1- لا داعي للخلاف. تصدر بعض الأصوات من بعض الجماعات هنا وهناك أن الديموقراطية مذهب مستورد. وأقول لهؤلاء: لا داعي للخلاف على شيء لن يكون في منطقتكم، ولن يسمح سدنة الديموقراطية بوصولها إليكم، وسيحولون بينكم وبينها بالحديد والنار والدماء والأشلاء في الفجر وغير الفجر، فإلام الخُلف بينكم إلاما وهذي الضجة الكبرى علاما؟ ولاحظوا أن لبنان كان البلد الوحيد الذي تجري فيه انتخابات رئاسية صحيحة، لأن الرئيس ماروني! فهو مضمون كيف قلّبته!. كانت الانتخابات تزور ويأتي «القسيس كارتر» إلى منطقتنا فيعطي شهادات التزكية لكل الانتخابات العربية أو التعيينات العربية، ويبيع ضميره الكهنوتي ليمالئ أنظمة التبعية. فنطمئن هؤلاء أن لا داعي للتنظير والنزاع واحتدام النقاش، خاصة أن الأجواء ساخنة والاستقطاب شديد، ومثل هذا الصوت قابل للاستغلال من المتربصين بالدين وأهل الدين وتفوهات بعض المنتسبين إلى الدين. على أن هذا الفكر مرتبط ببعض الدول التي كانت تروج أن لا ديموقراطية ولا حرية.. ولا حقوق إنسان في الإسلام، وأن هذه كلها من منتجات الغرب الذي هم أول أتباعه وأوليائه.. وحلها يا حلال! 2- الإعلام العميل والدور القذر. صرحت ناطقة أمريكية أن الإعلام المصري لعب دوراً مهماً في إسقاط حكم الإسلاميين والإطاحة بمرسي من خلال «شيطنة» الإخوان المسلمين وصدقت وهي وبلدها أكذب الكاذبين. فالإعلام في مصر، وجل بلدان ما يسمى الشرق الأوسط (بالطاء لا بالخاء)، إعلام تزوير وتلفيق وكذب، لا لأنه فعل ما قالت، فنحن نتابع هذا الإعلام مذ كنا طلاباً في الابتدائية. وقد قلت مراراً إني كنت أسمع «بصراحة» لهيكل، على مدى ساعة كاملة كل أسبوع من صوت العرب وأنا في السادس الابتدائي. ومثال على الانقلاب والتقلب مجلة «الوطن العرب» لوليد أبو ظهر، فقد كانت على لسان رئيس تحريرها المذكور تكاد تؤله صدام، وكان أبو ظهر يتكلم على دول الخليج بالسنسكريتي، فلما دفعت له دولة منها ثلاثة ملايين، صار يرجم شيطان صدام بالشهب ويلقي الورد على أقدام حكام الخليج. هذا هو الإعلام العربي. ألم يؤله الإعلام المصري حسني مبارك؟ ألم يشوه الإسلام على مدى ستة عقود؟ بلى قد فعلها. وآخر كاريكاتير اطلعت عليه اليوم في جريدة «أخبار اليوم» المصرية، يقول في صورتين منفصلتين: صورة لمتدينين وضع لافتة فوقهم: تجار الدين، وتحتهم صورة للقرآن ويقول التعليق تحت الصورة: دول تربية ده (أي القرآن). ثم صورة أخرى للمتدينين الحقيقيين، في زعمه، وتعليق تحت صورة البرادعي وحمدين: دول تربية دول. ألم تهزأ الأهرام في عهود سابقة من الرسول في رسم كاريكاتوري وتعليق: أهو ده محمد اللي تجوز تسعة! ألم يهزؤوا من الشيخ حسنين مخلوف مفتي مصر وسموه: الشيخ متلوف؟ وأما روز اليوسف فمنذ عددها الأول قبل خمس وثمانين سنة ونيف حتى الآن وهي حرب على الدين والتدين. وكم رسمت اللحى يخرج منها الثعابين والمنقبات عاريات.. ولا نطيل. هذا الإعلام العميل الذي أنفق عليه سويرس ومجموعة الدول إياها، وعمرو أديب هو الذي روج صورة من ألقوا بالطفل عن سطوح عمارة زاعماً أنهم جماعة مرسي! وعمرو تاجر من طراز ثقيل. ولو جئت أستعرض لطال الأمر، فآخر عدد من مجلة الأهرام العربي تحقيق مطول عن الإلحاد والملحدين في مصر وتعريف بهم وبمواقفهم وأحدهم شعاره: «ملحد وأفتخر». هذا الإعلام لعب دوراً قذراً مشبوهاً في تشويه التجربة الديموقراطية الأنقى في كل العالم العربي، وقطاع من إخواننا في مصر تسحره الكلمة المطبوعة، وإذا ردّدت أربعون قناة وعشر جرائد وعشرون إذاعة أن إسرائيل زودت قناصة حماس بأسلحة متطورة جداً (بالنص) ونشرتهم على الأسطح لقنص المصريين.. فهو يظن أنه لا يمكن تواطؤ هذا الجمع على الكذب، وما درى أنهم فرقة علي بابا ربيت على الكذب. 3- دور العسكر المشبوه. لا تنظروا إلى بلد واحد، بل انظروا في أقصى أطراف العالم الإسلامي من تركيا إلى مصر فالسودان تجد أن العسكر كانوا حراس العلمانية، وبالذات تركيا. وكانوا ينظفون الجيش من المتدينين بتدقيق شديد.. ولا أفصّل، فلو كان زوج أخت جندي متديناً، لكان كفيلاً بفصله من الخدمة احتياطاً. والعسكر في مصر، منذ زمن عبد الناصر بل قبله، لكن تجلى دورهم في زمنه واقرأ كتاب «حسين مؤنس» المؤرخ العظيم رحمه الله: «باشوات وسوبر باشوات»، كيف أن عبد الناصر فكك الباشوية والإقطاعيين وأتى بسوبر باشوات من الضباط حلوا محلهم وأخذوا مكانهم وامتيازاتهم. وتذكرون دور «برويز مشرَّف» المشبوه في باكستان. وللعسكر دور في أكتوبر مشرَّف، نعم، لكن بعد اتفاقيات العار في كامب ديفيد جرى تفكيك روح العسكرية والجندية، وحولوا كبار الضباط إلى منتفعين، وما معنى أن يبلغ حسين طنطاوي الثمانين وكان ما يزال على رأس الجيش؟ لماذا لا يحيلوه؟ ما الذي ضمن له موقعه؟ لقد أنشأ مبارك بعد السادات روحاً انتهازية جديدة بدأها هو منذ صفقة الطائرات (صفقة مشهورة) ولما يستلم مراكز عليا بعد، فقد سرق ما تيسر واقرأ كتاب «مبارك وزمانه» لهيكل لقد أصبح الضباط يديرون البلد، بدعوى حراسة البلد وحماية البلد، وما هم بحارسين إلا مصالحهم. والأراضي التابعة للجيش في القاهرة وحدها تقدر بثلاثين إلى أربعين مليار دولار! هذا سوى المصانع والاستثمارات، التي يتوزعون عائداتها وابن مبارك وأبوه صامتون لأن حصصهم واصلة!