يضحك أكثر مما يتكلم، تقفز قهقهته عبر المذياع وأنت تقلب بين القنوات الإذاعية، فتهرب فجأة قبل أن تسمع ما يقول. لا أعرف شكله بالضبط لكن صوته الطاغي على كل من حوله وعلى محاوريه على الجهة الأخرى، يؤكد أنه مذيع ثقيل الدم. تلك المهنة المباشرة من خلال تماسها مع الجمهور تحتاج لمميزين يدركون الفكرة ويتمتعون بفيض من المعرفة والرتابة والركازة. صاحبنا لا يملك سوى مخاطبة المراهقين وقراءة ما يتوارد على مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر وفيسبوك". يطلق النكات جزافا وهي ليست نكتة، ويضحك وحده دون ردود فعل، ألفاظ غير مقبولة وكلمات تخرج عن سياق اللباقة. ما بعد الثانية ظهرا وأنت تتعطش لفقرات قصيرة من أخبار وموسيقى "يتنطط" ذلك المذيع مدعيا أنه يذهب بالجمهور بعيدا عن السياسة. كنا ننتقد بقاء عدد محدود من الإذاعيين على الساحة الذين باتوا يحتكرون هذه المهنة وتحديدا في إذاعات كبرى، لاعتبارات مهنية وبيروقراطية، لكن لا نرغب في استبدالهم بآخرين يتمتعون بالطيش. لا أدري ما علاقة اللون الزيتي بالأسود سوى أنهما متناقضان حد الكراهية، أما إذا رافقهم الأخضر كلون ثالث فعلى الدنيا السلام. تلك ألوان يعشقها قارئ أخبار على فضائية محلية، لا يملك من الجرأة في طرح المعلومات سوى الخجل فتجده تارة يتلعثم أو يلعب بالقلم. صحيح أن دُور الأزياء العالمية لا تشترط التنسيق بين الألوان، فمثلا يمكن ارتداء "جاكيت" بني مع قميص وردي أو أزرق وبيج. لكن البشرة السوداء لصاحبنا لا تنصحه بلبس الغامق لكي لا يتماهى والاستوديو المتواضع، أو على الأقل يمكن أن يستغني عن الزيتي بين الحين والآخر. وبعيدا عن الشكل الذي يعتبر أمرا شخصيا رغم أنه شرط في فضائيات عالمية، فإن من حق المستمعين أن يستمتعوا بقراءة الأخبار، وبخاصة إذا كانت عاجلة. قد يستغرب قرّاء من وجود أكثر من 47 إذاعة، وأكثر من 300 موقع الكتروني و8 صحف يومية، وعدد لا بأس به من الفضائيات، ما يثير تساؤلا عن موعد ارتقائنا بهذه المهنة المهمة. وسؤال آخر عن دخلاء المهنة كان في الإعلام المقروء أو المسموع، وإلا لما كنا شاهدنا أو سمعنا ما لا نرغب به، مع التذكير أن ما ورد أعلاه هو مجرد وجهة نظر قابلة للرفض.