اعتبر مؤسس وقائد الجيش السوري الحر العقيد "رياض الأسعد" أن الاتفاق الأخير في مدينة حمص " وسط فيه ربح وخسارة للمعارضة، وأن المعركة لم تنته في المدينة، بل يمكن إعادة الكرة مرة أخرى لاستعادتها "، محملاً المسؤولية على من قال بأنهم " أمراء وأوصياء على الثورة، ويملكون المال والسلاح والإغاثة ". وفي حوار أجراه الأسعد مع مراسل الأناضول في إسطنبول، قال إن "الجميع يعرف ماذا قدم أهل حمص، وكيف صمدوا وقاوموا الضغوط الداخلية والخارجية من النظام، ومن هو محسوب على الثورة"، لافتاً إلى أن "لكل إنسان طاقة تحمل معينة والمقاتلين كذلك، فمن حقهم أن يخرجوا بشكل مشرف بعد أن توقف دخول الغذاء مؤخراً بشكل كامل عنهم". ولفت إلى أن "المعركة لم تنته في حمص بعد، لأنها ثورة وليست حرب حقيقية، والحرب كر وفر، ويمكن إعادة الكرة مرة أخرى لاستعادة المدينة"، مشيراً إلى أن "هناك تجييش كبير وتعاضد مع خروج المقاتلين". وقال محافظ حمص "طلال برازي" اليوم الخميس: " إن نحو ألف مقاتل من المعارضة غادروا أحياء حمص، التي تحاصرها قوات النظام منذ حوالي 22 شهراً، أي بنسبة تزيد على 80% من العدد الإجمالي المتوقع للقوات "، بحسب وكالة أنباء النظام الرسمية، وذلك تنفيذاً لاتفاق يقضي إضافة لخروج المقاتلين؛ بالإفراج عن عسكريين موالين للنظام وإيرانيين وروسي وإدخال مساعدات لمناطق موالية للنظام محاصرة بريف حلب. من ناحية أخرى، حمّل الأسعد مسؤولية مآل الأوضاع في حمص "لمن يملكون المال والسلاح والاغاثة، فقبل حمص كانت (القصير) وبعدها (يبرود وتلكلخ والزارة) وغيرها"، واصفاً إياهم بأنهم "من نصبوا أنفسهم أمراء على هذه الثورة، ويمنعون الجميع من العمل، بل يعتبرون أنفسهم أوصياء، ويتحملون دماء السوريين حالياً ومستقبلاً"، على حد تعبيره. وأضاف الأسعد أن "الحدث اليوم هو حمص، والناس متذمرة بشكل كبير وفي مرحلة هيجان على من يعتبرون أنفسهم أولياء الثورة ويشرفون عليها، بل حتى وارثوها ويتحكمون بمقدراتها، وهناك تفكير بإسقاط الائتلاف الذي لم يقدم سوى الإساءة للثورة، صحيح أن هناك دول تعترف به والداخل السوري المعارض اعترف به مؤقتاً أيضاً، إلا أنه لم يحقق طموح الشعب والثائرين". ومضى أيضاً بالقول "المسؤوليات كثيرة وأعضاء الائتلاف يتقاتلون على مناصب، إنها ثورة شعب، ومن خرج ضد النظام وترسانته، قادر على منع أي شخص من الجلوس على الكرسي في المستقبل"، مشدداً على أن "الشعب السوري بات يعرف الهدف، ويعرف الأشخاص المناسبين في حكم البلاد، وهؤلاء المتنافسين لن يكون لهم مكان في سوريا"، على حد وصفه. وفيما يتعلق باختراقات النظام لتشكيلات المعارضة، شرح الأسعد الأمر قائلاً "كان الجيش الحر هو الجناح العسكري الوحيد للثورة، الذي انطلق وحقق انتصارات، وهتف السوريون باسمه، وكان يمضي بشكل جيد، إلا أن خرج بعض الضباط الذين حذرنا منهم، وحذرنا بعض التشكيلات التي لا تعمل تحت إشراف الجيش الحر أيضا". وأردف متابعا "بدأت الاختراقات لأنه هناك داعمين، وأصبحت الثورة أجندات خارجية، فاستطاع النظام أن يدس بها، فاصبحت مرحلة مال وسلاح دون تدقيق على المجموعات والضباط، فمن لا تقبله سينتمي إلى غير مجموعة، ورغم ذلك حاولنا معهم في البداية، وكان يعلمون بتصرفات البعض المشتبه بها ولكنهم اصروا عليهم، وحتى القيادات التي شكلوها 90% منها مخترقة من قبل النظام". ولفت إلى أن "الشعب السوري لن يسكت عن هذه الأمور، ويجب على المحاكم أن تحاكم هؤلاء، مشدداً على أنه ليس لأحد أن يتوقع قيام أي طرف بأن يحميهم، بل لتحميهم الجهات الداعمة لهم، وسيحاسبون على كل تجاوزاتهم واساءاتهم". وفي نفس السياق، رفض الأسعد اعتبار المرحلة بأنها سوداوية، "بل أكثر إشراقاً، ومنذ أكثر من عدة أشهر المعنويات عالية"، معتبراً أن "الصورة سوداوية لمن ينصبون أنفسهم قادة للثورة"، مستدركا أنه "طالما بدأ الناس والشباب ينتقدون علنا الأخطاء، وعدم السكوت عن القادة فإنها مرحلة ذهبية، حيث يبحث الشباب والقادة في الوقت الحالي عن الجهات الصحيحة، وهذه هي الخطوة التي تعيد الهيكلة بالشكل الصحيح". أما فيما يتعلق بآخر أخبار الجيش الحر، قال الأسد أن الحر هو "جيش الثورة السورية، وتأسس منذ البداية لاعطاء شرعية للثورة، لمعرفتهم بأن النظام لا يزال الا بالقوة، وحاول كثيرون ضرب ونزع هذه الشرعية عبر تشكيلات عديدة أوجدتها بعض الأطراف الدولية والداخلية لضرب هذه الشرعية، لتتخبط وتظهر بعدها مجموعات على الساحة لها مسميات محددة". واشار إلى وجود مساع "من أجل توحيد الصفوف مجدداً، واعادة مسار الثورة إلى طريقها الصحيح، من خلال إعادة ترتيب أوراق الجيش الحر، وإزالة كل (الأخطاء) العالقة فيه، كما تم تأسيس بعض الكتل والألوية، وفي القريب العاجل ستطلق مبادرة لتوحيد كافة الفصائل بشكل حقيقي، لمن ليس عليهم شبهة من سرقات تسيء للثورة السورية". وكشف أن هذه الخطة هي "إعادة ترتيب وفرز الأمور على الأرض، لأن الجيش الحر اليوم بحاجة إلى الأشخاص الذين يريدون وحدة سوريا، لأن مقاتلي الحر خرجوا للحفاظ على المؤسسات وحقوق الناس، ومن خرج عن هذا الإطار ليس منهم، كما أن هناك كثير من يتمسح باسم الجيش الحر، ويسيء للثورة باسمه، وهو يتبع لدول معينة"، على حد وصفه. ومنذ مارس/آذار 2011، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من 40 عاماً من حكم عائلة الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة. غير أن النظام السوري اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات التي اندلعت في منتصف مارس/آذار في سياق ثورات الربيع العربي؛ ما دفع سوريا إلى معارك دموية؛ حصدت أرواح أكثر من 150 ألف شخص، بحسب إحصائية خاصة بالمرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من لندن مقراً له.