الخطاب التهويلي عن خطر ما يسمى بالحوثية والشيعية على اليمن، والذي تقوده قنوات فضائية سعودية، وأحزاب وصحف ومواقع يمنية، بينها تلك التابعة للاصلاح، سيؤدي بالاضافة الى الحروب والفتن وتدمير الدولة اليمنية إلى أمرين اثنين، أحدهما أخطر من الآخر بالنسبة للاصلاح على وجه التحديد. الأول: توسع جماعة الحوثي وجعلهم أكثر تطرفا ولن تحد من توسعهم وتطرفهم إقامة الحروب ضدهم، بل إن ذلك سيقويهم وسيوسع نفوذهم.. وتذكروا دائما أن الحوثي نشأ بالحرب وتوسع بها – أيضاً- ولا يمكن ان تتوسع الجماعات السلفية والوهابية في مناطق الحوثي لأسباب تاريخية واجتماعية ومذهبية. الثاني: تغَّول السلفيين والجماعات المتطرفة ومنها "القاعدة" على حساب التجمع اليمني للاصلاح والأحزاب الدينية الأكثر اعتدالاً، ولكن في المناطق والمحافظات التي ليس فيها قواعد شعبية للحوثيين، لأن التوتر المذهبي والطائفي ينمِّي التطرف وليس الاعتدال، ويصبح الاعتدال أو العمل السياسي بحد ذاته خيانة. في العراق وأثناء الشحن الطائفي ضاعت جماعة الاخوان المسلمين وكانت أقل الأطراف حضوراً وتأثيراً في الأحداث.. وفي الجزائر أثناء نمو جبهة الانقاذ ضاعت حركة مجتمع السلم "حماس" ولم تحصل إلا على مقعد واحد في أول انتخابات بعد الشاذلي.. وهكذا في باكستان وافغانستان فقد نمت طالبان والقاعدة على حساب بقية الأطراف السنية، بينما بقيت الطوائف في الضفة المقابلة بدون اختراق أو انكماش. وخلاصة القول إن تحريضات الإصلاح وتهويلاته عن الخطر الحوثي أو الشيعي على اليمن دون أية حيثيات منطقية في الواقع سيحوِّل جزءاً كبيراً من السلفيين إلى حركات جهادية وقاعدية وعلى حسابه هو، وكأنه بهذا يستدعي القاعدة لاخراجه هو كحزب سياسي وليس لإخراج الحوثي. تأمل! حركة الحوثي ليست تنظيماً إرهابياً ولا جماعة سرية معزولة عن المجتمع، بل هي تعبير عن حالة اجتماعية واسعة، والمطلوب دمجها وتسييسها وحل إشكال سلاحها ضمن حل مشكلة صعدة واليمن عموماً، لا مقارنتها بالقاعدة أو عزلها وشن حرب جديدة ضدها كما يخطط خطاب التحريض السياسي والإعلامي اليوم، فهذا يعني الحرب على قاعدتها الاجتماعية وتكتيل هذه القاعدة إلى جانبها، وذلك ما عملته كل الحروب السابقة.