسباب هزيمة الانفصاليين وبتلك السرعة؟ - لأن كل الناس كانوا مع الوحدة.. ما أحد كان من أبناء الشعب موافق على الانفصال.. فقط بعض القيادات في الحزب الاشتراكي وآخرون هم الذين أعلنوا الانفصال، وعلي سالم البيض أعلن الانفصال "وقده " حاطط رجل في عمان ورجل في حضرموت. ** لماذا لم يلتف أحد من أبناء الشعب مع الانفصاليين؟ - الوحدة منجز تاريخي.. يا ولدي أنا قلت لك الوحدة لن يفرط فيها أحد.. الوحدة هي المخرج لكل اليمنيين سواء في شمال الوطن أو في جنوبه.. الوحدة وضعت حداً للصراعات التي ظلت تعيق التنمية في هذا البلد.. الصراعات التي كانت تطحن المناضلين.. وما كان يمر عام أو عامين إلا والاغتيالات هنا وهناك تعمق الجراحات.. إلى أن جاءت الوحدة وجبت ما قبلها وشكلت المنطلق للتصالح والتسامح بين أبناء هذا الوطن في مختلف مناطقه. التصالح والتسامح ** بالنسبة للتصالح والتسامح؟ - "مقاطعا" الوحدة وضعت اللبنة الأولى وشكلت الانطلاقة للتصالح والتسامح وصفاء النفوس.. لكن ينبغي- وهذا ما أتمناه من القيادة السياسية بقيادة فخامة الأخ المشير علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية- تعزيز دور القضاء وأن يسود القانون والدستور على الجميع.. القوي والضعيف.. الغني والفقير، وأن نحترم ونقدر كل من يسعى لتجنيب اليمن من أية أخطاء ومن أية أخطار أو تدخلات.. نحن نحب الأمن والاستقرار.. وأحب أن أنوه إلى قضايا الثأر وأهمية معالجتها.. يا ولدي بعض هذه القضايا عمرها 17 عاماً وبعضها أكثر، وتشكلت لجان ولم يكن لها أي دور أو فائدة.. وعلى سبيل المثال قضية عندنا في يافع بين قبيلة الرداما وقبيلة أخرى.. وتشكلت لحلها 24 لجنة ولا فائدة وهكذا في مختلف المناطق وبين مختلف المناطق، قضايا لم تحرك أجهزة الدولة تجاهها أي ساكن.. لم تقم بضبطها واتخاذ الإجراءات وحلها قبل أن تستفحل. الوحدة ليست في خطر ** باختصار.. وأنت أحد مشائخ يافع.. هل هناك ما يشكل خطراً حقيقياً على الوحدة؟ - لا.. أنا لا أرى حقيقة ما يمكن أن يصل إلى درجة تجعلنا نقول أن الوحدة في خطر.. الوحدة ليست في خطر إذا ما عملت القيادة السياسية على معالجة الاختلالات وعملت إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية.. قبل أن تستفحل ثقافة الكراهية، الثقافة التي ننبذها ويجب أن ينبذها كل وطني شريف. الوحدة ليست في خطر إذا ما عملت القيادة السياسية على سد الثغرات التي قد ينفذ منها أعداء الوطن المتربصون بوحدته.. الوحدة ليست في خطر إذا ما وجدت الثقافة الوطنية.. والمناهج التي تغرس الولاء الوطني في نفوس النشء والشباب وتحصنهم من دعوات العنف وجماعات التطرف. الوحدة ليست في خطر لأن الشعب سيدافع عنها.. المهم إزالة الشوائب ورفع الظلم عمن لحق بهم الظلم.. وأن يسود القانون والدستور.. دستور وقوانين دولة الوحدة، وأن تطبق على الجميع دون تمييز. ** اسمح لي.. ظهر من بين أبناء يافع الذين يسجل لهم التاريخ الكثير في النضال ودحر الاستعمار البريطاني.. برز من بينهم مؤخرا من يقول لسنا يمنيين.. نحن جنوب عربي؟ - هذا كلام البعض، أو من قال به هو لغرض المطالبة والحصول على حقوقه التي افتقدها.. ** وهل توافقه الرأي.. في أن ينفي يمنيته تحت أي ظرف كان؟ - لا.. يجب أن تظل مطالبنا سواء في جنوب الوطن أو في شماله تحت سقف الوحدة.. وأؤكد ان بعض عناصر السلطة من أبناء المحافظات الجنوبية يمارسون تطفيش بعضهم البعض تحت مبرر كراهيات فيما بينهم بسبب الصراعات السابقة. "عدن للعدنيين" مقولة استعمارية ** أيضا.. برز من أوساط ما يسمى "الحراك" من يردد شعار أو أنه يتبنى شعار "عدن للعدنيين".. يأتي هذا بعد عقود من الاستقلال؟ - هذه المقولة كانت تتبناها جهات معينة قبل 67.. قبل الاستقلال وكانوا يقولونها حتى على أبناء المحافظات الجنوبية. ** هناك من يبرر تصرفاته التشطيرية ويقول: بأن أبناء المحافظات الجنوبية مقصيون من الحكم.. يقولون هذا وكأن نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء د. مجور ووزير الدفاع محمد ناصر احمد والوزراء والوكلاء والمحافظين لا يمثلون أبناء المحافظات الجنوبية.. هل لا بد أن يكون النائب علي سالم البيض والعطاس رئيسا للوزراء حتى نقول أن أبناء المحافظات الجنوبية غير مقصيين؟ - يا أخي هي حصلت أخطاء.. وحصلت انقلابات في الشطر الجنوبي من الوطن قبل الوحدة أفرزت تيارات، ولهذا وبدون مزيد من الشرح والتوضيح، أتمنى من كل أبناء المحافظات الجنوبية بل وكل أبناء الوطن ألا أحد ينتقم من الآخر.. أو يظل يعمل بعقلية التآمرات والانتقامات.. أتمنى أن يتنافس الكل.. أن تتنافس مختلف القوى السياسية.. والتيارات للوصول إلى السلطة ولكن تحت سقف مظلة الوحدة اليمنية. نحن الآن منذ اعادة تحقيق الوحدة نعيش التعددية السياسية التي تفرض علينا احترام الرأي والرأي الآخر وان يكون الحوار قاعدتنا الاساسية لحل كل المشاكل. ** برأيك أو من وجهة نظرك كمعايش للأحداث.. ما هي ابرز عوامل الصراعات التي حدثت في الشطر الجنوبي من الوطن قبل الوحدة والتي أشرت إليها في إجابتك؟ - خلافات كل طرف له رؤاه ومواقفه التي تصطدم مع توجهات الطرف الآخر.. ونتيجة انعدام الديمقراطية كان يحصل ما حصل.. كان يلجأ كل طرف إلى السلاح. ** وفي 13 يناير 86م وصلت الصراعات ذروتها.. وانتهى الحزب الاشتراكي اليمني الذي ظل يدعو إلى الأممية، انتهى به الحال في 13 يناير إلى قبائل ممزقة؟ - أنت الآن تكلمني عن الحزب الاشتراكي اليمني.. كلمني عن الأصل.. كلمني عن الاتحاد السوفيتي "المعسكر الاشتراكي" وكيف انتهى به الحال إلى قطع.. قطع.. وكل قطعة أعلنت لنفسها دولة؟!. ** أفهم من كلامك أن سقوط الاتحاد السوفيتي إلى جانب الأوضاع السيئة التي أفرزتها أحداث يناير 86م في الشطر الجنوبي، أسهمت في إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، باعتبار أن سقوط الاتحاد السوفيتي وتداعيات يناير أزالت أهم العوائق التي ظلت تقف حائلاً دون تحقق الوحدة؟ - أنا قلت لك.. هو كان عندنا في اليمن قبل الوحدة نظامان متعاكسان نظام يقول أنه رأسمالي في الشطر الشمالي ونظام في الشطر الجنوبي يقول أنه اشتراكي.. وعندما سقط الاتحاد السوفيتي "المعسكر الاشتراكي" وما أعقبه من تغيرات محلية وتغيرات في موازين القوى الاقليمية والدولية.. وجد اليمنيون أن ليس معهم إلا الوحدة.. وحدتهم، يعني ما كان أمامهم في الشطرين سوى العودة إلى الأصل.. إلى وحدتهم اليمنية. ** تقصد أن ما تم في 90 ليس تحقيق الوحدة.. وإنما إعادة تحقيقها.. باعتبار أن الشعب اليمني موحد منذ الأزل؟ - نعم.. الشعب اليمني موحد وهويته واحدة وهمه واحد منذ الأزل.. عندنا قومية واحدة، ولغة واحدة ودين واحد. ** كلمة أخيرة؟ - اشكركم جزيل الشكر.. واتمنى من كل الشرفاء والمناضلين من أحزاب وعلماء ومفكرين ومشائخ واعيان ومن كل شرائح الشعب اليمني ان يضعوا هذا البلد في حدقات أعينهم وان يرسخوا الروح الوطنية والولاء الوطني وأن يكون الولاء كل الولاء للوطن.
