كتب رئيس تحرير جريدة «السياسة» الكويتية أحمد الجار الله مقالاً افتتاحيا تحت عنوان: «عندما احتال النسر على الثعلب في اليمن»، متمنيا من الرئيس السابق علي عبدالله صالح قراءة مقاله جيدا. وروى أحمد الجار الله هذه القصة على أمل أن يطالعها جيدا الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح, بل وأهداها إليه, لكي ينتفع بها في ليل اليمن الحالك، حسب وصفه. وتوضح القصة كيف تحالف صالح مع الحوثي طامعا في الوصول إلى السلطة على حساب ضياع اليمن. ويبدو أن الرئيس صالح اطلع على المقال جيدا، ما دفعه للرد وإرسال ملاحظات عبر صفحته على موقع فيسبوك إلى رئيس تحرير الصحيفة الكويتية. القصة التي أغضبت صالح يقول فيها الجار الله: «التقى يوما نسر وثعلب, كان كل منهما خائفا من الآخر مترقبا حذرا, سيما وأن تاريخا من العداوة والقتال بينهما يجعلهما لا يأمنان جانب بعضهما بعضا، كان النسر يدرك جيدا أنه لن يستطيع التغلب على الثعلب إلا بالحيلة, فراح يتحدث عن جمال منظر الغابة من أعلى, وكيف يشاهد ما لا يمكن للثعلب مشاهدته, فيما كان الاخير يستمع بدهشة إلى ما يسرده الطائر الذي حين تيقن ان خصمه قد سقط في براثن غواية الطيران, سأله: هل شاهدت الدنيا من أعلى يوما؟ فقال الثعلب :قضيت عمري كله على الارض, لم أطر مثلك لأن لا جناحين عندي. في جواب الثعلب وجد النسر ضالته فقال له: أرغب ان أنهي ما بيننا من عداوة, ونبدأ عهد صداقة, وهديتي اليك هي ان أجعلك تشاهد الغابة, بل الدنيا من الجو, وأدعوك أن تمتطي ظهري لنطير معا. لم يتردد الثعلب, وفي الجو كان النسر يكثر من التودد إلى خصمه, إلى أن طلب إليه أن يسترخي. امتثل الثعلب, وتراجع إلى أن وصل إلى ذيل النسر حيث بات في موقع ضعف, فانزلق من على ظهره وهوى أرضا, عندها اعتقد النسر أنه تغلب على الثعلب, وبات وجبة سهلة له». وأضاف رئيس تحرير الصحيفة: «لن نغالي إذا قلنا أن هذه القصة تتطابق تماما مع وضع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح في تحالفه مع عبدالملك الحوثي الذي مثل دور النسر, واستطاع خداع ثعلب السياسة اليمنية في لحظة تخليه عن حذره التاريخي, خصوصا بعدما أوهمه الحوثي بأن ما أخذته منه المبادرة الخليجية سيعيده اليه عبر المساهمة في تقويض حكم الرئيس عبدربه منصور هادي, غير ان أحداث الاسابيع الماضية أثبتت ان صالح جعل نفسه ضحية سهلة للانقلابيين, ورغم هذا نتمنى ان لا يكون سقوطه نهايته السياسية». وتابع: «كان على الرئيس صالح المشهود له إنقاذه اليمن من براثن التمزق وتوحيده, وسعيه أثناء حكمه الى اجتثاث عصابة الحوثي في سبع جولات من الحرب في صعدة, ومحاصرتها في ذاك الحيز الجغرافي, ألا يتخلى عن حذره, ولا تغريه الوعود بالعودة الى الحكم على ظهر الحوثيين». ومضى قائلاً: «كان عليه أيضا التذكر جيدا ان اليمن استطاع التغلب على أزمات عديدة حين كان شر تلك الجماعة محصورا في صعدة, وألا يترك حزبه (المؤتمر الشعبي) ليصبح مطيتهم للتوسع والهيمنة على قرار اليمن, فهو بذلك كان وفر على بلاده جولة من العنف التي يمكن أن تنتهي الى حرب أهلية لا يعرف الا الله وحده كيف ستنتهي, خصوصا ان الحوثيين أمعنوا في ارتكاب أبشع الجرائم ضد شعب معروف عنه شدته في مواجهة كل من يسعى الى إخضاعه بالقوة, ولهذا رأينا غالبية اليمنيين لا تصدق للحظة ترهات عبدالملك الحوثي عن الفراغ في السلطة والفساد والاصلاح». وتمنى الجار الله في ختام مقاله من الرئيس السابق علي عبدالله صالح أن يتمعن طويلا في معاني هذه القصة, ويعيد حساباته, اذا كانت لا تزال هناك حسابات تحتمل إعادة نظر. رد «صالح» لم يتأخر بدوره رد الرئيس السابق على الكاتب الكويتي عبر صفحته الشخصية بمنشور عنونه ب «ملاحظات إلى الصديق رئيس السياسة»، وقال فيه: «عهدي بالكاتب الصحفي الصديق العزيز الأستاذ أحمد الجار الله، رئيس تحرير «السياسة» الكويتية، فطناً حصيفاً، لا يشتغل على السطح، ولا يهمل تعمُّق المعرفة للإلمام بحقيقة ما يطرق ويطرح». واستغرب صالح أنه لم يظن، أبداً، أن مثل الجار الله، وهو من يعتبره واحداً من أفقه أهل الكتابة وأثقف المحللين العرب، يمكن أن يحتاج إلى التذكير؛ بأن صالح هو من أعطى المبادرة الخليجية ولم تؤخذ منه-حسب وصفه. وتساءل صالح «كيف يصح القول أن صالح عاد، بعد كل هذا، يبحث عمَّا وعمَّن يعيد إليه ما أخذته منه المبادرة؟ هذا منطق غريب بالفعل، وقياس عجيب، فإن من أعطى سلطة ودولة وحكومة وحكماً وجيشاً وأمناً وخزانة، في سبيل أن تنجو بلاده من تبِعات الصراع، ويسلم شعبه من محرقة الفتنة، لا يتقبل عقل أو عقلاء أن يُقال، بعد هذا، إنه يمكن أن يطلب ما أعطى، أو يبحث عن شيء مما بذل». وعرج على القصة بالقول «في الحقيقة القصة الأقرب إلى الواقع يمنياً، كانت ولا تزال (الراقص والثعابين). عندما قرر الراقص، أخيراً، أن يترك للثعابين الفرصة، تلادغت وكان ما كان». وتابع «سلمناها كاملة، وعن قوة مقدرة لا عن ضعف أو جُبن، حباً وكرامة لشعبنا ووطننا وأهلنا وأمتنا ولأشقائنا في الجوار». واختتم حديثه بالقول «السياسة والحكمة والدهاء، ليست بالضرورة خبثاً ومكراً وغِيلة، على الإطلاق. فإن الدهاء والحكمة منجاة، لكن الغدر والمكر مهلك لصاحبه ولمن حوله».