الفضاء الإعلامي تحول إلى مضمار تنافسي عبر الشاشة الفضائية، حيث أخذت القنوات في التزايد لتغزو مجتمعاتنا بثقافات متعددة وكل قناة تعمل على الظهور والربح، فتحول الإعلام المرئي إلى إعلام تجاري وتحول المجتمع إلى زبائن لتلك القنوات خاصة وان الإعلام لم تعد تملكه السلطة السياسية وانما يملكه رجال المال لاستثمارة فيما يعود عليهم بالربح فكل قناة تحاول ان تكون أحسن من الأخرى ببرامجها المتنوعة كالمسابقات الثقافية والألعاب والتسلية، وهناك قنوات أخرى نزعت إلى الدجل والشعوذة والتنجيم ما ولد لدى المشاهد توتراً وصرنا محاصرين بخطاب اعلامي يحفزنا على الاكثار من الاستهلاك والاصغاء إلى صوت الرغبات ويقدم لنا مشاهد تفتقد الثقافة الحقيقية وتمتلئ بالثقافات السطحية، التي امتلكت عقول الشباب واستمالت قلوبهم وأصبح الكل يتسابق على ايقاع العصر الغنائي، وكل شاب وشابة يحلم بأن يصبح مغنياً ومطرباً، وفي المقابل حضرت الإمكانيات لتشكل رافداً مهماً في هذا الفضاء الغنائي من حيث التجهيزات الضخمة والفنية والإبداعية لاستديوهات هذه القنوات التي قدمت الكثير عن البرامج الفنية الطربية والسجالية الشعرية مثل "سوبر استار" و"نجم الاغنية الخليجية" وكثير من البرامج والمسابقات الثقافية في مجال الشعر ك"شاعر المليون" ومسابقات أخرى في مجال الحفظ والتلاوة التي تقدمها قناة "الشارقة"، وقد كان لهذه القنوات جمهور واسع من المشاهدين على مستوى الوطن العربي، وكان لليمن نصيب أوفر بعدد المبدعين والموهوبين الذين تقدموا إلى هذه القنوات، وحصدوا الكثير من المراكز والجوئز كمعاذ الجنيد في مجال الشعر ومحمد عبده حسن في مجال الحفظ والتلاوة من قناة دبي وفتحي الاضرعي ايضا في مجال الشعر وغيرهم من المبدعين، وكان اخر تتويج بنجم الخليج الفنان الموهوب والمبدع فؤاد عبدالواحد، الذي انتزع هذا اللقب وسوَّق الأغنية اليمنية التراثية وعمل على تطويرها بتلك التقنية المتطورة في الموسيقى الخليجية، وقد خدمته الإمكانيات التي تنفرد بها الاستديوهات الخليجية.. والسؤال هنا: لماذا لا تكتشف هذه الابداعات والمواهب داخل الوطن؟!.. ولماذا لا تجد من يتبناها ويرعاها مع ان هناك الكثير من المسابقات في القنوات اليمنية تقدم موهوبين ومبدعين في مجال الغناء والشعر والحفظ، ولكن هذه القنوات لا تحظى بهذا الدعم الجماهيري والامكانيات المتطورة التي تمتلكها القنوات الخليجية؟!!.. وإذا كان الجمهور هو من يصنع النجومية فإن الإمكانيات هي التي تظهرها وتخدمها.. ومن شاهد السهرة الفنية التي أحياها نجم الخليج فؤاد عبدالواحد في ملعب حقات فسيجدها سهرة باهتة لا ترضي الحضور ولا حتى الفنان نفسه فالذي حصل فضيحة في مستوى الاعداد والتجهيز للمنصة ورداءة الصوت، وانعدام الاضواء، وما زاد الطين بلة تلك الفرقة الموسيقية التي شاخت ولم تعد قادرة على تطوير نفسها بسبب انحصار أدائها في تلك الأدوات الموسيقية القديمة التي تعود إلى الخسمينات، ولو كانت فرقة التحكيم التي منحت فؤاد اليمن لقب نجم الخليج موجود في هذه السهرة الباهتة لتراجعت عن حكمها بسبب الأداء المخزي التي ظهرت به هذه الفرقة.. وأخشى على نجم الخليج ان يصل إلى اليوم الذي يغني فيه على "دقة التنك" وصوت المزمار. نصيحتي له ان يعمل أولاً على اعداد وتجهيز فرقة موسيقية متطورة تواكب التطور والايقاع الخليجي.