من ضمن النقاط –الأكاذيب - التي وردت على لسان الدعي علي سالم البيض في المقابلة التاريخية مع قناة ال "بي.بي.سي" اللندنية بتاريخ 17 اغسطس 2009م التي عرته على حقيقته كانسان مفلس وطنياً وفكريا، انه لم يكن ماركسياً على الاطلاق وانه يفتخر بعروبته التي رضعها من ثدي حركة القوميين العرب.. وهذا الكلام فيه اجحاف وتعسف للحقيقة التي هي منه براء. فحركة القوميين العرب التي نشأ فرعها في اليمن عام 1959م رفعت شعار "وحدة.. حرية.. ثأر" ورغم ضبابية شعاراتها إلا انها انضوت تحت مظلة الفكر القومي الناصري بسبب تعاطف الجماهير العربية مع الحركة الناصرية بقيادة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، مستغلة الغياب التنظيمي للناصرية من جهة والخلاف الناصري البعثي من جهة أخرى. وعلى أساس هذا الارتباط بالفكر القومي الناصري فقد جاء في نشرة "الثورة" التي كانت تصدر عن فرع حركة القوميين العرب في اليمن في العدد الصادر بتاريخ 1 يناير 1962م "انه تبذل مساعٍ لاقامة تشكيل يضم كل العناصر والهدف من هذا التشكيل العمل من أجل تحطيم الرجعية في الشمال وتحطيم الاستعمار في الجنوب، واشترطت توافر عوامل معينة لهذا التشكيل تضمن له الاستمرارية اهمها: أولاً: أن يضع مصلحة الشعب العربي في اليمن والأمة العربية فوق كل اعتبار حزبي أو مصلحي. ثانياً: ان يضم العناصر العربية العقائدية. ثالثاً: ان تستبعد منه العناصر السلبية والانتهازية والشيوعية. وحتى هذه العوامل التي اشترطتها الحركة اكتنفتها الانتهازية والوصولية ففي العام التالي 1963م انشئت الجبهة القومية التي خضعت العضوية فيها لمقاييس المفاضلة بين المنتمين للثورة وأولئك المنتمين للحركة. كما ان علاقات النظام في الجنوب بقيادة الجبهة القومية بالاشقاء العرب لم تكن طبيعية البتة بل كانت تعتمد على الاستعداء، وأما بالنسبة لاستبعاد الشيوعيين فقد كانت مجرد حركة بهلوانية لاستغفال الحركة الناصرية سرعان ما انكشفت عند وقوع هزيمة حزيران 1967م، عندما تخلت حركة القوميين العرب عن نهجها القومي واستغلالها للناصرية معلنة تبنيها لنظرية الاشتراكية العلمية على أساس المبادئ الماركسية اللينينية الشيوعية. ولتسليط مزيد من الضوء على هذه المسألة نستشهد بفقرة من احدى مداخلات المناضل الشهيد عبدالفتاح اسماعيل الذي قال: "لم يكن التثقيف الايديولوجي يستند إلى مصادر واصول هذه التجربة.. كانت هناك بعض القيادات قد أخذت بالتثقيف والاطلاع على بعض التجارب الاشتراكية، لقد كان الايمان بالاشتراكية العلمية حينها بالنسبة لنا انتصاراً في وجه الاتجاهات المعادية لها وكان عبارة عن مكسب سياسي للثورة، واثبات انه ليس هناك من اشتراكية عربية أو اسلامية أو افريقية سوى الاشتراكية العلمية". وبعد ان توضحت هوية النظام الذي كان قائماً في الجنوب والبيض أحد أقطابه، وهي الهوية الماركسية اللينينية الشيوعية التي مثلت ايديولوجية الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم آنذاك.. كيف يتنكر البيض اليوم لهذا الانتماء وهذه الهوية، وهو يدرك أكثر من غيره ان من الاستحالة لأي شخص التسلق إلى أعلى المراتب الحزبية والحكومية في ذلك النظام من دون أن يكون ملتزماً بتلك النظرية؟!. أم انه يريد اشعارنا أنه كان مندساً على الرفاق لجهات خارجية أخرى؟!.