توصل بحث علمي للدكتور علي الطارق -أستاذ علم النفس بجامعة صنعاء قدمه بمركز منارات الى أن الشخصية القيادية الأكثر تأثراً والأكثر تفاعلاً والأكثر نجاحاً في ممارسة الدور القيادي هي الشخصية التي تتوفر فيها الخصائص المذكورة وفي مقدمتها : ( متحمسة في أدائها لعملها ، مثابرة على عملها ، خبرتها الكافية في عملها الإداري ، قدرتها على إقناع الآخرين ، وقدرتها على التخطيط للعمل ، واهتمامها بمظهرها الشخصي، وتذكرها لشؤون العمل مهما كانت صغيرة، وحرصها على المصلحة العامة، وتواضعها مع العاملين معها، وتمتعها باحترام وتقدير العاملين معها). وأكد البحث حول (خصائص الشخصية القيادية في المرأة اليمنية) أن جميع الخصائص التي تضمنها استبيان البحث الحالي وعددها (33) خاصية هي خصائص مطلوبة في الشخصية القيادية للمرأة في المجتمع اليمني من وجهة نظر أفراد العينة المشمولين بهذا البحث، فقد تراوحت الأوساط المرجحة للاستجابات مابين (1.88 – 2.58) .. حيث حصلت خاصية (متحمسة في أدائها) على أعلى وسط مرجح، في حين حصلت خاصية (تتقبل النقد من العاملين معها) على أدنى وسط مرجح . بينما حصلت الخصائص الأخرى على استجابات تتراوح ما بين الوسيطين المرجحين المذكورين. ومن هذا يتبين أن جميع الخصائص المتضمنة في الاستبيان هي خصائص مطلوبة في الشخصيات القيادية للمرأة في المجتمع اليمني من وجهة نظر عينة البحث الحالي: واستخلص البحث عند ترتيب الأوساط المرجحة لجميع الخصائص تنازلياً أن الخصائص العشر التي تحتل الثلث الأول من قائمة الخصائص المذكورة ، (متحمسة في أدائها) وحصلت خاصية على المرتبة الأولى ، وحصلت على وسط مرجح قدره (2.58) . وبهذه النتيجة يتبين أن حماسة المرأة اليمنية القيادية إنما يحتل الخاصية الأولى المطلوبة في الشخصية القيادية، وهذا يؤكد ضرورة تحلي الشخصية القيادية بالحماس وهي تؤدي واجبها الإداري (القيادي) وألا ينتابها الخمول والكسل والإحباط، الأمر الذي ينعكس سلباً على أدائها وأداء العاملين معها.، عليه يجب أن تتوفر خاصية الحماس في الشخصية القيادية، حيث أن حماس القائد يزيد الدافعية حتماً ويقويها لدى المرؤوسين في العمل. و لقد حصلت خاصية (مثابرة على عملها) على المرتبة الثانية بحصولها على وسط مرجح قدره (2.54) . ويتبين من ذلك أن الشخصية القيادية يجب أن تتحلى بهذه الصفة – صفة المثابرة – وهي نوع من الالتزام في العمل ، فالمرأة القيادية عندما تكون ملتزمة في عملها ، فإن ذلك يجعلها ذات احترام وتقدير من الآخرين وبخاصةً عندما تثابر في أدائها لعملها وتحث العاملين معها على ذلك باعتبارها قدوة لهم ، ولتؤكد لهم أيضاً أهمية تحلي الشخصية القيادية بروح المثابرة في العمل. الأمر الذي سيدعم قدرتها على تطوير عملها وأدائها ومهماتها الإدارية. و حصلت خاصية (لها خبرة كافية في عملها الإداري) على المرتبة الثالثة بحصولها على وسط مرجح قدره (2.51) . ومعلوم أن الذكاء دون الخبرة الكافية إنما يمثل طاقة عقلية مجمدة وغير مستثمرة ، ولذا تحتاج أية شخصية ، والشخصية القيادية بالذات ، إلى الذكاء معززاً بالخبرة، سواءً في مجالات الحياة أو مجال التخصص، ولا تتأتى الخبرة إلا نتيجة الدراسة والتجربة معاً، ويفترض في الشخصية القيادية أن تكون متميزة في خبرتها العامة والخاصة فضلاً عن تميزها في استعداداتها العقلية كخصائص لها أولوية في الشخصية القيادية. وأظهرت النتائج أن خاصية (لديها القدرة على إقناع الآخرين) وقد حصلت على المرتبة الرابعة بوسط مرجح قدره (2.48) ولا شك أن هذه الصفة تُعد من الصفات المهمة التي يجب أن تتوفر في القائد، حيث يعني استخدام القائد قدرته على استمالة الآخرين والمحاججة المنطقية ، لأن هذا سيمكنه من التعامل مع مستجدات العمل المتكررة ، ولا شك أن عملية إقناع الآخرين ليست بالعملية السهلة حيث أنها عملية معرفية وجدانية يقوم بها القائد لتوضيح الصورة الكاملة والصحيحة للأداء ومبرراته لمرؤوسيه وباستخدام أساليب إقناع مؤثرة لكي يتقبل المرؤوسين هذه التعليمات، بالإضافة إلى ذلك ضرورة معرفة القائد لمرؤوسيه من الناحية النفسية ومعرفة الوقت المناسب والحالة المناسبة لإقناعهم بما يريد. وتبين أن خاصية (لديها القدرة على التخطيط في عملها) قد حصلت على المرتبة الخامسة بحصولها على وسط مرجح قدره (2.47) ، وهذا يعني أن القائد يجب أن يقوم بتحديد الطرق والوسائل التي تصل بها الجماعة لأهدافها، وهذا لن يتأتى إلا إذا توفرت صفات القائد ، منها وبُعد نظره وإدراكه لاحتياجات إدارته والعاملين معه ، وذلك من أجل تحسين أداء العاملين وفق مخطط يراعى فيه الدقة والموضوعية والتخطيط العلمي.، وعليه فإن صفة القدرة على التخطيط في العمل وتعتبر من الصفات التي لا غنى للقائد عنها، بل يجب أن تكون من بين صفاته المميزة لشخصيته، وإلا فماذا يعني أن نسميه قائداً في حالة فقدانه لهذه الخاصية المهمة والضرورية. و تبين أن خاصية (تهتم بمظهرها الشخصي) حصلت على المرتبة السادسة بوسط مرجح قدره (2.45) وهذا يعني أن القائد يجب عليه أن يكون مهتماً بمظهره، ونعني بذلك هندامه الشخصي من حيث مظهره وملبسه باعتباره قدوة للعاملين معه إذ أن هذه الخاصية مهمة ، لأنها تعكس مظهراً حضارياً للقائد لأنه يتعامل يومياً مع مرؤوسيه أولاً ومع زائريه ثانياً، وعليه فإن الاهتمام بالمظهر صفة يجب أن تكون موضع اهتمامه ويحسب لها حساب في شخصيته. وقد أظهرت نتائج البحث الحالي أن خاصية (تتذكر شؤون العمل مهما كانت صغيرة) قد حصلت على المرتبة السابعة بحصولها على وسط مرجح قدره (2.43) ولاشك أن هذه الخاصية من الخصائص المهمة جداً في شخصية أي فرد ، فضلاً عن كونها أكثر أهمية في الشخصية القيادية، وذلك لأن الإلمام الدقيق بشؤون العمل والعاملين يعطي دفعة قوية للعاملين لإنجاز الأمور في وقتها المحدد، لكونهم قد عرفوا أن هذا القائد يعرف الأمور المنجزة وغير المنجزة، ويعرف الوقت المستغرق لإنجاز هذه الأمور. عليه فلا عجب أن تكون هذه الخاصية من بين أهم الخصائص المطلوبة في أي شخصية ، ومطلوبة في الشخصية القيادية أكثر من سواها ، لأن القائد ينبغي أن يتولى توجيه وإرشاد جميع العاملين معه ومعرفته حتى بصغائر الأمور، كما ينبغي أن يتولى تخطيط وتنظيم أنشطتهم، كما ينبغي أن يكون مسؤولاً عن نتائج أعمالهم، وهذه المهمات والمسؤوليات الكثيرة تتطلب قدرة عقلية متميزة للقائد تتمثل في عملية التذكر الجيد لكل ما يدور حوله. وقد أظهرت نتائج البحث أن خاصية (تحرص على المصلحة العامة) قد حصلت على المرتبة الثامنة بحصولها على وسط مرجح قدره (2.39). وتعد خاصية (الحرص على المصلحة العامة) من الخصائص السلوكية المطلوبة في شخصية القائد الناجح وذلك لأنها تجسيد للحرص والواجب المعبر فعلاً عن حماية الممتلكات العامة فهي خاصية مطلوبة تماماً في شخصية قائد الجماعة، لأن مسؤوليته أكبر من مسؤولية أي فرد في الجماعة إذ أن أي نقص أو تلف في ممتلكات المؤسسة فإن ذلك سيحمّل القائد مسؤولية أكثر من غيره. وعليه تعتبر خاصية (تحرص على المصلحة العامة) من بين أهم خصائص وواجبات القائد الإداري الناجح. لقد حصلت خاصية (متواضعة في تعاملها مع العاملين معها) على المرتبة التاسعة ، وبوسط مرجح قدره (2.31). وتبين من ذلك أن هذه الخاصية من الخصائص المطلوبة في الشخصية القيادية ، إذ أن تعامل القائد مع مرؤوسيه من أبراج عاجية أي بعلوية وفوقية إنما يضع حاجزاً مادياً ونفسياً بينه وبين العاملين معه ، ويقلل فرص التفاعل في الآراء ووجهات النظر ويضيق من فرص تطوير المؤسسة التي يتولى القائد إدارتها، ومن المعلوم أن التواضع الذي تتجسد فيه أخلاقيات الإنسان المتعلم الرؤوف الرحيم الذي يحترم أخاه الإنسان، ويستشعر همومه وحاجاته ومشاعره وهواجسه، هي صفة من الصفات المفضلة في شخصية أي قائد ، فضلاً عن كونها صفة مفضلة في أية شخصية لأي فرد في أي مجتمع في أي زمان ومكان. وقد تبين أن خاصية (تتمتع باحترام وتقدير العاملين معها) قد حصلت على المرتبة العاشرة، وبوسط مرجح قدره (2.28) وتُعد هذه الخاصية من الخصائص المهمة في الشخصية القيادية ، فضلاً عن كونها مهمة في شخصية أي فرد في أي مجتمع، وذلك لأن الاحترام والتقدير من الآخرين صفة لا يحظى بها الكثيرون، ومن وجدت فيه فإنما يدل على دماثه خُلق هذا الإنسان وطيبته، ويعني ذلك بأن القائد الذي يجعل من منصبه ومكانته خدمةً للآخرين ومساعدتهم في تحقيق حاجاتهم يحظى ولا شك بالاحترام والتقدير من قبل مرؤوسيه ، وتجدر الإشارة هنا إلى أن تقليل المسافة النفسية بين القائد ومرؤوسيه ومعرفة القائد بمفهوم العلاقات الإنسانية وكيفية تعامله مع من يعملون معه أمور في غاية الأهمية لتوطيد العلاقة مابين القائد والمرؤوسين بحيث تترجم في النهاية باحترام وتقدير القائد من قبل من يعملون معه. وخلص البحث الى أنه يتبين أن الشخصية القيادية في المجتمع اليمني من وجهة نظر عينة البحث الحالي ينبغي أن تتصف بعدد من الخصائص التي لا تختلف كثيراً عن خصائصها للشخصيات القيادية في المجتمعات الأخرى سوى في أولوية بعض الخصائص ، كما أشرنا إلى ذلك في عرضنا لنتائج البحث الحالي. ويعتقد الباحث أن تأكيد المبحوثين (المستجيبين) على هذه الخصائص إنما هو محصلة لتجاربهم وخبراتهم الميدانية المتعلقة بالتعامل مع شخصيات العديد من الأفراد الذين مارسوا الدور القيادي . وقال الباحث انه يتوجب على المعنيين والمسؤولين اختيار الشخصيات القيادية بعد التحقق من توفر هذه الخصائص في شخصيات من يختارونهم للمهمات والأدوار القيادية في المجتمع اليمني .